الغربة التي سأتحدث عنها ليست الغربة عن الوطن و الأهل كما هو المفهوم الشائع عن الغربة..
و لكنها الغربة التي تحدث عنها الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما قال: (( بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا , فطوبى للغرباء )) .
نتساءل دائما عندما يتم تجاهل حقائق الدين و شرائع الله .. هل نحن فعلا في زمن الغربة ؟!
هل وصلنا إلى مرحلة أن يكون هذا الدين غريبا ؟ ربما يقول أحدنا بكل تلقائية نعم انه غريب في بلاد الكفار
و هل هناك اكثر غرابة عند هؤلاء القوم من ان تحدثهم عن وحدانية الله أو عن الصلاة و غيرها من أحكام الشرع ؟
و هذا الكلام و إن كان فيه الكثير من الصحة إلا انه ليس بمستغرب من أناس لم تلامس قلوبهم روعة الإيمان و لا طعم الإسلام.. وقد نشاوا على مبادئ بعيدة جدا عن الإسلام و تصوراته للحياة و الإنسان .
إن منبع الغرابة لدي هو آن يكون الدين ( أو بعض أحكامه ) غريبا في بلاد المسلمين , و بلاد المسلمين ..أخي الحبيب.. ليست قاصرة على بلدك أو بلدي .. إنها تمتد من أندونيسيا إلى المغرب و تشمل اكثر من ألف مليون مسلم و مسلمة .
صحيح أن هنالك ظهور واضح لدين الله في بلاد المسلمين و غلبه نسبية للحق على الباطل في اكثر مناحي الحياة.. و إن اختلفت من بلد إلى آخر , إلا أن هنالك شيء مشترك في كل البلاد الإسلامية من الصعب تفسيره و تجاوزه .. إنها الانتقائية في الدين !
نحن نقر جميعا أن دين الله يؤخذ جملة و لا يقسم إلى شرائع مرتضاة و أخرى غير مقبولة .
و إلا أصبحنا كاليهود و النصارى الذين قال الله عنهم : (( كما أنزلنا على المقتسمين , الذين جعلوا القران عضين )) أي جعلوا القران أعضاء و أجزاء يأخذون منه ما وافق هواهم و يرفضون ما تعارض مع شهواتهم و هوى نفوسهم .
و قد يبدو لك هذا الأمر مستهجناَ و مستعظماَ و هو والله كذلك ! لكنه موجود و مؤصل بل قد يكون غير مستغرب في بعض البلدان و الأمصار من ديار المسلمين .
إن المجتمع المسلم بفطرته السوية يرفض الكثير من المنكرات العامة حتى لو أصبح لها مؤسسات و دعاة على أبواب جهنم .. لكنه في الغالب يغفل عن منكرات أخرى انتشرت في العامة و الخاصة حتى أصبحت من ضمن نسيجنا الاجتماعي للأسف الشديد .
التميز الطبقي و " المناطقي " كاد أن يكون صفة ملازمة لنا نحن المسلمين , فهذا " بدوي " و هذا "حضري" , وهذا من المنطقة الفلانيه وذاك من البلد الفلاني . . كل ذلك يقال على سبيل الغمز واللمز والانتقاص من اخوة لنا في الدين و العقيده . . انك لو سألت طفل مسلم لأخبرك على الفور بأن الإسلام ينهى عن العنصرية و قد جاء يهدم الطبقية و العصبية القبلية و لسرد لك الأحاديث و الآيات مستدلا على ما يقول .
و مع ذلك فهي موجودة و ملتصقة في ذواتنا و وجداننا.. و إن كنا نعلم أن الإسلام نهى عنها .
مثال آخر .. الكذب أصبح (ماركة مسجلة) لكثير من بلاد المسلمين , يمارسه الكبير و الصغير و الحاكم و المحكوم و البر و الفاجر .. و مرة أخرى كل المسلمين يعرفون حرمته و نهي الله و رسوله عنه .
و لولا خشية الإطالة لذكرت الكثير من الأمثلة ....
إنه تناقض.. بل انفصام في شخصيتنا , يجب أن نعالج أنفسنا منه , فما أقرّه الله و رسوله فهو المتبع و ما نهى عنه فهو محرم .. و ليس لأهوائنا و لا لعاداتنا و لا لتقاليدنا مزية و فضل على كلام الله و كلام رسوله (صلى الله عليه وسلم) بل كلها خاضعة و مسيرة بهدي الله و هدي نبيه عليه افضل الصلاة والسلام .
ويبقى السوال بلا اجابه ! ما هي الأسباب في التي ادت الى هذا الانفصام . . اذا جاز التعبير? وكيف نتخلص منه ?
تحياتي للجميع
منـــقـــــــول
اترجى دموعي @atrg_dmoaay
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
وفعلاااااا((( (( بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا , فطوبى للغرباء )) .