طريقة الاعتكاف بالحرم كيف افيدوني
الله يوفقك ويسعد كل وحدة ترد
كلمة ذهبية @klm_thhby_1
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مشتاقة للقاء الله
•
اذا مكه زوجي مرة اعتكف بصراحه ما يصلح حوووسه نصيحه يعتكف ف مسجد ف مكه داخل حدود الحرم ع كلام بن باز شيخنا يقول نفس الاجر حتى الصلاة ف مسجد داخل حدود الحرم نفس الشيمضاعف الاجر
مشتاقة للقاء الله :اذا مكه زوجي مرة اعتكف بصراحه ما يصلح حوووسه نصيحه يعتكف ف مسجد ف مكه داخل حدود الحرم ع كلام بن باز شيخنا يقول نفس الاجر حتى الصلاة ف مسجد داخل حدود الحرم نفس الشيمضاعف الاجراذا مكه زوجي مرة اعتكف بصراحه ما يصلح حوووسه نصيحه يعتكف ف مسجد ف مكه داخل حدود الحرم ع كلام بن...
طيب الاكل كيف يطلع يشتري والنوم كيف
ينام في الحرم وفي العشر الأواخر يسمحون للمعتكفين بالدخول بفراش خفيف وخصصوا للمعتكفين القبو في المسجد الحرام
وبالنسبة للأكل أهلنا كانوا مجموعة .. يطلع واحد منهم يجيب لهم وجبتهم وبعدين يطلعون للساحة الخارجية في المسجد ويتعشون ويرجعون للمسجد ..
وهذا للفائدة:
الاعتكاف من العبادات العظيمة الجليلة والتي قد يجهلها بعض المسلمين للأسف، ورمضان أفضل أوقاتها وخاصة العشر الأواخر منه، ولذلك تجد بعض المساجد تمتلئ بالمعتكفين وخاصة المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويسرنا تناول بعض أحكام الاعتكاف من خلال هذا الحوار مع الشيخ الكريم والعالم الجليل:
عبد اللَّه بن عبد الرَّحمن بن جِبرينٍ
س 1: ما معنى الاعتكاف ؟ وما الأصل فيه؟ وهل يشترط الصيام مع الاعتكاف ؟
الاعتكاف مشتق من العكوف وهو لزوم الشيء والإقامة حوله وطول المكث عنده، الأصل في شرعيته الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى: ( أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) وقالت عائشة رضي الله عنها: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ثم اعتكف أزواجه من بعده » متفق عليه .
والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء، وذهب بعض العلماء إلى اشتراط الصوم مع الاعتكاف لتجتمع العبادتان في وقت واحد ومكان واحد، والقول الصحيح جواز الاعتكاف بدون صوم كما ذكر في حديث عمر من اعتكاف ليلة واحدة فإن الليل ليس محلا للصوم.
س 2: ما أكثر الاعتكاف وما أقله؟
لا حد لأكثره إلا أنه يكره إطالته إذا حصل إضاعة العبد لأهله وانشغاله عنهم، فقد ورد في الحديث: « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول » فمن أطاله كثيرا فإنه يلزم منه ترك طلب المعاش وتكليف غيره بالإنفاق عليه وحصول المشقة بإحضار طعامه وشرابه إليه في المسجد ونحو ذلك من الأغراض؛ ولذلك لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زاد في اعتكافه على عشرة أيام متتالية، إلا ما روى أنس رضى الله عنه قال: « كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عاما فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين » رواه أحمد والترمذي وصححه .
وأما أقله فالصحيح لا يكون أقل من يوم أو ليلة لحديث عمر -رضي الله عنه- أنه قال : « يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة » وفي رواية: « يوما في المسجد الحرام قال أوف بنذرك » كما سبق وذلك أنه مشتق من الإقامة الطويلة وأقل ذلك يوم أو ليلة فما دونه لا يسمى اعتكافا لقصر مدته، ومع ذلك فقد أجاز كثير من العلماء الاعتكاف بعض يوم، واشترط بعضهم كونه من صائم وقالوا في أغلب كتب الفقه: وينبغي لمن قصده (أي المسجد) أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه ا. ه.
