ابي الاسلام

ابي الاسلام @aby_alaslam

مفكرة المجلس

رسالة عاجلة إلى كل معتمر... ثلاثون (30) تنبيهاً حول المخالفات الشرعية للمعتمرين

ملتقى الإيمان

د. يوسف بن عبد الله الأحمد(*)
1/7/1425
17/08/2004



الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد.
فمن مظاهر الخير كثرة إقبال الناس على العمرة في رمضان وفي الإجازة الصيفية وسائر السنة، وحق لهم فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.." متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال: "لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم -، من حجته ، قال لأم سنان الأنصارية : "ما منعك من الحج؟" قالت: أبو فلان -تعني زوجها- لـه ناضحان (أي جملان) حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا. فقال لها النبي – صلى الله عليه وسلم -: "فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي" متفق عليه.
وقد لحظت ولحظ غيري من طلاب العلم كثرة أسئلة الناس وإشكالتهم في العمرة، وتكثر كذلك المخالفات الشرعية في أدائهم للنسك أو أثناء بقائهم في مكة، فرأيت من المناسب إعداد هذه المطوية لتتضمن الإجابة على ما أمكن من أسئلة المعتمرين المتكررة، وكذلك التنبيه على كثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعضهم ، مع ذكر بعض الطرق والوسائل للدعاة وأهل الخير في كيفية الاحتساب عليها ، ويمكن أن آتي عليها في النقاط الآتية:
(1) يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض ؛ وهذا غير صحيح ؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء .
(2) التلفظ بالنية كأن يقول: (اللهم إني أريد ، أو نويت نسك كذا فيسره لي) غير مشروع ، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول: لبيك عمرة.
(3) يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون، ووسائل النظافة الأخرى، والمرهم؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام، بشرط: ألا تكون معطرة.
(4) يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السواك و فرشاة و معجون الأسنان. أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضر؛ لأنها ليست طيباً.
(5) التلبية الجماعية بصوت واحد - التي يفعلها بعض الحجاج - بدعة، لم تثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من أصحابه. والصواب أن يلبي كل معتمر بصوت منفرد.
(6) لا يلـزم أن يستمر المحرم (رجـلاً كـان أو امـرأة) في الثوب الذي أحرم فيـه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره مـتى شـاء ، ويجوز له أن يغتسل للتنظف؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام.
(7) يجوز للمرأة أن تمشط شعرها ، وأن تحك بدنها ؛ بشرط أن لاتتعمد إزالة الشعر. لقول أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- : "كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
(8) القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدة: الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات. وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدة، فإن لم يفعل مكث في جدة بإحرامه فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته، أو أنه لا يحرم أصلا فإذا انتهى من عمله في جدة رجع إلى الميقات فأحرم منه.
(9) من سافر إلى جدة وهو لم يرد العمرة، أو كان متردداً في العمرة، ثم عزم على العمرة وهو في جدة: أحرم من جدة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها، فأصبح حكمه حكم أهل جدة، وأهل جدة يحرمون منها لأنهم دون المواقيت كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وقت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها" أخرجه البخاري ومسلم.
(10) من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" قال ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت" أخرجه مسلم.
(11) على المعتمر أن يحرص على ستر عورته؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر.
(12) الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم . بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة ، فمن سعى على غير طهارة ، فسعيه صحيح، ولا شيء عليه.
(13) إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة؛ فصلِّ معهم ثم أكمل الطواف من حيث توقفـت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة ؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
(14) إذا احتجت للجلوس قليلاً، أو لشرب ماء، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
(15) إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب ؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين: وهو الأقل؛ فإذا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة.
(16) بعض المعتمرين يضطبع من أول لبس الإحرام ، ويبقى مضطبعاً حتى ينتهي من العمرة، وهذا خطأ، والمشروع أن يغطي كتفيه، ولا يضطبع إلا في الطواف الأول.
