
ღرِسَالَةٌ إلَى زَوْجَةٍمُلْتَزِمَةღ
❤مَدْخَل :
هذه رسالة إلى رفيقتي في الدّرب تلك الأخت الملتزمة التي آثرت الاستقامة و نذرت نفسها لحمل قضيّة نصرة دين الله ، قد تكونمجرّد خواطرعابرة ، وقد تكون مجرّد أحلام زاهرة ، لكنّ يقيني لازال يحملني على الكتابة أملا فيأن تبكي عينٌ لبكاء قلب يرجو مثل هذه العيشة الرّبانيّة فيأتي القرار ثمّ يتلوه النّصر عن قريب...
❤❤❤
إنّ طيورالقلب ما برحت على أفنان سعادته تغرّدمنذ أن لامسته بُشرى زواجكِ، فما أصبحتُ ولا أمسيتُإلاّ وأنا أفكّر في صناعة عقد من همسات هديه لك حتّىتزيّني به أيّامكِ المقبلة...
حبيبة قلبي،لمّا منّ الله على عباده بالنّكاح قدرا وأباحه شرعا ،بل أحبّه ورضيه وحثّ عليه جعل فيه أحكاما كثيرة وحقوقامتنوّعة تدور كلّها حول الصّلاح وإصلاح الزّوجين ودفعالضّرر والفساد وهي من محاسن الشّريعة ، والشّريعة كلّها محاسن وجلب للمصالح ودرء للمفاسد(1)
فاحرصي – رحمكِ الله – على التّفقّه في أحكاموآداب النّكاح حتّى يبارك لك في حياتكالزّوجية.
أختي الحبيبة،أسدل أجفاني على مقلتيّ لعلّي أفرّ من احتدام ضغوط الواقع وأمسك بلجام الحلم لأبصركفي الغد القريب تلك الجوهرة النّادرة في هذاالزّمان...
فتاة قد أسلمت وجهها لله فلا ترفع قدما ولا تضع أخرى إلاّ وهي تحتسب الأجر عند الله ولا تلتفت إلى ما دون ذلك من حظوظالنّفس ومطالعةِ نظر المخلوقين ...
فتاة قد ارتضت الله لها وليّا ، فلمّا زوّجها سجدت بكلّها له تعبّدا ورقّا، وخضعت له روحها وجسدها شكرا وثناء وعظم في عينها كرم الله وتفضّله عليها فرأتذلك الزّوج سبيلا من سبل الوصول
إلى جنّةالخلد.
جلست هذه الأمة الشّكورة جلسة مصارحة وأقبلت على نفسها تحاسبها مبتدئة بأصل الأصول فتقف وقفة صرامةلتسأل" أي يا نفس ما نيّتك في هذا الزّواج؟" فإن صفاالقلب ولم تكذّبه الأفكار وكان الاعتراف بأنّ القصد هووجه الله وطلب جنّته فبها ونعمت ، وإن كان قد مازجه بعض تلك المنغّصات التي تقطعبين العبد وربّه فإنّ الكلام حينها يصبح عن معنى المجاهدة وكيفيّة ترويض النّية، ولا تزال تلك الأمة كذلك حتّى تنبت فيفؤادها زهرة الإخلاص فينتشر عبيرها حيثماحلّت...
ثمّ إنّ تلك المباركة قد علمت أنّ اتّباع قاعدة التّخلية قبل التّحلية من أنجحطرق تحصيل القلب السّليم الذي هو نواة كلّ خير يصيبالمرء في دنياه وأخراه، فإذا بها تأتي على تعداد عيوبها فإذا فرشتْ منها ما اهتدت إليه أشعلت فيها نار العزم فحرّقت جلّها بصدق اللّجأ إلىالله والإنابة إليه...
وبعدها أبصرتُها تحمل حقيبة فارغة وهي تبغي أن تملأها بمكارمالأخلاق حتّىتبلّغها إلى مرتبة الصّديقيّة فأكرم بها من رحلة !
