روابط

روابط @roabt

عضوة نشيطة

رساله الى المريض المسمل للدكتور صالح ابو عراد

نزهة المتفائلين

رساله الى المريض المسلم نقلتها لكم لتستفيدو منها
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أُستاذ التربية الإسلامية
ومدير مركز البحوث التربوية بكلية المعلمين في أبها


* أيها المريض المسلم .
* يا من فقدت لذة الصحة وحُرمت طعم العافية .
* يا من رقدت غير مختار على السرير الأبيض .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فإن من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على عباده أن متعهم بالعافية ورزقهم الصحة والسلامة ؛ كالتاج على رؤوسهم لا يراه إلا المرضى الذين يرقدون على فراش المرض يئنون ويتوجعون ، ويتألمون آناء الليل وأطراف النهار وهم تحت رحمة الله جل وعلا ؛ ثم عناية من حولهم من الأهل و الأطباء و الممرضين لا يملكون لأنفسهم حيلة ، ولا يجدون مهرباً مما هم فيه إلا بفضل الله ورحمته . ولأن الأمراض والأوجاع مما يُبتلى به عباد الله في أجسامهم وأنفسهم فلا ينعمون بطعم الحياة ولذة الصحة ، وربما حُبسوا على فراش المرض دونما قيامٍ أو قعودٍ أو حركةٍ ، الأمر الذي تثقل معه الأجسام ، وتتعطل معه الحركة ، وتقِل به الصُحبة ، وتضيق معه النفس ؛ فقد رأيت من واجبي أن أكتب هذه الرسالة لإخواني المرضى مواسياً لهم ومشاركاً ، فعسى أن يكون بين أسطرها تخفيفاً لآلامهم وأوجاعهم ، وتذكيراً لنا جميعاً بفضل الله ورحمته . وفيها أقول مستعيناً بالله وحده :

يا من تعلم أن ما أصابك ليس إلا بقدرة الله تعالى ، أحسن الظن بالله سبحانه حتى يهون عليك ما أنت فيه من مرض ، فإن الله لطيف بعباده . واعلم أنك متى أحسنت الظن بالله سبحانه شعرت بالرضا ، وهان عليك مرضك لأنك على يقين تام بأن الله لا يُقدِّر إلا الخير ؛ ثم إن من قدَّر عليك المرض ليس إلا أرحم الراحمين الذي هو أرحم بخلقه من الأم بولدها .
يا من ابتليت في صحتك وعافيتك ، احمد الله تعالى أن ما أصابك من مرض أو ابتلاء لم يكن في دينك ؛ فإن المصيبة في الدين هي الخسران المبين . واحذر ـ عافاك الله ـ من التسخط وإظهار الجزع ، وعدم الرضا بالقدر فإن ذلك مما لا يليق بالإنسان المسلم ولا يجوز له بحال من الأحوال . يقول أحد علماء السلف : " ما أصابتني مصيبة إلا حمدت الله عليها لأربع : أن لم يجعلها في ديني ، وأن رزقني الصبر عليها ، وأن لم يجعلها أكبر منها ، وأن رزقني الاسترجاع عندها " .
يا من تطمع في رحمة الله تعالى وفضله ، لا تنس أن المرض كفارة – بإذن الله – للذنوب والخطايا ؛ فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يُصيبُ المسلمَ من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا همٍ ولا حزنٍ ، ولا أذى ، ولا غمٍّ – حتى الشوكة يُشاكُها – إلا كفَّر الله بها من خطاياه " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 5641 ص 999 ) . فاستبشر أخي المريض المسلم خيراً بلُطف الله تعالى ورحمته ، واعلم – شفاك الله – أن مُصيبتك أهون من مصيبة غيرك ؛ وأن هناك من هو أشد منك بلاءً ، وأكثر ألماً و وجعا . قال الشاعر :
في كل بيتٍ محنةٌ وبليةٌ *** ولعل بيتك إن شكرت أقلها
يا من أحاطت بك الآلام والأوجاع ، احتسب ما تشتكيه من مرض عند الله تعالى فلعل ذلك مقدَّرٌ منه سبحانه لرفع منزلتك في الدار الآخرة متى صبرت واحتسبت . فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن صلى الله عليه وسلم قال : " من يُرد الله به خيراً يُصبْ منه " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 5645 ، ص 999 ) . ولأن ذلك قد يكون ابتلاءً من الله سبحانه وتعالى ، فالمؤمن مُبتلى لقوله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ( البقرة : 155 ) . ولما روي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عظمِ البلاء ، وإن الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم ، فمن رضي فله الرِّضا ، ومن سخط فله السَّخطُ " ( رواه الترمذي ، الحديث رقم 2396 ، ص 540 ) . فعليك أخي المريض أن تصبر وأن تحتسب الأجر على ما أصابك ، وأن ترضى به امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم : " فمن رضي فله الرِّضا ، ومن سخط فله السَّخطُ ". وما أحسن قول الشاعر في هذا المعنى :
إذا أجرى القضاء عليك خطباً *** فطب نفساً بما فعل القضاءُ
فكل شديدةٍ ولـها انفـراج *** وكل بليـةٍ ولـها انقضاء
وعذ بـالله يكفـك كل شـرٍ *** فإن الله يفـعلُ ما يشـاءُ