(17) ركعتا الطواف يسن فعلهما خلف المقام. ومن الخطأ ما يفعله بعض المعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام فيؤذون بذلك الطائفين، والصواب: أن يرجع إلى الخلف حتى يبتعد عن الطائفين فيجعل المقام بينه وبين الكعبة . وإن صلاها في أي موضع من الحرم أجزأت.
(18) ينتشر بين بعض الناس في الطواف و السعي بدعتان:
الأولى: التزام دعاءٍ معين لكل شوط، كما هو موجود في بعض الكتيبات.
الثانية: دعاء مجموعة من الحجاج خلف قائد لهم بصوت واحد مرتفع. فعلى الحاج أن يحذر من هاتين البدعتين؛ لأنه لم يثبت فيهما شيء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أو أحد من أصحابه –رضي الله عنهم -. وفيه أيضاً إيذاء وتشويش شديد على الطائفين.
(19) المحظور في حق المرأة مخيط الوجه واليدين؛ فلا يجوز أن تغطي وجهها بالنقاب، أو البرقع، أو اللثام، ويجوز لها أن تغطي وجهها بغير ذلك كالغطاء العادي. ولا يجوز أن تلبس القفازين، ولكن يجب أن تغطيهما أمام الرجال الأجانب بإدخال اليدين في العباءة؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "..ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" أخرجه البخاري.
و يعتقد بعض النساء جواز كشف الوجه أمام الرجال ما دامت محرمة وهذا خطأ، والواجب تغطيته؛ ومن الأدلة على ذلك:
أ. قول عائشة –رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن.
ب. وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
وكثير من النساء القادمات للعمرة يكشفن وجوههن أثناء الإحرام وبعده، حتى أصبح كشف الوجه ظاهرة في الحرم، فلابد أن تعلم المرأة أن كشفها للوجه أمام الرجال الأجانب أمر محرم شرعاً لما سبق من الأدلة وغيرها، والواجب عليها التوبة إلى الله وستره أمام الرجال الأجانب.
(20) كثير من النساء لايلبسن الجلباب ، وتكتفي بلبس الثوب أو البنطال. والواجب على المؤمنة أن تلبس الجلباب (العباءة) إذا خرجت أمام الرجال، والدليل على ذلك قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" . وعن أم سلمة – رضي الله عنها - قالت: "لما نزلت "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ" خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ" أخرجه أبوداود بسند صحيح .
والدليل الثاني على وجوب لبس الجلباب: حديث أم عطية – رضي الله عنها- قالت: "أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور (وهي المرأة التي لم تتزوج) فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهن قالت امرأة: يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب، قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها" أخرجه البخاري ومسلم.
(21) بعض الناس يكتفي بتقصير جزء من شعر الرأس من الأمام والخلف، وهذا التقصير لا يكفي، والواجب أن يعمّ جميع الرأس بالحلق أو التقصير، لقوله تعالى :"محلقين رؤوسكم ومقصرين".
(22) المرأة الحائض يجوز لها أن تحرم بالعمرة ولكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر. وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها من مكة وهي لم تطهر وهي مضطرة للرجوع معهم، فالحل هنا : ألا تحرم وتدخل مكة بدون إحرام ، فإن رجع أهلها وهي لم تطهر رجعت معهم ولا حرج عليها لأنها لم تحرم، وإن طهرت وهي في مكة أحرمت بالعمرة كأهل مكة من أدنى الحل كالتنعيم وطافت وسعت وقصرت؛ لأنها تجاوزت الميقات وهي غير جازمة بالعمرة.
أما إذا تجاوزت الميقات وهي عازمة على العمرة لكنها لا تريد أن تبقى محرمة عدة أيام قبل الطهر، فالواجب عليها أن ترجع إلى الميقات وتحرم منه؛ لأنه وجب في حقها الإحرام من الميقات.
