د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

رسالة مهمة الى المتطرفين..خطبة الجمعة 9/10/1423.. آمل نشرها

الملتقى العام

أما بعد أيها المسلمون :

في هذه الأيام وما قبلها كما تسمعون كشرت أمريكا الصليبية عن أنيابها ، وكشفت عن نوياها المبيتة منذ سنين طويلة ، ومن أجل النيل من الإسلام والمسلمين ، وجعلت طريقها لتحقيق أحلامها تشويه سمعت بعض الأشخاص في العالم الإسلامي ، وذلك بوصفهم إرهابيين أو داعمين للإرهاب ..

وهذا التصرف من الكفرة أمر متوقع منهم وليس بغريب من دينهم ، وذلك أنهم قد وصفوا الله تعالى بأوصاف قبيحة ، فكيف بوصفهم لعباده الصالحين.

ولكن المؤسف أن بعض المسلمين تأثروا بالدعيات المضللة تلك ، فشنوا الحرب الحسية المعنوية على إخوانهم المسلمين ، في الصحف والمجلات وصفحات الانترنت ، وأصبحنا نسمع في أوساطنا من يقول فلان متشدد ، فلان متطرف ، فلان إرهابي ويرعى الإرهاب ....

وأصبحنا نسمع من ينادي بضرورة حسن التعامل مع الآخر ، ويقصد به الإنسان الغربي أو صاحب الفكر المنحرف ..

أيها الاخوة في الله :
وفي هذا اليوم سيكون الحديث عن يسر الإسلام ومرونته ..

نطرح هذا الموضوع في ظل هذه الظروف العصيبة من تاريخ الأمة حتى لا ينشغل البعض بالدعيات المظللة التي يُرمى دعاة الإسلام على انهم متشددون ومتزمتون ..
ولتوضيح هذه المسألة فإنه من المناسب أن نستعرض سويا بعض جوانب اليسر والسهولة في هذا الدين الكامل ..

أولا: من مظاهر اليسر في هذا الدين اليسر في التكاليف الشرعية:

يقول الله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت ..وعليها ما اكتسبت )
فهذا دليل على أن الله تعالى لا يكلف الخلق من العبادة إلا ما يستطيعون..فليس الهدف من العبادة تعجيز الخلق ..وإنما هناك أهدافا سامية لصالح الخلق أنفسهم كما قال تعالى ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )..

يؤكد هذا المعنى قول وفعل رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فلقد كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَالْيُسْرَ عَلَى النَّاس ...
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا ..وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا )*مسلم ..
وكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ ( بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا.. وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا )

كما بين صلى الله عليه وسلم أن على المسلم أن يترك الشر جملة ، والخيرُ ياتي منه ما استطاع .. فقال في الحديث الصحيح ... ( فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ..وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) البخاري..

وهكذا أخي المسلم تدبر جميع تعاليم في العبادات تجدُها تميل نحو اليسر و السهولة .. وتحقق قوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)

أيها الاخوة :
ومع الدعوة إلى اليسر والسهولة ، فقد نهى الإسلام عن التشدد والغلو في الدين .. وتمثل ذلك في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الغلو وتكليف النفس ما لا تطيق ..

فمن ذلك على سبيل المثال :
ما جاء ابنُ عَبَّاس رضي الله عنهما انه قال (َ بَيْنَما النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ ، فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ : نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) * البخاري

وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟؟ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا .. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ.. وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّج أَبَدًا .. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا .. أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) البخاري ..

ومن مظاهر يسر الإسلام اليسر في المعاملة :

ينبغي للمسلم ان يتعامل مع الآخرين بكل يسر وسهولة ، وهذا المبدأ يدعوا إليه المولى تبارك وتعالى في القرآن الكريم في اكثر من آية ..

فمن ذلك قوله تعالى .. ( ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه ولي حميم ) َقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أي الصَّبْرُ عِنْدَ الْغَضَبِ ، وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْإِسَاءةِ ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللَّهُ ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ .

