أشياء كثيرة مّرت بذهني .. وأنا أنظر الى قطعة الكوكيز ..
" ماما .. هذه لكِ نسيت أن اعطيها لكِ بالأمس ..
طبع قبلة صغيرة على وجنتي وعدل حقيبته المدرسية على ظهره وذهب مسرعاً .. ليلحق بأبيه واخته ..
فيما بقيت واقفة .. "شكراً .. صغيري
وأنا أتذكر رحلتي إلى أعماقي .. رحلتي التي دفعني إليها …
كنت كثيرة الإنزعاج منه! .. أخطاءه بنظري كبيييييرة !
لم أحب في يوم أن أتذكر طفولته .. إذ كانت تذكرني بفشلي الذريع ... كأم !!
أو هذا ما خُيل لي ..
وحينما كبر قليلاً .. كبر حبي له .. وكبر معه شعوري بالذنب تجاهه .. وازدادت المسافة بيني وبينه ..
كنت أتعامل مع إخوته الأصغر منه بعفوية وببساطة
أما هو ..؟؟
فالأمر مختلف .. نعم ..شعرتُ بشيء ما .. بيد أني أتشاغل عنه دوماً
كأن اقول عيون الناس لاترحم !
بعده عن أبيه ..سبباً لما به !
وأبقيه في المنطقة الغير مرئية (اللاتفكير) .. تهرباً من مواجهته ..
ربما لأن الأمر يمسني كأم .. في وقت كنت أريد أن أشعر بأنه الدور الوحيد الذي نجحت به !
أحبه .. فهو إبني .. طفلي .. صغيري ..
لذا كان الألم كبييييييراً ..مـــوجعاً ومـــؤرقاً .. وشيئاً فشيئاً
سخرت نفسي لهم .. لهم فقط ..لإطفالي كلهم .. ابتعدت
عن كل شيء قد يرفه ويدخل السرور لقلبي ..!
أكان جلد للذات ! .. معاقبة لنفسي ! .. أو محاولة تعويض ؟
في وقت كنت لا أعلم حقيقةً ماهي المشكلة ؟
من هو المسبب ؟ من الجاني ومن الضحية ؟
أم كلنا ضحايا !!
اصبحت كالقطة التي قد تخربش إذا ماأقترب أحداً من
صغارها .. وقد تخربش روحها
حاولت أن أتغير .. لكن سرعان مايعود الوضع لما هو عليه
و اتصرف معه بنفاذ صبر !
وكنت استلم نتائج ذلك أول بأول ..في سلوكه وعصبيته ..
وتمرده ! وسوء سلوكه مع اخوته ..
وذات يوم وفيما انا اغسل اسنانه .. هالني الأمر !
.. افتح فمك ..مابك ؟
هيا بسرعة .. لا ..
ثم حان دور اخته التي تصغره ..!
حدثتها بهدوء بمداراة .. بنعومة وود !
صرخ شيء ما في داخلي .. شيء يشبهه تهشم الزجاج
عندها ..
وفي لحظة قوة ..
قررت أن ادلف تلك المنطقة المظلمة المتاشبكة الخيوط
تتبعت الخيوط..
ودخلت في متاهه شديييدة التعقيد ..
فبدأت تتضح الأمور .. اكتشفت جراح صدئة قديمة مازالت تنزف ..
إسقاطات من أحداث ما عليه
أمور كثيييرة ومتعددة ..
حاولت اصلاح ذلك ومازلت
إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها .
دعوت الله .. ولجأتُ إليه
" ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث اصلح لي شأني كله ولاتكلني إلى نفسي طرفة عين .."
والآن بدأت تتغير حياتي .. وأولها وأفضلها معاملتي لإبني الحبيب
وهاهو .. بات ودوداً لطيفاً وشجاعاً .. نعم مازالت في أول الطريق لكن ..
وضعت يدي على أصل الأمر ..
واستنعت بالله
أكلت قطعة الكوكيز .. وتناولت ورقة صغيرة وكتبت
" شكراً لك حبيبي .. فأنت أروع وأفضل معلم وصديق .." . والصقتها على باب حجرته .
.
.
.
(ملاحظة: النص نشرته في منتدى آخر ..)
إستمتعت بهـآ ,,
جزآك الله خيرآ ,,