(23) لا يجوز المرور أمام المصلي إذا كان إماماً أو منفرداً. أما المأمومون فيجوز المرور أمامهم وبين الصفوف.
وينبغي على المصلي أن يبتعد عن مكان مرور الناس في الحرم. وعليه أن يتخذ سترة يصلي إليها ويقرب منها كالجدار والعامود ورف المصاحف ونحو ذلك ولا يضره من مرّ وراء السترة، وألا يقل طولها عن ذراع. فعن أبي سعيد – رضي الله عنه - قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" أخرجه البخاري ومسلم.
ولا فرق في أحكام السترة بين الحرم المكي وغيره على القول الراجح من قولي العلماء ، فإذا كان المرور بين يدي المصلي في غير الحرم محرماً ففي الحرم من باب أولى، بل قد ثبت اتخاذ السترة في الحرم من فعل الصحابة – رضي الله عنهم-؛ فعن يحي بن كثير قال: "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئاً أو هيأ شيئاً يصلي إليه". رواه ابن سعد.
وعن صالح بن كيسان قال: "رأيت ابن عمر _ يصلي في الكعبة ولا يدع أحداً يمرّ بين يديه". رواه أبو زرعة في تاريخ دمشق وابن عساكر في تاريخ دمشق . (وإسناد الأثرين صحيح كما قال الألباني في كتابه حجة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ص22).
أما حديث المطلب بن أبي وِداعة قال: "رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصلي والناس يمرون بين يديه، ليس بينه وبين الكعبة سترة" فإن إسناده ضعيف أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وقال ابن حجر: "رجاله موثوقون إلا أنه معلول" الفتح (1/687) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ح 928.
(24) من الخطأ ما يفعله بعض الناس من تكرار العمـرة إذا وصـل إلى مكة؛ فإن ذلك ليس مـن هـدي النبي- صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه – رضي الله عنهم ولو كان فيه فضل لسبقونا إليه.
(25) من بدع بعض المعتمرين ذهابهم إلى غار حراء والتبرك به والدعاء أو الصلاة عنده.
ومن البدع أيضاً التبرك بالمكتبة الموجودة أمام ساحة المسعى أو الصلاة أو الدعاء عندها بل بعضهم يستقبلها ويستدبر الكعبة، كل هذا ظناً منهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم- ولد فيها، ولو فرضنا جدلاً صحة مولد الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيها، فإن هذا لا يعني تخصيص هذا المكان بأي نوع من العبادة، فقد اعتمر النبي –صلى الله عليه وسلم- واعتمر أصحابه –رضي الله عنهم- ولم يذهبوا إلى غار حراء ولا إلى مكان مولد النبي –صلى الله عليه وسلم-، ولو كان في الذهاب إليهما فضل لسبقونا إليه، وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد" أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة –رضي الله عنها-، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". ومن أحب النبي –صلى الله عليه وسلم- اتبعه ولم يبتدع في دينه.
(26) المسافر القادم للعمرة يسن له في الطريق القصر والجمع، أما أثناء بقائه في مكة فيسن له أن يقصر فقط، أما الجمع فجائز له وتركه أفضل . والمشروع في حقه أن يصلي الصلوات الخمس جماعة في المسجد، وإذا صلى في المسجد فيجب عليه أن يتم الرباعية متابعة للإمام حتى لولم يدرك منها إلا ركعة واحدة، والدليل عليه حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن موسى بن سلمة رحمه الله قال: كنا مع ابن عباس –رضي الله عنهما- بمكة فقلت: "إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم" أخرجه أحمد بسند جيد. و أصرح منه أثر ابن عمر رضي الله عنهما أن أبا مجلز قال: قلت لابن عمر: أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ فقال: صل بصلاتهم" أخرجه عبدالرزاق بسند صحيح.
