زوجي طلقني سراً وعاش معي!
مأساة زوجة أمام لجنة الفتوى في الأزهر
أحمد جمال - القاهرة
هل تبدأ مسؤولية الزوجة عن الطلاق منذ لحظة وقوعه، أم منذ لحظة معرفتها به؟ سؤال فرضته مأساة زوجة كانت قد لجأت أخيراً إلى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف تسأل عن فترة أمضاها معها زوجها بعد أن طلقها ولم يخبرها! فماذا يقول رجال الدين عن تلك المأساة التي يمكن أن تتكرر مع أخريات؟
بدأت القضية بذهاب زوجة إلى لجنة الفتوى في الأزهر باكية تشكو أن زوجها أخفى عنها طلاقها لفترة طويلة، واستمر خلالها في العيش معها، ولم تعلم بفعلته إلا بالمصادفة من أخت الزوج الذي ائتمنها على إخفاء جريمته مستغلاً كراهيتها لزوجته.
تبكي الزوجة بشدة من خسة الزوج الذي أوقعها في شبهة العيش معه في الحرام، دون علمها. وتعمقت صدمتها ذهبت إلى المحكمة لنيل الطلاق بشكل رسمي ومعاقبة الزوج على فعلته الشنيعة، لكنها فوجئت بأن القانون لا يعترف بالطلاق إلا إذا أقر به الزوج، وفي الوقت نفسه أنكرت أخت الزوج ما قام به أخوها وكشفته للزوجة دون شهود يمكن الاستناد إلى شهادتهم.
ولا تزال مأساة الزوجة مستمرة، اذ يطالبها الزوج بالخلع حتى يفقدها حقوق المطلقة من نفقة ومؤخر صداق، بل إنه مستمر في عناده حتى تتنازل له عن كل حقوقها، ولتخرج من هذه الزيجة ممزقة نفسياً بسبب إخفاء الزوج أمر طلاقه لها لفترة طويلة دون أن تتمكن من نيل حقوقها القانونية والشرعية كمطلقة بعدما عاشت معه فترة في الحرام.
تلاعب
يؤكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق أن الزوج الذي يُطلق زوجته دون علمها، ومن ثم يعاشرها معاشرة الأزواج قد اعتدى على أحكام الشرع واستهتر بها، ويكون بهذا متجاوزاً لحدود الشريعة الإسلامية التي حفظت حقوق المرأة سواء كانت زوجة أو مطلقة.
إلا أن صاحبة هذه المشكلة ضحية لإنسان مات ضميره وتحوّل إلى وحش يبحث عن مصلحته ويضرب بأحكام الشرع عرض الحائط، ولهذا فهو آثم شرعاً ويجب على ولي الأمر سواء كان الحاكم أو القاضي معالجة هذه الثغرات القانونية التي استغلها الزوج لإذلال زوجته بعدما عاش معها في الحرام منذ أن طلقها دون علمها، ولهذا فإنه لا إثم عليها من الناحية الشرعية، ويجب عليها ألا تمكنه من نفسها منذ علمها بأنه طلقها إلا إذا كانت الفترة قصيرة ويرجح أن عدتها المسموح له فيها أن يردها لعصمته لم تنته بعد. أما إذا كانت الفترة أطول من العدة فإنها تصبح محرمة عليها. والمبدأ أن إخفاء الطلاق أصلاً نوع من الذنب والخداع اللذين نهى الشرع عنهما.
الحل
وتؤكد العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح أنه «لا ذنب من الناحية الشرعية على الزوجة المسكينة التي غدر بها شريك حياتها، واستهزأ بأحكام الشرع، وخالف الأمر الإلهي في قوله تعالى: «ولا تتخذوا آيات الله هزواً» (آية 231 سورة البقرة).
ولهذا فإنني أكرر ما سبق أن طالبت به وهو توثيق الطلاق، وضرورة وجود شهود عليه لضمان حقوق الزوجة التي كان زواجها به عن طريق عقد موثق مكتمل الأحكام الشرعية ومنها وجود الشهود، فكيف يتم فسخ هذه العلاقة أو إنهاؤها سراً ودون علم الزوجة، بل ابتزازها بعدما نزعت منه الرحمة ونسى الأمر الإلهي للمقبلين على الطلاق إذ قال تعالى: «ولا تنسوا الفضل بينكم». وأدعو إلى معالجة أي قصور قانوني أدى إلى جرأة «شياطين الإنس» على حقوق البشر ونسي أن الزواج في الإسلام آية من آياته وليس وسيلة استمتاع فقط، فقال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (آية 21 سورة الروم)».
الطلاق اللفظي
ويرى العميد السابق لكلية الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتورمحمدرأفتعثمان أن «الطلاق من الناحية الشرعية يقع حتى وإن لم تبلغ به الزوجة. ولو فرضنا أن هذه الزوجة لم تعلم بالطلاق إلا بعدما حاضت ثلاث مرات فإن عدتها تكون قد انقضت مع أنها لم تعلم، وما قام به هذا الرجل من معاشرة لزوجته رغم أنه طلقها لا يوقع اثماً لا إثم عليها وإنما الإثم كله عليه وحده بعدما استحل الحرام. ولم يكتف بذلك بل يريد أن يجبر الزوجة على الخلع والتنازل عن حقوقها الشرعية. ويجب على المسلم الحقيقي الذي يخاف الله أن يحفظ لسانه عن الطلاق اللفظي وأن يطلق الطلاق الشرعي إن رغب عن زوجته واستحالت الحياة بينهما».
