

🌹أشا🌹DZ
•
<< #الله_أَكبَر_ >>
☆ قَالَ الشَّيخ عَبدُ الرزاق البدر حَفظهُ اللَّه تعالى:
" وَالتَكبِيرُ هُوَ تَعظِيمُ الرَبِّ تَبَارَكَ وَتَعالَى وَإِجلَالِهِ، وَاعتِقَادِ أَنَّهُ ُ،
فَيَصغُرُ دُونَ جَلَالِه كُلُّ كَبِيرٍ،
فَهُوَ الذِي خَضَعت لَهُ الرِّقَابُ وَذلَّت لهُ الجبابرَةُ،
وَعنت لَهُ الوُجوه، وَقهر كُلَّ شَيءٍ،
وَدَانت لَهُ الخَلائِقُ، وَتضاءلت بَين يَديهِ وَتحتَ حُكمِهِ وَقهرهِ المَخلُوقاتُ ".
☆ قَالَ الشَّيخ عَبدُ الرزاق البدر حَفظهُ اللَّه تعالى:
" وَالتَكبِيرُ هُوَ تَعظِيمُ الرَبِّ تَبَارَكَ وَتَعالَى وَإِجلَالِهِ، وَاعتِقَادِ أَنَّهُ ُ،
فَيَصغُرُ دُونَ جَلَالِه كُلُّ كَبِيرٍ،
فَهُوَ الذِي خَضَعت لَهُ الرِّقَابُ وَذلَّت لهُ الجبابرَةُ،
وَعنت لَهُ الوُجوه، وَقهر كُلَّ شَيءٍ،
وَدَانت لَهُ الخَلائِقُ، وَتضاءلت بَين يَديهِ وَتحتَ حُكمِهِ وَقهرهِ المَخلُوقاتُ ".


🌹أشا🌹DZ
•
محتويات الصفحة:- المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها .
- الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها.
- الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة.
- المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها.
- الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ.
- الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ.
- المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة.
- الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ.
- الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا.
- مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ.
- الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ.
- الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ.
- الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ.
- المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة.
- الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ.
- المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ.
- المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ.
- الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ.
- الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ.
- الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا .
- المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ.
- المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ .
- الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ.
- المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها.
- الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ.
- مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه.
- الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.
- الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة.
- المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة.
- المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟.
- المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه.
- المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا.
👇👇👇👇👇👇👇👇👇
المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها
وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها
الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّةالأضْحِيَّة لغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ (1) .الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى (2) .
الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّةالأضْحِيَّة مشروعةٌ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على مشروعِيَّتِها: ابنُ قُدامة (3) ، وابنُ دقيق العيد (4) ، وابنُ حَجَر (5) ، والشوكانيُّ (6) .
الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها
مِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة (7) :
1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِ محبَّتَه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.
3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ اسمُه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .
4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ طعامًا له.
الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه (8) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ )) (9) .
ثالثًا: أنَّ الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِ في عِدَّةِ مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه (10) .
المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها
الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة
الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور (11) ، والشَّافعيَّة (12) ، والحَنابِلة (13) ، ومذهب الظَّاهريَّة (14) ، وهو إحدى الرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَ (15) وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ (16) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا )) (17) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ (18) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به )) (19) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تَضْحِيَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمَّتِه وعن أهلِه؛ تُجْزِئُ عن كُلِّ مَن لم يُضَحِّ، سواءٌ كان متمكِّنًا مِنَ الأضْحِيَّةِ أو غيرَ متمَكِّنٍ (20) .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: ((لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّا جِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ (21) )) (22) .
2- قال عِكْرَمةُ: ((كان ابنُ عبَّاسٍ يبعَثُني يومَ الأضحى بدرهمينِ أشتري له لَحْمًا، ويقول: مَن لَقِيتَ فقل: هذه أضْحِيَّةُ ابنِ عبَّاسٍ)) (23) .
3- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنِّي لأَدَعُ الأضحى وإنِّي لمُوسِرٌ؛ مخافةَ أن يرى جِيراني أنَّه حَتْمٌ عليَّ) (24)
ثالثًا: أنَّها ذبيحةٌ لم يجِبْ تفريقُ لَحْمِها، فلم تكُنْ واجبةً، كالعقيقةِ (25) .
الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ
مَن نَذَرَ أن يُضَحِّيَ، فإنَّه يجِبُ عليه الوفاءُ بنَذْرِه، سواءٌ كان النَّذْرُ لأضْحِيَّةٍ معيَّنةٍ أو غيرِ مُعَيَّنةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (26) ، والمالِكيَّة (27) ، والشَّافعيَّة (28) ، والحَنابِلة (29) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه، ومَن نَذَرَ أن يَعْصِيَه فلا يَعْصِه )) (30) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ التَّضْحيةَ قُربةٌ لله تعالى، فتلْزَمُ بالنَّذرِ؛ كسائِرِ القُرَبِ (31) .
الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ
تَعْيِينُ الأضْحِيَّةِ يحصُلُ بشِراءِ الأضْحِيَّةِ مع النيَّةِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة (32) ، وقولٌ للحَنابِلة (33) ، وبه قال ابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّة (34) ، واختاره ابنُ تيميَّة (35) ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ (36) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى )) (37) .
