
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أب ٌ كان ينعم بحركة أولاده داخل المنزل وشغبهم اللذيذ وصياحهم المطرب،ثم جاءهم اليوم الذي واجه فيه الأب والأم ما يواجهه كل رب أسرة عندما يكبر فيه الأبناء ويغادرون المنزل الذي رأى طفولتهم وأول شبابهم. غادروه ليبنوا حياتهم الجديدة.
ولم يبق للأب والأم إلا الذكريات المريرة.
فاقرؤوا معي هذه الأبيات المؤثرة التي نظمها الشاعر بهاء الدين الأميري لفلذات كبده:
أين الضجيج العذب و الشغب *** أين التدارس شابه اللعب
أين الطفولة في توقدها *** أين الدمى في الأرض والكتب
أين التشاكي دونما غرضٍ *** أين التباكي ما له سبب
أين التباكي والتضاحك في *** وقتٍ معاً والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي *** شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي *** والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بشوق فطرتهم *** نحوي إذا رغبوا وإن رهبوا
فنشيدهم بابا إذا فرحوا *** ووعيدهم بابا إذا غضبوا
وهتافهم بابا إذا ابتعدوا *** ونجيُّهم بابا إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملءَ منزلنا *** واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
ذهبوا ؟! أجل ذهبوا ومسكنهم *** في القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت *** نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلَدي تلاعبهم *** في الدار ليس ينالهم نصب
وبريق أعينهم إذا ظفروا *** ودموع حرقتهم إذا غُلبوا
في كل ركن منهم أثر *** وبكل زاوية لهم صخَب
في النافذات زجاجها حطموا *** في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه *** وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا *** في علبة الحلوى التي نهبوا
إني أراهم حيثما اتجهت *** عيني كأسراب القطا سربوا
دمعي الذي كتمته جلداً *** لما تباكَوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا *** من أضلعي قلباً بهم يجبُ
قد يعجب العذ َّال من رجلٍ *** يبكي ولو لم أبكِ فالعجب
هيهات ما كل البكا خورٌ *** إني وبي عزم الرجال أبُ
رااااااااااااائعة أختاه تلك الأبيات
ومحزنة بنفس الوقت
فكل من عاش هو وأولاده في هذه الحياة الدنيا لابد من أن يمر به مامر بهذا الشاعر
الذي جسد لنا معاناته برحيل أبنائه وتذكره لهم بتلك الذكريات
جزاكِ ربي جنة الفردوس أختي سنابل االعطاء