السلام عليكم..
عندي سؤال.. بحثت عليه في النت لكن مالقيته بالشكل المطلوب..
يمكن معلمات رياض الاطفال يكون عندهم خبره أكثرررر..:(
السؤال هو:..
كيف تنمي الحس والإبداع الادبي والموسيقي عند الأطفال؟؟؟
ن*و*ر*ه @norh_15
عضوة جديدة
سؤاااال واااحد بس أريد جوابه الليله.. الله يخليكم يامعلمات الرياض والاطفال..
1
807
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الموسيقى لغة من لغات الجمال تشكل مع غيرها من لغات الجمال عالمي الطفل والشعر، وتلعب الموسيقى على اختلاف إيقاعاتها وتمسياتها دوراً أساسياً في تكوين شخصية الفرد وسلوكه، وهي إذا ما وظفت بطريقة سليمة مدروسة فإنها سوف تفرز لنا جيلاً يمارس دوره بكل ثقَة وثبات.
تمثل الموسيقى والأغنية جزءاً من ثقافة الطفل النفسية والوجدانية والاجتماعية والفكرية، بل هما أهم دعائم هذه الثقافة ذلك إن الموسيقى والأغنية أول سلوك بشري يواجهه الطفل في حياته يقول فالح فلوح في
مجلة الموقف الأدبي(1).
((الغناء أول صور الفن الذي يواجهها الطفل وهو بين ذراعي أمه)).
ويؤكد الدكتور عبد الحميد يونس في تقديمه لكتاب أغاني الأطفال الشعبية في واحد وعشرين(2) دولة أن الأصوات الموسيقية هي أول ما يمارسه الطفل اجتماعياً وهي أصوات ذات إيقاع موسيقي لا علاقة لها بالكلمة من حيث اللفظ أو المدلول.
((إن الأغنية نشأت قبل الكلمة باعتبارها صوتاً له إيقاع ووزن)).
فالموسيقى والأغنية يساهمان مساهمة فعّالة ومهمة في تنشئة الطفل اجتماعياً وهذا هو دور من أدوار المجتمع نحو الطفل في مراحله المبكرة وبين كتاب ((التنشئة الاجتماعية بعد الطفولة)(3) الذي ترجمه د.علي الزغل أهمية دور المجتمع في تنشئة الطفل اجتماعياً.
((إن وظيفة التنشئة الاجتماعية هي تحويل المادة الخام في الإنسان البيولوجي إلى إنسان مناسب للقيام بفعاليات المجتمع)) ومن الطبيعي أن مزاوجة البيولوجي مع الاجتماعي لا تتم دون ثقافة واعية من المجتمع للطفل حتى يتمكن الطفل من تأدية دوره اجتماعياً ويصبح عنصراً فاعلاً في مجتمعه.
إن ثقافة الطفل تبدأ من الأيام الأولى لميلاده فتدخل موسيقى الحركة ثم موسيقى الصوت لتشكلا لديه فرصتي الربط والاستدلال كما سنبين لاحقاً عند الحديث عن الموسيقى في حياة الطفل إضافة إلى ما يكتشفه هو وما يصل إلى معرفته من خلال الملامسة عند تحريك يديه ويؤكد على ذلك الدكتور عبد الحسين بيرم في كتابه ((نقاط مضيئة في حياة الطفل))(4).
((الطفل في الشهر الثاني من عمره يهوى اللعب ولمس وتحريك حلق الأم أو عقدها أو سوارها)).
إن الطفل في أشهره الأولى لا يفكر بملامسة الثدي مثلاً عند الرضاعة ذلك بأنه قد اكتشفه من خلال الرضاعة لكنه يبحث عن أشياء أخرى يريد اكتشافها ليزيد ثروته الثقافية في معرفة ما حوله ولديه إحساس كبير في معرفة ما يحيط به ويؤكد ذلك الدكتور عبد الحسين بيرم(5).
((الطفل حسّاس جداً منذ ولادته فهو يعرف أمه من خلال رضاعة الثدي)).
وثقافة الطفل تعني لدى الدارسين والباحثين أنها مجمل ما يقدمه المجتمع للطفل من عادات وقيم وأساليب سلوك وعلاقات وأدوات وتقنيات كي يتعلمها ويتكيف معها، فهي والحال كذلك نمط معيشة الجماعة وللثقافة وظائف كثيرة اختصرها الدكتور مصطفى حجازي بكتابه ((ثقافة الطفل العربي))(6) بوظيفتين هما:
1-وظيفة اجتماعية تعد الطفل اجتماعياً حتى يصبح إنساناً اجتماعياً يتفاعل مع ما حوله بأسلوب إنساني يتوافق ونظرة المجتمع.
2-وظيفة نفسية وهي التي تكسب الطفل أساليب التفكير والمعرفة وقنوات التعبير عن العواطف والأحاسيس.
وإذا كانت الموسيقى بأصواتها المختلفة وإيقاعاتها المتنوعة ومفرداتها اللغوية هي أول إنتاج إنساني يدخل عالم الطفل ليكون اللبنة الأولى في تشكيل ثقافته وشخصيته فمن الضروري الوقوف على علاقة الطفل بالموسيقى والكلمة المغنّاة ودور كل منهما في تنمية وعي وإدراك الطفل إلى أي مدى تؤثران في
سلوكه الاجتماعي.