يؤكد هذا رسول الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم في سيرته العطرة ..
كما يؤكد ذلك قوله في أكثر من حديث ..من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى ) البخاري والترمذي ..وفي روية الترمذي ( غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ .. كَانَ سَهْلا إِذَا بَاعَ سَهْلا إِذَا اشْتَرَى سَهْلا إِذَا اقْتَضَى ) ..

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ ) أحمد ..

ومما يشهد على تطبيقه صلى الله عليه وسلم لهذا المبدأ وتعامله مع الناس بكل مرونة ، ما رواه أَبَو هُرَيْرَة َرضي الله عنه ( أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ.. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعُوهُ .. وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ ... فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ )* البخاري ..

لقد تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الحدث السابق بكل مرونة وواقعية ...مع فيه من أذية لبيت الله عز وجل ..

ومن الأمثلة أيضا ما رواه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه فقَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً ، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ )

أيها الإخوة في الله : أي بشر هذا ؟؟ أي نفس تتحمل هذا الموقف ؟؟

إنها النفس العظيمة الكريمة التي قال الله تعالى عنها.. ( وإنك لعلى خلق عظيم )
بكل هذه البساطة تعامل صلى الله عليه وسلم ، مع حدث فيه إساءة بالغة لمقام النبوة ..وأمام مشهد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين ..

َقال النووي رحمه الله تعالى معلقا على الحديث : فِيهِ اِحْتِمَال الْجَاهِلِينَ وَالْإِعْرَاض عَنْ مُقَابَلَتهمْ . وَدَفْع السَّيِّئَة بِالْحَسَنَةِ ، وَإِعْطَاء مَنْ يُتَأَلَّف قَلْبُهُ , وَالْعَفْو عَنْ مُرْتَكِب كَبِيرَة لا حَدّ فِيهَا بِجَهْلِهِ , وَإِبَاحَة الضَّحِك عِنْد الْأُمُور الَّتِي يُتَعَجَّب مِنْهَا فِي الْعَادَة , وَفِيهِ كَمَالُ خُلُق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..

آخر الأمثلة من حياته صلى الله عليه وسلم ترويه لنا عائشة رَضِي اللَّهُ عَنْهَ الحدث فتقول ( أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ *أخرجه البخاري

أيها الإخوة : مما سبق يتضح لنا أن الإسلام دين يسر ومرونة ، فيحب على المسلم أن يلتزم به . ولا يحاول أن يحيد عنه قيد أنملة ...وليعلم أن الخير كل الخير فيما شرع المولى تبارك وتعالى ..والشر كل الشر فيما حذر منه ونهى عنه ..

وختاما لهذه الخطبة أذكر نفسي و إخواني بقول المصطفى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .. وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ...وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ.. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ... وَمَا قَعَدَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) مسلم
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه ..

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام خاتم الانبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجميعين ..

اما بعد أيها المسلمون :
وكما اتضح لنا : فإن هذا الدين ..هو دينُ اليسرِ والمرونة في التعاليم والمعاملة ...

فالأصل أن المسلم يأخذ الأمرَ الأسهل ، إلا أن يكون فيه مخالفة أمر الله تعالى أو أمر رسوله صلى الله عليه وسلم ..

كما كان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل..فقد أخرج البخاري رحمه عن عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ :( مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ... فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ... وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ ... فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا *)..

ومع كل هذا اليسر وهذه السهولة ..

فإن هذا لا يعني أن نميع الدين .. ونأخذ بأنصاف الحلول ..

ولا يعني أن نلتقي مع الكفار والمنافقين في منتصف الطريق..ولا أن نمسك العصا من الوسط كما يقال ..

فاليسر له حدود ، وحسن التعامل له حدود ولا ينبغي للمسلم أن يتجاوزها ..

