رسالة ((( أيها الأئمة احــــذروا الاعتداء في الدعاء )))

الملتقى العام

رسالة ((( أيها الأئمة احــــذروا الاعتداء في الدعاء )))




أيها الأئمة احذروا الاعتداء في الدعاء

إن مما لا شك فيه أن (الدعاء هو العبادة) كما صح بذلك الخبر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (صحيح الجامع3407).


ومادام ان الدعاء عبادة فإنه يشترط لقبوله شرطان ،

الأول : الاخلاص ، فلا يدعو العبد إلا وهو يبتغي وجه الله لا رياءً ولا سمعةً ،

والثاني : المتابعة : أي يقتفي فيه طريقة وهدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا اختل واحد من هذين الشرطين فإن العمل يكون باطلا مردوداً على صاحبه كائنا من كان ؛

لحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت : قال عليه الصلاة والسلام : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )

ولمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ، .

وقال شيخ الاسلام في الفتاوى 15/24 :" وقوله تعالى (إنه لا يحب المعتدين) عقيب قوله (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) دليل على أن من لم يدعه تضرعا وخفية فهو من المعتدين الذين لا يحبهم .ا.هـ

ولاشك أنه مما ينبغي للعبد أن يتفطن له هو مايتقرب به الى الله من الطاعات وخاصة الدعاء الذي نحن بصدد الكلام عليه هل وافق فيها مراد الله وتابع فيها رسول الله ؟


فإن كان كذلك فليحمد الله وليسأله المزيد ، وان كان غير ذلك فليتدارك ما بقي من عمره وليصحح ما أفسد من عمله قبل ألا ينفع الندم .

ألا وإن مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار من محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألوانا منها صعب علينا إحصاؤها فضلا عن إنكارها ، وربما توارثها الناس جيلا بعد جيل الى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك ، فإذا تُركِت قال : تُركت السنة ،


قال ابن مسعود رضي الله عنه " كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا : غيرت السنة قيل : متى ذلك يا أبا عبد الرحمن ؟

قال : " إذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة " . رواه الدرامي ( 1 / 64 ) والحاكم ( 4 / 514 - 515 ) بسند صحيح

23
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فتاة تحب السلفية
فمن تلك الأمور المحدثة :

** أولا : التغني بالدعاء والتطريب والتلحين وهو أمر محدث ويدل لذلك :

1ـ أن الأصل في العبادات المنع والتوقف لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ،

فليس المنع مقتصراً على أصل العبادة فحسب بل حتى في صفتها ووقتها وعددها وزمنها ومكانها وهيئتها ، ولا دليل على صفة التغني بالقنوت فكيف نتعبد الله بما لم يشرع لنا ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ونقل إلينا .

2ـ إن الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روى البخاري في صحيحة عن أبي هريرة (ليس منا من لم يتغن بالقرآن )


فلم يقل : تغن بالدعاء ، وإنما بالقرآن ، وقال عليه الصلاة والسلام (زينوا القرآن بأصواتكم ) ولم يقل : زينوا الدعاء ...

3ـ ذكر شيخ الاسلام أن إدخال الألحان في الصلوات هي من طريقة النصارى حيث قال في الفتاوى 28/611 :


(وكذلك ادخال الألحان في الصلوات لم يأمر بها المسيح ولا الحواريون )ا.هـ وخير شاهد على هذا في العصر الحاضر ما تبثه بعض القنوات والإذاعات من الأدعية البدعية و الابتهالات الملحنة .