2- عن أبي حُصَينٍ: أنَّ ابنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنه رأى هَدْيًا له، فيه ناقَةٌ عَوْراءُ، فقال: إنْ كان أصابَها بعدما اشْتَرَيتُموها فأَمْضُوها، وإنْ كان أصابَها قبلَ أن تَشْتَرُوها فأَبْدِلُوها (38) .
ثانيًا: أنَّ الفِعْلَ مع النيَّةِ يقومُ مقامَ اللَّفْظِ، إذا كان الفِعْلُ يدلُّ على المقصودِ؛ كمن بنى مسجدًا، وأَذِنَ في الصَّلاةِ فيه (39) .
ثالثًا: أنَّه مأمورٌ بشِراءِ أضْحِيَّةٍ، فإذا اشتراها بالنيَّةِ وقَعَتْ عنه كالوكيلِ (40) .
المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِيُشْتَرَط أن تكونَ الأضْحِيَّةُ مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما )) (41) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذْبَحوا إلَّا مُسِنَّةً (42) إلَّا أن يَعْسُرَ عليكم، فتَذْبحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأْنِ )) (43) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (44) ، وابنُ رُشْدٍ (45) ، والنوويُّ (46) ، والصنعانيُّ (47) .
الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا
يُشْتَرَط في الأضْحِيَّةِ أن تكون قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شرعًا، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ، ولا بما دُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ )) (48) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ (49) ، والنوويُّ (50) ، والشنقيطيُّ (51) ، وحكاه ابْنُ حَزْمٍ في إجزاءِ الثَّنِيِّ مِنَ المَعْزِ (52) ، والتِّرمذيُّ في إجزاءِ الجَذَعِ مِنَ الضَّأنِ (53) .
مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ
الثَّنِيُّ مِنَ الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، والجَذَعُ مِنَ الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛ نصَّ على هذا التَّفصيلِ: فُقهاءُ الحَنَفيَّةِ (54) ، والحَنابِلة (55) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (56) ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ (57) .
الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ
يُشْتَرَطُ في الأضْحِيَّةِ السَّلامةُ مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بالعوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والمريضَةِ البَيِّنِ مَرَضُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي (58) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ (59) التي لا تُنْقِي (60) )) (61) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ حَزْمٍ (62) وابنُ عَبْدِ البَرِّ (63) ، وابنُ رُشدٍ (64) ، وابنُ قُدامة (65) ، والنوويُّ (66) .
الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ(يُنظَر: أوَّلُ وقتِ التَّضحيةِ، وآخِرُ وَقْتِها)
الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ
يُشْتَرَط على المضَحِّي أن ينوِيَ بها التَّضحيةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (67) ، والمالِكيَّة (68) ، والشَّافعيَّة (69) والحَنابِلة (70) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى )) (71) .
ثانيًا: أنَّ الذَّبحَ قد يكون لِلَّحمِ، وقد يكون للقُرْبَةِ، والفعلُ لا يقَعُ قُرْبَةً بدونِ النيَّةِ (72) .
المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ
المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ
لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ في يومِ النَّحرِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ )) (73) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر (74) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (75) ، والقرطبيُّ (76) .
يتبــــــــــــع
- الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها.
- الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة.
- المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها.
- الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة.
- الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ.
- الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ.
- المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة.
- الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ.
- الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا.
- مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ.
- الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ.
- الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ.
- الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ.
- المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة.
- الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ.
- المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ.
- المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ.
- الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ.
- الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ.
- الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا .
- المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ.
- المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ .
- الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ.
- المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها.
- الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ.
- مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه.
- الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.
- الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة.
- المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة.
- المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟.
- المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه.
- المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا.
👇👇👇👇👇👇👇👇👇
المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها
وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها
الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّةالأضْحِيَّة لغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ (1) .الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى (2) .
الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّةالأضْحِيَّة مشروعةٌ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على مشروعِيَّتِها: ابنُ قُدامة (3) ، وابنُ دقيق العيد (4) ، وابنُ حَجَر (5) ، والشوكانيُّ (6) .
الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها
مِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة (7) :
1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِ محبَّتَه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.
3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ اسمُه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ .
4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ طعامًا له.
الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه (8) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ )) (9) .
ثالثًا: أنَّ الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِ في عِدَّةِ مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه (10) .
المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها
الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة
الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور (11) ، والشَّافعيَّة (12) ، والحَنابِلة (13) ، ومذهب الظَّاهريَّة (14) ، وهو إحدى الرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَ (15) وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ (16) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا )) (17) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ (18) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به )) (19) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تَضْحِيَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمَّتِه وعن أهلِه؛ تُجْزِئُ عن كُلِّ مَن لم يُضَحِّ، سواءٌ كان متمكِّنًا مِنَ الأضْحِيَّةِ أو غيرَ متمَكِّنٍ (20) .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: ((لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّا جِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ (21) )) (22) .