الطفل والموسيقى:
يبدأ دور الموسيقى في عالم الطفل من مرحلة ما قبل الولادة أي والطفل ما يزال جنيناً وعليه فإن العناية بالطفل موسيقياً تبدأ من العناية بالأم صحياً ونفسياً، وهذا ما تؤكده الدراسات فالعناية الطفل والاهتمام به يبدأ من مرحلة التكوين من خلال الاهتمام والعناية بالأم.
لا يتوقف دور الموسيقى في المساهمة في تشكيل وجدان الطفل وتفكيره وسلوكه عند مرحلة من مراحل النمو بل تصاحب الموسيقى الجنين منذ الحركة الأولى حتى توقف النبض، وهذه الأدوار المختلفة والمتعددة للموسيقى في حياة الفرد تمرّ أيضاً بمراحل مصاحبة لمراحل نمو الفرد.
1-الموسيقى الحسيّة:
ما إن يتكون الجنين داخل رحم الأم في أشهره الأولى حتى تبدأ علاقته بالموسيقى، وذلك من خلال دقات قلب الأم المنتظمة وحركة أعضاء الجسم الداخلية، وهذا الإيقاع المنتظم لنبضات القلب يشكل توازناً عند الجنين يستجيب له وتهدأ حركاته وإذا ما اختلف الإيقاع النبضي عند الأم لأي سبب كان –فرح-حزن- فإن الطفل يتأثر تأثّراً مباشراً بهذا التغيير في الإيقاع ويبدأ بحركات انفعالية تتناسب والإيقاع الجديد وهناك مقولة شعبية تقول: إن الجنين يفرح لفرح أمه ويحزن لحزنها وقد أثبت العلم ذلك من خلال تغير حركة الجنين بتغير الإيقاع، فدقّات القلب منتظمة ما لم يطرأ على صاحبها طارئ معين فالنبضات مؤشر دقيق يدل على توازن حالة الأم أو انفعالاتها وتوترها، والطفل الذي اعتاد إيقاعاً نبضياً منتظماً فإنه يتأثر سلباً أو إيجاباً عند هبوط حدّة هذه الإيقاعات أو ارتفاعها، وهذا التجاوب مع أي تغيير في الإيقاع يدل على أثر الموسيقى في عالم الجنين فهو يساهم في تشكيل سكونه وحركته، فالجنين يبقى في وضع هادئ تماماً ساعة انتظام العزف النبضي وتزداد حركته مع أول تغيير تجاوباً رافضاً أو راضياً.
وينمو الجنين وتنمو علاقته بالموسيقى الحسيّة وتصبح جزءاً من عالمه ويبقى تعلقه وإحساسه بالموسيقى الحسيّة وتجاوبه معها إلى مراحل ما بعد الولادة والنضج وهذا ما نلمسه جيداً عند ملاعبتنا للطفل وعناقه، ففي لحظة العناق يحس بالأمان والعطف فيميل إلى الهدوء وعند ملامسة رأسه بلطف يشعر بالمحبة الكبيرة والاهتمام الذي يرجوه من الآخرين.
إن الموسيقى الحسية لا يسمعها الجنين بل يدركها حركة وإحساساً من خلال مسامات الجلد، وهذا النوع من التفاعل مع الموسيقى من أرقى أنواع الإحساس بالموسيقى وأكثرها تأثيراً وأصدقها عاطفة، ولا نبالغ إذا قلنا: إن مثل هذا الإحساس الفطري موجود أيضاً عند الحيوانات فالقطة مثلاً تستجيب للمداعبة والملاطفة وتمشيط الجسد باليد استجابة لدفء الموسيقى الحسية التي تعزف من خلال مسامات الجلد وتستقبلها مسامات الطفل.
2-الموسيقى الحركية:
يضيف الطفل إلى عالمه بعد الولادة لوناً جديداً من ألوان الموسيقى ويدخل عالمه السحري، إن الطفل لا يتمرد بعد ولادته على الموسيقى التي غذته بعزفها قبل أن تغذيه أمه بطعامها وهو في عالمه الجديد
يضيف موسيقى الحركة إلى الموسيقى الحسية، وهذه الموسيقى تدخل عالمه لتلبي حاجاته وحاجات المحيطين به من أفراد العائلة.
الطفل في أيامه الأولى للولادة يبدأ التعامل مع لغة موسيقية جديدة هي موسيقى الحركة من خلال حركة السرير وحركة إيقاع اليدين اللتين تحملانه وتهزانه بلطف وإيقاع الضربات الخفيفة على الظهر –الطبطبة- إن هذه الحركات بإيقاعاتها المنتظمة تدخل عالمه فيألفها ويتجاوب معها سلوكاً منتظماً ويرفضها مشتتة مضطربة ويعلن عصيانه على ندائها فهو حين يطرب لحركة السرير المنتظمة أو هذا الإيقاع المنتظم فإننا نجده قد نام أو كفّ عن البكاء استجابة للإيقاع المنظم لأنه وجد راحة كبيرة في هذه الحركات والإيقاعات المنتظمة وهي عنده لغة حنان واهتمام متوازنة مع الموسيقى الحسية التي عايشها جنيناً، وإذا ما دققنا النظر عند إنامة الطفل في السرير فإنه يبدأ فوراً بالاستجابة عند بدء الاهتزاز المنتظم ويغفو وإذا ما حاولنا تغيير إيقاع حركة السرير بطأ أو سرعة فإنه يصحو من نومه مزعوجاً ومرعوباً، وهذا نفسه يحدث عند حمل الطفل باليدين أو على الرجلين والبدء بحركات منتظمة ثم تغيير الحركات والإيقاعات وكذلك في حالة الطبطبة المنتظمة فإن الطفل سرعان ما يستجيب لنداء إيقاعها لكنه سوف يعلن رفضه عند تغيير الإيقاع.
