رمضان فرصة للتغيير الحقيقي

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم

رمضان فرصة للتغيير الحقيقي

عندما نصدق في تغيير
القلب لا القالب !



نحمدالله وإياكم أن بلغنا هذا الشهر الكريم
ونسأله ان يعيننا فيه على صالح الأعمال
وأن يتقبل منا ومنكم
ويجعلني وإياكم فيه من عتقائه من النار



رمضان تزاح فيه العوائق والمثبطات ، وتعرض عليك الحوافز والمغريات من أجل أن ترقى بإيمانك ودرجات عملك إلى الأعلى
فتسلك طريق التقوى وهي من أعظم مقاصد الصوم
فلو تأملتم آيات الصيام
لرأيتم "لعلكم تتقون" , "لعلهم يتقون" في أول آيات الصيام وآخرها.

رمضان تصفد فيه
الشياطين فلا يخلصون إلى ماكانوا يخلصون إليه من قبل.

والصيام يضيق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم
وهذا هو أشد الأعداء لك وقد كُفيت إياه
فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.



بقي العدو الثاني وهي النفس الامارة بالسوءالتي بين جنبيك
فإنه بعد تضييق مجاري الشيطان فيضعف أمرها بالسوء
وتكون العين التي تنظر والأذن التي تسمع إلى كل ما حولهما من مظاهر
الطاعة والعمل الصالح
يرسلان للقلب اشارات
بايقاظ الخشية من الله والحياء من الله أن تقترف شيئاً يجرح الصيام.

فلذلك لو خلا الصائم بنفسه حيث لا يراه أحد لم يفكر بالفطر مهما بلغ به الأمر بل ولو أعطي شيئا مقابل الفطر لم يفعل ؛ لما يجد في نفسه من التعظيم لشعائر الله.



فهذان العائقان من التغيير
الشيطان والنفس

قد كفاك الله إياهما في
هذا الشهر

وطُرحت أمامك الحوافز والمغريات
لتساعدك في النهوض
والتغيير الدائم لا المؤقت


تفتح أبواب الجنان وتزيّن لتشتاق النفس إليها
وتغلق أبواب النار لتطمئن النفس بعدم الولوج فيها
ثم
تعدد الفضائل من صام رمضان إيمانا واحتسابا
وللصائم دعوة لا ترد
ويا باغي
الخير أقبلومن قام رمضان إيماناً واحتسابا
ومن فطر صائماً
وليلةٌ خير من ألف شهر
.. و .. و .. و
..
فضائل عظيمة كلها تدعوك للتغيير
إذا لماذا لا نتغير ؟
أو
نتغير مؤقتا ثم نعود ؟



ليس المقصود من التغيير ان تتغير شكلا او تتغير مؤقتا ثم تعود

إنما المقصود ان يكون الصيام دفعة للأمام ورفعة للأعلى ليتم التغيير

ذكرتُ فيما مضى إزاحة العوائق وطرح المحفزات
لتستعد النفس وتقوى على
التغيير..



بظني أنك تحتاج لبدء
التغيير أن تصدق في عزمك على التغيير
ثم تهيئ المركز المدبر للتغيير الذي إذا صلح وتغيّر صلح
الجسد كله



لعلك فهمت من
أعني !



نعم هو القلب الذي هو
مركز التقوى التي هي من أعظم مقاصد الصوم (التقوى ها هنا)

هذا القلب تصب فيه عدة
مصبات كلها تجتمع فيه


فإن جمعتَ فيه خيراً وعملاً صالحاً ..
صح وصلح

وإن جمعتَ فيه شراً وعملاً فاسداً ..
خبث وفسد



إن العين هي
أسرع المصبات في القلب يلزمها أن تستشعر نظر الإله لها فلا تنظر إلى ما حرّم عليها من المناظر القبيحة والمشاهد الفاسدة لا في خلوة ولا في حضرة.



والأذن لا تسمع شيئا
ً يمرض هذا القلب أو يفسده من سيء القول وقبيح الكلام ، فإن أرادت أن تسمع شيئاً تلذذت بما يُحيي القلب وينفعه من كلام الكريم المنان أو من جميل الذكر والقول الحسن.



وحفظ اللسان فلا ينطق
زوراً ولا كذباً ولا غيبة ولا نميمة ولا سباً ولا شتماً بل يشغله بالذكر والتسبيح والاستغفار وطيّب الكلام ، وإن سابه أحد او شاتمه فليقل إني صائم.


والقدم لا تسير إلى مجلس لهو وباطل أو مجلس تؤكل فيه لحوم الناس أو لا يذكر فيه اسم الله ، بل تتبّع مجالس السكينة التي تغشاها الرحمة وتحفها الملائكة وما أكثرها في هذا الشهر الكريم.


واليد لا تبطش فيما
حرم الله ولا تكسب ما حرم الله لتكون مستجابة الدعوة.

