roro81

roro81 @roro81

عضوة فعالة

رمضان ...متجدد للفائده

ملتقى الإيمان

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،، أما بعد؛ فبعد أيام ليست بكثيرة نستقبل شهرنا العظيم، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر الصيام والذكر، شهر التوبة والغفران، شهر العزة والكرامة.. اللهم بلغنا رمضان.. اللهم بلغنا رمضان، فكم من آمل أن يصوم هذا الشهر ففاجأه أجله فسار قبله إلى ظلمة القبر، كم من مستقبل يوم لا يستكمله ومؤمل غداً لا يدركه..



والعاقل اللبيب من يفكر ويعتبر بتلك الأيام التي عاشها والليالي التي قضاها، نعم هي ماض، لكنه يسجل عليك فالله تعالى يقول:} هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{'سورة الجايثة' .



كل الناس يغدو في أهداف وآمال ورغبات وأماني، ولكن أين الجادون؟
أين الجادون فرمضان آت بعد أيام فكيف حال الناس بل كيف حال الأمة؟!! هل من وقفة صادقة للمحاسبة؟ وهل من وقوف جاد للتأمل؟ وما هي مراسم الاستقبال؟؟




كيف يستقبل التعساء رمضان؟


إن رمضان آت بعد أيام قلائل، وفى الآمة تُعساء يستقبلونه على أنه شهر: جوع نهار وشبع ليل، نوم في الفراش إلى ما بعد العصر؛ وسمر في الليل إلى الفجر، تراهم ذئاباً في الليل جيفاً في النهار، جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات وقنوات، إنهم يقتلون رمضان ويفسدون حلاوته وطعمه، حُرموا وحَرموا غيرهم من جمال رمضان وروعة الحياة فيه، عبادة للبدن والجسد بنزواته ولذاته، وأسر للروح والعقل؛ مساكين هؤلاء..


رمضان:
رُبَّ فمٍ تمنَّع عن شراب أو طعام ظن الصيامَ عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام وهوى على الأعراض ينهشها ويقطع كالحمام يا ليته إذ صام، صام عن النمائم والحرام


بشارة الرسول لأصحابه بقدوم رمضان:

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه:' قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَيُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا قَدْ حُرِمَ'رواه النسائي وأحمد، وصححه الألباني كما في صحيح النسائي.



اشتياق السلف إلى رمضان:

قال معلى بن الفضل عن السلف: 'كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم'.



وقال يحي بن أبى كثير: 'كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلاً'.



وباع قوم من السلف جارية، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم؛ فقالوا: 'نتهيأ لصيام رمضان'،
فقالت: 'وأنتم لا تصومون إلا رمضان؟!! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردوني إليهم'.




شهر العزة والشجاعة والكرامة:


هكذا كان استقبال السلف لرمضان، فرمضان له طعم خاص ولذة عجيبة في نفوسهم رضوان الله عليهم، فهو يبعث في نفوسهم قوة الإيمان والشجاعة والعزة والكرامة، ولهذا كانت أكثر غزوات ومعارك المسلمين في رمضان لماذا؟ نعم لماذا؟


اسمع الإجابة: إنها حياة الروح حتى وإن كانت البطون خاوية والشفاه يابسة، فالحياة حياة الروح؛ حياة القلب؛ حياة الانتصار على النفس وعلى الشهوات؛ ومن انتصر على نفسه انتصر على الأعداء.


إنها حياة الصلة والثقة بالله جل وعلا، وهنا يكمن جمال رمضان وروعة هذا الشهر بتلك الروحانية العجيبة التي توقظ المشاعر وتؤثر في النفوس، فرمضان له في نفوس الصالحين الصادقين بهجة؛ وفى قلوب المتعبدين المخلصين فرحة؛ فهو شهر الطاعات ولنا فيه جميل الذكريات، إنه زاد الروح تتغلب الروح فيه على البدن والجسد.



من الناس من همته في الثرى، ومنهم من همته في الثريا:


فمنهم من يسعى لحياة الروح ومنهم من يسعى لحياة الجسد، وحياة الروح: باتصالها بالسماء، بالخوف والخشية والمراقبة والإخلاص لله جل وعلا، والروح والجسد لا غنى لأحدهما عن الآخر، إلا إذا أصبح الجسد لا هم له إلا شهوته وهواه، وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري والترمذي وابن ماجه.



ومن الناس من نسى روحه، وغفل عنها وعن حقوقها، فعبَّدها لجسده وشهواته؛


فأصبحت حياته هموماً وغموما، وأكداراً وأحزانا، ليس له هم إلا أن يرضى هواه.



وهذه دعوة للاستعداد لهذا الشهر العظيم ولنتذكر دعاء


اللهم بلغنا رمضان ..


فاللهم بلغنا رمضان، وأعنا على الصيام والقيام، واحفظ جميع جوارحنا من الوقوع في الآثام، واجعلنا ممن يصومه ويقيم لياليه إيماناً واحتساباً، وأن لا يكون حظنا من الصيام الجوع والعطش، ولا من القيام السهر والتعب، وصلى الله وسلم وبارك على خير من صلى، وصام، واعتكف، وقام، محمد بن عبد الله وصحابته وآله الكرام العظام، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى أن تكتمل العدتان.




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:

فهذه كلمات وجيزة، ونداءات غالية، نهديها إلى المرأة المسلمة والفتاة المؤمنة، بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن ينفع بها كل من قرأتها من أخواتنا المؤمنات، وأن تكون عوناً لهن على طاعة الله تعالى والفوز برضوانه ومغفرته في هذا الشهر العظيم.

الوقفة الأولى: رمضان نعمة يجب أن تشكر:

أختاه! إن شهر رمضان من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتغفر فيه الذنوب والسيئات ، وتضاعف فيه الأجور والدرجات ، ويعتق الله فيه عباده من النيران ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين )) 0

وقال صلى الله عليه وسلّم : (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) 0

وقال تعالى في الحديث القدسي : (( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)) 0

وقال صلى الله عليه وسلّم : (( إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان ، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها ، فيستجاب له )) وفيه ليلة القدر ؛ قال تعالى : (( ليلة القدر خير من ألف شهر )) 0

فيا أختي المسلمة: هذه بعض فضائل هذا الشهر الكريم ،وهي تبين عظم نعمة الله تعالى عليك بأن آثرك على غيرك وهيأك لصيامه وقيامه ، فكم من الناس صاموا معنا رمضان الغابر ، وهم الآن بين أطباق الثرى مجندلين في قبورهم . فاشكري الله أختي المسلمة على هذه النعمة ، ولا تقابليها بالمعاصي و السيئات فتزول وتنمحي ولقد أحسن القائل :

إذا كنت في نعمـة فارعها فإن المـعاصي تزيل النعم

و حطها بطاعة رب العباد فرب الـعباد سريع النقم


الوقفة الثانية: كيف تستقبلين رمضان؟!
1ـ بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال سبحانه : (( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )) 0

2ـ بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرج واختلاط وغير ذلك 0

3ـ بعقد العزم الصادق و الهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة ، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد 0

4ـ بكثرة الذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن 0

5ـ بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ، وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع 0

6ـ بالمحافظة على النوافل بعد إتيان الفرائض 0

الوقفة الثالثة: تعلمي أحكام الصيام:

يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام ، فرائضه وسننه وآدابه ، حتى يصح صومها ويكون مقبولاً عند الله تعالى ، وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة :

1ـ يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة ( غير مسافرة ) قادرة ( غير مريضة) سالمة من الموانع كالحيض والنفاس 0

2ـ إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم ؛ لأنها صارت من أهل الوجوب ، ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر؛ لأنها لم تكن من أهل الوجوب0

3ـ تشترط النية في صوم الفرض ، وكذا كل صوم وواجب ، كالقضاء و الكفارة لحديث : ((لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل )) فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صح الصيام 0

4ـ مفسدات الصوم سبعة :