إن اليسر في الدين لا يعني أن نأخذ من الإسلام ما يناسب هوانا ورغباتنا الشخصية ، ونخلطه بالعادات والتقاليد والبدع والأهواء المخالفة لشرع الله ..فتخرج لنا خلطة عجيبة من العادات والأفكار والسلوكيات ، ثم نقول هذا دين الله .. الدين يسر ، ولا داعي للتشدد ..
إن هذا الخلط والتساهل العجيب مبدأ مرفوض في دين الله..مهما كان فاعله ..
فحياة المسلم يحب أن تكون وفق ما شرع الله تعالى ..

ولا مانع من التطور حسب مقتضيات العصر الذي نعيشه..

ولا مانع من استغلال ما هيأ الله تعالى للناس من خدمات في هذا الزمان ..

ولكن بشرط أن لا تتعارض مع ما جاء في الكتاب والسنة..وما سار عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين ..

أيها الاخوة :

لقد وجد من المسلمين من يوالي الكفار ويحبهم ( يأكل معهم ويختلط بهم يضحك معهم بدون هدف دعوى ) ويقول هذه دبلوماسية وتبادل مصالح ..

ووجد من المسلمين من يقلد الكفار في كل شيء . ويدعو الى ذلك بقوله وفعله ويعتبر هذا من التقدم والتطور..

ووجد أيضا من المسلمين من يحارب الدعاة إلى الله والعلماء والمجاهدين ويصفهم بالإرهابيين والمتشددين والمتطرفين ،

بل أحيانا يفضل عليهم المنافقين من العلمانيين والرافضة ومن سار على نهجهم ويصفهم بالمعتدلين.

ومن المسلمين من يتنازل عن أوامر الله تعالى في عقيدته وسلوكه وشكله وأهله ، ويعطي الدنية في دينه من أجل إرضاء الشرق أو الغرب ، أو من أجل مصالح دنيوية وهو يدعي الدين .. ويقول هذه مرونة ومسايرة للعصر ..

ومنهم من يتجسس على المؤمنين وينقل أخبارهم ، ويكتب التقارير عنهم ، وربما ساعد في أذيتهم ، وأحيانا يكون باسم الدين ..

بل وصل الأمر إلى وجود من يحارب الدينَ وأهلَه باسم الدين ..

وهذا من التناقض العجيب في حياة بعض المسلمين وهذا مالا يحبه الله و يرضاه ..

ومن المسلمين من يدعو إلى تبرج النساء ، واختلاطهن بالرجال ،ويسعى إلى توظيف المرأة في مجتمع الرجال ، ويطالب بقيادتها للسيارة ، ويحاول أن تظهر مفاتنها على الشاشات وصفحات الجرائد والمجلات .. كل باسم تحرير المرأة ..

ومن المسلمين من ينادي بالربا والميسر والقمار علانية ، سواء عن طريق البنوك او التامين بأنواعه المختلفة ، ويعتبرها قفزة اقتصادية ، ودعما للإقتصاد الوطني ..

لقد خلطوا الدين بسخافات الكفار والملحدين وقالوا : الدينُ يسر ولا داعي للتشدد والتزمت والتطرف ..

أي إسلام هذا بالله عليكم..أي إسلام هذا الذي خرج به علينا دعاة التغريب والانحلال ..

إنه إسلام مشوه ..يخدع به السفهاء حتى يخرجوا من دينهم بالكلية .كما حصل في كثير من بلاد المسلمين ..

أيها المسلمون :

ان الحرب قادمة ، وهذا الآخر الذي ندعو لاحترامه ، لا يفرق بين مسلم معتدل او متطرف في نظره ، الكل عندهم سواء ..اللهم من سار على دربهم ورضي بملتهم ..

ولقد أعلنها الله تعالى صراحة منذ مئات السنين في كتابه الكريم ..وحذر من السير وراءهم فقال عز من قائل ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ، قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ، مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ(120)

أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا الى صراطه المستقيم .. وأن يرزقنا العمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

كما أساله سبحتنه ان يدلنا الخير ويعيننا على العمل به ان سميع مجيب وصلى الله على نبينا محمد وعلى ....
0
641

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️