يا من تنشد الصحة وتبحث عن العافية لا شك أنك تبحث عن أي علاج يمكن أن يُعالج مرضك ويُريحك مما تجده من الآلام والأوجاع ، وهذا أمر مشروع ومأمور به شريطة أن لا يكون حراماً أو غير جائز لما روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق الداء والدواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بحرام " ( رواه الطبراني ، الحديث رقم 649 ، مجلد 24 ، ص 254 ) . فإذا كان العلاج بما أباحته الشريعة فهو أمرٌ جائزٌ شرعاً ، أما إذا كان غير ذلك مما فيه سحرٌ أو كهانةٌ أو شعوذة ونحو ذلك مما حرَّم الله تعالى فلا يجوز أبداً لما فيه من احتمال الوقوع في الشرك ، أو الكذب والخِداع ، والتدليس والاحتيال ، ولما في ذلك من الشر والفساد وأكل أموال الناس بالباطل ؛ إضافةً إلى كونه أمراً يقدح في عقيدة الإنسان وصدق إيمانه – والعياذ بالله – فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى كاهناً أو عرافاً فصدَّقه فيما يقول ، فقد كفر بما أُنزل على محمد " ( رواه أحمد ، الحديث رقم 9532 ، مج 2 ، ص 429 ) .

يا من فقدت طعم العافية ، لا تُكثر من الشكوى والأنين فقد كان السلف الصالح يكرهون ذلك لما فيه من الضعف وعدم الصبر . وعليك بكثرة الذكر تسبيحاً وتحميداً وتكبيراً وتهليلاً ، واحرص – شفاك الله – على لزوم الاستغفار واللجوء إلى الله سبحانه فإن في ذلك فرجاً لك ومخرجاً مما أنت فيه من ألمٍ وهمٍ ووجعٍ وضيق فقد روي عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لزِم الاستغفارَ جعل الله له من كُل ضيقٍ مخرجـاً ، ومن كل همٍّ فرجاً ، ورزقه من حيثُ لا يحتسب " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 1518 ، ص 234 ) . وعليك – أخي المريض المسلم – أن تُكثر من الدعاء الصادق والإلحاح في الطلب ، فإن الله جل جلاله يُحب من عبده أن يسأله ، ومتى علم سبحانه وتعالى من العبد الصدق والإخلاص أجابه وحقق رجاءه ، ورفع عنه ما يشتكيه بعزته وقُدرته سبحانه .

يا من كثُرت همومك وزادت أوجاعك ، تذكَّر أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك ، وإياك والوقوع فيما يُسَولُه الشيطان لبعض المرضى الذين يظنون أن السبيل إلى نسيان آلامهم ، والتخفيف من أوجاعهم ، والترويح عن أنفسهم لا يكون إلا بسماع الموسيقى والغناء المُحرّم ، أو الانشغال بمتابعة المسلسلات الهابطة ومُشاهدة الأفلام الساقطة التي هي في الحقيقة مرضٌ خطيرٌ وداءٌ عظيم . وعليك – بارك الله فيك – أن تحرص على قراءة القرآن الكريم وتلاوة آياته ، والإكثار من ذلك لما فيه من الأجر والثواب وحصول الطمأنينة ، كما أن عليك أن تحرص على مطالعة الكتب النافعة والانشغال بقراءتها والاطلاع على محتوياتها ؛ فإن لم تستطع فلا تُهمل سماع الأشرطة الإسلامية التي تشتمل على التلاوات المباركة ، والمحاضرات النافعة ، والدروس المفيدة ، والخُطب العظيمة التي يمكن أن تُشغل بها وقتك ، وتنسى بها ألمك ، وتحصل بها على عظيم الأجر وجزيل الثواب – بإذن الله تعالى - .