أ ـ الجماع 0
ب ـ إنزال المني بمباشرة أو ضم أو تقبيل 0
جـ ـ الأكل والشرب 0

د ـ ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبر المغذية 0

هـ ـ إخراج الدم بالحجامة والفصد 0

و ـ التقيؤ عمداً

زـ خروج دم الحيض والنفاس 0

5ـ الحامل إذا رأت القصة البيضاء ـ وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض ـ التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت ، تنوي الصيام من الليل وتصوم ، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه ، فإن خرج نظيفاً صامت ، وإن رجع دم الحيض أفطرت 0

6ـ الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها ، وترضى بما كتبه الله عليها ، ولا تتعاطى ما تمنع به الحيض ، فإنه شيء كتبه الله على بنات آدم 0

7ـ إذا طهرت النفساء قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة ، وإذا تجاوزت الأربعين نوت الصيام واغتسلت ، وتعتبر ما استمر استحاضة ، إلا إذا وافق وقت حيضها المعتاد فهو حينئذ حيص0

8ـ دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام 0

9ـ الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض ، فيجوز لهما الإفطار ، وليس عليهما إلا القضاء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : (( إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحامل والمرضع الصوم )) 0

10ـ لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة ، ولكن لا تبتلع شيئاً منه ، بل تمجه وتخرجه من فيها ، ولا يفسد بذلك صومها 0

11ـ يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب ، وتأخير السحور ، قال صلى الله عليه وسلّم : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) 0

الوقفة الرابعة: رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام:

أختي المسلمة : فرض الله صيام رمضان ليتعود المسلم على الصبر وقوة التحمل، حتى يكون ضابطاً لنفسه ، قامعاً لشهوته ، متقياً لربه ، قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) .

وقد سئل بعض السلف : لم شرع الصيام ؟ فقال : ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الفقير !! 0

وإن مما يبعث على الأسف ما نراه من إشراف كثير من الناس في الطعام و الشراب في هذا الشهر ، حيث إن كميات الأطعمة التي تستخدمها كل أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من شهور السنة !! إلا من رحم الله 0 وكذلك فإن المرأة تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات!!0

فمتى تقرأ هذه القرآن ؟

ومتى تذكر الله وتتوجه إليه بالدعاء والاستغفار ؟

ومتى تتعلم أحكام الصيام وآداب القيام ؟

ومتى تتفرغ لطاعة الله عز وجل ؟

فتحذري ـ أختاه ـ من تضييع أوقات هذا الشهر في غير طاعة الله وعبادته ، فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له ، قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان ولا بد فاعلاً فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه )) 0

الوقفة الخامسة: رمضان شهر القرآن:

لشهر رمضان خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور ، قال الله تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان } 0 فرمضان و القرآن متلازمان ، إذا ذكر رمضان ذكر القرآن ، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (( كان النبي صلى الله عليه وسلّم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة)) 0 في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان ، واستحباب ذلك ليلاً ، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل ، وتجتمع فيه الهمم ، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى : { إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا } . وكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً ، وفي رمضان في كل ثلاث ، وفي العشر الأواخر كل ليلة 0

وكان الزهري إذا دخل رمضان قال : فإنما هو تلاوة القرآن ، وإطعام الطعام 0

وقال ابن عبد الحم : كان مالك إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف 0

وقال عبد الرازق : كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن 0

وأنت ـ أختي المسلمة ـ ينبغي أن يكون لك ورد من تلاوة القرآن ، يحيا به قلبك ، وتزكو به نفسك ، وتخشع له جوارحك ، وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة . قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة ، فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه . قال : فيشفّعان )) 0 0

الوقفة السادسة: رمضان شهر الجود والإحسان:

أختي المسلمة : حث النبي صلى الله عليه وسلّم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام : (( يا معشر النساء ، تصدقن وأكثرن الاستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار )) ، وقال صلى الله عليه وسلّم: (( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن .. )) 0

ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف ، وكانت صائمة في ذلك اليوم ، فقالت لها خادمتا : أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه ؟ فقالت : لو ذكرتني لفعلت !! 0

أما الجود في رمضان فإنه أفضل من الجود في غيره ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلّم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة ، وكان جوده صلى الله عليه وسلّم شاملاً جميع أنواع الجود ، من بذل العلم والمال ، وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه وهاية عباده ، وإيصال النفع إليهم بكل طريق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم0

ومن الجود في رمضان إطعام الصائمين : فاحرصي ـ أختي المسلمة ـ على أن تفطري صائماً ، فإن في ذلك الأجر العظيم ، والخير العميم ، قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لاينقص من أجر الصائم شيئاً ))

واحرصي كذلك على الصدقة الجارية ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له)) 0

الوقفة السابعة: رمضان شهر القيام:

أختي المسلمة : كان النبي صلى الله عليه وسلّم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقالوا له : يارسول الله ! تفعل ذلك وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : (( أفلا أكون عبداً شكورا )) 0 وقال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) 0

وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي فيه الصلوات ومنها صلاة التراويح ، غير أن صلاتها في بيتها أفضل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : (( لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن )) 0

قال الحافظ الدمياطي : (( كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية ، لا يعرفن من الغلس ـ أي الظلمة ـ وكان إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلّم يقال للرجال : مكانكم حتى ينصرف النساء ، ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن .. فما ظنك فيمن تخرج متزينة ، متبخة ، متبهرجة ، لابسو أحسن ثيابها ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي صلى الله عليه وسلّم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد . هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول ، فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا ؟! )) ا .هـ 0

فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد أن تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد 0

وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك ، وأنها ذاهبة لأداء الصلاة ، وسماع آيات الله عز وجل ، وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها0

بعض النساء يذهبن إلى المسجد مع السائق بمفردهن فيكن بذلك مرتكبات لمحرم سعياً في طلب نافلة ، وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق 0

ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهي خارجة من منزلها ، كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله صلى الله عليه وسلّم : إيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء )) 0

وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة ، فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ ، أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها 0

الوقفة الثامنة: صيام الجوارح:

أختي المسلمة: اعلمي أن الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام ، فصامت عيناه عن النظر إلى المحرمات ، وصامت أذناه عن سماع المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل ، وصامت يداه عن البطش المحرم ، وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام ، وصام لسانه عن الكذب والفحش وقول الزور ، وبطنه عن الطعام والشراب ، وفرجه عن الرفث ، فإن تكلم فبالكلام الطيب الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته، فلا يتكلم بالكلام الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده0 ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذباً وغيبة ونميمة وحقداً وحسداً ؛ لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ـ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( من لم يدع قول الزور والعمل به و الجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ))

وقال صلى الله عليه وسلّم : (( .. وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحدُ أو قاتله فليقل :إني امرؤ صائم )) 0

وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط ، ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم فإنه المعني بقوله صلى الله عليه وسلّم : (( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش )) 0

الوقفة التاسعة: خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان:

ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذا الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز و السعادة يوم القيامة، وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويباعدها عن النار، وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه ، وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي:

1ـ عدم الخروج من البيت إلا لضرورة، أو لطاعة لله محققة، أو حاجة لابد منها0
2ـ تجنب ارتياد الأسواق وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان ، ويمكن شراء ملابس العيد قبل العشر الأواخر أو قبل رمضان 0

3ـ تجنب الزيارات التي ليس لها سبب ، وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة في الجلوس 0

4ـ تجنب مجالس السوء ، وهي مجالس الغيبة والنميمة والكذب و الاستهزاء والطعن في الآخرين 0

5ـ تجنب تضييع الأوقات في المسابقات وحل الفوازير ومشاهدة الأفلام و المسلسلات وتتبع القنوات الفضائية 0 فإذا انشغلت المسلمة بذلك فعلى رمضان السلام !

6ـ تجنب السهر إلى الفجر؛ لأنه يؤدي إلى تضييع الصلوات والنوم أغلب النهار0

7ـ تجنب صحبة الأشرار وبطانة السوء 0

8ـ الحذر من تضييع أغلب ساعات النهار في النوم ، فإن بعض الناس ينامون بعد الفجر ، ولا يستيقظون إلا قرب المغرب ، فأي صيام هذا ؟!