إن الطفل يدرك وظيفة الموسيقى الحسية ووظيفة الموسيقى الحركية وهذا الإدراك والوعي لوظيفة الموسيقى لا يأتي مباشرة عند أول إشارة من الوالدين أو المقربين إنه نتيجة استمرار استجابة الطفل للموسيقى منذ التكوين الأول إنها علاقة نمت معه وسوف تنمو وتكبر وتزداد نضجاً بنضجه دافعه في الاستجابة رغبته الداخلية في حاجة معينة، فهو عند الرغبة في النوم يتجاوب مع اهتزاز السرير أو الأيدي وعند تعطشه للحنان يميل إلى الالتصاق بجسد الآخر الأم طالباً موسيقى حسية تريحه وتبعث فيه الاطمئنان والأمان.
وقد تكون الاستجابة من الطفل تحقيقاً لرغبة مشتركة مع الأم، فالطفل يرغب في النوم ولا قدرة له على ذلك والأم أيضاً لديها نفس الرغبة، فتأتي حركة السرير المنتظمة أو اليدين لتلبي هذه الرغبة وهذا يتوافق تماماً مع نظرية الشرطية عند بافلوب.
إن موسيقى الحركة هي بداية الطريق للغة موسيقية قادمة سوف تدخل عالم الطفل وتساهم في تشكيل وعيه ووجدانه وهي بالتالي امتداد أكيد للموسيقى الحسية والحركية اللتين تأسستا لديه ورافقتا مسيرة نموه ونضجه وتفتح وعيه وإحساسه.
3-الموسيقى الصوتية:
يبدأ الطفل التجاوب مع الأصوات منذ امتلاكه حاسة السمع والتي تأتي مبكرة قبل حاسة النظر، ولا تبخل عليه البيئة الخاصة المحيطة به بأصوات منغمة في إيقاعاتها حسب حاجاته ومتطلباته، وحين نتحدث عن موسيقى الصوت فنحن لا نعني أبداً موسيقى الكلمات أو الكلمات المموسقة، وإن كانت الكلمات بحروفها وطريقة نطقها لا بدلالاتها ومعانيها تمثل الملامح الأساسية لهوية موسيقى الصوت وهي تدخل عالم الطفل كأصوات منغمة ذات إيقاعات وليس كمعانٍ لها دلالاتها ومفاهيمها فالطفل في هذه المرحلة لا يدرك أبداً معاني المفردات والكلمات التي تُقال حوله ويسمعها باستمرار، إنه معني فقط بموسيقى الأصوات وسوف تصبح لديه القدرة على التمييز بين الأصوات ومعرفة أصحابها وسوف يدرك بعد مدة
معاني هذه الأصوات ودورها ووظيفتها، فهناك صوت منغم فيه دعوة للنوم وآخر للهدوء وآخر للطعام وهكذا، والطفل يمتلك القدرة السريعة على الربط ما بين حاجته وموسيقى الحركة، ففي حالة الاسترخاء والحاجة إلى النوم تبدأ الأم بالغناء المبهم الكلمات أحياناً الواضح الإيقاع دائماً، فهي تغني مثلاً:
ننيّه يا عين سامي نامي
ننيّه لاذبحلك طير الحمامي
وهذه الكلمات تغنى بإيقاع صوتي خاص يتلاءم وجو النوم الذي يرغب الطفل بممارسته وعادة يكون الصوت خافتاً حتى يشكل مع رغبة النوم مناخاً مناسباً للطفل يساعد الأم في ذلك حروف المدّ اللينة الموجودة في كل كلمة من كلمات الأغنية، ومن الملاحظ أن الأم إذا غنت لطفلها بكلمات تنقصها حروف المد المعروفة ((الواو والألف والياء)) فإنها تعمد إلى مد حركات الإعراب ((فتحة، كسرة، ضمة)) وليس مهماً أن تلفظ الأم الكلمات لفظاً سليماً بل ليس من المهم حفظ الأغنية فهناك أمهات لا يحفظن الأغنية ولكنهن يرددن اللحن بتمتمات تحافظ على الإيقاع الصوتي للكلمات وكما قلنا سابقاً فالطفل لا يدرك معنى الكلمات لكنه يدرك تماماً الإيقاع الصوتي فيستجيب للموسيقى الصوتية التي هيئت له مناخاً للنوم، ونراه بعد مدّة يدرك التمييز بين إيقاعات الكلمات ودورها فهناك أصوات منغمة للمشي وأخرى للعب وهكذا.. ومن أغاني المشي التي يستجيب لها الطفل دادي، دادي.. يا ما شالله دادي، دادي.. يا ما شالله
والطفل الذي استجاب للإيقاع المنظم في موسيقى الصوت فإنه سوف يرفض تغيير الإيقاع ويعلن عصيانه على تلبية أوامره فعند ما تغني الأم أغنية المهد ذاتها بإيقاعات مختلفة وصوت عالٍ سوف نجد عدم استجابة الطفل لذلك بل هو يفعل العكس تماماً من هنا ندرك أن الكلمات لا تعنيه بالمطلق إنما الذي يعنيه الإيقاع الصوتي الذي يسمعه.