ღღღ
وبعد تلك الوقفة التفتت الدّرة إلى زوجه افقالت له :
" الحمد لله الذي جمعنا بمنّته وكرمه وجعل بيننا مودّةورحمة وفضّلنا على كثير ممّن خلق تفضيلاوالصّلاة والسّلام على رسول الله قدوتنا في حياتنا ومشكاة هدايتنا إلى دار السّلام
ثمّ أمّا بعد :
فإنّه قد عظمت في عيني نعمة الله متمثّلةفي شخصك، وقد أتيت على نفسي فحاسبتها حسابا عسيرا غير يسير وجئتكاليوم وقلبي مولود جديد يتربّى في حجرالعبوديّة لإله الأوّلين والآخرين ، ونفسي لا ترى بعينيها إلاّ أعلى الجِنان مطمعكلّ جَنان...فهذه يدي أبسطها لتضمّها يدك فتعانق آماليروحك وتعلن السّعادة حلول ربيع حياتنا فتشرق شمس الأمل ويغرّد عصفورالعمل...
أيزوجي ، قد جئت أسقيك كؤوسا من نبع طموحاتي لأرسم على شفتيك السّعد،فأراك في هذه الدّنيا تتقلّب بين أحضانالإيمان حتّىإذا انقضى الأجل جاءت البشرى بأنّك من أهل الجنان!
فيا شقيقالرّوح، أنصتإلى حديثخبّأتهلك وحدك وبخلت به عمّن سواك ، لأنّك لطالما كنت الفارس الذيسيزيل اللّثام الملقى على أحلام أنفاسي!
فدعنيأحدّثك عن أنفاسي بهمسْة :
"أرِيدُكَ أَنْ تَكُونَ قَلْبًا تَحْيَا بِهِ هَذِهْ الأُمَّة "
و ما دخلت بيتك إلاّ لأجعل شرايين الهمّة تسري دماؤها في جسدك حتّى إذا ارتوى منها الفكر أثمرالعزم فكنت الزّاهد الذي طلّق الدّنيا ثلاثا فلم يرعها سمعه ولا بصره ولافؤاده!
وكنت المهاجرالذي رحل بنفسه التّواقة إلى الجنّة، فكان لا يقلّب صفحة منصفحات أيّامه إلاّ وقد أمضاها صدقه بإمضاء واحد " مُسَارعٌ إلى الخَيراتْ "
أتدري؟هذا أنت – بلا ريب – فإنّي كثيرا ما سجدت لله وألفاظي عروس تُزفّ إلى بيت الرّجاء فكانت بفرحة اليقين تسأل الله متحدّثة عنّي فتقول : (ربّاجعل لي وزيرامن عبادكزوجاصالحا اشدد بهأزري وأشركه فيأمري كي نسبّحك كثيرا ونذكرك كثيراإنّك كنت بنا بصيرا)(2)
وكان قلبي حينها لا يزالمتعلّقا بقول الله (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّيقَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْبِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (3) وما أظنّه إلاّقد أجاب ذلك الدّعاء فقرّت عيني بك، فالحمد لله حمدا كثيرا طيّبامباركا فيه.
وهلّم لنسجد شكراحتّى إذا أثنينا على ربّنا ولم نحص، نذرنا روحينا لتجاهدامعا فيه حقّ جهاده إلى أن نلقاه وهو عنّ اراض والله وليّنا فنعم المولى ونعم النّصير."
وبتلك الباقات الزّاهرة تختم الدّرة فأراها تنسج ثوب المجد ومن بين ثنايا أحلامها المباركة يُزهر جيل النّصر المنتظر ، فللّه درّ من نذرت نفسها لإصلاحأمّة بإعداد أمّةوأبت غلبات شوقها إلاّ الهجرة إلى الله ورسوله ومقتت الرّفقاء إلاّ ابنسبيل يرافقها في سبيل الله فكان ذلك الرّفيق هو زوجها قرّة عينها...
ღღღ
رفيقة دربي، أتمثّلك لزوجك فجرا يطلع على حياته، لتكوني له شمسا إذاأظلمت دنياه وشربة ماء إذا أضناه هجير الحياة ، وزهرة أمل تطلع من بين أشواك آلامه لترسم البسمة على مُحيّاه...
