الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده :
وبعد :

-بني الغالي وفلذة كبدي حازم...
ها أنا أستجمع أفكاري المشتت لأكتب لك ثاني رسالة مذ غيابك عنا
غيابك بالجسد وبعدك عنا بمسافات قصيرة لكن والله يشهد ربي أنك ما غبت عنا ولا يوم ولا لحظة من بالنا ومن قلوبنا سكناك في القلب وبين العيون وذكراك دائما على اللسان
بني...
كيف حالك... صحتك... نفسيتك ....
واستطيع أن أجيب نفسي فأقول :
حال بني لابأس به رغم تلك الجدران العازلة فأنت بخير ولله الحمد
صحتك جيدة بإذن الله ونفسيتك أشعر بها لأنها كما هي نفسيتنا نحن هنا في البيت أحيانا جيدة وأحيانا العكس ولن تستقر حتى تعود لأحضان أسرتك ويجمع شملنا من جديد.
فهذا هو مزاج البشر متقلب دوما حتى ولو كانوا في حرية وحتى ولو كانوا يسكنون القصور ويملكون كنوز الدنيا لأن قلوبنا وأحوالنا بيد الله تعالى وكل أمورنا ...
فقط نحتاج في هذه الحياة بعض القوة لنتغلب على اليأس ومتاعب الحياة ونحتاج الثقة في الله والصبر على متاعب الحياة وطلب العون من الله وأن يكون معنا في كل أحوالنا وأن يعطينا قوة وصبرا وحكمة لمواصلة مسيرتنا في الحياة حتى نغادرها إلى دار الخلد والبقاء
اعلم بني أن كل البشر في هذه الحياة هم مثل الطلاب في قاعة الامتحان لا فرق في السن أو اللون أو الدين أو اللغة كلنا في امتحان واحد لنجتاز مرحلة صعبة بعدها ننتقل إلى الصف الأعلى وهو الجنة نسأل الله تعالى أن نكون من أهلها وأن يجمعنا الله فيها كما جمعنا في هذه الدنيا
بني ...في هذه الحياة نمشي ونسقط ثم ننهض ثم نمشي مرة أخرى ونسقط ثم نتشجع لننهض ونكمل مسيرة الطريق لنصل إلى قصر كبير فيه سنجد الراحة والأمن والطمأنينة والحرية ......
لأننا في هذه الحياة كلنا أسراء .أسراء أعمالنا وما تقدمه أيدينا وهناك إن شاء الله عندما نعبر طريق نحن منه متخوفون وندخل باب القصر هناك سنشعر بالأمن والحرية التي نفتقدهما في دنيا البشر .
فلنعمل صالحا لندخل القصر وننعم بالأمن والحرية.
ومن سقوطنا أثناء المسير على طريق الحياة وتعثرنا يجب أن نعتبر ونستدرك ما فاتنا
بني ...يجب أن تعلم أن مستحيل هناك إنسان في هذه الحياة لم يبتلى بل كل منا ابتلى ويبتلى على حسب إيمانه
فأشد بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .... يبتلى المرء على قدر إيمانه فإن كان في دينه صلابة ابتلى أكثر حتى يطهره الله ويرفع درجته في الدنيا والآخرة
لهذا ليس لنا مفر ولا نجاة إلا بعودتنا الصادقة إلى الله والتوبة إليه في كل الأحوال والتلذذ بعبادته وحسن طاعته .
لهذا دعواتي لك بالثبات على ما أنت عليه من خير وعبادة فأنت في طاعة مع الله وتجارة مع الله والله لن يتركك فهو خير لك من الأهل والوالدين وأعز عزيز فاستشعر معية الله لك واعلم أن الله أحبك وما ظلمك أنت في نعمة وعبادة محروم منها من هو يضن أنه ينعم بالحرية
بل الحرية كل الحرية في طاعته سبحانه وتعالى ومعيته
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول ( سجني خلوة ) أي خلوة مع الله
بني ...أعرفك رجلا فكن صبورا وما بقي إلا القليل لتشرق في وجهك شمس الحرية ويجمع شملنا من جديد وذاك اليوم سيكون لي ولوالدك وإخوتك ومن يحبك يوم عيد .....
فصبر إبني الغالي عين الله تحرسك وقلب والديك يدعو لك
حفظك الله وثبتك وفك أسرك وأسر من معك من الأبرياء المظلومين
أمـــــــــــــك.....
بقلم أم حازم عصر يوم: الاثنين 28شوال 1432هـ
الموافق لـ 26-09-2011مـ