يصيح خالد بآعلى صوته ضجراً:
*أمي أريد قميصي الأصفر ، لقد فتشت عليه في خزانة الملابس
فلم أجده ، ماذا أفعل ؟
لدي مباراة مع أصدقائي عصر اليوم !
تأتي هند ذات الخمسة أعوام وتشد ثوب أمها مرات
وهي تصرخ وتبكي : ماما ....
ماما ليلى أخذت لعبتي ولا ترضى أن تعيدها
وأنا أريدها ! تعالي أعيديها لي !
ليلي ذات السنتين تصيح بصوت عالي معاندة :
لن اعطيك اللعبة انها لي وليست لك .. لعبتك مكسورة
ويعلو الصراخ بين الاثنين
وفي هذه اللحظة ينطلق بكاء الصغيرة الجائعة ذات الشهرين
لتعلن أن موعد إرضاعها قد حان ..
وحين لم يستجب لها أحد تزيد حدّة بكائها
تفقد الأم أعصابها ، فتصرخ :كفى أرحموني
وتنطلق مسرعة
لتعطي الصغيرة طعامها
وهنا يدخل الأب عائداً من عمله لتستقبله بمقدمة الجريدة المعتادة :
لقد سأمت من هذه الحال كل واحد يريد طلباته ولا أحد يكترث بي
ولا يوجد من يعينني ، ماالعمل ! جد لي حلا مع اولادك
لم أعد أطيق هذه الحال....
يقطب الأب جبينه دون أن ينبس بحرف
فهو أيضاً كان خارج البيت طول النهار يكدح من اجل الأسرة
ولتوفير مستلزماتها ، وينتظر أن تستقبله الزوجة
بابتسامة تزيح عن كاهله تعب النهار.
أيتها الأم ...أيتها الزوجة ... رفقاً بحالك وحال من يعيش معك
فالصراخ لايحل الأمور بل يزيدها توتراً وتعقيداً
أنت في نعمة كبرى أنعمها الله عليك :
أسرة جميلة
وزوج صبور
وآولاد اصحاء
وتذكري فهناك من يصرف مبالغ طائلة بين عيادات
الأطباء لمعالجة العقم والحصول على تلك النعمة
وتذكري والدتك كيف حملتك وهناً على وهن وسهرت الليالي
ليشتد عودك
أنت من أوصى بك نبينا صلى الله عليه وسلم ثلاثاً
قبل أن يوصي بالأب
اذكري هذه النعم واشكري الله عليها
كوني مع أطفالك كالفراشة وهي تنتقل من زهرة لأخرى
ألقي نظرة على فلذات أكبادك بعد أن يسكن الضجيج
وهم نائمون من المؤكد انك ستبتسمين ، فهم كالملائكة
ستشعرين بالفخر وأنت تخطين بهم خطوة خطوة على مهل
نحو الأفضل أجعلي من بيتك جنة تصنعيها بنفسك
وأزرعي الرحمة والمودة بين أرجاءه.
يقول محمود درويش : لن أسميك أمرأة بل سأسميك كل شئ
ما أجمله من معنى بالفعل أنت كل شئ ولولاك لأنعدمت الحياة
أعطي دون أن تنتظري مقابل فما زرعتي اليوم تجنين ثماره
غداً وأنت تنظرين لهم بعيون ملؤهاالفخر
أحمدي الله كثيراً فأنت في جنة نعيم.
أجدت في إبراز المشاهد التي استثارت الأم
وفي الدرس المستفاد من ذلك
نعم على كل أم أن تتذكر الوجه الآخر الذي غاب عنها
في نوبة غضبها وفقدانها الصبر
الأبناء نعمة. فلنحافظ عليهم
أحسنت غاليتي نون وبارك الله بك ..!