فتوى موحدة
وترى العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في بورسعيد الداعية الإسلامية الدكتورةعبلةالكحلاوي أن «إعادة طرح هذه المشكلة على المجامع الفقهية في مختلف الدول الإسلامية والخروج من اجتهادات العلماء بحكم شرعي واحد يقضيان على البلبلة التي قد تحدث من اختلاف اجتهادات الفقهاء في وقوع الطلاق من عدمه، إذا تم دون علم الزوجة بعد أن أخفى الزوج عنها ذلك لمدة سواء كانت طويلة أو قصيرة.
ويرى جمهور الفقهاء أنه من الناحية الشرعية يقع الطلاق وتترتب عليه أحكامه الشرعية ابتداءً من قيام الزوج بالتطليق، وبالتالي يتم احتساب بداية العدة من هذا التاريخ، ويجوز له مراجعتها إذا لم تنقضِ مدة العدة، ويكون الطلاق نهائياً إذا كانت المدة انتهت، ويتحمل الزوج إثماً عظيماً إذا خالف الشرع في الالتزام بذلك. وفي الوقت نفسه فإن هناك اجتهادات أخرى تشترط علم الزوجة، وأن يتم الطلاق بشكل مباشر وفي وجود شهود، وأن يوثَّق حتى تنال الزوجة حقوقها ويتم منع الأزواج المتلاعبين بأحكام الدين».
تحذير
ووجه عميد كلية الدراسات الإسلامية في بني سويف جامعة الأزهر الدكتورعبدالحيعزب رسالة تحذير شديدة اللهجة لكل رجل يفكر أن يفعل مثل هذا الزوج قائلاً: «إعلم أيها الزوج أنت وأمثالك أن من يتعدون على حدود الله وحقوق العباد ظالمون لأنفسهم قبل أن يظلموا غيرهم لقوله تعالى: «وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه» (آية 1 سورة الطلاق). وأن مصيرك الموت مهما طال عمرك، وأن الله يمهل ولا يهمل لأنه سبحانه القائل: «ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها» (آية 14سورة النساء).
استطعت أن تخفي الطلاق عن زوجتك وعاشرتها في الحرام، لكن الإثم عليك وحدك، لأن الله سبحانه القائل: «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور» «(آية 19 سورة غافر). وإذا استمر ظلمك فإن نهايتك سيئة وسينتقم الله منك وسيرد شرك إليك إن عاجلاً أو آجلاً، لأن الله سبحانه يقول: «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله» (آية 43 سورة فاطر). وعليك وعلى كل من سولت لهم أنفسهم ظلم الناس أن تتذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذنب لا ينسى، والبر لا يبلى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، وكما تدين تدان»، وفي النهاية يجب على الحكام والقضاة الذين يضعون القوانين أن يتصدوا للقاسية قلوبهم ممن يتلاعبون بأحكام الشرع وليعلم الشرير أن الغالب بالشر مغلوب وأن شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً.
وفي النهاية نقول للجميع ما حذرنا الله به في قوله: «ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» (آية 42 سورة إبراهيم ). وقوله أيضاً: «أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون» (آية 99 سورة الأعراف). وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولاة الأمر بإقامة حدود الله ولو بالقوة فقال: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم».
القانون
ويقول الداعية الإسلامي الدكتور مبروك عطية الأستاذ في جامعة الأزهر: «من المؤسف أن هناك حالات طلاق كثيرة تحدث دون علم الزوجة بعدما افتقد الأزواج خشية الله والخوف من عقابه في الدنيا والآخرة فاستحلوا الحرام وتجاوزوا القيود الشرعية بما فيها ارتكاب ما حرم الله من معاشرة الزوجة المطلقة التي لا تعلم عن جريمته شيئاً.
ولهذا فأنا من أنصار إثبات الطلاق أو توثيق واشتراط حضور الزوجة أو أحد ذويها العدول حفاظاً وحماية لحقوق الزوجة التي تكون الضحية لمن ماتت ضمائرهم مستغلين أحكام الشريعة الإسلامية التي جعلت الطلاق بيد الرجل دون المرأة التي لها حق الخلع بعد التنازل عن حقوقها».
ويوضح أن «الأحكام الشرعية لابد لها من وسائل رادعة تُعاقب كل من يستهتر بها، ولأنه كما هو معروف «إن الله يزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن» أي أن أحكام الشرع يجب أن يتم تنفيذها ولو بقوة القانون الذي يضعه الحاكم وهو المسؤول أمام الله عن تنفيذ ما يأمر به الدين أو ينهى عنه، وبالتالي ردع أمثال هذا الزوج الذي لا دين له ولا رحمة في قلبه، بل إنه يمكن تنفيذ حكم المفسد في الأرض على هذا الزوج وأمثاله وهو ما وضحّه الله في قوله تعالى: «إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتّلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم» (آية 33 سورة المائدة).
كما وصلني ,,

انو لازم يطبق عندنا قانون يجبر الزوج اعلام زوجته بطلاقها
حدفوة المشرفات بدعوة انو هي سياسيه