من هنا ندرك أهمية انتظام الإيقاع الموسيقي في موسيقى الحس والحركة والصوت عند الطفل وبالتالي أهمية الموسيقى في تنمية الطفل وتنشئته إذا سلمنا بالمقولة السابقة التي وردت بالمرجع رقم –2- إن مهمة التنشئة الاجتماعية تحويل المادة الخام في الإنسان البيولوجي إلى إنسان مناسب للقيام بفعاليات المجتمع، من هنا يتضح دور الموسيقى في هذه العملية المهملة والضرورية حتى يتمكن الطفل من التفاعل الإيجابي مع المجتمع.
إن الأغنية عند الطفل في هذه المرحلة هي أنغام وليست كلمات وليس مهماً نسيان الأم كلمة أو أكثر من الأغنية ولكن المهم عنده الاستمرار في الإيقاع الصوتي ولو كان ذلك بكلمات مبهمة.
من الطبيعي أن موسيقى الصوت لا تدخل عالم الطفل إلا بشريك آخر هو موسيقى الحركة، فأغاني المهد واللعب والمشي تكون دائماً مصاحبة لحركة أو أكثر ويوجد دائماً توازناً بين الصوت والحركة وهذا التناغم يزيد من إمكانية استجابة الطفل للموسيقى الصوتية وتدخل أحياناً الموسيقى الحسية لتشارك في عملية النوم مثلاً، فالأم تحمل ابنها إلى صدرها وتربّت على ظهره وتغني له أغنية النوم وهي بذلك تكون قد زاوجت بين الموسيقى الحسية والحركية والصوتية مما يؤكد لنا أن الموسيقى بوظائفها قد لا تخرج من حياة الطفل بل هي نامية بنموه.
4-موسيقى اللون:
يمتلك الطفل حاسة جديدة تتسع من خلالها مداركه ومعرفته وهذه الحاسة هي –النظر- التي سيمتلكها الطفل بعد امتلاكه لحاسة السمع، ومنذ امتلاك هذه الحاسة يدخل الطفل عالماً جديداً لم يألفه من قبل إنه عالم موسيقى الألوان والأشكال ويبدأ الطفل بالإمعان بالنظر في كل ما حوله من أشخاص وأشياء ويبدأ التدقيق في كل ما يرى وكأنه يحاول أن يعرف الأشياء والأشخاص بطريقته الخاصة به، وهو بعد مدة من امتلاكه هذه الحاسة ودخوله عالم اللون نراه يميل إلى ألوان دون غيرها وكأن الأشياء بألوانها أمامه قطع موسيقية يقبل هذه ويرفض تلك وهو يتعاطف مع ألوان محددة ويميل إلى الألوان المشتركة في قطعة معينة –ملابس ألعاب- وينسجم معها أكثر من ألوان أخرى منفردة أو مشتركة ومرد ذلك ما فيها من اتفاق أو تنافر دفعه إلى الانشداد نحوها ومن المعروف إن ما بين الألوان من تنافر أو تناغم ما هو إلا إيقاع لوني ذو دلالة خاصة تلقى قبولاً عند البعض ونفوراً عند الآخرين فاللون هو موسيقى حسية مرئية يتعامل معها الطفل من خلال تأثيرها به سلباً أو إيجاباً.
إن الإحساس بالموسيقى الصامتة في الألوان يبدأ بدهشة الرؤية وإدراك الاختلاف وملاحظة الحركة والصوت في الأشياء الملونة، فكل ما يحيط بالطفل مسكون باللون قابل للحركة قادر على بعث الصوت فما أن يبدأ الطفل بتمييز ما حوله رؤية فإنه يزاوج ما بين موسيقى الحركة وموسيقى الصوت من خلال الأشياء الملونة المتحركة، وهذه الموسيقى الجديدة التي دخلت عالم الطفل قادرة على الاستمرار في التأثير بحياة الطفل وتمتلك القدرة على صياغة نفسية الطفل والمشاركة في تشكيل وعيه ونفسيته وسوف تبقى مع ما سبقها من أنواع الموسيقى نغماً صامتاً لكنه قادر على التأثير.
في مرحلة إدراك اللون تدخل اللعبة المجسمة حياة الطفل بألوانها وأشكالها المختلفة ويبدأ الطفل بالاستجابة إلى شكل دون آخر ولون دون سواه ويألف الإيقاع المنتظم والتناغم التام ما بين الألوان في اللعبة وحجم اللعبة ذاتها واللعبة عادة تختصر الألوان الموسيقية التي عرفها الطفل وأصبحت ضمن عالمه الخاص به فاللعبة لون وشكل وحركة وصوت وحين يحضنها الطفل هي حس كبير مفعم المحبة من هنا تزداد موسوعة الطفل الموسيقية والتي اجتمعت جميعها في لعبة واحدة من هنا نلاحظ أن علاقة حميمة تنشأ بين الطفل وألعابه وتدرك الأم ومن حول الطفل ذلك فيستخدمون اللعبة التي يميل إليها الطفل في الضغط عليه لإسكاته مثلاً أو إرضائه أو إنامته، واللعبة عند الطفل كائن حي قادر على التجاوب معه ومحاكاته ومحادثته وقد يبقى الطفل ساعات بين ألعابه المختلفة الألوان والأحجام لاهياً فرحاً بينما قد لا يبقى لحظات قصيرة في سرير هزاز لأن السرير لا يمتلك من ألوان الموسيقى سوى موسيقى الحركة بينما الألعاب تجتمع فيها ألوان من الموسيقى التي تربى عليها الطفل ((موسيقى الحس والحركة والصوت واللون)).
