عنوان القصيدة ( رسالة في ليلة التنفيذ ) للشاعر هاشم الرفاعي. أرسلها قبل ليلة إعدامة من قبل الطغاه إلى أبيه ...
قصيدة مؤلمة تحكي أحوال السجناء و الأسرى من المسلمين كالدعاة والمجاهدين..
اللهم ألطف بهم وفك أسرهم و اجعل الأرض من تحت أعدائهم جحيما .
أبتاه ماذا قد يخط بناني
والحبل والجلاد ينتظران
هذا الكتاب إليك من زنزانة
مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها
وأحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في
هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل
والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي
في بضع آيات من القرآن
والنفس بين جوانحي شفافة
دب الخشوع بها فهزكياني
قد عشت أؤمن بالإله ولم أذق
إلا أخيرا لذة الإيمان
شكرا لهم لا أريد طعامهم
فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي
أمي ولا وضعوه فوق خوان
كلا ولم يشهده يا أبتي معي
اخوان لي جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة
بدمي وهذي غاية الإحسان
والصمت يقطعه رنين سلاسل
عبثت بهن أصابع السجان
مابين آونة تمر وأختها
يرنو إلي بمقلتي شيطان
من كوة الباب يرقب صيده
ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أحس بأي حقد نحوه
ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي
لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة
ذاق العيال مرارة الحرمان
فلربما وهو المروع سحنة
لو كان مثلي شاعرا لرثاني
أوعاد من يدري إلى أولاده
يوما وذكر صورتي لبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها
معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملا
في الثائرين على الأسى اليقظان
فأرى وجوما كالضباب مصورا
مافي قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدي الجميع وإن هم
كتموا وكان الموت في إعلاني
ويدور همس في الجوانح ما الذي
بالثورة الحمقاء قد أغراني؟
أو لم يكن خيرا لنفس أن أرى
مثل الجميع أسير في إذعان
ماضرني لو قد سكت وكلما
غلب الأسى بالغت في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا
ماثار في جنبي من نيران
وفؤادي الموار في نبضاته
سيكف في غدة عن الخفقان
والظلم باق لن يحطم قيده
موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغي ليس يضيره
شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشق عن
بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي إن الحياة لغاية
اسمى من التصفيق للطغيان
أنافسك الحرى وإن هي أخمدت
ستظل تغمر أفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم
قسمات صبح يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله
ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا
لم يبق غير تمر الفيضان
ومن العواصف مايكون هبوبها
بعد الهدوء وراحة الربان
إن احتدام النار في جوف الثرى
أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده
سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا
اقوى من الجبروت والسلطان
أن لست أدري هل ستذكر قصتي
أم سوف يعروها دجى النسيان
أو أنني سأكون في تاريخنا
متآمرا أو هادم الأوثان
كل الذي أدريه أن تجرعي
كأس المذلة ليس في إمكاني
لو لم أكن في ثورتي متطلبا
غير الضياء لأمتي لكفاني
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا
إرهاب لا استخفاف بالإنسان
فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي
يغلي دم الأحرار في شرياني
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى
وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه
يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل ثرة
تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق كما تعود بابنا
سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنية متأرجحا
في الحبل مشدودا إلى العيدان
ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما
صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة
وتضاء منه مشاعل العرفان
أوهكذا زعموا وجيء به إلى
بلدي الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما
في زحمة الألام والأشجان
انا ابنك المصفود في أغلاله
قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى
تبكي شبابا ضاع في الريعان
وتكتم الحسرات في أعماقها
ألما تواريه عن الجيران
فاطلب إليها الصفح عني إنني
لا أبتغي منها سوى الغفران
مزال في سمعي رنين حديثها
ومقالها في رحمة وحنان
أبني: إني قد غوت عليلة
لم يبق لي جلد على الأحزان
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن
بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة
ياحسن أمال لها وأمان
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم
يكن انتقاض الغزل في الحسبان
والآن لا أدري بأي جوانح
ستبيت بعدي أم بأي جنان
هذا الذي سطرته لك يا أبي
بعض الذي يجري بفكر عان
لكن إذا انتصر الضياء ومزقت
بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويكبر همتي
من كان في بلدي حليف هوان
وإلى لقاء تحت ظل عدالة
قدسية الأحكام والميزان..
***********
http://www.almawa.com/shr/so233.ram
***********
اميرة الزهوووور @amyr_alzhoooor
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
جزاك الله خيرا يا أميرة .