9ـ الحذر من تضييع الأوقات في إعداد الطعام وتجهيزه ، وقد سبق التنبيه على ذلك0

10ـ الحذر من تضييع الأوقات في الزينة والانشغال بالملابس وكثرة الجلوس أمام المرآة0

11ـ الحذر من تضييع الأوقات في المكالمات الهاتفية ، فإنها وسيلة ضعفاء الإيمان في كسر حدة الجوع والعطش ، ولو أقبل هؤلاء على كتاب الله تلاوة ومدارسة لكان خيراً لهم0

12ـ الحذر من المشاحنات والخلافات التي لا طائل من ورائها إلا إهدار الأوقات والوقوع في المحرمات ، وإذا دعيت ـ أختي المسلمة إلى شيء من ذلك فقولي : إني امرأة صائمة !0

الوقفة العاشرة: العشر الأواخر:

أيتها الأخت في الله ، مضى من الشهر عشرون يوماً ولم يبق إلا هؤلاء العشر، فالفرصة ما زالت أمامك قائمة ، والأجور ما زالت معدة ، فإذا كنت قد فرطت فيما مضى من الأيام ، فاحرصي على اغتنام هذه الليالي والأيام ، فإنما الأعمال بخواتيمها 0

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله . . فهي والله أيام يسيرة ، وليالٍ معدودة ـ يفوز فيها الفائزون ، ويخسر فيها الخاسرون 0

كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل : قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد ، وزادنا قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ، وونحن قد بقينا !!

ومن فضل الله تعالى أن جعل ليلة القدر إحدى ليالي العشر الأواخر ، وهي في أوتار العشر الأواخر من رمضان ، فقد قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : (( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )) . وليلة القدر ليلة عظيمة ، وفرصة جليلة ، العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلّم : (( إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم خيرها إلا محروم )) 0

فاجتهدي ـ أختي المسلمة ـ في تحري هذه الليلة العظيمة ، ولا تحرمي نفسك من هذا الأجر الكبير ، واعلمي أنك إذا قمت ليالي العشر كلها ، وعمرتيها بالعبادة و الطاعة ، فقد أدركت ليلة القدر لا محالة ، وفزت ـ إن شاء الله ـ بعظيم الأجر وجزيل المثوبة 0

الوقفة الحادية عشرة: دعاء ليلة القدر:

قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلّم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : (( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))
9
506

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

roro81
roro81
كيف تتغلب على العطش في رمضان :
إن ارتفاع درجة الحرارة هذه الأيام يؤدي إلى العطش , ويلعب نوع الغذاء الذي يتناوله الصائم دورا

كبيرا في تحمل العطش أثناء ساعات الصيام ولكي تتغلب على الإحساس بالعطش يمكن إتباع

النصائح التالية :

1- تجنب تناول الأكلات والأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل بخاصة عند وجبة

السحور لأنها تحتاج إلى شرب كميات كبيرة من الماء بعد تناولها .

2- حاول أن تشرب كميات قليلة من الماء في فترات متقطعة من الليل .

3- تناول الخضروات والفواكه الطازجة في الليل وعند السحور فإن هذه الأغذية تحتوي على كميات

جيدة من الماء والألياف التي تمكث فترة طويلة في الأمعاء مما يقلل من الإحساس بالجوع

والعطش .
4- تجنب وضع الملح الكثير على السلطة والأفضل وضع الليمون عليها والذي يجعل الطعم مثيل

للملح في تعديل الطعم .
5- إبتعد عن تناول الأكلات والأغذية المالحة مثل السمك المالح والطر شي والتي تدخل تحت اسم

المخللات, فإن هذه الأغذية تزيد من حاجة الجسم إلى الماء .

6- يعتقد بعض الأشخاص إن شرب كميات كبيرة من الماء عند السحور يحميهم من الشعور

بالعطش أثناء الصيام , وهذا اعتقاد خاطئ لان معظم هذه المياه زائدة عن حاجة الجسم لذا تقوم

الكلية بفرزها بعد ساعات قليلة من تناولها .

إن الإكثار من السوائل في رمضان مثل العصيرات المختلفه والمياه الغازية يؤثر بشدة على المعدة

وتقليل كفاءة الهضم وحدوث بعض الاضطرابات الهضمية , ويعمد بعض الأفراد إلى شرب الماء المثلج

بخاصة عند بداية الإفطار وهذا لا يروي العطش بل يؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية وبالتالي

ضعف الهضم , ويجب أن تكون درجة الماء معتدلة أو متوسطة البرودة وأن يشربها الفرد متأنيا وليس

دفعه واحدة , ودفع الطعام بالماء أثناء الأكل طريقة خاطئة لأنها لا تعطي فرصه للهضم وأكثر عمليات

الهضم هو مضغ الطعام للحصول على هضم جيد .

ننصح أيضا بعدم شرب العصائر المحتويه على مواد مصنعة وملونة اصطناعيا والتي تحتوي على

كميات كبيرة من السكر وقد ثبت عند أطباء التغذية انها تسبب أضرار صحية وحساسية لدى

الأطفال , وينصح بإستبدالها بالعصائر الطازجة والفواكه .
roro81
roro81
سبب تسميتها بليلة القدر
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف ...فكما تقول
فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف

ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب
فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز
وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه

ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي
صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه



علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات
مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة

قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه
العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في
البر بعيداً عن الأنوار

الطمأنينة، أي طمأنينة القلب، وانشراح الصدر
من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك
الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي

أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها
عواصف أو قواصف ، بل يكون الجو مناسبا

أنه قد يُِريها الله لعباده في المنام
كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم

أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في
غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع

صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث
أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله
( صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها
رواه مسلم

فضائل ليلة القدر

أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن

قال تعالى

{إنا أنزلناه في ليلة القدر }

أنها ليلة مباركة

{قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة

يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام

{ قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم


فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال
{تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر


تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة
والرحمة والمغفرة

{قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر


ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة
وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب
ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي
سلام كلها

{قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر

فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك
:الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم
من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم)
من ذنبه ) - متفق عليه
roro81
roro81
أصناف النساء في رمضان

منهن من تقضي جل وقتها في المطبخ فتنشغل عن ذكر الله وقراءة القرآن، ويفوتها الأجر العظيم المترتب على ذلك، وكأن شهر رمضان شهر الأكل والشرب لا شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن.

ومنهن من ترغب في الصلاة والصيام مع الناس فتتعاطى حبوب منع العادة الشهرية، والأولى أن لا تفعل ذلك، وترضى بما كتب الله عليها، فإن مثل هذه الحبوب لا تخلو من أضرار ذكرها الأطباء، والله عز وجل إنما كتب ذلك على بنات آدم لحكمة يعلمها سبحانه ففي منعها مضادة للفطرة.

ومنهن من إذا حاضت أو نفست فترت عن ذكر الله وتلاوة القرآن مع أن الحائض يجوز لها على الصحيح من أقوال أهل العلم أن تقرأ القرآن ولكن لا تمس المصحف بل تمسكه بحائل، كما أن بإمكانها قراءة الكتب المفيدة، والاستماع إلى القرآن وغيره من البرامج النافعة من المذياع أو الأشرطة المسجلة وهي متوفرة ولله الحمد، ولها الأجر على قدر نيتها.