لقد انتبه العلماء وصناع الألعاب إلى الدور الكبير الذي تقوم به اللعبة في حياة الطفل فجاءت الألعاب مختلفة في وظائفها وألوانها وأحجامها وأصواتها لتلبي جميع حاجات الطفل.
إن ميل الطفل إلى لعبة دون سواها لا يكون مبعثه نوع اللعبة –سيارة أو هاتف- ولا ثمنها المرتفع ولكن الدافع المهم في ميله يكون بداية اللون مرتبط مع الشكل، ومن الملاحظ أن الطفل يميل بداية إلى الأشكال الدائرية الكروية لأنها أكثر استجابة للحركة فما أن يلمسها الطفل حتى تتحرك ثم من بعد ذلك
يميل إلى الشكل الذي تجتمع فيه الزوايا وذلك لسهولة الإمساك باللعبة وقد يمل الطفل اللعبة التي لا صوت لا وحركة لها وبدخول موسيقى اللون التي جمعت منهاجه الموسيقي السابق حس وحركة وصوت تكون موسوعة الطفل الموسيقية أكثر غنى وفائدة وعلينا تزداد المسؤولية لتوظيفها والاستفادة منها في تنشئة الطفل وتربيته التربية السليمة.
5-موسيقى الكلمة:
تدخل هذه الموسيقى موسوعة الطفل الموسيقية بعد أن يمتلك القدرة على النطق وإدراك المعنى الدلالي والوظيفي للكلمة وأقصد بالمعنى الدلالي والوظيفي ما تدل عليه الكلمة من حاجة يبحث عنها الطفل وقد يكون هذا المعنى غير ما هو ملازم للكلمة لغوياً فمثلاً كلمة ((هم هم)) هي دلالة طلب الأكل أو التعبير عن الجوع وكلمة ((دد)) هي للتوبيخ والتحذير من عمل شيء ما قد يؤذي الطفل وكلمتا ((كوكو)) و((هم هم)) قد تستعملان للتحذير أيضاً في بعض البيئات الشعبية، المهم هنا أن موسيقى الكلمة تدخل إلى عالم الطفل من خلاله هو إضافة إلى الآخرين فهو مشارك في هذه الموسيقى ولأول مرة في حياته، لذا يبدأ الطفل بعد إتقانه النطق بتنغيم الكلمات التي يعرفها والتي تلبي حاجة لديه مثل كلمة –ماما- التي يستعملها للنداء وللاستغاثة أيضاً وأحياناً لا لشيء إلا لرغبة في القول والغناء والترنم بالكلمة، وهنا يحضرنا ما قاله الدكتور عبد الحميد يونس:
((لعله من الطريف أن يقال إن الأغنية نشأت قبل الكلمة باعتبارها صوتاً له إيقاع ووزن ودلالة ويستجيب لمواقف معينة))(6).
إذن الموسيقى الصوتية دخلت عالم الطفل قبل الكلمة المموسقة والكلمة المموسقة دخلت قاموسه قبل الكلمة اللغوية ذات الأبعاد الدلالية واللفظية والاصطلاحية، وتلعب موسيقى الكلمة في حياة الطفل دوراً كبيراً ذلك لأنه مشارك بها مع الآخرين كما قلنا ونجد هذا الدور ممتداً في حياة الطفل إلى ما بعد سن الطفولة المبكرة، فهو عندما يريد أن ينادي على صديقه أحمد مثلاً: فإنه يصرخ بأعلى صوته أحمااااد وبذلك يكون قد موسق الكلمة وأعطاها النغم الذي رآه مناسباً، فالطفل يميل منذ ولادته إلى الموسيقى التي ولدت معه ويرفض أية كلمة لا تحمل موسيقى يتجاوب هو معها، ويعي الكبار حاجة الطفل هذه فهم حين يعلمون طفلهم على المشي مع عد الخطوات يقولون بنغم محبب للطفل وبإيقاع يتلاءم وحركة المشي واااحد.. اثنييين.. ثلاااااثة وهكذا ونرى أن الطفل سوف يستجيب مع هذا النغم بالحركة مشياً ثم
بالترديد غناء وحول غناء الطفل وترديده لمفردات جديدة يقول الكاتب فالح فلوح في مجلة الموقف الأدبي ما نصه(7):
((ليس غناء الطفل نشاطاً طارئاً تقدمه المدرسة، فإن صلة الطفل بالغناء أعرق من كل أشكال اتصاله بالعالم الخارجي، حتى ليمكن أن نجزم أن لغة الاتصال الشعرية تسبق الاتصال الغوي ذاته بمراحل، فالغناء أول صور الفن التي يواجهها الطفل وهو بين ذراعي أمه)).
يجد الطفل متعة كبيرة في استخدام كلمات منغمة ذات دلالات معينة وهذه المتعة تأتي من رغبته في المشاركة بصنع قاموسه الصوتي والدلالي ويطيب له أن يردده من حوله مفرداته الجديدة بالطريقة المموسقة التي يلفظها هو بها والأهل يجدون المتعة في ترديد هذه المفردات أمام الزوار ويباهون بذلك فالأم مثلاً تقول: إن ابني أصبح يقول فان فان وحين يسمع الطفل ذلك يدرك أن هذه الكلمات من صنعه
فتصيبه نشوة كبيرة تدعوه لاختراع مفردات جديدة مموسقة.
إن القدرة على النطق وحدها متعة كبيرة يعلن بها الطفل عن وجوده فبعد أن كان لا يتقن سوى الصراخ وإحداث الصوت إنه الآن يمتلك القدرة على الكلام الذي يدخل عالمه من خلاله هو لا من خلال من حوله وهذا الأمر بحد ذاته مهم للطفل ولذلك فهو إذا ما أتقن كلمة ما حتى بقى يرددها مستمتعاً حتى يجد مفردة جديدة، وهنا مهمة الأهل تزداد لتعليمه النطق السليم للحروف دون إجباره على ذلك، فقد يكون الطفل لا يملك قدرة على نطق حرف الراء مثلاً فيجب أن لا نجبره على النطق ولكن أن لا ندعه دون متابعة وإرشادات.
الطفل والأغنية:
إذا كانت الموسيقى قد دخلت عالم الطفل بأصواتها وحركاتها وألوانها وإيقاعاتها فإن الأغنية تدخل هذا العالم بقوة أكبر أنها إضافة إلى الموسيقى فهي ذات ألفاظ ودلالات ومعان يتعامل معها الطفل يومياً وهي لا تكمل دور الموسيقى فقط بل تضيف إليه الكلمة التي تساهم مساهمة فاعلة في تنشئة الطفل النموذجي الذي يتفاعل مع مجتمعه ويخدم قضاياه.
لأهمية الأغنية في عالم الطفل ولتأثيرها الكبير في تغذية إحساسه ونمو مداركه وتهذيب طباعه ثم تعريفه بعوالم جديدة تحيط به فإن الدراسات كثرت حول الأغنية وكتاب الأغنية سعياً وراء تصويب ما هو خاطئ والبحث عن أغنية حقيقية تلبي حاجات الأطفال، فالأغنية كما هو معروف أول إبداع بشري يتعرف عليه الطفل لذا فإن الكتابة مسؤولية كبيرة يجب أن يعي الكاتب أخطارها وأهميتها وعلى الشعراء أن ينتهوا إليها ولا يقتحموا هذا المجال إلا إذا وجدوا في نفسهم القدرة على تحمّل المسؤولية وعليهم ألا يدخلوا عالم الطفل دون علم ودراية بهذا العالم يقول جمال أبو ريّة(8):
((إن الكتابة للطفل فن وإحساس وموهبة وهي عمل صعب ونادر وغير متاح للكثيرين، لذا يجب أن لا نسمح بالكتابة لأطفالنا إلا أو في الموهبة الخاصة بمخاطبة الطفل)).
1-ميلاد أغاني الأطفال:
من البديهي جداً أن يهتم الآباء بأطفالهم منذ اليوم الأول لميلادهم، هذا إذا تجاوزنا مرحلة الحمل التي لا يقل فيها الاهتمام بالجنين والأم معاً فإذا سلّمنا بهذه البديهة فلننظر إذن كيف يمكن أن يهتم الآباء بأطفالهم وما هي الطرق التي سلكوها لرعاية الأطفال والعناية بهم.
أدرك الأقدمون بالفطرة أن الطفل يولد صفحة بيضاء لا يحمل أية معلومات خلفية أخذها وهو جنيني وهو على استعداد تام لاستقبال معلومات خارجية يتلقاها من البيئة الاجتماعية التي تحيط به فهو لا يتطور بنفسه بل يتشكل ويتغير كشخصية سوية بقدر ما توفر له الوسط الاجتماعي والإنساني الذي يعيش فيه.
إذن هناك متطلبات كثيرة للأطفال يتمنون الحصول عليها وهناك أيضاً في الطرف الآخر أشياء كثيرة لدى الآباء يريدون من أطفالهم أن يعرفوها أو يتعلموها ومشكلة الطفل في مراحله الأولى أنه لا يستطيع أن يعبر عما يريد فعلى الآباء في هذه الحالة إدراك ما يريد الطفل من خلال حركاته ونظراته حتى من خلال بكائه وضحكه ثم البحث عن وسيلة لتحقيق رغبات الطفل وإذا كان لدى الطفل مشكلة يصعب معها التعبير عما في نفسه فإن للآباء المشكلة الأكبر فإنهم لا يستطيعون أن يلبوا حاجات الطفل بطريقة الكبار
فلا بد من وسيلة يدرك فيها الطفل حاجاته. إذن كيف استطاع الآباء أن يلبوا حاجات في أنفسهم لتربية أطفالهم وتعليمهم.
هذا السؤال أجابت عليه ألعاب الأطفال وأغانيهم فقد أدرك الآباء قديماً من خلال الملاحظة والتجريب ما للأغنية واللعبة من أثر في سلوك أطفالهم وتوجيههم فنظموا لذلك الأغاني ووفروا الألعاب الممكنة في عصرهم لتعلم أطفالهم أو لتلبية حاجاتهم.
مثال على ذلك:
1-الطفل يريد أن يصل إلى شيء ما في الغرفة ولا يستطيع، والأب يريد أن يعلم ابنه المشي، فهنا التقى الاثنان بالحاجات وإن اختلفا في الهدف واتحدا في الوسيلة فيمسك الأب بيد ابنه ويبدأ معه بالمشي مع ترديد أغنية ما ولتكن مثلاً:
دادي، دادي، دادي، دادي
دادي، دادي، يا طفل صغير
دادي، دادي، يا حب كبير
طبعاً الطفل لا يعي هذه الكلمات ولا حتى معانيها ولكن مع مرور الزمن يدرك الطفل أن الأب أو الأم إذا ما رددا هذه الكلمات أو هذا اللحن فإنهما يطلبان منه المشي فيحاول أن يقوم بذلك بدافع الغريزة لإظهار قوته وبدافع التشجيع الذي يلقاه من الجميع.
وهكذا يحقق الآباء هدفهم بتعليم أبنائهم المشي ويكون الأطفال قد حققوا أيضاً هدفهم في الوصول إلى ما يريدون.
2-هذا في مرحلة معينة من العمر لم يصل فيها الطفل شهره العاشر أما في مرحلة قريبة جداً من أيام الميلاد فقد يكون الطفل بحاجة إلى النوم فلا يستطيع ذلك فيبكي بكاء مراً والأم تريد إسكاته لتخفيف آلامه وعذابه وهنا أيضاً التقت حاجات الطفل وحاجات الأم فتحاول الأم أن تلبي حاجات ابنها وحاجاتها فتأخذ وليدها وتضعه على ركبتها مع تحريكها لرجلها حركات متناسقة وضربات خفيفة على الظهر مع ترديد أغنية ولتكن مثلاً:
نني يا عين سامي يا عين الحمام
سامي بدو ينام عاريش النعام
فهذه الحركة المتناسقة و-الطبطبة- الخفيفة على الظهر مع كلمات خفيفة بلحن مميز تتناسب وجو النعاس يعطي كل ذلك الطفل الجو المناسب للنوم فيهجع بعد أن يكف عن البكاء فتكون بذلك الأم قد أراحت ابنها من بكائه وهذا هدفها ويكون الطفل قد نام واستراح وهذا هدفه \"لاحظ هنا توافق حروف المدّ مع غرض الأغنية\".
وكما قلنا في المثال السابق قد لا يعي الطفل معنى الكلمات أو مدلول الحركات من الأم ولكنه يدرك مع مرور الزمن أن هذا الوضع وهذا اللحن يقصد بهما الدعوة للنوم وإنه يجب أن ينام فيلبي النداء إن لم يكن مريضاً أو بحاجة لشيء ما.
مما سبق نرى أن تاريخ ميلاد قصيدة الطفل تاريخ ميلاده فمنذ أن أدرك الآباء أن هذه الوسيلة –الغناء- هي الوسيلة السليمة لتعليم أبنائهم والترفيه عنهم فاستخدموها بل أكثروا منها، والدارس لأغاني الأطفال عند الشعوب تذهله كثرتها بعكس ما نعيشه نحن اليوم أبناء عصر الحضارة والتفجر الثقافي فقد قلّ عطاؤنا الفني للأطفال حتى كادت أن تجف مكتباتنا من أدب الأطفال إلا بعض القصائد هنا وهناك في دواوين شعرائنا جاءت عفوية وقد يكون السبب في ابتعادنا عن نظم القصائد للأطفال هو اعتمادنا على المدرسة لتربية أطفالنا منذ الصغر –حضانة- دون مساعدة منا. فمتى نعطي الطفل ما يريده حتى نحقق ما نريده منه؟
2-بداية كتابة القصيدة:
بداية الكتابة للطفل عربياً كانت متأخرة عن بدايتها عند بقية شعوب العالم خاصة أوروبا وأمريكا، ولم تتعرف على أدب الأطفال إلا مترجماً في بداية مشوارنا مع هذا النوع الإبداعي الهام جداً، ثم جاء من يقتحم هذا الميدان بقوة حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من إغناء المكتبة العربية بألوان كثيرة من أدب الأطفال فهناك الشعر والقصة والمسرحية والدراسات المختلفة، وقد بين ((الدكتور هادي نعمان الهيتي))(9): ((إن أدب الأطفال العرب بدأ شعراً، ولم تظهر القصة المنثورة إلا في مطلع الأربعينيات)).
وإذا كنا قد أشرنا إلى أن الأغنية نشأت قبل الكلمة وزناً وإيقاعاً كما قال د.عبد الحميد يونس وأكدنا أن الأقدمين قد غنوا لأطفالهم في وقت مبكر جداً كما تشير الدراسات والأغنيات الشعبية المتوارثة في هذا المجال فإن الكلمة المكتوبة لم تظهر للطفل كأدب خاص به إلا في وقت متأخر جداً.
كانت بداية وقوفنا على أدب الأطفال مكتوباً من خلال ما ترجمه محمد عثمان جلال –1838-1898م- ويعتبر محمد عثمان أول عربي قدّم أدباً عالمياً للأطفال بلغة عربية، فقد اهتم محمد عثمان بحكايات لافوننين وأعجبته جداًُ ثم قام بترجمتها شعراً عربياً، ولم يكتف بالترجمة بل أضاف إلى هذه الحكايات حكايات عربية معروفة في زمنه فيكون بذلك أول من ترجم وأول من أبدع أدباً للأطفال شعراً ويؤكد الدكتور هادي الهيتي(10) على أن جميع ما ورد في شعر محمد عثمان كان يحمل في طياته الوعظ والإرشاد وسبب ذلك ثورة محمد عثمان على كتّاب عصره الذين أغرقوا الناس بحكايات عنترة والظاهر بيبرس وكان يريد أن يقدم للأطفال ما يليق بهم ويورد الدكتور هادي الهيتي نماذج كثيرة من قصائد محمد عثمان التي وردت في كتاب الأخير –العيون اليواقظ- العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ.
لم يكن محمد عثمان وحده من شغف بحكايات لافونتين بل إن شاعر العرب أمير شعرائها أحمد شوقي أحبّ هو الآخر هذا النوع من الأدب وصاغه شعراً في طيات دواوينه وقد تجاوزت الثلاثين قصيدة وذلك عام 1895م وبذلك يكون شوقي أيضاً من رواد الكتابة للأطفال شعراً.
ونقرأ في مقدمة الشوقيات بقلم شوقي نفسه ((كنت إذا فرغت من أسطورتين أو ثلاث أجتمع مع صبيان المصريين وأقرأ عليهم شيئاً منها، فيفهمونه لأول وهلة ويأنسون إليه ويضحكون من أكثره وأنا أستبشر بذلك وأتمنى لو وفقني الله لأجعل الأطفال المصريين مثلما جعل الشعراء للأطفال في بلادهم)).
أي تواضع هذا من أمير الشعراء، إنه يعرض فنه وأدبه على الأطفال ويستبشر حين يألفونه، هذا درس كبير ومهم لكل شاعر يحاول أن يكتب للأطفال فإذا فهم الأطفال شعرك وأنسوا إليه وتفاعلوا معه فأنت شاعر بحق.
إذن كانت بداية الكتابة للأطفال شعراً ما كتبه وترجمه محمد عثمان وأحمد شوقي وذلك قبل حلول عام 1900م وبعد ذلك انتبه شعراء مصريون وعراقيون إلى أهمية التوجه إلى الأطفال فها هو الشاعر إبراهيم العرب يطبع ديوانه ((آداب العرب)) سنة 1913م واضعاً به تسعاً وتسعين قصة شعرية زاوج بها بين الترجمة والإبداع وأخذ من قصص التاريخ العربي الشيء الكثير ويقول في مقدمة ديوانه(12):
((فهذا كتاب خدمت به نابتة الوطن المحبوب وأجريت فيه الأمثال والحكم المأثورة ليأخذوا منها ما يربي نفوسهم)).
ونراه هنا مثل محمد عثمان الذي ركّز فيما كتب على المواعظ والحكم.
وكذلك أحمد شوقي ويأتي فارسنا الرابع والذي يعد حقيقة أمير شعر الأطفال ورائد من روائد شعر الأطفال إبداعاً وفناً-محمد الهراوي-1885-1939م.
الذي كتب للأطفال بكل وعي وفهم لمتطلبات الطفل فقد أصدر عام 1924 أربعة أجزاء من ((أغاني الأطفال)) مراعياً أن يكون كل جزء مناسباً لفترة من فترات الطفولة. وبذلك يكون الشاعر الهراوي أول من انتبه إلى المراحل العمرية للطفل ومخاطبته ضمن هذه المراحل بكلمات خاصة بها.
إن محمد الهراوي أول شاعر عربي نذر نفسه للكتابة للأطفال شعراً ومسرحاً شعرياً وقد حرص محمد الهراوي على مخاطبة الطفل في كل ما يهمه ويشغل باله فنراه يكتب في كل المواضيع التي وجدها ضرورية للطفل منها:
1-الوطنية.
2-الدينية.
3-الاجتماعية.
4-الألعاب.
5-الأعيان المختلفة.
6-المخترعات.
وأعتقد من خلال قراءتي لديوانه الذي جمعه كاتب الأطفال الشهير عبد التواب يوسف وطبع عام 1985م(13) إن الهراوي قد أجاد في كل ما كتب وكانت كلماته سهلة واضحة معبرة وقد اختار الأوزان الشعرية القريبة من عالم الطفل.
انتقلت العدوى الإبداعية للكتابة للأطفال إلى العراق ولبنان فهذا معروف الرصافي يكتب مقطوعات شعرية للأطفال جمع بعضها في مجموعة شعرية أسماها ((تمائم التعليم والتربية)) ذلك بأنها كانت تتحدث عن القيم والأخلاق والعجيب في الأمر أن إبداع الرصافي هذا واجه استغراباً شديداً بل حرباً من قِبل الركن الثاني في الشعر العراقي بذلك الوقت ألا وهو جميل الزهادي الذي اعتبر هذا النوع من الشعر ضعيفاً في المستوى الأدبي وذلك تعليقاً على قصيدة الرصافي تنويمة الأم لطفلها التي نشرها عام 1923م في مجلة المرأة الجديدة.
وفي لبنان ظهر الأب نقولا المخلصي الذي ترجم أكثر من مئة خرافة من خرافات لافوننين أصدرها في كراسات ثم جمعها في كتاب بعنوان: -أمثال لافونتين- وذلك عام 1934م.
هذه بدايات القصيدة المغناة للطفل العربي وليس من السهل تتبع المسيرة فقد ظهر بعد ذلك مئات الشعراء الذين نذروا أنفسهم للكتابة للأطفال ولكن ما كان يهمنا هنا أن نذكر بداية الكتابة للطفل شعراً.
والسموووحه ما اعرف اذا استفدتي من نقلي
ودمت بود