بسم الله الرحمن الرحيم
زوجتي العزيزة حفظها الله من كل سوء:
اكتب لك هذه المرة بأسلوب مختلف ومستخدما نعمة الحاسوب لاني اعلم أن خطي لا هو مقروء ولا جميل. أنني أود تذكيرك وتذكير نفسي ببعض الأفكار والمبادئ الإسلامية في تربية أولادنا ولا أخفيك يا حبيبتي أنني قلق جدا بشأن الأولاد وأنني بهذا لا أقلل من جهدك وحرصك على تنشئتهم تنشئة دينية جيدة ولكن كما تعلمين يا بعد عيني أن الطفل إذا شب على شيء شاب عليه وأنا غائب عنكم وأنت لوحدك فاخاف أن ينشئوا على طريق تكون بعيدا عن المنهج الذي أريد أو كما أريد وأنت تعلمين ماذا أريد!!!
الغالية أم عيالي،،،
أريد منك أن تتحمليني بعض الشيء بالنسبة لهذا الموضوع وان تقرئي ما اكتبه لك بتمعن وبقلب ناصح وامين عل وعسى أن ينشأ اطفالك نشأة إسلامية ويكونون منارة يهتدي بها آمين.
إن تفضلت بالسؤال عني فاني والحمد لله بألف خير وأنا مشتاق جدا للأيام الخوالي وقيام الليل وتلاوة القرآن و الجلوس معك و تبادل أطراف الحديث معك وممازحتك... الخ من الأشياء التي كلما دخلت الدار أحس بأنها تنقصني وفعلا إن الغربة هي البعد عن الزوجة فإنها اكبر غربة عسى الله أن يجمعنا عما قريب انه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
ما هي أخبار الأولاد ونشاطاتهم اليومية خبريني عن كل ذلك يا حبيبتي أرجوك!! وماذا تعملين معهم آجرك الله وأنت كما يقول الشاعر رحمه الله
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق
ويقول الشيخ محمد قطب رحمه الله : " إن من السهل تأليف كتاب في التربية ، ومن السهل تخيل منهج ، ولكن هذا المنهج يظل حبراً على ورق ما لم يتحول إلى حقيقة واقعة تتحرك في واقع الأرض وما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره وأفكاره مبادئ المنهج ومعانيه ، وعندئذ فقط يتحول إلى حركة .. يتحول إلى حقيقة" انتهى كلام الشيخ رحمه الله و والله أني احبه هو و أخوه في الله ولله.
ولقد علم الله سبحانه وتعالى بحاجة هذا المنهج إلى بشر يحمله ويحوله ويترجمه بسلوكه وتصرفاته إلى واقع محسوس وملموس لذلك بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليترجم هذا المنهج وليكون خير قدوة للبشرية جمعاء، وذلك عندما وضع في شخصيته الصورة الكاملة للمنهج .
لقد كان عليه السلام خير بشر متحرك لترجمة القرآن إلى سلوك واقعي على مرأى من البشر الذين اقتدوا به واهتدوا كما روية عن عائشة أنها قالت :كان خلقه القرآن.
لذلك فالإسلام يعترف بان أعظم الوسائل نجاحاً في التربية وأجداها في توصيل المبادئ والقيم هي القدوة حبيبتي .. ولابد أن تكون هذه القدوة ملازمة للإنسان سنين حياته كلها ابتداء من لحظة إدراكه ووعيه بما يدور حوله ..
لا بد للطفل من قدوة ينهج نهجها ويكّون مبادئه وقيمه وعقائده منها ، لا بد للطفل من أسرة بل أم تكون(أنت يا عمري) نموذجا متحرك في أرجاء المنزل تترجم كل ما تعلمته و ما خبرته من الحياة إلى سلوك مادي يلمسه طفلها إذ أن من غير المعقول أن يكون سلوكها وتصرفاتها مخالفا لما تقوله وقد استنكر ذلك الباري الأعظم في قوله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَالا تَفْعَلُونَ)
ويقول الباري تبارك اسمه :(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ).
إن الطفل بمثابة الرادار الذي يلتقط كل ما يدور حوله فإن كانت الأم صادقة أمينة خلوقة ،كريمة ، شجاعة ، عفيفة ، نشأ ابنها على هذه الأخلاق الحميدة والعكس نجده إذا كانت الأم تتسم بسمات عكس السمات السابقة سمات ما أنزل الله بها من سلطان كأن تكون كاذبة جبانة غير خلوقة ينشأ الطفل على الكذب والخيانة والتحلل والجبن ، لأن الطفل مهما كان استعداده طيبا ومهما كانت فطرته نقية طاهرة سليمة صافية فإنه ما لم يوجه التوجه السليم وما لم يجد القدوة والنموذج الموجه الصالح فإنه بلا شك سينحرف إلى الجانب السلبي من جانب شخصيته وصدق رسول الهدى عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى عندما قال :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " رواه مسلم .