ومنهن من تخرج إلى المسجد لصلاة التراويح لكنها تخرج غير محتشمة قد كشفت ما لا يحل لها كشفه والمرأة كلها عورة، وربما جاءت إلى المسجد منفردة مع سائق أجنبي عنها وهذا من الخلوة المحرمة، فمثل هذه جلوسها في بيتها خير لها. ( وقد عقد الحافظ عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله في كتابه: فصلاً بعنوان: " ثواب صلاة المرأة في بيتها " ننقله مختصراً: (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { لاتمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن } . وعنه عن رسول الله قال: { المرأة عورة، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها } . وعن ابن مسعود عن النبي قال: { صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها } . والمراد أن المرأة كلما استترت وبَعُد منظرها عن أعين الناس كان أفضل لصلاتها، وقد صرّح ابن خزيمة وجماعة من العلماء بأن صلاتها في دارها أفضل من صلاتها في المسجد، وإن كان مسجد مكة أو المدينة أو بيت المقدس، والإطلاقات في الأحاديث المتقدمة تدل على ذلك، وقد صرّح النبي بذلك في حديث أم حميد الآتي. فالرجل كلما بعد ممشاه وكثرت خطاه زاد أجره وعظمت حسناته، والمرأة كلما بعد ممشاها قل أجرها ونقصت حسناتها. وعن أم حميد - امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما - أنها جاءت إلى النبي فقالت: ( يا رسول الله إني أحب الصلاة معك ). قال: { قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي}. قال: فأَمرت فبُنيَ لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل . وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد. هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول، فما ظنك لو رأت نساء زماننا هذا؟! ) انتهى كلامه رحمه الله وهو في القرن السابع.

ومثلها من تأتي إلى المسجد بأطفالها الصغار فلا تسأل عما يحدث بعد ذلك.. فهذا يبكي، وهذا يصرخ، وآخر يجري هنا وهناك، وربما اجتمع بعضهم فحولوا المسجد إلى ساحة للعب والمطاردة، وقد تمتد أيديهم إلى المصاحف فيعبثون بها أو إلى المصلين فيؤذونهم، ناهيك عما يحدثونه من التشويش عليهم.

ومنهن من تأتي بالبخور إلى المسجد، وهذا أيضاً ممنوع ومنهي عنه. قال : { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } ، وعن أبي هريرة أنه رأى امرأة متعطرة فقال إني سمعت رسول الله يقول: { أيما امرأة تطيّبت ثم خرجت إلى المسجد لم تُقبل لها صلاة حتى تغتسل } .

ومنهن من تأتي إلى المسجد لمجرد قضاء بعض الوقت خارج بيتها أو لرؤية فلانة وفلانة لا من أجل الصلاة، وربما حوّلن المصلى إلى منتدى للأحاديث الخاصة، وقد يرفعن أصواتهن فيسمعهن الرجال.

ومنهن من لا تعرف أحكام صلاة الجماعة فإذا جاءت إلى المسجد متأخرة وقد فاتها بعض الركعات لا تدري ما تصنع، فربما كبرت بمفردها وصلت ما فاتها ثم دخلت مع الإمام، وربما فعلت غير ذلك، والصواب أن تدخل مع الإمام مباشرة على أي حال كان ثم تقضي ما فاتها بعد سلام الإمام ولا تسلَم معه.

ومنهن - بل أكثرهن - لا يحافظن على تسوية الصفوف وإتمامها وسد الفرج، وقد يختلفن في الصف المفضل، فبعضهن يتأخرن في الصفوف الأخيرة، وبعضهن يتقدمن إلى الصفوف الأولى، وربما بقي وسط المصلى خالياً، وهذا بسبب اختلاف فهمهن لحديث: { خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها }. والصواب ما ذكره علماؤنا حفظهم الله من أن هذا الحديث إنما يعمل به في حال عدم وجود حاجز يفصل بين الرجال والنساء، أما إذا وجد هذا الحاجز وكان ساتراً، أو كان النساء في دور علوي بحيث لا يراهن الرجال فإن الصفوف الأولى تكون هي المفضلة لقربها من الإمام ومن القبلة، والله تعالى أعلم.

ومنهن من تتأخر في الخروج من المسجد بعد انقضاء الصلاة حتى يخرج الرجال فتختلط بهم عند المخارج والأبواب، والواجب على النساء المبادرة إلى الخروج فور سلام الإمام، كما أن الواجب على الرجال التأخر قليلاً حتى ينصرف النساء.

ومنهن - وهذا خاص بالفتيات - من تكون على وشك البلوغ، فيصيبها دم الحيض لأول مرة، تخفي ذلك عن أهلها، وتكمل صيامها وهي على غير طهارة - مع أن صيام الحائض لا يصح - ثم لا تقضي الأيام التي صامتها وهي حائض جهلاً منها أو حياءً، فالواجب على الأمهات التنبه لذلك، كما أن الواجب على من وقع لها مثل هذا أن تقضي تلك الأيام التي حاضتها مهما طالت المدة، فإن جهلت عدد الأيام اجتهدت وعملت بما يغلب على ظنها.

ومنهن من تذهب مع أهلها إلى مكة، وتُحرم معهم بالعمرة ثم يصيبها دم الحيض فلا تخبر أهلها حياءً أو خوفاً، فتدخل معهم الحرم، وتصلي مع الناس، وربما طافت بالبيت وهي على غير طهارة، فتكون بذلك قد ارتكبت خطأً فادحاً، وعمرتها باطلة حتى تطهر فتطوف بالبيت وهي على طهارة، وعليها التوبة إلى الله مما صنعت.

ومنهن من إذا أحرمت بالعمرة لبست النقاب والقفازين أو أحدهما، والمحرمة منهية عن ذلك لأن إحرام المرأة في وجهها وكفيها فلا تغطيهما إلا إذا كان بحضرتها رجال أجانب فيجب عليها سترهما بخمارها أو جلبابها لقول عائشة رضي الله عنها: { كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - أي محرمات - فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه }.

علماً بأن النقاب الذي شاع لبسه في الآونة الأخيرة في أوساط النساء - هداهن الله - ليس هو النقاب المعروف في زمن النبي ، فقد توسع نساء هذا الزمن في إظهار العينين وربما بعض الوجه وتجميل العينين ببعض الزينة.. مع ضعف الإيمان وقلة الوازع الديني وكثرة الخروج لغير حاجة، وعدم التورع من إطلاق البصر يمنة ويسرة، مما حدا بعلمائنا الأفاضل أن يحرّموا لبس مثل هذا النقاب سداً للذريعة وحسماً لمادة الفتنة، فلماذا يصر بعض النساء على لبسه؟

ومنهن من تقضي ليالي رمضان - وخاصة العشر - في التجول في الأسواق، وأمام نوافذ الخياطين، وفي أماكن أخرى لا تزيدهن إلا غفلة وبعداً عن الله، وربما خرجن بدون محرم، أو متبرجات سافرات، فيرجعن إلى بيتهن مأزورات غير مأجورات، وكان الأولى أن تستغل هذه الليالي الشريفة فيما يقرب إلى الله عز وجل فالمحروم من حرم خيرها وبرها.

وأيضاً فمن أبواب الخير الواسعة: قيامها على خدمة الصائمين في بيتها، كما في الحديث عنه : { ذهب المفطّرون اليوم بالأجر } كل هذا غير ما تحتسبه من أن يكتب لها مثل ما كانت تعمل أيام طهرها، ففي الحديث عن النبي : { إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً }.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
roro81
roro81
صَلاَةُ التَّراوِيح *
التّعريف :

1 - تقدّم تعريف الصّلاة لغةً واصطلاحًا في مصطلح : ( صلاة ) .

والتّراويح : جمع ترويحة ، أي ترويحة للنّفس ، أي استراحة ، من الرّاحة وهي زوال المشقّة والتّعب ، والتّرويحة في الأصل اسم للجلسة مطلقةً ، وسمّيت الجلسة الّتي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالتّرويحة للاستراحة ، ثمّ سمّيت كلّ أربع ركعات ترويحةً مجازاً ، وسمّيت هذه الصّلاة بالتّراويح ، لأنّهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كلّ أربع ركعات للاستراحة .

وصلاة التّراويح : هي قيام شهر رمضان ، مثنى مثنى ، على اختلاف بين الفقهاء في عدد ركعاتها ، وفي غير ذلك من مسائلها .