(27) من المخالفات المؤلمة ظاهرة المعاكسات من قبل بعض الشباب، وظاهرة التبرج وكثرة التسوق ومزاحمة الرجال من بعض النساء الذين قدموا للعمرة، وكذلك تساهل الآباء والأمهات مع بناتهم في لبس العباءة المتبرجة والذهاب إلى الأسواق بدون محرم، وقد حصل بسبب هذا التساهل مفاسد عظيمة، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء" متفق عليه. والواجب على المرأة المسلمة أن تقر في بيتها أولاً ، فإذا احتاجت للخروج فلابد أن تحتجب عن الرجال الأجانب بلبس الجلباب الواسع (عباءة الرأس الواسعة) ولا يبدو منها شيء؛ لا وجهها ولا يداها ولا قدماها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان". أخرجه الترمذي بإسناد صحيح. (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).
(28) نشاهد أحياناً مع الأسف الشديد أن يصلي الرجل بجانب المرأة ، أو خلفها في ساحات الحرم، وهذا خطأ فاحش. والواجب أن يصلي الرجل مع الرجال، وأن تصلي المرأة مع النساء. فإذا أقيمت الصلاة والمرأة بين الرجال ولم تجد طريقاً إلى مكان النساء، فإنها لا تصلي معهم، بل تنتظر حتى تنتهي الصلاة ، ثم تذهب إلى مكان النساء.
(29) من المخالفات التي نشاهدها في الحرم أيضاً: مسك الحذاء باليد اليمنى، ثم يصافح بها، ويأكل بها. والصواب أن يكون مسك الحذاء باليد اليسرى، فعن عائشة – رضي الله عنها - قالت: "كانت يد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى". أخرجه أبو داود بسند صحيح.
(30) أوصي طلاب العلم في ذهابهم إلى العمرة أن ينشطوا في الأعمال الدعوية والاحتسابية؛ ومن الوسائل المقترحة:
أ. الإكثار من توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات، فلايذهب أحد إلى مكة إلا وقد حمل معه قدراً كبيراً من ذلك.
ب. الانفتاح مع الآخرين والتعرف عليهم أثناء بقائه في الحرم، والحديث معهم بالدعوة إلى الخير والتنبيه على ما وقع فيه من مخالفة شرعية كلبس الدبلة وحلق اللحية والإسبال وغير ذلك ..، وأخذ عناوينهم من أجل مراسلتهم بعد ذلك، وتهديه خلال جلوسك معه كتيباً أو مطوية نافعة، وكذلك ينبغي أن يفعل الأخوات مع النساء فلا تذهب إلى المسجد الحرام إلا ومعها عدد من المطويات أوالكتيبات أو الأشرطة، وبعد انتهائها من الصلاة تتحدث مع هذه وتعطيها شريطاً، وتتحدث مع تلك وتعطيها مطوية وهكذا.
ج. وضع مظروف يشتمل على العباءة الإسلامية وغطاء الوجه والقفاز والشراب الأسود ومعها نشرة عن الحجاب بلغات مختلفة، ويتم توزيعه بأعداد كبيرة على النساء، وأوصي الجمعيات الخيرية بهذه الفكرة.
د. ممارسة المناصحة والإنكار الميداني من قبل طلاب العلم على المتبرجات، وكاشفات الوجه، وعلى من يعاكس النساء، ويشرب الدخان، وغير ذلك في الحرم والطرقات والأسواق بالرفق والكلمة الطيبة.
(31) يكثر في المسجد الحرام الصلاة على الجنائز، وصفتها بإيجاز أن يكبر أربع تكبيرات وهو قائم ثم يسلم. ففي التكبيرة الأولى يرفع يديه ثم يقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي –صلى الله عليه وسلم -، وأفضل صيغ الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- هي التي أمر بها أن تقال بعد التشهد في الصلاة ومنها: "اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم ، وعلىآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد". ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بالمغفرة والرحمة ويخلص له في الدعاء، وإن دعا بما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم- فهو أفضل، ومما ثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- من الأدعية: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- بإسناد صحيح. ومما ثبت أيضاً "اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ، ووسِّع ُمدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار" أخرجه مسلم من حديث عوف بن مالك. ثم يكبر الرابعة ويسلم عن يمينه.