ولتكون اليد العليا التي هي
أحب الى الله ببذل الصدقات الخفيات حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ولو بشيء قليل فإن الله إذا تقبّله صار عظيماً عنده كالجبل.



فإذا حفظت هذه المداخل
والمصبات إلى القلب من دواعي الفساد فإن القلب يصح ويصلح ويكون جاهزا لملئه بما يحييه ويقويه حتى يكون أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض.



وهذه نسميها تفريغ القلب من
الأدران والأمراض المفسدة له وحمايته من كل ما يسبب فساده وعطبه.



وبعد أن فرغت قلبك وحفظته من دواعي الفساد والعطب فإنك تبدأ بملئه بأسباب الحياة والتقوى..


ومن أعظم أسباب حياة القلب



استشعار التوحيد لله جل وعلا فتستشعر وحدانيته وعظمته وقدرته ورحمته وعلمه وكبريائه وجبروته وربوبيته
وأن الخلق كلهم عبيد له وتحت
قهره وسلطانه فلا تخاف إلا منه ولا تستعين إلا به ولا تستعيذ إلا به ولا تطلب حاجتك إلا منه وأنه بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله.
ويكون انصراف القلب كله لله وحده
لاشريك له.



ومن أسباب حياة القلب



التأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياته مع أصحابه وأزواجه وما لاقاه من الأذى والجهاد في سبيل تبليغ هذه الرسالة العظيمة للعالمين والاقتداء به والاتباع له في كل شئون حياتك حباً وتعظيماً واتباعاً لسنته فبها يسعد القلب ويقوى.


ومن أسباب حياة القلب



ذكر الله جل وعلا فمثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله مثل الحي والميت ومن أعظم الذكر وأنفعه للقلب كلام الله الذي أنزل في هذا الشهر الكريم فاقرأه قراءة تدبر وتفكر لا قراءة تهذّها هذّاً لا تفقه فيها مما قرأت شيئا !
حرّك
به قلبك وأسل بموعظته دمعك وتخلق بأخلاقه تربح وتسعد !



ومن أسباب حياة القلب


أن تحس بالخضوع والذل لله جل وعلا وتشكو إليه بثك وحزنك وحاجتك إلى الاستقامة على طريق الهدى والحق فلا تدع موطناً من مواطن الدعاء التي تظنها محل إجابة إلا وسألت الله فيها حاجتك فعند الإفطار وعند السحر وفي السجود وأدبار الصلوات وبين الأذان والإقامة وتذكّر (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) فإنها جاءت بين آيات الصيام فتأمل ذلك.


ومن أسباب حياة القلب


بر الوالدين فإن لهما دعوة لا ترد فاغتنم دعوتهما لك بالصلاح والهداية في هذا الشهر الكريم وفي كل حين ، وبرهما من أسباب توفيقك لاستجابة دعوتك فلعلك تذكر قصة أويس القرني الذي كان باراً بأمه فإنه كان مستجاب الدعوة وكان عمر رضي الله عنه- ومن عمر؟- يطلب منه ان يستغفر له.


ومن أسباب حياة القلب


تذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات..
فبذكره يقطع التعلق بالدنيا ويلقي
اليقين في القلب للعمل للأخرى فيتذكر أن ما يعمله اليوم سيلاقيه غداً ، وأن عمله اليوم هنا هو زاده هناك وأن الحياة الأخرى هي الحياة الحقيقية التي يسعد بها أو يشقى ، ولها يعمل العاملون ويتنافس المتنافسون.




وبذلك تكون إن شاء الله قد أحييت قلبك وقويته ودفعت عنه مرض الشهوات
باستشعارك لهذه الأمور ويبقى المرض الثاني الذي يفتك بالقلب
وهو مرض الشبهات وهذا يندفع بالعلم الصحيح الموروث عن سيد المرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يورث ديناراً ولا درهماً وإنما ورّث العلم.



وبذلك يكون قد اكتمل التغيير ظاهراً وباطناً وتحتاج إلى صحبة صالحة تعينك على المسير حتى تبلغ المنزل وتربح التجارة ، فإن لم تجد فلعل إيمانك ويقينك يكفيك عنهم ، ويؤمن لك الطريق حتى تبلغ المنازل. والله المستعان


هذه برأيي هي خطوات التغيير في هذا الشهر الكريم لمن أراد ان يغير نفسه
ويثبت على الطريق وما هي إلا اجتهاد مني فإن أصبت فلله الحمد أولاً وآخراً .. وإن أخطأت فأرجو المغفرة والعفو من ذي الجلال والإكرام.



أسأل الله ان يتقبل منا ومنكم ويثبتنا وإياكم على الهدى ودين الحق حتى
نلقاه وأن يجعلنا من عتقائه من النار.



خالد بن محمد الوهيبي


الرياض


منقول بتصرف يسير


2
510

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بنت الفنطاس
بنت الفنطاس
جزاكى الله خير
كلام رائع
بيينه
بيينه
رائع لابعد الحدود
شكرا