
قال ابن القيم رحمه الله نظما :
وهو الرفيق يحب أهل الرفق ... يعطيهم بالرفق فوق أمان
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شرحه لهذا البيت :
ومن أسمائه سبحانه


وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها
وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..
والتفسير لهذا الاسم الكريم مأخوذ من
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" إن الله رفيق يحب أهل الرفق ,
وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف "
فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه
مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة ..
وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة
بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم
كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما ...
فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة
اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب , لا سيما إذا كان ممن يتصدى لدعوة الناس الى الحق
فانه مضطر الى استشعار اللين والرفق كما قال تعالى :
" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "

~ 1 ~
رسالة الى دعاة الحق والفضيلة والى كل ناصح مرشد مشفق نقول :
رفقا بالمنصوحين وقولا لينا
فإن في ذلك مدعاة لقبول نصحكم والاهتمام به ...
فهلا تأملتم خطاب الله جل وعلا لكليمه موسى و أخيه هارون عليهما السلام
في قوله تعالى :
" اذهبا الى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى "
أي اذهبا الى فرعون الطاغية
الذي جاوز الحد في كفره وطغيانه وظلمه وعدوانه
" فقولا له قولا لينا "
أي : سهلا لطيفا برفق ولين وأدب في اللفظ
من دون فحش ولا صلف ولا غلظة في المقال او فظاظة في الأفعال
" لعله " بسبب القول اللين
" يتذكر " ما ينفعه فيأتيه
" أو يخشى " ما يضره فيتركه
فإن القول اللين داع لذلك والقول الغليظ منفر عن صاحبه
وقد فسر القول اللين في قوله تعالى :
" فقل له هل لك الى أن تزكى * وأهديك الى ربك فتخشى "
فإن في هذا الكلام من لطف القول وسهولته وعدم بشاعته
مالا يخفى على المتأمل
فإنه أتى بـ " هــل "
الدالة على العرض والمشاورة والتي لا يشمئز منها أحد
ودعاه الى التزكي والتطهر من الأدناس التي أصلها التطهر عن الشرك ,
الذي يقبله عاقل سليم
ولم يقل " أزكيـك " بل قـال " تـزكى " أنت بنفسك
ثم دعاه الى سبيل ربه الذي رباه و أنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة
التي ينبغي مقابلتها بشكرها وذكرها فقال :
" و أهديك الى ربك فتخشى "
(( فإن كان أسلوب الخطاب هذا لذلك الطاغية
فكيف بإخوانكم المسلمين يرحمكم الله ))