2- قال عِكْرَمةُ: ((كان ابنُ عبَّاسٍ يبعَثُني يومَ الأضحى بدرهمينِ أشتري له لَحْمًا، ويقول: مَن لَقِيتَ فقل: هذه أضْحِيَّةُ ابنِ عبَّاسٍ)) (23) .
3- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنِّي لأَدَعُ الأضحى وإنِّي لمُوسِرٌ؛ مخافةَ أن يرى جِيراني أنَّه حَتْمٌ عليَّ) (24)
ثالثًا: أنَّها ذبيحةٌ لم يجِبْ تفريقُ لَحْمِها، فلم تكُنْ واجبةً، كالعقيقةِ (25) .
الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ
مَن نَذَرَ أن يُضَحِّيَ، فإنَّه يجِبُ عليه الوفاءُ بنَذْرِه، سواءٌ كان النَّذْرُ لأضْحِيَّةٍ معيَّنةٍ أو غيرِ مُعَيَّنةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (26) ، والمالِكيَّة (27) ، والشَّافعيَّة (28) ، والحَنابِلة (29) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه، ومَن نَذَرَ أن يَعْصِيَه فلا يَعْصِه )) (30) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ التَّضْحيةَ قُربةٌ لله تعالى، فتلْزَمُ بالنَّذرِ؛ كسائِرِ القُرَبِ (31) .
الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ
تَعْيِينُ الأضْحِيَّةِ يحصُلُ بشِراءِ الأضْحِيَّةِ مع النيَّةِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة (32) ، وقولٌ للحَنابِلة (33) ، وبه قال ابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّة (34) ، واختاره ابنُ تيميَّة (35) ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ (36) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى )) (37) .
2- عن أبي حُصَينٍ: أنَّ ابنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنه رأى هَدْيًا له، فيه ناقَةٌ عَوْراءُ، فقال: إنْ كان أصابَها بعدما اشْتَرَيتُموها فأَمْضُوها، وإنْ كان أصابَها قبلَ أن تَشْتَرُوها فأَبْدِلُوها (38) .
ثانيًا: أنَّ الفِعْلَ مع النيَّةِ يقومُ مقامَ اللَّفْظِ، إذا كان الفِعْلُ يدلُّ على المقصودِ؛ كمن بنى مسجدًا، وأَذِنَ في الصَّلاةِ فيه (39) .
ثالثًا: أنَّه مأمورٌ بشِراءِ أضْحِيَّةٍ، فإذا اشتراها بالنيَّةِ وقَعَتْ عنه كالوكيلِ (40) .
المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِيُشْتَرَط أن تكونَ الأضْحِيَّةُ مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما )) (41) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذْبَحوا إلَّا مُسِنَّةً (42) إلَّا أن يَعْسُرَ عليكم، فتَذْبحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأْنِ )) (43) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (44) ، وابنُ رُشْدٍ (45) ، والنوويُّ (46) ، والصنعانيُّ (47) .
الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا
يُشْتَرَط في الأضْحِيَّةِ أن تكون قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شرعًا، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ، ولا بما دُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ )) (48) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ (49) ، والنوويُّ (50) ، والشنقيطيُّ (51) ، وحكاه ابْنُ حَزْمٍ في إجزاءِ الثَّنِيِّ مِنَ المَعْزِ (52) ، والتِّرمذيُّ في إجزاءِ الجَذَعِ مِنَ الضَّأنِ (53) .
مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ
الثَّنِيُّ مِنَ الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، والجَذَعُ مِنَ الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛ نصَّ على هذا التَّفصيلِ: فُقهاءُ الحَنَفيَّةِ (54) ، والحَنابِلة (55) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (56) ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ (57) .
الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ
يُشْتَرَطُ في الأضْحِيَّةِ السَّلامةُ مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بالعوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والمريضَةِ البَيِّنِ مَرَضُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي (58) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ (59) التي لا تُنْقِي (60) )) (61) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ حَزْمٍ (62) وابنُ عَبْدِ البَرِّ (63) ، وابنُ رُشدٍ (64) ، وابنُ قُدامة (65) ، والنوويُّ (66) .
الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ(يُنظَر: أوَّلُ وقتِ التَّضحيةِ، وآخِرُ وَقْتِها)
الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ
يُشْتَرَط على المضَحِّي أن ينوِيَ بها التَّضحيةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (67) ، والمالِكيَّة (68) ، والشَّافعيَّة (69) والحَنابِلة (70) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى )) (71) .
ثانيًا: أنَّ الذَّبحَ قد يكون لِلَّحمِ، وقد يكون للقُرْبَةِ، والفعلُ لا يقَعُ قُرْبَةً بدونِ النيَّةِ (72) .
المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ
المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ
لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ في يومِ النَّحرِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ )) (73) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِنقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر (74) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (75) ، والقرطبيُّ (76) .
يتبــــــــــــع
الصفحة الأخيرة
☆ قـال الإمـام الخطـابي رَحِمَه الله تعالى:
" حكمة التكبير في هذه الأيام، أنّ الجاهلية كانوا يذبحون لطواغيتهم فيها، فشُرع التكبيرفيها إشارةً إلى تخصيص الذبح له، وعلى اسمه عزّ وجل ".
"