وثقيأنّك بذلك ترسمين البسمة على وجه الأمّة لأنّك تعدّين رجلا صالحا مصلحا خيِّرا كالغيث حيثما حلّ نفع !
أختيالحبيبة، هذه خفقات من قلب يحبّك أسوقها لك من باب قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ( الدّينالنّصيحة ) (4) رجاء أن تكوني أنتِ تلك الزّوجة التي تتعطّش لها البيوت المسلمة :
الخفقة الأولى : بَيْتُه جَنَّتُه !
كان أحد السّلف يقولإذا دخل بيته "ما شاء الله لا قوّة إلا بالله" فسُئل عن ذلك فقال ألم يقل الله
لوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَاللَّهُ
الكهف:39]فإنّ زوجتي قد جعلتبيتي جنّتي في هذه الدّنيا !
أيّتهاالغالية ،اجعلي بيت زوجك جنّته حتّى لايلتفت إلى نار الفتن التي تعرض له في كلّ حين وفي كلّ مكانصارخة " هيت لك !" ولتحقيق ذلك ما عليك سوى أن تقومي ببعض الالتفاتات الطّيّبة :
إذا دخلت غرفتك تخيّلي كأنّكستحضّرين نفسك ليوم زفافك فبالغي في التّزيّن –دونتكلّف منفّر- حتّى إذا عاد زوجك متعبا من العمل وجدك في أبهىحلّة كأنّك حوريّة من الحور العين قد كافأه اللهبها على كدحه طيلة النّهار...
ثمّ إذا تجوّل في أركانالبيت تهلّل وجهه بِشرا لما يراه من نظافة وحسن ترتيب فينقلب في عينه ذلك البيت البسيط إلى قصر بديع يشعر فيه أنّه هو الملك !
وبينما هو سارح في أخيلةالسّعادة إذا بصوتكالحنون يداعب آذانه وأنتِ تأخذينبيده إلى مائدة كأنّها لوحة فنّية تتلاحم فيها الألوانوالأشكال لتنشد قصيدة حبّ نظمها قلبك الذي أعددت بهتلك الأطباق حتّى تكون طريقا إلى قلبه...
الخفقة الثّانية: كُونيأمّه،صديقته،حبيبته...
رفيقة دربي، إذا ما عاد زوجك إلى البيت وعلى وجهه مسحةغمّ يكونحريّا بك أن تتمثّلي له في صورة الأمّ الرّحيمة فتسألي عن سبب همّه برفق وأنتِ تربّتين على كتفه أو تمسحينعلى رأسه ثمّ تأخذين في تهوين خطبه عليه وتذّكرينه بالصّبر وتحثّينه على الدّعاء ولا تزالين به حتّى يبتسم وتنقشع عنه سحائب الحزن تلك...
وفي موقف آخر ، رأيتِزوجك يكتب أوراقا ثمّ يمزّقها ويرميها وهو يتحرّك في نفس المكان ذهابا وإيابا ثمّ إذا تعب جلس وأمسك رأسهبين يديه و شرد ...حينها ليتك تُلبسين نفسك ثوب لصّديقة فتجلسين بجنبه لتحاوريه حول تلك المشاريع التي تشغلباله ، ولتشيري عليه بأفضل السّبل إلى تحقيقها وكلامك لا يخلو منتوصيته بالتّوكل على الله وتفويض الأمر له، فإذا بكلماتك تتحّول أمامه إلىنبراس يضيء له تلك المتاهة التي ضاعت فيهاأفكاره...
هَمْسَهْ : ليتك تكونين على دراية بمجال عمله حتّى تناقشي اهتماماته فيشعر أنّ له مكانةفي حيّز انشغالاتك...
