ريم وعلا الفتاتين الأصمتين اللتين تحديتا واقعهما واجتازتا كل الصعاب

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم

ريم وعلا الفتاتين الأصمتين اللتين تحديتا واقعهما واجتازتا كل الصعاب



تحلمان بدراسة هندسة الحاسوب، ولكن قبل ذلك يتوجب عليهن إيجاد المدرسة التي يمكن لهما الالتحاق بها لدراسة المرحلة الثانوية، بعدما أنهتا المرحلة الإعدادية بنجاح وتفوق منقطع النظير، رغم أنهما فتاتان أصمتان محرومتان من السمع والنطق.
التقيتهما برفقة مترجمة لغة الإشارة بالمدرسة سهى الحولي التي بدت في حالة إعجاب شديد بهاتين الفتاتين اللتين تنتظران من يستثمرهما.
ريم داود وعلا الحلبي فتاتان في الخامسة عشر من عمرهما، واجهتا صعوبات الحياة بقوة وعزيمة يكاد يفتقدها الأصحاء، فواصلتا الليل بالنهار حتى تمكنتا من عمل شيء للمدينة المقدسة التي لطالما ظلت أعينهما ترنو إلى رؤيتها، لتأتي كلمات فيروز "يا قدس عيوننا إليك ترحل كل عيون" مذكرة إياهما بأسوار القدس العتيقة.
ولم تمنعهما هذه الإعاقة من الإصرار على استكمال مشوار التحدي والنجاح، حتى تحولتا إلى نموذج يحتذي به في قطاع غزة، وأخذ اسميهما يتردد على ألسنة الجميع بعدما قامتا بتصميم برنامج حاسوب حول القدس تحت عنوان "القدس في العيون"، وهو البرنامج الذي حصلتا من خلاله على المرتبة الأولي في المسابقة التي نظمتها وزارة التربية والتعليم بغزة للأبحاث البرمجية حول القدس.
تقول ريم "كنت في البداية أشعر بأنني اختلف عن أقراني، فجميعهم يسمع ويتحدث بشكل طبيعي ولا يوجد أمامهم أي عائق، إلا أنا التي لا أستطيع فهم ما يدور حول أو حتى التعبير عما يجول بخاطري". وتضيف: "لكنني أدركت أن هذه الشعور سيكبر معي إذا لم أجد الطريقة المناسبة لتجاوز هذه الإعاقة، وفعلاً التحقت بمدرسة "أطفالنا للصم"، وهناك بدأت تظهر قدراتي المتميزة ليس فقط في هذه المدرسة، ولكن من خلال المدارس العادية".
وتعتبر ريم أن إعاقتها السمعية كانت بمثابة دافع لها للإنجاز والابتكار، حتى أصبح هذا المبدأ يضعها في مقدمة الحياة المدرسية والأسرية ، وهو ما جعلها محط لنظرات الإعجاب والثناء ممن يعرفونها.
أما علا التي تعتبر رفيقة درب ريم وزميلتها في مشروع القدس فلم تختلف قصتها كثيراً، فشكل المعاناة كما الإصرار على تجاوزها واحد ، ففي صغرها أصيبت بالحمى فقدت على إثرها السمع والكلام.
تقول علا "كنت في حالة صعبة بعد سنوات من فقداني القدرة على السمع والكلام، لكن مهارتي العقلية لفتت انتباه الجميع حولي، فشجعوني على الاجتهاد في الدراسة". وتضيف: "الحمد لله أنا الآن قمت مع ريم بعمل برمجة مشروع حول مدينة القدس، ونال ثناء الجميع وإعجابه".

وتؤكد الفتاتان أنهما بهذا البرنامج أثبتا للجميع أن فقدانهما جزءاً من حواسهما لم يحل من دون الإبداع والتفوق، وأنهما كسرتا حاجز الصمت وحولتا نظرات الجميع من الشفقة إلى الثناء والإعجاب.
ورغم تميزهما حتى على أقرانهما من الأصحاء، إلا أن ريم وعلا ستحرمان من إكمال دراستيهما، إذ لا توجد مدرسة خاصة بالصم للمرحلة الثانوية في قطاع غزة، وهو ما يعني عودتهما من جديد إلى مرحلة المعاناة التي بالكاد استطاعتا التخلص منها خلال سنوات مضت. تقول علا: "أكثر ما يقلقنا الآن هو إكمال دراستنا الثانوية لنلتحق فيما بعد بالجامعة، وإلا فسنبقى مثل الكثيرين محرمين حتى من أبسط حقوقنا في التعليم".
وناشدت ريم الجهات المعنية كافة بإيلاء العناية الخاصة بشريحتهم التي تعاني أضعاف ما يعانيه الناس العاديين في ظل هذه الظروف، داعية وزارة التربية والتعليم لتخصيص مدارس للتعليم بلغة الإشارة حتى لا تحرم هي وأمثالها من إكمال الدراسة.

0
289

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️