يا من صبرت على ما أصابك واحتسبته عند الله تعالى ، اعلم أن في مرضك خيرٌ كثيرٌ لك – بإذن الله تعالى – لما فيه من تطهيرٍ لقلبك وجوارحك من الذنوب والخطايا ، ونيلٍ لعظيم الأجر وجزيل الثواب الذي أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، فعن صُهيبٍ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجباً لأمر المؤمن ، إنَّ أمره كُلَّه له خيرٌ ، وليس ذلك لأحدٍ إلاَّ للمؤمن ، إن أصابته سرَّاءُ شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرَّاءُ صبر فكان خيراً له " ( رواه مسلم ، الحديث رقم 7500 ، ص 1295 ) . وليس هذا فحسب بل إن من كرم الله جل جلاله عليك أن يُجري لك الأجر والثواب على أعمالٍ لم تعملها ، ولكنك كنت تُحافظ عليها قبل مرضك ، فقد روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مرض العبدُ أو سافرَ كُتبَ له مثل ما كان يعملُ مُقيماً صحيحاً " ( رواه البخاري ، الحديث رقم 2996 ، ص 495 ) .

يا من مسك الله بضُرٍ لا يكشفه إلا هو سبحانه ، اصبر على ما قضاه الله تعالى وقدَّره عليك ، فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وإياك أن تيأس أو تقنط من رحمة الله تعالى ؛ فإن ذلك مُخالفٌ لهدي الإسلام وتربيته وآدابه ، واحذر من تمني الموت متى اشتد عليك المرض لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله يقول : " لا يتمنين أحدكم الموت إما مُحسناً فلعله يزداد خيراً ، وإما مسيئاً فلعله يستعتب " ( ابن حبان ، رقم 3000 ، مج 7 ، ص 266 ) .

يا من منعك المرض من الذهاب إلى بيوت الله في الأرض ، الحذر الحذر من ترك الصلاة خلال فترة المرض أو التهاون في أدائها في أوقاتها ؛ لأن ذلك ذنبٌ عظيمٌ وأمرٌ جسيم ، فترك الصلاة عمداً كفر – والعياذ بالله – كما أفتى بذلك عُلماء الإسلام ، كما أن التهاون في أدائها ذنبٌ كبيرٌ يكون الإنسان منه على خطرٍ عظيم . فعليك – ثبّتنا الله وإياك – بالمحافظة على أداء الصلاة في وقتها قائمًا أو قاعداً أو مُضطجعاً أو مُستلقياً أو على قدر استطاعتك . وليس هذا فحسب بل عليك أن تُذَكِّر من هم حولك من المرضى بعِظم شأن الصلاة ، وأهمية المحافظة عليها لا سيما وأن المرضى أحوج ما يكون إلى ذلك في حال مرضهم .

وختاماً : أسأل الله العظيم أن يمن علينا وعليك بالعافية ، وأن يمنحنا جميعاً صحة الأبدان وسلامتها من الأمراض الباطنة والظاهرة ، وأن يجعلنا جميعاً ممن إذا أُنعِم عليهم شكروا ، وإذا ابتُلوا صبروا ، وإذا أذنبوا استغفروا . كما أسأله جل في علاه أن يُعافي كل مُبتلى ، وأن يشفي كل مريض ، وأن يرحم كل ميت من أموات المسلمين ، إنه وليُ ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه ، وسلَّم تسليماً كثيراً
2
857

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أفق الدعوة
أفق الدعوة
اللهم آميين بارك ربي بك أخيه
فمالنا سوااااااك رباه
آن الأوان أن نلتجأ لك وحدك
ونبكي بين يدك
فأنت كاشف الضر
صمت الح ـزن
صمت الح ـزن
جزاك الله الف خير ونفع بك