وفيليلة قد ألقى عليها القمرنوره جلس زوجك ينظر إلى السّماء يجول فيها بطرفه فإذا بك تترفّقين في مشيتك حتّى تصلي إليه لتفيضي عليه جميل الحديث " أناحبيبتك جئت أملأ أسماعك بأعذب قصائد الحبّ " فلعلّك تنشدين له هذه الأبيات(5) :
رُوحَالفؤادِ لأنتَ غيثٌ ماطِرٌ يروي الفؤادَ المُستهامَالصّادي
زوجي إليكَ تحيةً ممهورةًبالشّوقِ بالحُبِّ النّبيلِ تنادي
مشفوعةًمنّي بأصدقِ لهفةٍ حرّى يسطّرُها دَمِي ومِدادي
هذا يَراعي اليومَ يرشُحُثوبَهُ في أسطرٍ ممزوجةٍ بودادِ
أخشى عليكَنسائماً رقراقةً و أُديمُ فيكَ تفكري وسُهادي
شوقي إليكَ و أنتَ تدخُلُعُشّنا شوقٌ يدومُ على مدى الآمادِ
لا تحسبنْأنيّ أقولُ تجمّلاً أو أنّني أقتاتُ في****دي
قلبي الذي يملي السّطورَبنبضِهِ والرّوحُ قد سعِدتْ بذاالتّردادِ
بالشّوقِ والحُبّ الذي فاضتْبهِ صارتْ تُبينُ عن الهـوى الوقّـادِ
ترنو إليكَلواحِظي مشتاقةً والقلبُ يهتِفُ صادِقاً وينادي
كُن لي أباً و مُعلمّاً ومقوّماً كُن لي الهوى يا مُهجتي ومُرادي
و ترفقّنْ حِبّي فقلبيعاشِقٌ حتفي إذا حَكمَ الإلهُ ببعادِ
قد قدّرَالرّحمنُ أن أهنأَ بكمْ فاللهُ خيرٌ واهِباً والهادي
أدعو الرّحيمَ بأن يزيد هناءناياجنّتي .. يافارسي.. ياودادي
الخفقة الثالثة:كوني عونًا له علىالعبادة
إذا أخذ اللّيل في جرّأذياله ولم يبق منه إلاّ ثلثه الأخير قومي أيّتها المباركة فصلّي ما شاء الله أن تصلّي ثمّ أيقظيزوجك بلطفوأنت تستحضرين حديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم(رحم الله امرأة قامت من اللّيل فصلّت وأيقظت زوجهافإن أبى نضحت في وجهه الماء) (6)
فإذاأُذّن لصلاة الفجر كونيحريصة على أن يدرك بعلكِ الصّف الأوّل في المسجد...
وهكذا فليكن دأبك إعانته على عبادة الله، بادري دوما إلى حثّه على أعمالالبرّمستعملةمثل هذه العبارات :
" مارأيك لونتنافس في ختم القرآن هذا الشّهر؟"
"لديّ فكرة يا رفيق الدّرب ولا أدري إن كانت ستعجبك...."
"ياشقيق الرّوح ليتك تكون عونا لي على فعل كذا...."
ولكِ أن تستخدمي الجوّال في إرساله مساتدعويّة تختمينها بأرقّ كلمات الودّ...
الخفقة الرّابعة:لمَ لا تجعلينه طالب علممجتهد؟
أختي الحبيبة، قد يكونزوجك كبقيّة الرّجال مشغولا في عمله طيلة النّهار لكنّ ذلك لا يمنع من حثّه على تخصيص وقت لطلبالعلم الذي هو فرض على كلّ مسلم ومسلمة... ولتهيّئي له الجوّ الأمثل، فإذا رأيتهخالي الذّهن من المشاغل زخرفي له الكلام مذكّرة إيّاه بفضل العلم والعلماء قاصّة عليه سيرهم منادية إيّاه بين الحين والآخر:
"يا حَبْرَ هذهالأمّة"
"يا نجما في سماء النّصر "
"يا مجدّد هذا القرن "
وهكذا حتّى تشجّعيه على المثابرة في طلب العلم ، وما أجمل أن تتّفقا علىدراسة كتاب معا... وتذكّري أنّه يجب عليك أن تكوني بين يديه كالتّلميذة المتواضعة لأستاذها، ولا تتعالي عليه حتّى لو كنتِ أعلم منه فإنّ للرّجل كبراطبيعيّ الابدّأن تراعيه فما ألطف أن تلقّبيه ب " يا أستاذي " وأن تسأليه عمّا أشكل عليك فإنّك مطالبة دوما أن تخفضي لهالجناح وفيالعلم هذا آكد... وليكن لكلّ واحد منكما دفتر جميل تُسجَّل فيه الفوائد فإذا انتهى اليوم فلتتبادلا ما جمعتما، ولتكوني حريصة على أنيحضر مجالس أهل العلم بدل أن تشغليه بالنّزه والزّيارات التي لا تنفع... خصّصيمكانا في المنزل لتضعي فيه الكتب بحيث تكون مصنّفة حسب موضوعها فهذا يحبّب إلى النّفس المطالعة وانصحيه بتخصيص ميزانيّة لشراء الكتب والشّرائط فذلك خير منإضاعتها في اقتناء فضول الأواني والملابس...
