رشفات مرة .. من قهوتي الصباحية

الأدب النبطي والفصيح

لم أذق في حياتي فنجان قهوة مر كهذا .. لكنني مضطرة لتجرعه .. فمرارته ليست بأشد من تلك التي تسري في أعماقي ..
أنا وفنجان قهوتي صديقين حميمين منذ زمن بعيد .. ولكننا نقترب من بعضنا أكثر في أوقات الألم .. ربما لأتذوق ذلك الطعم الذي يبعث فيّ الرغبة على التفكير والتأمل .. وربما لأنني معه أخلو بنفسي ولو لدقائق معدودة .. أرتب أوراقي على عجالة وأمضي بعد أن أنهي الرشفة الأخيرة منه ..
مع إشراقة كل صباح أجدد الهواء الليلي بانبعاث فجري رائع .. أستدعي فنجان قهوتي .. ونجلس معا نقرأ في الصحيفة اليومية ..
يبقى هو قابعا على المنضدة الصغيرة قرب نافذتي .. وأغيب عن واقعي .. أسرح في أقطار الكون الفسيح .. أغرق مع سفن قد قذفتها الأمواج إلى قعر المحيط .. أو أتطاير أشلاء مع إعصار مدمر .. وأحيانا أسقط ميتة تحت سقف مبنى دمره زلزال عنيف ..
وقد تقذفني قنبلة عابرة فأختفي ولا أظهر إلا كبقايا البن المتبقي في قعر الفنجان الصغير.
لكنني اليوم صحوت على وقع كابوس مخيف ..
استدعيت الفجر ليرسل خيوط أنواره إلى روحي المرتعشة ففاجئني بغياب لم أتوقعه .. وحضر المطر بغيومه السوداء ليضفي على فجري عتمة توحي بأن الليل قد يرخي سدوله في بضع دقائق قادمة ..
وكما اعتدت أن أفعل .. سارعت إلى جريدتي الصباحية .. أمنّي نفسي بمغامرة جديدة برفقة فنجاني الحبيب .. لعلها تنسيني بعضا من الكدر الذي لاقيته في الساعات الآفلة ... إلا أنني شرقت في الرشفة الأولى عندما أيقظني ظلام الواقع من جمودي .. وجحودي .. وأنا أقترب أكثر من نفسي .. وأفسر كوابيس الليلة بواقع مرير..
الحرب قد أعلنت في كل مكان .. والزحف الصليبي قد أقبل معلنا أن لاتراجع ولا حلول في الإمكان .. أيقظني صوت الإسلام يبكي من سوء الأحوال .. وصوت حجاب يستصرخ وامعتصماه .. أحزنني ظل الحق وهو يعلن أن قد حانت ساعة الرحيل .. وقد بكيت وأنا أودعه وأستحلفه بأن لا يطيل علينا الغياب ..
أنهكني إيقاظ ضمير قد غفى واستغرق في نوم عميق ..
فسكبت مرارة واقعي .. في فنجان قهوتي .. وتجرعتها ألما .. ورحت أردد في نفسي ..
ترى .. هل سأعتاد يوما على هذا الطعم المرير ..
12
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
أولم نعتد بعد يا نور طعم المرارة ؟؟؟؟

نتجرعها كل يوم بل كل لحظة

نتجرعها ونحن نرى أحوال أمتنا بل أحوال من حولنا

نتجرعها ونحن نشعر بالعجز وأحيانا بالتقصير فيما لا نعجز عنه

نتجرعها ونحن نعاني موت الأحاسيس شيئا فشيئا

لكنني أعود دوما وأتمثل البيت القائل :

لا يغرنك نصل موغر في عروقي فأنا منه أحد !!!!!
نــــور
نــــور
أوقد نستطيع على أن نكون أحدّ من ذلك النصل
فنستخرج الأمل من عمق اليأس
هذه آمالي
فليتها تتحقق
بوركت يا غالية :26:
عَانَقْتُ الفضاء...
لقد كتب الله النصر لنا يوم أن خلقنا ...
وأعزنا بالاسلام منذ آمنا ...
و الحمدلله على نعمة الايمان...
هذا الطعم المرير الذي تذوقته ما هو الا تعبير عن رفض ما يسمونه واقعنا ... دون أن يكون كذلك ...
لقد صنعنا ضعفنا بأيدينا .. ثم أتينا نعترض عليه... كالطفل يخرب العابه ثم ياتي شاكيا باكيا ...
الغاليه نور ..
أعجب لخواطرك العذبه ... تبارك من الهمك رونقها و جمالها ...
:26:
لا فض فوك و لا شلت يمينك ...
تحياتي ...
عَانَقْتُ الفضاء...
صباح الضامن
صباح الضامن
فليكن مرا
وليكن علقما

وليكن وليكن
ولن يكون إلا تذكيرا لنا بواقعنا
فلتبق طعم المرارة حتى ان استرخينا للماء الزلال وطعمه تذكرنا انا لا نستحقه
لا نستحقه الا اذا عملنا على ازالة المرارة من حياة احبتنا في كل بقعة اسلامية ظلمت

ياااااه يا نور
أشعر بالمرارة في حلقي
فلنعمل فما بات بالعمر ما نبكي عليه


___
عطاء
عطاء
لو لم نشعربمرارة العلقم .....لم نشعر بحلاوة الشهد..وعذوبة الماء...
لو لم يكن في حياتنا هذا الشعور لفسدنا وأفسدنا...
فلنشعر..ولنشعر ولنشعر...إن كانت تلك المرارة تجعلنا في عداد الأحياء
الذين مازالت قلوبهم تنبض بالرحمة..
ولله حكمة..في كل ذلك له حكمة...
ألم يقل القائل... الضد يظهر حسنه الضد ...وبضدها تتميز الأشياء..
بورك يراعك يانور...