(32) وإتماماً للفائدة فهذه صفة العمرة بإيجاز:
أولاً: الإحرام من الميقات: اغتسل، وطيِّبِ بدنك كالرأس واللحية - ولا تطيب لباس الإحرام فإن أصابه طيب فاغسله - وتجرد من المخيط، والبس رداءً وإزاراً أبيضين ونعلين، (الشمسية والنظارة والخاتم والساعة والحزام جائزة للمحرم).
أما المرأة فإنها تغتسل ولو كانت حائضاً وتلبس ما شاءت؛ بشرط أن يتوافر فيه جميع شروط الحجاب فلا يظهر منها شيء و لا تتبرج بزينة ولا تتطيب ولا تتشبه بالرجال.
فإن لم يتيسر أن تقـف عنـد الميقات -كالمسافر بالطائرة - فاغتسل من بيتك فإذا حاذيت الميقات فأحرم، وقل: (لبيك عمرة). وإن خفت ألا تتمكن من إكمال النسك لمرض أو نحوه؛ فقل: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) ثم ابدأ بالتلبية حتى تصل مكة. والتلبية سنة مؤكدة للرجال والنساء، ويسن للرجال رفع الصوت بالتلبية دون النساء. وصفة التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمـة لك والملك، لا شريك لك).ويسن الاغتسال قبل دخول مكة إن تيسر ذلك.
محظورات الإحرام.
إذا أحرم المسلم بالحج أو العمرة حرم عليه أحد عشر شيئاً حتى يتحلل من إحرامه وهي:
1- إزالـة الشعـر.
2- تقليم الأظافر.
3- استعمال الطيب.
4- قتل الصيد (البري أما البحري فجائز).
5- لبس المخيط (على الرجال دون النساء). والمخيط هو المفصَّل على البدن كالثوب والفانيلة والسراويل والقميص والبنطلون والقفاز والجوارب.أما ما فيه خياطة ولم يكن مفصلاً فلا يضر المحرم؛ كالحزام أو الساعة أو الحذاء الذي فيه خيوط.
6- تغطية الرأس أو الوجه بملاصق (على الرجال) كالطاقية والغترة والعمامة والقبعة وما شابه ذلك، ويجوز الاستظلال بالشمسية والخيمة والسيارة، ويجوز حمل المتاع على الرأس إذا لم يقصد به التغطية.
7- لبس النقاب والقفازين (على المرأة) فإذا كانت أمام رجال أجانب وجب ستر الوجه واليدين بغير النقاب والقفاز، كسدل الخمار على الوجه وإدخال اليدين في العباءة.
8 - عقد النكاح .
9 - الجمــاع .
10 - المباشرة لشهوة .
11- إنزال المني باستمناء أو مباشرة.
ثانياً: إذا وصلت المسجد الحرام فقدم رجلك اليمنى قائلاً: "بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك" أو تقول "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " .وهذا الدعاء يقال عند دخول سائر المساجد.
ثالثاً: ثم ابدأ بالطواف من الحجر الأسود؛ فاستقبله وقل: (الله أكبر)، واستلمه بيمينك وقبله. فإن لم يتيسر التقبيل فاستلمه بيدك أو بغيرها وقبل ما استلمته به، فإن لم يتيسر فلا تزاحم الناس وأشر إليه بيدك مرة واحدة (ولا تقبل يدك). وتفعل ذلك في بداية كل شوط من أشواط الطواف.
ثم تطوف سبعة أشواط جاعلاً البيت عن يسارك؛ ترمل في الأشواط الثلاثة الأولى وتمشي في الباقي، وتضطبع في جميع الأشواط. (الرمل: سرعة المشي مع تقارب الخطى. والاضطباع: أن تجعل وسط ردائك تحت عاتقك الأيمن وطرفاه على عاتقك الأيسر.والرمل والاضطباع مختصان بالرجال ومختصّان بالطواف الأول؛ أي طواف العمرة أو طواف القدوم للقارن والمفرد في الحج ).
