بسم الله الرحمن الرحيم..
هذا موضوع نسخته لكم
أعجبني جدا...
أتمنى نتعلم
ويتعلم أزواجنا معنا..
:)
رومانسية زوجتي
يوسف إسماعيل سليمان
تاريخ الإضافة: 17/3/2010 ميلادي - 1/4/1431 هجري زيارة: 1202
جلستُ مع زوجتي يومًا، ثم نظرتُ إلى عينيها، وترددتُ كثيرًا أن أطلبَ منها طلبًا ما زال يلح على ذهني منذ فترة، غير أنِّي كنتُ أدفع ذلك الخاطر؛ خشية أن تظنني أتَّهمها بالتقصير في واجباتها نحوي أو نحو بيتنا، وحبيبتي مُرهفةُ المشاعِر إلى أبعد الحدود، وهي التي لا تفتأ عن توفير كل أسباب الراحة والسعادة لي أنا وولدَيَّ الحبيبَيْنِ، على الرغم من شدَّة ما تلقاه في تربيتهما وتَوْجيههما من مشقَّة وعناء؛ نظرًا لنشاطهما الدائب في الحركة داخل شقتنا الصغيرة، غير أني قرأتُ في عينيها أنها أحسَّتْ أنِّي أريد أن أطلب طلبًا، فدار بيننا الحوار التالي:
قالت بحنانٍ: كأنك يا حبيبي تودُّ أن تطلبَ شيئًا.
فقلتُ لها: وما أدراك أنني أريد طلبًا، وليس إخبارك بشيءٍ مثلاً؟
فقالت: لغة عيونك التي لا أخطئ ترجمتها، وحدسي الذي لا يكاد يخفي خواطرك عنِّي.
فقلت مازحًا: لَم يبقَ إلا أن تقولي: إنك تقرئينَ الغيب، إن كلامك هذا سيجعلني أخشاكِ، فلدي دائمًا ما أحب أن أخفيه!
ردتْ على المزاح بمزاح، وقالت: يسعدني أن تخشاني، وهل من الضروري أن أخشاك أنا فقط؟ جرِّب أن ترتعبَ هلعًا مني.
ضحكنا سويًّا فأحسستُ بأريحية أن أحدثها في طلبي.
وقلت لها: أعلم يا حبيبتي أنك لا تُقَصِّرين في إسعادي أنا وأولادنا.
فقاطعتني قائلة: وكذلك أنتَ يا حبيبي.
فقلت لها: أرجوكِ لا تقاطعيني.
فوضعتْ يدها - بمزاح - على فمها - بمعنى أنها ستصمت تمامًا - فأكملتُ: وأنا أرى أن لنا ثماني سنوات منذ زواجنا، وكنتِ مثالاً للزوجة المطيعة لأمر ربِّها وزوجها، وكثيرًا ما فاجأتِني بلمساتك رائعة الحسن على بيتنا لتزيديه تألُّقًا وجمالاً، ولاحظتُ أيضًا ومرارًا أنك تحبين التجديد في كلِّ ما يخص بيتنا، ونزهاتنا، وعلاقاتنا مع الآخرين، وهذا كان دائمًا مثار إعجابي بأفكارك وحيويتك، غير أنه ألحَّ عليَّ منذ ما يُقارب الشهر خاطرٌ جديد، وهو أنه لماذا لا أرى تجديدًا على طبيعة علاقتي معكِ على كل المستويات؟ غير جاحدٍ كل ما قُمْتِ أو تقومين به من تجديدٍ في كل ما يحيط بنا، هو سبب في مزيد من هنائي وبهجتي، غير أني أطمح - طامعًا - في المزيد.
فقالتْ لي - وقد بدا عليها الاهتمامُ -: أَبْشر بما يسرُّك، كأنما كنتَ تنطق عن شيءٍ في نفسي أحس به، ولا أُحسن التعبير عنه.
ثم تشعَّب بنا الحديث في مواضيع أخرى عن الأولاد وبعض أعمالي، ثم نمنا وأنا راضٍ عنها أتم الرضا، وفي نفسي أنه لو لَم يكنْ منها إلا حسن قولها ردًّا على طلبي لكفاني، ولكن ما حدث بعد ذلك هو ما دعاني لكتابة هذا المقال، فقد عشتُ أيامًا من النعيم، ذُقته في غفلة من الهموم عني، وإقبالاً من الهناء والسرور لَم أشهدهما أقْبلا مُجتمعين عليَّ في شهرين بعد هذا الحديث.