الخفقة الخامسة :اصنعي منهداعية
حبيبتي الغالية، هذاالزّوج الذي يقاسمك الحياة إنّما هوعبد لله مكلّف بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فليكن مشروعك وأنتِ تضعين أوّل خطوة فيبيته هو أن تصنعي منه داعية مخلصا مستقيما على المنهج ذا علمغزيز وأسلوب تربويّ قويم، فقليلا تهنّ اللّواتي يعملن على تحقيق مثل هذا الهدف و عهدي بك يا أختالرّوح أنّكسبّاقة إلى الخيرات فاعملي واكدحي وربّك شكور لن يضيع مثقال ذرّة منجهدك...
اجمعي عددا من المطويّات النّافعةوضعيها في سيّارة زوجك لعلّه ينفع بها أحدا من أصدقائه
أو زملائه فيالعمل...
اقترحي عليه أن ينظّم فينهاية الأسبوع موعدا مع أصدقائه أو جيرانه في بيته أو بيت أحدهم بحيث يتداولون علىإلقاء درسدينيّ وبهذاتتحسّن ملكة الإلقاء و التّعليم لديه، وإن لم يكن اللّقاء مع أصحابه فاجعليه فيبيتك بينك وبينه...
لاتتواني عن تفقّد أحواله في الدّعوة مهما كانت انشغالاته مراعية بذلك حقّ الله وأبشري فإنّ حرصكعلى زوجك من علامات الشّكر فلتكوني على ثقة بأنّ الله سيظلّ مفيضا عليك من رحماته مباركالك في حياتكما دمت تؤثرينه على حظوظ نفسك،وذلك جهاد ليس بيسير فالواقع للأسف مليء بقصص تخلّف المصلحين عن أداء واجبهم الدّعوي بسبب أزواجهم اللّواتي كنّ حجر عثرة فيطريق بعولتهنّ لأنانيتهنّ وتعلّقهنّ بالمتاعالزّائل...
الخفقة السّادسة : مجرّد شوكة في زهرة !
رفيقتي الحبيبة، سمعتُ نبضات قلبك متسارعة ورأيت دموع عينيك متتالية فجئت أهرول إليك لأسألك ماالخطب فإذا بأنين روحك يتكلّم ليُفهمني أنّه قد حدث بينك وبين زوجك خلاف...
فها أناذي أبتسم وأقول لك :
يا حبيبة الفؤاد ، ليس ذلكالخصام إلاّ شوكة في ساق وردة حديثة السّن قد أزهرت لتزيّن حياتكما فما عليك إلاّ أن تزيلي تلك الشّوكة ثمّتصنعي منها إكليلا تضعينه على رأس زوجك معتذرة له عنلحظات الغضب التي لم تحسني فيها التّصرف ...
