طيف الأحبة

طيف الأحبة @tyf_alahb

عضوة شرف في عالم حواء

** زهور تنزف **

الأمومة والطفل


بسم الله الرحمن الرحيم

عاد إلى بيته منهكاً، وجالت عينه في غرفة الدار الوحيدة تبحث عن حشيته التي يلقيها تحت جسده النحيل المعروق قبل أن ينام.. في الزاوية الملوثة بالأتربة، رفع وسادته وعلى الجانب الآخر وجد لحافه المرقع، وافترش الحشية السوداء ونام، غفا لحظة فرط الإرهاق، وفجأة استيقظ في رعب، ولمح والده الكبير يلج من الباب ويسير وقد أحدب الزمان ظهره، بات في هذا الليل الذي يُغشي صورته وكأنه يزحف على الأرض، أثخنه الجوع فنهش لحمه القديم، وكسر أسنانه وعمل عمله الدهري في عظامه فصارت مرتخية مفككة المفاصل.. والطفل الصغير يلمحه خلف غطائه الذي لفه على رأسه وتلثمه، وأخرج من ورائه عينيه الحمراوين، هل بكى؟ كان يبكي في كل لياليه المؤذية، وهل كان الاحمرار من أثر الغبار ومخلفات العمل، وزيوت الماكينة، حين يعرك عينه وهو لا يشعر فتمتلئ بها، وتصير حمراء كالدم الذي جف في عروقه؟ نعم.. لقد بكى كما كان يبكي كل ليلة، وصار يحدث نفسه كما يفعل كل ليلة قبل أن ينام.. على أن جسده الصغير لا يحتمل السهر أكثر من ذلك، إلا أن الأرق والهم يكويه فيبقيه مستيقظاً لحظات معدودة تثور فيها أحزانه عليه، ولابد أن يطفئ جمرها ولهيبها المتصاعد في حواشيه بدموع وأحلام..



يهمس لنفسه بصوت حزين وكأنه يهدهدها هدهدة أم رءوم فقد حنانها منذ أمد:

ـ لماذا لا تتركوني أعيش طفولتي؟! مازلت أحب اللعب والمرح.. مازلت أحتاج حضن أمي ويد أبي تشد عليّ لترشدني إلى الطريق الصحيح، لمَ تسرقون عالمي لتقذفوا بي إلى عالم أجهله بمتاعبه وعقده؟




لم يكن هذا صوت طفل واحد، إنما صرخة أطفال في مختلف بقاع الأرض ينادون بعالم الطفولة الذي دهسته أقدام الواقع المادي الأليم. لم يعرفوا طعم الراحة ولم يستمتعوا بالطفولة المدللة‏.. وتحت ظروف أسرية صعبة تركوا المدارس.. وانطلقوا نحو ورش الرخام والمحاجر وإصلاح السيارات‏.. في الشوارع والميادين تراهم.. في مواقف المواصلات ربما يبيعون المناديل ويطاردون السيارات بحثا عن قروش يتقاضونها.. ‏ لا أحد يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم.. ولا بد أن يدفع الطفل من كرامته وحريته وآدميته الكثير مقابل ريالات معدودة تسد رمقهم أو تدفعهم إلى الانحراف‏! ‏


أطفال ليسوا بأطفال، لم يبقى شيء فيهم يدل على طفولتهم، وجوههم مرهقة، أيدهم خشنة، خطواتهم ضائعة...


أين ذهبت الطفولة البريئة؟ أين هي الوجوه الملائكية والأراجيح.. الألعاب والضحكات البريئة؟.. أين ذهبتم بها؟ وإلى متى تمتهن الطفولة؟



إحصاءات وتقارير عالمية

أثبتت إحصاءات منظمة العمل العالمية في تقريرها الخاص بعمالة الأطفال، أن عدد الأطفال الذين يعملون في العالم حوالي250 مليون طفل، تراوح أعمارهم بين خمسة أعوام و‏17‏ عاما، أي بمعدل طفل يعمل بين كل ستة أطفال في العالم. وتبلغ عدد ساعات عملهم في الزراعة من أربع إلى تسع ساعات يومياً، أما الأطفال الذين يعملون في الصناعة والمهن الشاقة فيصل عدد ساعات عملهم إلى 14 ساعة مقابل أجور زهيدة.

وقالت المنظمة في تقريرها‏:‏ إن‏75%‏ من هؤلاء الأطفال يعملون في أعمال شاقة وخطيرة‏، وأن هناك نحو‏180‏ مليون طفل معرضين لأخطار صحية أو الإصابة بأذى نتيجة انخراطهم في أعمال خطيرة‏. كما قدرت منظمة العمل الدولية عدد الأطفال الذين أدت ظروفهم إلى انخراطهم في أعمال التهريب والدعارة أو العمل المسلح والأنشطة غير الشرعية الأخرى بنحو‏8. 4‏ مليون طفل‏.



وأكدت المنظمة‏:‏ إن منطقة آسيا والمحيط الهادي تستحوذ على أكبر عدد لعمالة الأطفال في العالم‏,‏ حيث يبلغ عدد الأطفال العاملين في هذه المنطقة نحو‏127‏ مليون طفل.









ألا يحق لهؤلاء الأطفال اللعب كأطفالنا الذين ينعمون بكل وسائل الحياة الرغدة ؟؟

وصلتني بالايميل


0
453

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️