نعم هي فطرة سليمة نقية لكن عوامل التربية والتوجيه من القدوة التي أمام بصره هي التي تلعب الدور الفعال في جعل الطفل يستمر على فطرته التي ارتضاها الباري له أو ينحرف وينسلخ إلى اتجاهات عقائدية مغايرة لتلك الفطرة .
انك يا ميساء إن كنت حريصة على الأمانة التي أسندها الباري إليك في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) ؛ لابد لك من أن تتخذي من كتاب الله وسيرة رسوله العطرة ومنهاجه المنير الذي استقاه من رب العالمين على يد الروح الأمين جبريل عليه السلام المنبعين اللذين تستقى منهما المبادئ للقدوة الحسنة .
ولك في تلك المصادر أروع الأمثلة أذكرك ببعض منها ما ورد في السنة :
فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت يا عبد الله تعال حتى أعطيك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أردت أن تعطيه، فقالت أردت أن أعطيه تمراً فقال : " أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتب عليك كذبة." رواه أبو داود .
وهذا مثال آخر يوضح كيفية أن تظهر الأم بمظهر العدل
فعن عائشة رضي الله عنها قالت دخلت امرأة ومعها بنتان وهي تسأل فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم خرجت فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار .
لذلك فعليك أن تسلكي مع أطفالك جميع السبل التي سلكها الهادي البشير مع الأطفال، وعليك أن تتحلى بها في حياتك اليومية لينشئ أطفالك على الأخلاق الفاضلة ، ويتربيا على المكارم ولينشئا على العقيدة الإسلامية الراسخة والخلق القرآني الرفيع .
وانك وباعتبارك القدوة لابد لك وأن تكوني صادقة في أقوالك مع ابنيك ومعي ومع الغير من الأشخاص سواء من أفراد الأسرة أم من بقية أفراد العائلة أو مع الآخرين من أفراد المجتمع .
وحين تريدين تعويدهما على الأمانة فلا بد لك أن تكون أمينة مع زوجك في ماله وبيته ومع أهلك وأهلي .
وعندما تريدين تعويدهما على الرحمة فلا بد وأن تبدئي أنت بالقيام بالأعمال التي تشعرهما ا بمدى رحمتك وعطفك وحنانك ، كأن ترحمي الضعيف ، وتعطف على المسكين ، وتعين الفقير ، وترأفي بالحيوان هذه أمور في غاية الأهمية يا حبيبتي لان الطفل يراقبك في كل حركة وسكون وهو وان لم يبدي رأيه إلا الصورة طبعت في ذهنه .
وكذلك عندما تقومين بمثل هذه الأعمال أمام أطفالك فانك تغرسين في نفسيهما أهم مبادئ المحبة والتعاون والأمانة والصدق وبهذا تنمي الجانب الأخلاقي فيهما .
والطفل الذي يرى والدته تكذب وتغش فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتعلم الصدق والأمانة في يوم من الأيام.
والأم التي تكون في تبهرج وميوعة واستهتار لا يمكن أن يتعلم ابنها الفضيلة وحسن الخلق.
والأم التي تتلفظ بالعبارات الهدامة وتستهزئ بالغير وتتسم بالغضب والانفعال والقسوة ؛ لا يمكن أن يكون طفلها على درجة من الأخلاق ولا يمكن أن ينطق بجميل عبارة ولا يمكن أن يتسم بالاتزان في تصرفه وصدق الشاعر عندما قال :
وهل يرجى لأطفال كمال إذا ارتضعوا ثدي الناقصات
وخلاصة الأمر يا عمري انه لكي تتمكنين من تربية اولادك التربية الجسمية والخلقية والروحية، ولكي تكونين القدوة الحية المتحركة في المنزل ولكي تكونين نموذجاً رفيعاً لما تلقينه من القيم والمبادئ وما تصورينه من المثل ومكارم الأخلاق، لابد لك أن تكوني صورة تعكس حقيقة السلوك الذي تنادى به وتحثيهما على ضرورة الالتزام به حتى لا يقعا في تناقضات خطيرة ، فيختلط عليهما الأمر وتلتبس عليهما الحقائق والمفاهيم فلا يستطيعا وقتها بل لا يعودا قادرينً على التمييز بين الزائف والصحيح .
اعلم أن هذا الموضوع كبير ولكن ثقتي بك اكبر منه بله إنها اكبر من اولادنا فاعملي بكل ما تستطيعي ولكن على علم وخطا مدروسة وليست على العشوائية والسبهللة.
حبي أرجو أن لا أكون قد أطلت عليك والى لقاء في رسالة قريبا إن شاء المولى.
حبيبك المخلص
5/9/2004

حائرة مجروحة @hayr_mgroh
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

فتفوته ستور
•
مشكورة




الله يحفظكم من كل مكروه ..
وكلام زوجك جميل جدا ..
لكن فهمت انه بعيد عنكم ..؟؟؟ الله يعجل لكم بالفرج وعليك بالدعاء,,,
وكلام زوجك جميل جدا ..
لكن فهمت انه بعيد عنكم ..؟؟؟ الله يعجل لكم بالفرج وعليك بالدعاء,,,
الصفحة الأخيرة