الألفاظ ذات الصّلة :

أ - إحياء اللّيل :

2 - إحياء اللّيل ، ويطلق عليه بعض الفقهاء أيضًا قيام اللّيل ، هو : إمضاء اللّيل ، أو أكثره في العبادة كالصّلاة والذِّكْر وقراءة القرآن الكريم ، ونحو ذلك . ( ر : إحياء اللّيل ) . وإحياء اللّيل : يكون في كلّ ليلة من ليالي العام ، ويكون بأيّ من العبادات المذكورة أو نحوها وليس بخصوص الصّلاة .

أمّا صلاة التّراويح فتكون في ليالي رمضان خاصّةً .

ب - التّهجّد :

3 - التّهجّد في اللّغة : من الهجود ، ويطلق الهجود على النّوم وعلى السّهر ، يقال : هجد إذا نام باللّيل ، ويقال أيضاً هجد : إذا صلّى اللّيل ، فهو من الأضداد ، ويقال : تهجّد إذا أزال النّوم بالتّكلّف .

وهو في الاصطلاح : صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم .

والتّهجّد - عند جمهور الفقهاء - صلاة التّطوّع في اللّيل بعد النّوم ، في أيّ ليلة من ليالي العام .

أمّا صلاة التّراويح فلا يشترط لها أن تكون بعد النّوم ، وهي في ليالي رمضان خاصّةً .

ج - التّطوّع :

4 - التّطوّع هو : ما شُرع زيادةً على الفرائض والواجبات من الصّلاة وغيرها ، وسمّي بذلك ، لأنّه زائد على ما فرضه اللّه تعالى ، وصلاة التّطوّع أو النّافلة تنقسم إلى نفل مقيّد ومنه صلاة التّراويح ، وإلى نفل مطلق أي غير مقيّد بوقت .

وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( تطوّع ) .

د - الوتر :

5 - الوتر هو : الصّلاة المخصوصة بعد فريضة العشاء ، سمّيت بذلك لأنّ عدد ركعاتها وتر لا شفع .

الحكم التّكليفيّ :

6 - اتّفق الفقهاء على سُنِّيَّةِ صلاة التّراويح ، وهي عند الحنفيّة والحنابلة وبعض المالكيّة سنّة مؤكّدة ، وهي سنّة للرّجال والنّساء ، وهي من أعلام الدّين الظّاهرة .

وقد سنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم صلاة التّراويح ورغّب فيها ، فقال صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه فرض صيام رمضان عليكم ، وسننت لكم قيامه ... » .

وروى أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يرغّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدّم من ذنبه » قال الخطيب الشّربينيّ وغيره : اتّفقوا على أنّ صلاة التّراويح هي المرادة بالحديث المذكور .

وقد صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة التّراويح في بعض اللّيالي ، ولم يواظب عليها ، وبيّن العذر في ترك المواظبة وهو خشية أن تكتب فيعجزوا عنها ، فعن عائشة - رضي الله تعالى عنها - « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ، فصلّى بصلاته ناس ، ثمّ صلّى من القابلة فكثر النّاس ، ثمّ اجتمعوا من الثّالثة فلم يخرج إليهم ، فلمّا أصبح قال : قد رأيت الّذي صنعتم ،فلم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أنّي خشيت أن تفرض عليكم »، وذلك في رمضان زاد البخاريّ فيه : « فتوفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك » .

وفي تعيين اللّيالي الّتي قامها النّبيّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه روى أبو ذرّ - رضي الله تعالى عنه - قال : « صمنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشّهر حتّى بقي سبع ، فقام بنا حتّى ذهب ثلث اللّيل ، فلمّا كانت السّادسة لم يقم بنا ، فلمّا كانت الخامسة قام بنا حتّى ذهب شطر اللّيل ، فقلت : يا رسول اللّه لو نفلتنا قيام هذه اللّيلة؟ قال : فقال : إنّ الرّجل إذا صلّى مع الإمام حتّى ينصرف حسب له قيام ليلة قال : فلمّا كانت الرّابعة لم يقم ، فلمّا كانت الثّالثة جمع أهله ونساءه والنّاس فقام بنا حتّى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال : قلت : وما الفلاح ؟ قال : السّحور ، ثمّ لم يقم بنا بقيّة الشّهر » .

وعن النّعمان بن بشير - رضي الله تعالى عنهما - قال : « قمنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث اللّيل الأوّل ، ثمّ قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف اللّيل ، ثمّ قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتّى ظننّا أن لا ندرك الفلاح وكانوا يسمّونه السّحور » .

وقد واظب الخلفاء الرّاشدون والمسلمون من زمن عمر - رضي الله تعالى عنه - على صلاة التّراويح جماعةً ، وكان عمر - رضي الله تعالى عنه - هو الّذي جمع النّاس فيها على إمام واحد .

عن عبد الرّحمن بن عبد القاريّ ، قال : خرجت مع عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - ليلةً في رمضان إلى المسجد ، فإذا النّاس أوزاع متفرّقون ، يصلّي الرّجل لنفسه ، ويصلّي الرّجل فيصلّي بصلاته الرّهط ، فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أبيّ بن كعب ، ثمّ خرجت معه ليلةً أخرى والنّاس يصلّون بصلاة قارئهم ، فقال : نعمت البدعة هذه ، والّتي ينامون عنها أفضل من الّتي يقومون . يريد آخر اللّيل ، وكان النّاس يقومون أوّله .

وروى أسد بن عمرو عن أبي يوسف قال : سألت أبا حنيفة عن التّراويح وما فعله عمر ، فقال : التّراويح سنّة مؤكّدة ، ولم يتخرّص عمر من تلقاء نفسه ، ولم يكن فيه مبتدعاً ، ولم يأمر به إلاّ عن أصل لديه وعهد من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولقد سنّ عمر هذا وجمع النّاس على أبيّ بن كعب فصلّاها جماعةً والصّحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما ردّ عليه واحد منهم ، بل ساعدوه ووافقوه وأمروا بذلك .

فضل صلاة التّراويح :

7 - بيَّن الفقهاء منزلة التّراويح بين نوافل الصّلاة .

قال المالكيّة : التّراويح من النّوافل المؤكّدة ،حيث قالوا : وتأكّد تراويح ، وهو قيام رمضان. وقال الشّافعيّة : التّطوّع قسمان :

قسم تسنّ له الجماعة وهو أفضل ممّا لا تسنّ له الجماعة لتأكّده بسنّها له ، وله مراتب :

فأفضله العيدان ثمّ الكسوف للشّمس ، ثمّ الخسوف للقمر ، ثمّ الاستسقاء ، ثمّ التّراويح ... وقالوا : الأصحّ أنّ الرّواتب وهي التّابعة للفرائض أفضل من التّراويح وإن سنّ لها الجماعة، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم واظب على الرّواتب دون التّراويح .

قال شمس الدّين الرّمليّ : والمراد تفضيل الجنس على الجنس من غير نظر لعدد .

وقال الحنابلة : أفضل صلاة تطوّع ما سنّ أن يصلّى جماعةً ، لأنّه أشبه بالفرائض ثمّ الرّواتب ، وآكد ما يسنّ جماعةً : كسوف فاستسقاء فتراويح .

تاريخ مشروعيّة صلاة التّراويح والجماعة فيها :

8 - روى الشّيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج من جوف اللّيل ليالي من رمضان وصلّى في المسجد ، وصلّى النّاس بصلاته ، وتكاثروا فلم يخرج إليهم في الرّابعة ، وقال لهم : خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ». قال القليوبيّ : هذا يشعر أنّ صلاة التّراويح لم تشرع إلاّ في آخر سني الهجرة لأنّه لم يرد أنّه صلّاها مرّةً ثانيةً ولا وقع عنها سؤال .

وجمع عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - النّاس في التّراويح على إمام واحد في السّنة الرّابعة عشرة من الهجرة ، لنحو سنتين خلتا من خلافته ، وفي رمضان الثّاني من خلافته .

النّداء لصلاة التّراويح :

9 - ذهب الفقهاء إلى أنّه لا أذان ولا إقامة لغير الصّلوات المفروضة ، لما ثبت « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أذّن للصّلوات الخمس والجمعة دون ما سواها من الوتر ، والعيدين، والكسوف ، والخسوف ، والاستسقاء ، وصلاة الجنازة ، والسّنن والنّوافل » .