فأدركتُ أن على الزوج أن يجتهدَ في إسعاد زوجته، والرفق بها ما وسعه ذلك، وكذا تفعل المرأة مع زوجها؛ ليعيشا الحياة السعيدة التي رسمها لهما الإسلامُ، وأرادها لهما القرآن؛ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ؛ حيث هي الحياة التي يفوح منها عبير المحبة والتفاهُم، والرحمة والهناء.
في اليوم التالي ذهبْتُ إلى عملي كالمعتاد، ومرَّ يوم ويومان وثلاثة، وغاب موضوع التجديد عن بالي وخاطري، إلى أن كان اليوم الرابع، وكنتُ قد أتيت من العمل ومعي بعض الأعمال لإنجازها في البيت، ومن عادتي أن أتوقَّف عن العمل في العاشرة مساءً، مهما كانت انشغالاتي لأجالس الأولاد وزوجتى وأداعبهم وألاطفهم وأحادثهم، حيث أجد في هذا الجلسات متعة كبيرة، وكذلك هُم.
المهم ما كدت أنتهي وأطفئ جهاز الحاسوب، حتى اتَّصل بي جارٌ يُصَلِّي معي في المسجد، ولي به علاقة بسيطة لا تتعدَّى السلام في أغلب الأحيان، المهم قال لي: أنه يريدني في موضوع لمدة خمس دقائق فقط، فقلت: تفضَّل على الرحب والسعة.
وفي ظنِّي أنه لن يأخذَ من وقتي أكثر من نصف ساعة على أبعد تقدير، جاء الرجل بعد خمس دقائق.
بقي هذا الجار يُحدِّثني في مشكلةٍ شخصيةٍ وأنا أصغي إليه، وكلما أوجدتُ له رأيًا أو حلاًّ لها، فاجَأَنِي بعنصرٍ جديد في الموضوع يُفسد الحل الذي أقترحه عليه، وفي ظنِّي أن مشكلته ما تزال قائمة، وكلما أردتُ أن أعرف حقيقة المشكلة كلها وآخر ما وصلتْ إليه، قال لي: اصبر عليَّ، ستعرف ونحن نتكلم، لكن قل لي: ما رأيك في كذا؟ ويذكر جانبًا من المشكلة، وبعد حوالي ساعة ونصف وجدتُ هاتفي النقال يعطيني تنبيهًا بوُصُول رسالة، استوقفتُ مُحدثي، وقرأتُ الرسالة، فإذا هي تقول: أنتظركَ بشغفٍ حتى أرتدي أجمل أثواب سعادتي، لقد اشتقتُ إليك منذ الصباح، فلا تبخلْ عليَّ بقليل من الهناء قبل أن نخلدَ للنوم!
طبعًا بدأتُ أشعر بالضيق من طريقة محدثي في الكلام، وعدم وفائه بالمدة التي طلَبَها، غير أني رأيتُ أن واجب الضيافة يستدعي ألا أظهرَ له ضيقي، فاستأذنته دقيقة، وخرجتُ لزوجتي مُعتذرًا عن طول اللقاء، فقالتْ - بأسف -: لا عليك، وسألتها متعجبًا: لِمَ لَم تناديني، وتقولي لي هذه الرسالة شفهيًّا؟! قالت بسرور: هل أعجبتك؟ قلتُ: إنها رائعة جدًّا، قالت: وهي تغمز بعينيها: تجديد، فابتسمتُ ثُمَّ عدتُ لضَيْفي الذي تبيَّن لي - بعد ساعة ونصف أخرى - أنه كان يفضفض؛ لأن المشكلة كانت انتهت، لكنه كان يحب أن يرويها لي!
طبعًا كنت أودعه على الباب، وأنا أعلم أن أولادي قد ناموا، وأن زوجتي يداعبها النعاس لأننا لا نسهر لأكثر من الساعة الثانية عشرة في الغالب، وهكذا فاتني أن أتجاوبَ مع أول تجديد، ونمنا جميعًا دون كلام.
في الأسبوع التالي، وكنتُ ما أزال أفكر كيف أكون أنا مجدِّدًا، كما طلبتُ منها أن تكون متجددة، فأرسلتُ لها رسالةً على هاتفها وأنا في العمل، قلت فيها: تسلّلت بين أسطر كل صفحة أفتحها، فوددتُ أن أحلى الكلمات أكون أنا مَن ابتدعتها لأجلكِ، ما زلتُ أتلمس موضع يديك على كفِّي منذ سلَّمت عليَّ مُودِّعة هذا الصباح.
فأرسلت بعد خمس دقائق رسالة تقول: أيها الحبيب الذي احتلَّ فؤادي، ولم يتركْ لِغَيْره مكانًا شاغرًا، قلبي يدعوك ألا تحررني، فحياتي أجمل منذ احتلالك، ولن تجدَ أدنى مقاومة.