4ـ أنك لو سألت الخطيب على المنبر هل تتغنى بالدعاء ؟ لقال : لا ،


ولو سألت المصلي هل يتغنى بالدعاء في سجوده ؟ لقال : لا ،

ولو سألت المصلي الذي في المسجد ينتظر الصلاة : هل تتغنى بالدعاء ؟

لقال : لا ، إذاً فما الذي خص دعاء القنوت بهذا التغني والتلحين والترتيل الذي نسمعه اليوم دون بقية الحالات ؟؟

فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ولا تجمع بين المختلفات .(مذكرة التغني بالقنوت /ماهر القحطاني ،بتصرف)

5ـ أن التغني والتطريب بالدعاء من أسباب رده وعدم قبوله لأنه اعتداء في الدعاء ، قال الكمال بن الهمام الحنفي


(ومما تعارف عليه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح و الاشتهار لتحريرات النغم إظهار للصناعة النغمية لا إقامة العبودية ؛ فإنه لايقتضي الاجابة بل هو من مقتضيات الرد ... فاستبان أن ذلك من مقتضيات الخيبة والحرمان )فيض القدير للمناوي1/229 .


وقال : ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء كما يفعله بعض القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى السؤال والدعاء وما ذاك الا نوع لعبٍ ، فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة أدى سؤاله بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نُسب البتة إلى السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة هو التضرع لا التغني .ا.هـ

ولك أخي الكريم أن تتأمل وأنت تسمع بعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالمدود والقلقلة والإخفاء والإظهار ، حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بين القرآن وبين الدعاء .


فتاة تحب السلفية
**ثانيا : من المحدثات : رفع الصوت بالدعاء وهو فعل منكر لأمور :

1ـ أن الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر على الصحابة عندما رفعوا أصواتهم بالدعاء



فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس اِربَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنه معكم إنه سميع قريب تبارك اسمه وتعالى جده .

قال الحافظ في الفتح 6 \ 135: قال الطبري :

فيه كراهية رفع الصوت بالدعاء والذكر، وبه قال عامة السلف من الصحابة والتابعين .ا.هـ.

2ـ قال شيخ الاسلام في الاستقامة 1/322 :


إن رفع الأصوات في الذكر المشروع لا يجوز إلا حيث جاءت به السنة كالأذان ، والتلبية ، ونحو ذلك ، فالسنة للذاكرين والداعين ألا يرفعوا أصواتهم رفعا شديدا ....

وقد قال تعالى (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) سورة الأعراف 55

وقال عن زكريا( إذ نادى ربه نداء خفيا) سورة مريم 3

وقال تعالى ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) سورة الأعراف 205

وفي هذه الآثار عن سلف الأمة وأئمتها ما ليس هذا موضعه كما قال الحسن البصري رفع الصوت بالدعاء بدعة وكذلك نص عليه أحمد ابن حنبل وغيره.ا.هـ.

3ـ وقال الألوسي في روح المعاني ج8/ص139:


وترى كثيرا من أهل زمانك يعتمدون الصراخ في الدعاء خصوصا في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد ، وتستك المسامع و
تستد ،

ولا يدرون أنهم جمعوا بين بدعتين : رفع الصوت في الدعاء ،

وكون ذلك في المسجد ،

وروى ابن جرير عن ابن جريج : أن رفع الصوت بالدعاء من الاعتداء المشار اليه بقوله سبحانه ( إنه لا يحب المعتدين) .ا.هـ.

4ـ أخرج البخاري في صحيحة 5 / 2331:

عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها )

أنها قالت : أنزلت في الدعاء.

فتاة تحب السلفية
**ثالثاً : من ألأمور المحدثة في الدعاء : السجع :

1ـ فقد كرهه السلف ونهوا عنه ،


قال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه عكرمة

(انظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون الا ذلك الاجتناب .. ).رواه البخاري.

2ـ وهو أيضا من أسباب عدم الاجابة ؛ ولذلك قال القرطبي 7/226

( ومنها ان يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظاً مفقرة ، وكلماتٍ مسجعة قد وجدها في كراريس لا أصل لها ولا معول عليها فيجعلها شعاره ، ويترك ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل هذا يمنع استجابة الدعاء )ا.هـ.