وقال الشّافعيّة : ينادى لجماعة غير الصّلوات المفروضة : الصّلاة جامعة ، ونقل النّوويّ عن الشّافعيّ قوله : لا أذان ولا إقامة لغير المكتوبة ، فأمّا الأعياد والكسوف وقيام شهر رمضان فأحبّ أن يقال : الصّلاة جامعةً .

واستدلّوا بما روى الشّيخان « أنّه لمّا كسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نودي : إنّ الصّلاة جامعة » وقيس بالكسوف غيره ممّا تشرع فيه الجماعة ومنها التّراويح . وكالصّلاة جامعةً : الصّلاة الصّلاة ، أو هلمّوا إلى الصّلاة ،أو الصّلاة رحمكم اللّه، أو حيّ على الصّلاة خلافاً لبعضهم .

وذهب الحنابلة إلى أنّه لا ينادى على التّراويح " الصّلاة جامعة " لأنّه محدث .

تعيين النّيّة في صلاة التّراويح :

10 - ذهب الشّافعيّة وبعض الحنفيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة إلى اشتراط تعيين النّيّة في التّراويح ، فلا تصحّ التّراويح بنيّة مطلقة ، بل ينوي صلاة ركعتين من قيام رمضان أو من التّراويح لحديث : « إنّما الأعمال بالنّيّات » وليتميّز إحرامه بهما عن غيره .

وعلَّل الحنفيّة القائلون بذلك قولهم بأنّ التّراويح سنّة ، والسّنّة عندهم لا تتأدّى بنيّة مطلق الصّلاة أو نيّة التّطوّع ، واستدلّوا بما روى الحسن عن أبي حنيفة أنّه : لا تتأدّى ركعتا الفجر إلاّ بنيّة السّنّة .

لكنّهم اختلفوا في تجديد النّيّة لكلّ ركعتين من التّراويح ، قال ابن عابدين في الخلاصة : الصّحيح نعم ،لأنّه صلاة على حدة ، وفي الخانيّة : الأصحّ لا ، فإنّ الكلّ بمنزلة صلاة واحدة، ثمّ قال ويظهر لي " ترجيح " التّصحيح الأوّل ، لأنّه بالسّلام خرج من الصّلاة حقيقةً ، فلا بدّ من دخوله فيها بالنّيّة ، ولا شكّ أنّه الأحوط خروجاً من الخلاف .

وقال عامّة مشايخ الحنفيّة : إنّ التّراويح وسائر السّنن تتأدّى بنيّة مطلقة ، لأنّها وإن كانت سنّةً لا تخرج عن كونها نافلةً ، والنّوافل تتأدّى بمطلق النّيّة ، إلاّ أنّ الاحتياط أن ينوي التّراويح أو سنّة الوقت أو قيام رمضان احترازاً عن موضع الخلاف .

وذهب الحنابلة إلى أنّه يندب في كلّ ركعتين من التّراويح أن ينوي فيقول سرّاً : أصلّي ركعتين من التّراويح المسنونة أو من قيام رمضان .

عدد ركعات التّراويح :

11 - قال السّيوطيّ : الّذي وردت به الأحاديث الصّحيحة والحسان الأمر بقيام رمضان والتّرغيب فيه من غير تخصيص بعدد ، ولم يثبت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى التّراويح عشرين ركعةً ، وإنّما صلّى ليالي صلاةً لم يذكر عددها ، ثمّ تأخّر في اللّيلة الرّابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها .

وقال ابن حجر الهيثميّ : لم يصحّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى التّراويح عشرين ركعةً ، وما ورد « أنّه كان يصلّي عشرين ركعةً » فهو شديد الضّعف .

واختلفت الرّواية فيما كان يصلّى به في رمضان في زمان عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه :

فذهب جمهور الفقهاء - من الحنفيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، وبعض المالكيّة - إلى أنّ التّراويح عشرون ركعةً ، لما رواه مالك عن يزيد بن رومان والبيهقيّ عن السّائب بن يزيد من قيام النّاس في زمان عمر - رضي الله تعالى عنه - بعشرين ركعةً ، وجمع عمر النّاس على هذا العدد من الرّكعات جمعاً مستمرّاً ، قال الكاسانيّ : جمع عمر أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أبيّ بن كعب - رضي الله تعالى عنه - فصلّى بهم عشرين ركعةً ، ولم ينكر عليه أحد فيكون إجماعاً منهم على ذلك .

وقال الدّسوقيّ وغيره : كان عليه عمل الصّحابة والتّابعين .

وقال ابن عابدين : عليه عمل النّاس شرقاً وغرباً .

وقال عليّ السّنهوريّ : هو الّذي عليه عمل النّاس واستمرّ إلى زماننا في سائر الأمصار وقال الحنابلة : وهذا في مظنّة الشّهرة بحضرة الصّحابة فكان إجماعاً والنّصوص في ذلك كثيرة .

وروى مالك عن السّائب بن يزيد قال : أمر عمر بن الخطّاب أبيّ بن كعب وتميماً الدّاريّ أن يقوما للنّاس بإحدى عشرة ركعةً ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتّى كنّا نعتمد على العصيّ من طول القيام ، وما كنّا ننصرف إلاّ في فروع الفجر . وروى مالك عن يزيد بن رومان أنّه قال : كان النّاس يقومون في زمان عمر بن الخطّاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعةً ، قال البيهقيّ والباجيّ وغيرهما : أي بعشرين ركعةً غير الوتر ثلاث ركعات ، ويؤيّده ما رواه البيهقيّ وغيره عن السّائب بن يزيد - رضي الله تعالى عنه - قال : كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - في شهر رمضان بعشرين ركعةً .

قال الباجيّ : يحتمل أن يكون عمر أمرهم بإحدى عشرة ركعةً ، وأمرهم مع ذلك بطول القراءة ، يقرأ القارئ بالمئين في الرّكعة ، لأنّ التّطويل في القراءة أفضل الصّلاة ، فلمّا ضعف النّاس عن ذلك أمرهم بثلاث وعشرين ركعةً على وجه التّخفيف عنهم من طول القيام، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الرّكعات .

وقال العدويّ : الإحدى عشرة كانت مبدأ الأمر ، ثمّ انتقل إلى العشرين .

وقال ابن حبيب : رجع عمر إلى ثلاث وعشرين ركعةً .

وخالف الكمال بن الهمام مشايخ الحنفيّة القائلين بأنّ العشرين سنّة في التّراويح فقال : قيام رمضان سنّة إحدى عشرة ركعةً بالوتر في جماعة ، فعله النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ تركه لعذر ، أفاد أنّه لولا خشية فرضه عليهم لواظب بهم ، ولا شكّ في تحقّق الأمن من ذلك بوفاته صلى الله عليه وسلم فيكون سنّةً ، وكونها عشرين سنّة الخلفاء الرّاشدين ، وقوله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين » ندب إلى سنّتهم ، ولا يستلزم كون ذلك سنّته ، إذ سنّته بمواظبته بنفسه أو إلاّ لعذر ، وبتقدير عدم ذلك العذر كان يواظب على ما وقع منه ، فتكون العشرون مستحبّاً ، وذلك القدر منها هو السّنّة ، كالأربع بعد العشاء مستحبّة وركعتان منها هي السّنّة ، وظاهر كلام المشايخ أنّ السّنّة عشرون ، ومقتضى الدّليل ما قلنا فيكون هو المسنون ، أي فيكون المسنون منها ثماني ركعات والباقي مستحبّاً .

وقال المالكيّة : القيام في رمضان بعشرين ركعةً أو بستّ وثلاثين واسع أي جائز ، فقد كان السّلف من الصّحابة - رضوان الله عليهم - يقومون في رمضان في زمن عمر بن الخطّاب - رضي الله تعالى عنه - في المساجد بعشرين ركعةً ، ثمّ يوترون بثلاث ، ثمّ صلّوا في زمن عمر بن عبد العزيز ستّاً وثلاثين ركعةً غير الشّفع والوتر .

قال المالكيّة : وهو اختيار مالك في المدوّنة ، قال : هو الّذي لم يزل عليه عمل النّاس أي بالمدينة بعد عمر بن الخطّاب ، وقالوا : كره مالك نقصها عمّا جعلت بالمدينة .

وعن مالك - أي في غير المدوّنة - قال : الّذي يأخذ بنفسي في ذلك الّذي جمع عمر عليه النّاس ، إحدى عشرة ركعةً منها الوتر ، وهي صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي المذهب أقوال وترجيحات أخرى .

وقال الشّافعيّة : ولأهل المدينة فعلها ستّاً وثلاثين ، لأنّ العشرين خمس ترويحات ، وكان أهل مكّة يطوفون بين كلّ ترويحتين سبعة أشواط ، فحمل أهل المدينة بدل كلّ أسبوع ترويحةً ليساووهم ، قال الشّيخان : ولا يجوز ذلك لغيرهم .. وهو الأصحّ كما قال الرّمليّ لأنّ لأهل المدينة شرفاً بهجرته صلى الله عليه وسلم ومدفنه ، وخالف الحليميّ فقال : ومن اقتدى بأهل المدينة فقام بستّ وثلاثين فحسن أيضاً .

وقال الحنابلة : لا ينقص من العشرين ركعةً ، ولا بأس بالزّيادة عليها نصّاً ، قال عبد اللّه بن أحمد : رأيت أبي يصلّي في رمضان ما لا أحصي ، وكان عبد الرّحمن بن الأسود يقوم بأربعين ركعةً ويوتر بعدها بسبع .

قال ابن تيميّة : والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلّين ، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام ، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها ، كما كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل . وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل . وهو الّذي يعمل به أكثر المسلمين ، فإنّه وسط بين العشر وبين الأربعين ، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك ولا يكره شيء من ذلك . وقد نصّ على ذلك غير واحد من الأئمّة كأحمد وغيره .

قال : ومن ظنّ أنّ قيام رمضان فيه عدد موقّت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ .

الاستراحة بين كلّ ترويحتين :

12 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الاستراحة بعد كلّ أربع ركعات ، لأنّه المتوارث عن السّلف ، فقد كانوا يطيلون القيام في التّراويح ويجلس الإمام والمأمومون بعد كلّ أربع ركعات للاستراحة .

وقال الحنفيّة : يندب الانتظار بين كلّ ترويحتين ، ويكون قدر ترويحة ، ويشغل هذا الانتظار بالسّكوت أو الصّلاة فرادى أو القراءة أو التّسبيح .

وقال الحنابلة : لا بأس بترك الاستراحة بين كلّ ترويحتين ، ولا يسنّ دعاء معيّن إذا استراح لعدم وروده .

التّسليم في صلاة التّراويح :

13 - ذهب الفقهاء إلى أنّ من يصلّي التّراويح يسلّم من كلّ ركعتين ، لأنّ التّراويح من صلاة اللّيل فتكون مثنى مثنى ، لحديث : « صلاة اللّيل مثنى مثنى » ولأنّ التّراويح تؤدّى بجماعة فيراعى فيها التّيسير بالقطع بالتّسليم على رأس الرّكعتين لأنّ ما كان أدوم تحريمةً كان أشقّ على النّاس .

واختلفوا فيمن صلّى التّراويح ولم يسلّم من كلّ ركعتين :

فقال الحنفيّة : لو صلّى التّراويح كلّها بتسليمة وقعد في كلّ ركعتين فالصّحيح أنّه تصحّ صلاته عن الكلّ ، لأنّه قد أتى بجميع أركان الصّلاة وشرائطها ، لأنّ تجديد التّحريمة لكلّ ركعتين ليس بشرط عندهم ، لكنّه يكره إن تعمّد على الصّحيح عندهم ، لمخالفته المتوارث ، وتصريحهم بكراهة الزّيادة على ثمانٍ في صلاة مطلق التّطوّع فهنا أولى .

وقالوا : إذا لم يقعد في كلّ ركعتين وسلّم تسليمةً واحدةً فإنّ صلاته تفسد عند محمّد ، ولا تفسد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، والأصحّ أنّها تجوز عن تسليمة واحدة ، لأنّ السّنّة أن يكون الشّفع الأوّل كاملاً ، وكماله بالقعدة ولم توجد ، والكامل لا يتأدّى بالنّاقص .



وقال المالكيّة : يندب لمن صلّى التّراويح التّسليم من كلّ ركعتين ، ويكره تأخير التّسليم بعد كلّ أربع ، حتّى لو دخل على أربع ركعات بتسليمة واحدة فالأفضل له السّلام بعد كلّ ركعتين . وقال الشّافعيّة : لو صلّى في التّراويح أربعاً بتسليمة واحدة لم يصحّ ، فتبطل إن كان عامداً عالماً ، وإلاّ صارت نفلاً مطلقاً ، وذلك لأنّ التّراويح أشبهت الفرائض في طلب الجماعة فلا تغيّر عمّا ورد . ولم نجد للحنابلة كلاماً في هذه المسألة .

القعود في صلاة التّراويح :

14 - جاء في مذهب الحنفيّة أنّ من يصلّي التّراويح قاعداً فإنّه يجوز مع الكراهة تنزيهاً لأنّه خلاف السّنّة المتوارثة .

وصرّح الحنفيّة بأنّه : يكره للمقتدي أن يقعد في صلاة التّراويح ، فإذا أراد الإمام أن يركع قام ، واستظهر ابن عابدين أنّه يكره تحريماً ، لأنّ في ذلك إظهار التّكاسل في الصّلاة والتّشبّه بالمنافقين ، قال اللّه تعالى : { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى } فإذا لم يكن ذلك لكسل بل لكبر ونحوه لا يكره ، ولم نجد مثل هذا لغير الحنفيّة .

وقت صلاة التّراويح :

15 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ وقت صلاة التّراويح من بعد صلاة العشاء ، وقبل الوتر إلى طلوع الفجر ، لنقل الخلف عن السّلف ، ولأنّها عرفت بفعل الصّحابة فكان وقتها ما صلّوا فيه ، وهم صلّوا بعد العشاء قبل الوتر ، ولأنّها سنّة تبع للعشاء فكان وقتها قبل الوتر. ولو صلّاها بعد المغرب وقبل العشاء فجمهور الفقهاء وهو الأصحّ عند الحنفيّة على أنّها لا تجزئ عن التّراويح ، وتكون نافلةً عند المالكيّة ، ومقابل الأصحّ عند الحنفيّة أنّها تصحّ ، لأنّ جميع اللّيل إلى طلوع الفجر قبل العشاء وبعدها وقت للتّراويح ، لأنّها سمّيت قيام اللّيل فكان وقتها اللّيل .

وعلّل الحنابلة عدم الصّحّة بأنّها تفعل بعد مكتوبة وهي العشاء فلم تصحّ قبلها كسنّة العشاء، وقالوا : إنّ التّراويح تصلّى بعد صلاة العشاء وبعد سنّتها ، قال المجد : لأنّ سنّة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار ، فكان إتباعها لها أولى .

ولو صلّاها بعد العشاء وبعد الوتر فالأصحّ عند الحنفيّة أنّها تجزئ .

وذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّه يستحبّ تأخير التّراويح إلى ثلث اللّيل أو نصفه ، واختلف الحنفيّة في أدائها بعد نصف اللّيل ، فقيل يكره ، لأنّها تبع للعشاء كسنّتها ، والصّحيح لا يكره لأنّها من صلاة اللّيل والأفضل فيها آخره .

وذهب الحنابلة إلى أنّ صلاتها أوّل اللّيل أفضل ، لأنّ النّاس كانوا يقومون على عهد عمر - رضي الله تعالى عنه - أوّله ، وقد قيل لأحمد : يؤخّر القيام أي في التّراويح إلى آخر اللّيل ؟ قال : سنّة المسلمين أحبّ إليّ .

الجماعة في صلاة التّراويح :

16 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الجماعة في صلاة التّراويح ، لفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما سبق ، ولفعل الصّحابة - رضوان اللّه تعالى عليهم - ومن تبعهم منذ زمن عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - ; ولاستمرار العمل عليه حتّى الآن .

وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الجماعة في صلاة التّراويح سنّة .

قال الحنفيّة : صلاة التّراويح بالجماعة سنّة على الكفاية في الأصحّ ، فلو تركها الكلّ أساءوا، أمّا لو تخلّف عنها رجل من أفراد النّاس وصلّى في بيته فقد ترك الفضيلة ، وإن صلّى في البيت بالجماعة لم ينل فضل جماعة المسجد .

وقال المالكيّة : تندب صلاة التّراويح في البيوت إن لم تعطّل المساجد ، وذلك لخبر : « عليكم بالصّلاة في بيوتكم ، فإنّ خير صلاة المرء في بيته إلاّ الصّلاة المكتوبة » ولخوف الرّياء وهو حرام ، واختلفوا فيما إذا صلّاها في بيته ، هل يصلّيها وحده أو مع أهل بيته ؟ قولان ، قال الزّرقانيّ : لعلّهما في الأفضليّة سواء .

وندب صلاة التّراويح - في البيوت عندهم - مشروط بثلاثة أمور : أن لا تعطّل المساجد ، وأن ينشط لفعلها في بيته ، ولا يقعد عنها ، وأن يكون غير آفاقيّ بالحرمين ، فإن تخلّف شرط كان فعلها في المسجد أفضل ، وقال الزّرقانيّ : يكره لمن في المسجد الانفراد بها عن الجماعة الّتي يصلّونها فيه ، وأولى إذا كان انفراده يعطّل جماعة المسجد .

وقال الشّافعيّة : تسنّ الجماعة في التّراويح على الأصحّ ، لحديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - الّذي سبق ذكره ،وللأثر عن عمر - رضي الله تعالى عنه - ولعمل النّاس على ذلك. ومقابل الأصحّ عندهم أنّ الانفراد بصلاة التّراويح أفضل كغيرها من صلاة اللّيل لبعده عن الرّياء .

وقال الحنابلة : صلاة التّراويح جماعةً أفضل من صلاتها فرادى ، قال أحمد : كان عليّ وجابر وعبد اللّه - رضي الله عنهم - يصلّونها في الجماعة .

وفي حديث أبي ذرّ - رضي الله تعالى عنه - « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جمع أهله ونساءه ، وقال : إنّ الرّجل إذا صلّى مع الإمام حتّى ينصرف كتب له قيام ليلة » .

وقالوا : إن تعذّرت الجماعة صلّى وحده لعموم قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه » .

القراءة وختم القرآن الكريم في التّراويح :

17 - ذهب الحنابلة وأكثر المشايخ من الحنفيّة وهو ما رواه الحسن عن أبي حنيفة إلى أنّ السّنّة أن يختم القرآن الكريم في صلاة التّراويح ليسمع النّاس جميع القرآن في تلك الصّلاة . وقال الحنفيّة : السّنّة الختم مرّةً ، فلا يترك الإمام الختم لكسل القوم ، بل يقرأ في كلّ ركعة عشر آيات أو نحوها ، فيحصل بذلك الختم ، لأنّ عدد ركعات التّراويح في شهر رمضان ستّمائة ركعة ، أو خمسمائة وثمانون ، وآي القرآن الكريم ستّ آلاف وشيء .

ويقابل قول هؤلاء ما قيل : الأفضل أن يقرأ قدر قراءة المغرب لأنّ النّوافل مبنيّة على التّخفيف خصوصاً بالجماعة ، وما قيل : يقرأ في كلّ ركعة ثلاثين آيةً لأنّ عمر - رضي الله تعالى عنه - أمر بذلك ، فيقع الختم ثلاث مرّات في رمضان ، لأنّ لكلّ عشر فضيلةً كما جاءت به السّنّة ، « أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار » .

وقال الكاسانيّ : ما أمر به عمر - رضي الله تعالى عنه - هو من باب الفضيلة ، وهو أن يختم القرآن أكثر من مرّة ، وهذا في زمانهم ، وأمّا في زماننا فالأفضل أن يقرأ الإمام على حسب حال القوم ، فيقرأ قدر ما لا ينفّرهم عن الجماعة ، لأنّ تكثير الجماعة أفضل من تطويل القراءة .

ومن الحنفيّة من استحبّ الختم ليلة السّابع والعشرين رجاء أن ينالوا ليلة القدر ، وإذا ختم قبل آخره .. قيل : لا يكره له التّراويح فيما بقي ، قيل : يصلّيها ويقرأ فيها ما يشاء . وصرّح المالكيّة والشّافعيّة بأنّه يندب للإمام الختم لجميع القرآن في التّراويح في الشّهر كلّه، وقراءة سورة في تراويح جميع الشّهر تجزئ ، وكذلك قراءة سورة في كلّ ركعة ، أو كلّ ركعتين من تراويح كلّ ليلة في جميع الشّهر تجزئ وإن كان خلاف الأولى إذا كان يحفظ غيرها أو كان هناك من يحفظ القرآن غيره ، قال ابن عرفة : في المدوّنة لمالك : وليس الختم بسنّة .

وقال الحنابلة : يستحبّ أن يبتدئ التّراويح في أوّل ليلة بسورة القلم : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } بعد الفاتحة لأنّها أوّل ما نزل من القرآن ، فإذا سجد للتّلاوة قام فقرأ من البقرة نصّ عليه أحمد ، والظّاهر أنّه قد بلغه في ذلك أثر ، وعنه : أنّه يقرأ بسورة القلم في عشاء الآخرة من اللّيلة الأولى من رمضان .

قال الشّيخ : وهو أحسن ممّا نقل عنه أنّه يبتدئ بها التّراويح ويختم آخر ركعة من التّراويح قبل ركوعه ويدعو ، نصّ عليه .

المسبوق في التّراويح :

18 - قال الحنفيّة : من فاته بعض التّراويح وقام الإمام إلى الوتر أوتر معه ثمّ صلّى ما فاته .

وقال المالكيّة : من أدرك مع الإمام ركعةً فلا يخلو أن تكون من الرّكعتين الأخيرتين من التّرويحة أو من الأوليين ، فإن كانت من الأخيرتين فإنّه يقضي الرّكعة الّتي فاتته بعد سلام الإمام في أثناء فترة الرّاحة ، وإن كانت من الرّكعتين الأوليين فقد روى ابن القاسم عن مالك أنّه لا يسلّم سلامه ولكن يقوم فيصحب الإمام فإذا قام الإمام من الرّكعة الأولى من الأخريين تشهّد وسلّم ثمّ دخل معه في الرّكعتين الأخريين فصلّى منهما ركعةً ثمّ قضى الثّانية منهما حين انفراده بالتّنفّل .

وعند الحنابلة : سئل أحمد عمّن أدرك من ترويحة ركعتين يصلّي إليها ركعتين ؟ فلم ير ذلك، وقال : هي تطوّع .

قضاء التّراويح :

19 - إذا فاتت صلاة التّراويح عن وقتها بطلوع الفجر ، فقد ذهب الحنفيّة في الأصحّ عندهم، والحنابلة في ظاهر كلامهم إلى أنّها لا تقضى ; لأنّها ليست بآكد من سنّة المغرب والعشاء ، وتلك لا تقضى فكذلك هذه .

وقال الحنفيّة : إن قضاها كانت نفلًا مستحبًّا لا تراويح كرواتب اللّيل ، لأنّها منها ، والقضاء عندهم من خواصّ الفرض وسنّة الفجر بشرطها .

ومقابل الأصحّ عند الحنفيّة أنّ من لم يؤدّ التّراويح في وقتها فإنّه يقضيها وحده ما لم يدخل وقت تراويح أخرى ، وقيل : ما لم يمض الشّهر .

ولم نجد تصريحاً للمالكيّة والشّافعيّة في هذه المسألة .

لكن قال النّوويّ : لو فات النّفل المؤقّت ندب قضاؤه في الأظهر .
***ذات الذنوب***
جزاك الله كل خير
أسأل الله أن يبلغنا رمضان ويرزقنا حسن الصيام والقيام فيه