في وسط الأسبوع الثالث، وفي الساعة الثامنة مساء، كنَّا جالسين نرتشف سويًّا كوبَيْن من الشاي، فسمعنا صوتًا خفيفًا، فخرجتْ إلى النافذة وعادتْ لتقول: إنها تمطر مطرًا خفيفًا، ما رأيك أن نخرجَ لنتمشى تحت المطر؟!
قلت لها: ليس أحب إليَّ من ذلك، ولكن ألا تخافين البَلَل؟ قالت: لا، ويمكن أن نأخذ الشمسيَّة احتياطيًّا، ارتدينا ملابسنا بسرعة، وقامتْ بترْك الأولاد عند أمي التي تسكن في الطابق الأعلى، المهم ما أن خرجنا من شارعنا مشيًا على أقدامنا حتى قالتْ لي: أريد أن تحتضن أصابعي بين أصابعك، فابتسمتُ وأمسكْتُ يدها بيدي، وأدخلتُ أصابعها بين أصابعي، فقالتْ: ما أدفأ يديك!
كانت هذه أول مرة منذ تزوجنا نخرج متعمدين لنتمشى تحت حبات المطر، وشعرتُ مع تشابك اليدين أن شيئًا ما جديدًا يسْري في كياني، وكذلك كنتُ أحس على وجْهها بالأمر نفسه، وهي تبتسم ابتسامة الابتهاج، وأحسستُ أن قلبينا هما مَن يتعانقان محبةً وأُنسًا، وتذكرْتُ أبياتًا جميلة فقلتُها لها، وهي:
عَجِبْتُ لِهَذَا الحُبِّ يَسْرِي كَأَنَّمَا هُوَ السِّحْرُ فِي الأَعْمَاقِ أَوْ أَنَّهُ أَقْوَى
وَيَجْعَلُ حُلْوَ الْعَيْشِ مُرًّا إِذَا نَأَى حَبِيبٌ وَمُرَّ العَيْشِ فِي قُرْبِهِ حُلْوًا
فقالتْ: جميلة هذه الأبيات، لكن أصحيح أنك سعيد؟ قلت: بالتأكيد، ولكن ما حملك على هذه الفكرة التي تبدو غريبة أو مجنونة؟ قالت: أحب جنون الحب، أو قل: إنه الحب المجنون، لكنه تجديد!
وبعد أيام أخرى، وكنتُ أظن أن أفكارها قد نفدتْ، فإذا هي قد أتْحفتني بفكرةٍ جديدة، حيث اتصلتْ بي في العمل، وقالت لي: هل ظروفك تسمح بدعوتي على الغداء بالخارج، فقلت: نعم، قالت: إذًا سأنتظرك أن تُهاتفني حين تخرج من العمل، ونذهب معًا إلى حيث ستدعوني.
هنا شعرتُ أن التجديد بدأ يأخذ منحى اقتصاديًّا، وهذا ما لَم أكنْ أحبه؛ فالأزمةُ المالية قد تركتْ آثارها على الجميع، لكني قلت: لعلها مرة ولا تكررها، فلا داعي أن أفسد هذه الدعوة بالحديث عن محاسن التوفير أو قبائح الإسراف، المهم جاءتْ هي والأولاد وأكلنا في مطعم، طبعًا كانتْ أفضل مفاجأة هنا لو أنها قامتْ بدفع الحساب، لكنها لَم تفعل.
المهم حين عُدنا إلى المنزل، لَم تدخل معي الشقة، وصعدتْ إلى الدور الذي تُقيم فيه أمي، وعلمتُ فيما بعدُ أنها اتَّفقت مع الأولاد وأمي أن يبيتَ عندها الأولادُ هذه الليلة، طبعًا دخلتُ الشقة، واتجهتُ لغرفة نومي لأُغيّر ملابسي، فإذا هي قد رسمتْ بمجموعة مِن أوراق الوُرُود ذات الألوان المبهجة شكلَ قلبٍ على السرير، مكتوب في وسطه بأوراق ورد أصغر حجمًا: أنت حبي وهنائي، وبينما أنا مُندهش بالمفاجأة إذ بها تأتي من خلفي، وتضع يدها على عيني، وتقول: ما رأيك في هذه المفاجأة، كدتُ أقول: رائعة ما أجملها! ولكنِّي قبْل أن أقولَ عدلتُ عن ذلك القول، وأمسكْتُ يديها، ورفعتهما باتِّجاه صدري، ثم طبعْتُ عليهما قُبلة امتنان.
أسمى الأماني @asm_alamany
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
القهر لما تتعبين ولاتشوفين مقابل بس جميل ان زوج يحس جزاك الله خير على نقل رائع