
- رسالة من الغربة أختي الغالية…
- مرّت أسابيع منذ أن غادرتُ الوطن،
- وما زلتِ في كل تفاصيل يومي كما كنتِ: وجهكِ يطلّ من الذاكرة كل صباح،
- وصوتكِ يرافقني في الطرقات،
- حتى الأشياء الصغيرة — فنجان القهوة، المنديل الورقي، ظلّ شجرةٍ أعرفها
- — تذكّرني بكِ وكأن الغربة تعيد رسمكِ في كل زاويةٍ أفتقدكِ فيها. كلّ ما هنا مختلف
- يا أختي…الناس يمشون بسرعةٍ بلا ملامح، يبتسمون بابتساماتٍ مهذّبةٍ باردة،
- كأنّ دفء الروح حرامٌ في هذه البلاد.
- لا أحد يسأل أحدًا عن حاله،
- ولا أحد يلتفت لأحد.المدن أنيقة، مرتّبة، نظيفة…
- لكنها بلا رائحة، بلا قلب.
- حتى بيتي الواسع — الذي ظننته يومًا حلمي —
- يبدو لي كبيتٍ فارغٍ من الحياة،
- جدرانه جميلة، لكنّها لا تعرف صوتكِ
- ولا دفء ضحكتك
- .شقيقة قلبي…زوجي رجلٌ كريمٌ حنون،
- لم يقصّر في شيء، يغمرني بعطفه،ويجتهد أن يجعل غربتي سهلة، لكنّ فراغ الأخت لا يُملأ.أتعرفين؟
- لا أحد يفهمني كما كنتِ تفعلين دون كلام.
- لا أحد يقرأ وجهي حين أتعب،
- أو يربّت على يدي حين أغضب.
- الأخت يا أختي…
- ليست فقط من تشارككِ البيت،
- بل من تقيم في قلبكِ
- حتى بعد الرحيل،
- من تعرفكِ حين تنسين نفسكِ،
- وتذكّركِ بأنكِ ما زلتِ بخير
- .أحيانًا أخرج وحدي،
- أقود السيارة بلا وجهة،
- فقط لأرى الناس والطرقات،
- أبحث عن ملامح تشبهنا.
- لكن لا أحد يشبهنا، ولا شيء يشبه أخوتنا
- التي كانت تُغني عن العالم.
- هنا كلّ شيءٍ متاح… إلا دفء الأخت.
- مذ رحلت، أشعر أن جزءًا مني معلّقٌ
- في تلك المدينة الصغيرة التي جمعتنا،
- بين جدار غرفتي القديمة،
- وبين خطواتنا حين كنا نضحك على لا شيء.
- أتذكّر كيف كنتِ تضعين الشال على كتفي حين يبرد الجو، وتقولين بنبرةٍ ناعمة
- : “احفظي نفسكِ من البرد.”
- يا ليتكِ تعلمين أن البرد الحقيقي هو أن أعيش دونكِ.
- أخبري أبي أني بخير، وأن دعاءه ما زال يحرسني في كل طريق.
- ولا تتركي غرفتي تموت بالصمت،
- افتحي نوافذها كما كنا نفعل كل صباح،
- دعي الشمس تدخل وتنعش الذاكرة،
- كأنني ما زلتُ هناك بينكم.
- حبيبتي…تعلمت هنا أن الغربة لا تبدأ بالمسافة،
- بل تبدأ حين تفقدين من يشبهك.
- وأن الأخت — بعد الله — هي السند
- الذي لا يتبدّل مهما اختلفت الأمكنة،
- هي الأمان الذي يبقى حين تتغيّر الوجوه، وهي الذاكرة التي لا تعرف النسيان.
- أستودعكِ الله يا نصف روحي،
- وأسأله أن يجمعني بكِ قريبًا،
- فكلّ يومٍ هنا يمرّ ناقصًا من دونكِ.
- محبتكِ دائمًاأختك
طييييييييييييييف
وعودا سعيداً
منتهى الجمال تعبيرك وشفافية
روحك بين السطور
رائعة ..
لقد عبرت أشواطاً في الكتابة
وتميزت