فهو بلا شك طريد ذليل ...
انهالت على قلبه غشاوات الحرمان والعقوبة ...
حينما يستسلم لمتعة دنياه التي ملأت عليه فكره ... وأصبحت معبوده ...
فهو والله ممقوت ...
مضيع لما حباه الله من النعيم الذي لوعاش في ظلاله لنظر بعين الحقيقة إلى الملكوت ...
ولرأى كم هو عزيز وعظيم ...
لذلك تراه يعيش في عالم غير عالمه ...
وفي سماء غير سمائه ...
أولئك المسوفون الذين يظنون أنهم يوماً ما سيصلّون ...

إن أعظم وأجمل ما يصل إليه العبد أن يسمو بروحه ...
أن يسمو بفؤاده ...
سمواً ينسيه بعدها تعب وتنغيص الطريق ...
فهذه الزائلة طريق من خلالها يجمع لموطنه ...
ولو نظر بعين الحقيقة ...
لعرف بعدها كيف يكون بذر الثمار في مزرعة الآخرة ...
ليجني ثماراً رابحة ...
ثماراً يانعة ...
والحصاد سيكون في موسم الحصاد ...
نعم تعب هو ذلك البذار ...
ولكن التعب لا يدوم ...
يذهب ويزول ليذوق بعدها لذة ما جناه ...
وإلا فيا لخيبة المتقاعسين اللاهثين وراء السراب ...

فيا أَمة الله إلى متى ! ...
إلى متى تبقين منساقةً وراء السراب ...
تحاولين وتحاولين الوصول إلى قمة الأنس ...
وفي الحقيقة أنه الهلاك والخزي ...
خدعتك الأيام فذهب موعد البذار ...
فندمتِ ...
من سيقف معك ؟ ...
من سيسد عنكِ ؟ ...
من سيرد جوعتك ؟ ...
حينما يدلهم الخطب ...
ويتخلى الأحباء والأصحاب الذين ملكوا عقلك ؟ ...
أنتِ تعرفين الحقيقة وتنساقين وراء قاتلك ...
ماذا دهاك ؟ ...
متى ستصحين من رقدتك ؟ ...
وفي كل يوم تقولين آن الأوان وما أراه آن ...
من خلال لهثك لأكل الثرى ظانّة أنه ماء ...
ألا تسمعي مقالتي ...
وتسيري بإسراع خلف من سبقوكِ وتركوكِ ... !

النذير يناديكِ في كل لحظة ...
ماذا تنتظرين ...
وأنت تقولين لغيرك : سارعي ...
أما لنفسك كان ذا التذكير !! ...
أقسمت عليكِ أن تفيقي ...
هلّا أجبتِ ...
وربما تفيقين ...
وربما جرت بحار على خديك ممزوجة بدمع خالطه الدم !! ...
هول وعويل ...
بكاء ونحيب ...
من يسمع حينما يقال للمضيعين ( إنكم ماكثون ) ...
من سيجيبكِ لو قيل لكِ مع من يقال لهم (اخسئوا فيها ولا تكلمون ) ...
تذللي بافتقار وقولي :
قد كفاني علم ربي .... من سؤالي واختياري
فدعائي وابتهالي ..... شاهد لي بافتقاري

فالمحبوب عند المنكسرين ...
فهلّا افتقرتِ إليه ...
لتنالي نظرة ترتفعين بها إلى رضوان حليمٍ أحبك .. وأحب أن يرضيكِ ...
بالله عليك ...
عودي قبل فوات الأوان ...
من خلال لحظة صدق تتعرضين فيها لنظرة رحمة وإمداد توفيق يرقّيكِ ...
إن كانت العروق تعمل ...
والقلب ينبض ...
فما زالت الفرصة أمامكِ ...
~ الحقي بالركب ~

اللهم اجعل غنانا بك وافتقارنا إليك