إن كنت أنت المخطئة في حقّه فواجب عليك أن تمشي إليه على استحياء و تطأطئيرأسكِ وأنتِ تطلبين منه أن يعفو عنك ثمّ تقولين له :
" كانت لحظات غضبك دقائق ماتت فيهاروحي، لم يبقمنّي شيء إلاّ وقد بكى..فذاك فؤادي اعتصره الألم حتّى خنق أنفاسي، وهاتين مقلتيّ قد أغرقهما الدّمع، و كلّ ما فيّ يأباني، كلّ ما فيّ يا حبيب الرّوح غاضب لسخطك عنّي ، ظللت في غيابك أقول قول الشّاعر :
ألقيتُ في سمع الحبيبكُلَيمة جرحت عواطفه فما أقساني
قطع الحديثوراح يمسح جفنه فوددت لو أجزى بقطعلساني
ومضى ولي قلب على آثارهويدان بالأذيال متعلّقتان
فطفقت منألمي أكفكف أدمعي ورجعت من ندمي أعضّ بناني
وأقول واخجلي إذا لاقيتهفبأيّ وجه عابس يلقاني
تخيّلتظفري به فمدّ يمينه ورنا إليّ برقةوحنان
فما أرى زوجك بعد تلك الكلمات التي تذيب القلب إلاّ معقّبا على كلامكِ بقول البارودي :
عاتبته لا لأمر فيه معتبةعليه لكن لأرعىوردة الخجل
فألبستْ ياسمينَ الخدّ خجلتهورودا جنيا جناه رائدُ المقل
أمّا إن كان هو المخطئ فإنّك حينها تذعنين لأمر الله (يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )(7)
فتتذكّرين حديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيوصف الزّوجةالمثاليّة:
(ألا أخبركم بنسائكم في الجنّة ،ودود ولود إذا غضبتأو أسيءإليها أو غضبزوجها قالت هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتّى ترضى)(8)
وبعدذلك يكون منك السّمع والطّاعة فتتودّدين إلى زوجك وتتملّقينه حتّى تنطفىء شرارة الفتنة التي أراد الشّيطان أن يضرمهابينكما...
الخفقة السّابعة :وبِهِمْإحْسَانا
أختي الغالية ، لا ريبأنّك تتمنّين أن تعيشي مرتاحة البال في كنف زوجك دون تعكير لصفو تلك
الحياة الورديّة إذن دعينيأهمس لك بسرّ من أسرار السّعادة الزّوجيّة، لكن قبل ذلك فلنقف
وقفة مع قولالله تعالى
(إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَالْمُحْسِنِينَ) (9)
قال العلاّمة بن سعدي –رحمه الله - : أيالمحسنين في عبادة اللّه، المحسنين إلى عباد اللّه، فكلما كان العبد أكثر إحسانا، كان أقرب إلى رحمة ربه، وكان ربّه قريبا منه برحمته، وفي هذا من الحثّ على الإحسان ما لا يخفى.
إذاعلمتِ هذا أيّتها الحبيبة فكوني السّباقة إلى حسن معاملة أهل زوجك ابتداء من أمّه فكم هو جميل أنتجعليها بمثابة والدتك فتحضّري لها بين الحين والآخر طبقا شهيّا أو تذهبين لمساعدتها في أشغال البيت بطيب نفس،وتدخلين السّرور على قلبها بهديّة معبّرة بها عن محبّتك واحترامك لها، ولتجعليها مستشارتك في تدبير شؤون بيتك طالبة منها النّصح والتّوجيه حتّى لولم تحتاجيإليه، واحرصيعلى أن يزورها زوجك بصفة مستمرّة وبهذا تكونين عونا له على برّها...
ثمّليتك تجعلين أخت زوجك صديقة لك حتّى لا تنقلب إلى عكس ذلك ، وأمّا عن بقيّةأهله فليكنشعارك في معاملتهم :
(إنّ أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و إنّ حسن الخلق ليبلغ درجة الصّوموالصّلاة ) (9)
فأحسني يحسن إليكِ ربّك وتغاضي عمّا تجدينه من تقصير في حقّك ، تذكّري أنّك تعاملين الله وتبتغين ثوابه فإن ظلمكأحدهم فاعفيعنه وقابليإساءته بالإحسان وسترين من المُحسِن الأكرم ما يسرّك في الدّنيا والآخرة قال الله تعالى :
(فَآتَاهُمُاللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَ اوَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُ