رســـــــــــــالة إلـــى نفســي المعذبـــة ـ مختارة

إليك يا نفسي التي تعذبت كثيراً وعانت من قساوة الحياة العسيرة ، وشربت من كأسها ولكنها تقول :

لا تسقني كأس الحياة بذلة ـ بل فاسقني بالعز كأسَ الحنظل

نفسي :

آن الآوان وحان الوقت لأعاهدك أنني لن أذرف دمعة ، ولن أخضع للحياة ولو مرة .

أعاهدك أنك لن تريْ على وجهي حزناً أو كآبة ، ولن أبني أحلاماً أو أعيش أوهاماً لتصطدم بأرض الواقع فتتحطم ، بل سأواجه الواقع ذاته ، لن أتعلق بالأمل وأنتظره ، بل سأكون الأمل نفسه .

أعدك أنك لن تكوني أسيرة سجن شكلت قضبانه من الخوف والسيطرة ، إنما ستكونين حرة طليقة ، فلا تلومينني إن أنا غيرت مجرى حياتي ؛ فأمامي الآن خصم أتصدى له ، وخصمي هو الشيطان ، فإن كان سلاحه الخيانة والغدر فسلاحي الصمود والصبر ،

أيها الشيطان لن تراني بعد اليوم ضعيفة ، ولن أكون صيداً يُصطاد ، بل صياداً يَصطاد . ولكن قبل هذا كله سأبدأ رحلة النسيان ، وسأكون وحدي مع الأيام ، وسأركب قطار الماضي والذكريات لأقوم بجولة عبرهما لآخر مرة .

وبعدها لن يكون لي لا ماضٍ ولا ذكريات . سأولد من جديد وأستبدل قلبي بكتلة من حديد ؛ ليكون عوني وأنيسي الوحيد ضد خصمي القاسي العنيد .