فتاة تحب السلفية
**رابعاً : من الأمور المحدثة : الإطالة في الدعاء :

1ـ فقد جاءت السنة في التحذير منه والحث على الاقتصار على الجوامع و الكوامل من الدعاء وترك الأدعية المطولة ، بل فهم السلف الصالح أن التطويل في الدعاء هو نوع من الاعتداء


كما جاء في سنن أبي داوود أن سعد بن أبي وقاص سمع ابنا له يدعو


ويقول : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا ، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا ،

فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء .

فإياك أن تكون منهم إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر .صححه الالباني 2/77.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي يستحب الجوامع من الدعاء ويَدَع ما سوى ذلك ) رواه ابو داوود وصححه الالباني 2/77.


وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها

(عليك بجمل الدعاء وجوامعه قولي : اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل) الحديث ..رواه ابن ماجه والبيهقي وصححه الالباني 4047 .

أفلا نستحب يا أمة محمد ما كان يحبه عليه الصلاة والسلام من الجوامع ؟

أفلا نعمل بوصية رسول الله لعائشةـ وهي أحب النساء إليه ـ بِجُمَلِ الدعاء ؟

وتأمل أيها اللبيب قولها رضي الله عنها وهي تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فتقول : أرأيت ان وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . رواه الترمذي : صحيح الجامع4423 .

وإنك لتعجب عندما تسمع بعض الأئمة في قنوتهم وهم يتكلفون الوصف في الدعاء حيث يقول

مثلا (اللهم ارحمنا اذا ثقل منا اللسان ، وارتخت منا اليدان ، وبردت منا القدمان ، ودنا منا الأهل والأصحاب ، وشخصت منا الأبصار ، وغسلنا المغسلون ، وكفننا المكفنون ، وصلى علينا المصلون، وحملونا على الأعناق ، وارحمنا اذا وضعونا في القبور ، وأهالوا علينا التراب ، وسمعنا منهم وقع الأقدام ، وصرنا في بطون اللحود ، ومراتع الدود ، وجاءنا الملكان ... الخ )

ويزداد عجبك عندا تسمع بكاء الناس ونشيجهم وهم يؤمنون على هذا الدعاء بل ويتسابقون على التبكير الى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الامام ،

وقد تسمع من بعض الإئمة وهو يدعو على الأعداء فيقول (اللهم لاتدع لهم طائرة الا أسقطتها ، ولا سفينة الا أغرقتها ، ولا دبابة الا نسفتها ، ولا فرقاطة الا فجرتها ، ولا مدرعة الا دمرتها ، ولا .. ولا.. الخ)

وكأنه يُملِي على الله كيف يفعل بالأعداء بينما كان يكفيه ان يقول اللهم عليك بهم او اللهم انتقم منهم ونحو ذلك .


فتاة تحب السلفية
**خامساً: من الاعتداء في الدعاء أيضا تلك الأدعية التي تحوي في ثناياها ألفاظا أو جملاً محذورة أو مُوهِمَة و مخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد ويخدش في الايمان فمن ذلك :

1ـ قول بعضهم ( اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ).


ففي هذا الدعاء من المحاذير :

*أنه فيه تزكية للنفس وكأن الداعي معصوم أو أنه لم يقع في شيء من المعاصي والخطأ.

*وفيه أيضا : دعاء على النفس وعلى الناس بالذل فإن الانسان لا يخلو من الوقوع في الخطأ فقد قال عليه الصلاة والسلام (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ).

أن المفترض أن يُدعى للناس بالهداية فهم أحوج ما يكون الى ذلك بدل أن يدعى عليهم ، ولا أدري متى سيحصل للأمة عزة وهداية وبعض الأئمة والخطباء ما زالوا يدعون بالذل على من يصلون خلفهم في قنوتهم وخطبهم ؟؟


قال عليه الصلاة والسلام (لا تدعوا على أنفسكم ، ولا على أولادكم ، ولا على أموالكم ، فتوافقوا ساعة فيستجيب الله لكم )رواه مسلم في الصحيح .