فإذا وصلت إلى الركن اليماني فاستلمه بيدك - إن تيسّر ذلك - ولا تقبّله، فإن لم يتيسر فلا تشر إليه. ويستحب فيه كثرة الذكر والدعاء، وإن قرأت شيئاً من القرآن فحسن . وليس في الطواف ذكر مخصوص ثابت إلا قول "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النارٍٍٍ" بين الركن اليماني والحجر الأسود، وقد أخرجه أبو داود وأحمد وغيرهما من حديث عبدالله بن السائب _ بإسناد رجاله ثقات إلا عبيد مولى السائب فمختلف فيه. قال عنه ابن حجر في التقريب: مقبول، وذكر ابن مندة، وأبو نعيم، وابن قانع: أن له صحبة. فإذا ثبتت له الصحبة فالحديث صحيح، وإلا فهو ضعيف. وقد حسنه ابن حجر، وحسنه من المعاصرين الألباني رحمه الله، ولم يظهر لي وجه تحسينه مع ضعف عبيد، والله تعالى أعلم بالصواب.
رابعـاً: إذا انتهيت من الشوط السابع – عند محاذاة الحجر الأسود – فغط كتفك الأيمن، واذهب إلى مقام إبراهيم إن تيسر، واقرأ قولـه تعالى: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى". واجعل المقام بينك وبين الكعبة إن تيسر، وصل ركعتين تقرأ في الأولى بعد الفاتحة: "قل يا أيها الكافرون" وفي الثانية: "قل هو الله أحد".
خامساً: ثم اذهب إلى زمزم فاشرب من مائها، وادع الله، وصب على رأسك، ثم إن تيسر فارجع إلى الحجر الأسود، واستلمه .
سادساً: ثم توجه إلى الصفا فإذا دنوت منه فاقرأ قوله تعالى: "إن الصفا والمروة من شعائر الله". وقل: "نبدأ بما بدأ الله به" . واصعد الصفا، واستقبل الكعبة، وكبر ثلاثاً وقل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". كرر هذا الذكر ثلاث مرات، وادع بين كل مرة وأخرى بما شئت من الدعاء.
سابعاً: ثم انزل لتسعى بين الصفا والمروة، وإذا كنت بين العلمين الأخضرين فاسع بينهما سعياً شديداً (والسعي الشديد خاص بالرجال دون النساء)، فإذا وصلت إلى المروة فاصعد عليها واستقبل الكعبة، وقل كما قلت على الصفا، وهكذا تصنع في باقي الأشواط، الذهاب شوط والعودة شوط حتى تكمل سبعة أشواط؛ فيكون نهاية الشوط السابع بالمروة. وليس للسعي ذكر مخصوص، فأكثر مما شئت من الذكر والدعاء وقراءة القرآن.
ثامناً: إذا انتهيت من السعي فاحلق رأسك أو قصره، والحلق أفضل للمعتمر، إلا أن يكون الحج قريباً فالتقصير أفضل ليكون الحلق في الحج، ولا يكفي تقصير بعض الشعر من مقدمة الرأس ومؤخرته كما يفعله بعض الناس، بل لابد من تقصير جميع شعر الرأس أو أكثره.
أمـا المـرأة فتجمـع شعرها وتأخذ منه قدر الأنملـة، وإذا كـان شعرها متفـاوت الطـول تأخذ من كل درجة. وبهذا تنتهي العمرة .
وأرجو بهذا أن تكون أحكام العمرة قد اتضحت، مع الإجابة على كثير من أسئلة الناس في العمرة، والتنبيه على الأخطاء والمخالفات. وبالله التوفيق.



--------------------------------------------------------------------------------
(*) عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
1
442

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الـــ عديل ـــــروح
جعله الله في موازين حسناتك