س 3: ما الحكمة من الاعتكاف ؟ وما هي أركانه وشروطه ؟
شرع الاعتكاف للتفرغ للعبادة، والانقطاع عن العوائق والشواغل والحرف والأعمال الدنيوية والشهوات والملهيات، والنظر إلى زهرة الدنيا وزينتها والإقبال بالكلية على الله تعالى بحيث ينشغل بالقربات وقد فرغ قلبه من هموم الدنيا وغمومها وأحزانها، واهتم بالطاعات والانكباب على فعل الحسنات والبعد عن السيئات وعن مخالطة عامة الناس مما يصد بالقلب والقالب عن عبادة الرب سبحانه، فالمعتكف من عكف قلبه على عبادة ربه وانقطع عن الدنيا وأهلها، فهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، ولا يكون إلا في المساجد ليحافظ على الجمعات والجماعة، فإن كل خلوة تقطع عن صلاة الجماعة معصية وذنب كبير ولو كان منشغلا بالقربات.
وأركان الاعتكاف هي: ما يتكون منه وهي المعتكف وهو المكلف أي المسلم البالغ العاقل ولو عبدا أو امرأة متزوجة على تفصيل فيهما، والمعتكف فيه وهو المسجد الذي يجمع فيه، والنية وهي قصد العبادة والتفرغ للطاعة.
أما شروطه فهي: ما يلزم له قبل البدء فيه، وهي أن يكون متطهرا من الحدث الأكبر، ومن الحيض والنفاس، وأن يقصد العبادة وأنواع الطاعة وأن يلازم معتكفه فلا يخرج منه إلا لحاجة ضرورية.
س 4: ما الحكم لو نوى رجل الاعتكاف ثم غير نيته بدون سبب وهل يتلفظ بالنية أم لا؟
الاعتكاف عبادة مستحبة ولا تجب إلا بالنذر، ولا تجب بمجرد النية فمن نوى أن يعتكف وعزم على ذلك ثم تركه فلا حرج عليه؛ لأنه تطوع غير لازم للذمة حتى لو دخل معتكفه وبقي فيه مدته ثم قطع اعتكافه فلا شيء عليه؛ لأنه لم يترك واجبا، ومع ذلك فإنه يكره قطعه بعد التلبس به وبعد العزم عليه حتى لا يترك عملا صالحا قد نواه بلا عذر فيفوت عليه عمل صالح، وأما النية فمحلها القلب والتلفظ بها بدعة إلا في نسك الحج والعمرة وذلك لأن النية هي قصد الشيء بالقلب والعزم عليه، وهو ملازم للإنسان في كل حال ولا يمكن أن يعمل عملا بلا نية بل العمل بلا نية من تكليف ما لا يطاق وإنما الكلام في صلاح النية وفسادها والله أعلم.
س5: إذا دخل رجل المسجد للاعتكاف ثم مرض هل يخرج للمستوصف أو المستشفى؟ وهل يكمل الاعتكاف؟ ولو أن هذا الرجل لا يستطيع إكمال الاعتكاف فما الحكم؟
لا يلزم إكمال الاعتكاف إذا لم يكن واجبا بالنذر بل له تركه وإن كان الترك والإلغاء مكروها بلا عذر، والمرض عذر في قطعه فمن لم يستطع إكماله سقط عنه إن كان تطوعا ولزمه قضاؤه بعد زوال العذر إن كان منذورا، ويستحب في التطوع إكماله بعد زوال المرض، فلو اعتكف العشر الأواخر من رمضان ثم مرض في اليوم الرابع منها فخرج وبقي في المستشفى يومين ثم عوفي وزال مرضه فإنه يرجع ويكمل بقية العشر ولا يلزمه قضاء اليومين الذين مرض فيهما والله أعلم.
س 6: لو دعي المعتكف لأمر ضروري في المنزل هل يخرج ؟ أم ماذا يفعل؟ ولو خرج هل يعيد من جديد أم يكمل فقط؟
إذا كان الاعتكاف تطوعا فله قطعه متى شاء مع الكراهة، وإن كان واجبا بالنذر وجب الوفاء به ولا ينقطع التطوع بالخروج إلى المنزل لحاجة الإنسان أو لطهارة أو إحضار أكل أو شرب إن لم يجد من يحضره، وكذا لو دعي لأمر ضروري في المنزل فله الخروج لذلك ثم يعود بعده إلى معتكفه ويكمل ما بقي ولا يلزمه استئناف المدة من أولها إلا إن كان الاعتكاف واجبا بالنذر فإنه يقضي ما تركه لأمر ضروري ونحوه.
س 7: ما هي كيفية الاشتراط في الاعتكاف ؟ وما حكم لو أن المعتكف احتلم أو تطيب أو أكل أو شرب في المسجد ؟
الاشتراط أن يشترط عند العزم على الاعتكاف تمكنه من الخروج متى أراد، وهذا الشرط ينافي أصل الاعتكاف فلا يجوز، واختلفوا فيما إذا شرط أن يعود المريض ويتبع الجنازة.
وإذا احتلم المعتكف خرج للاغتسال في أقرب مكان ولا يغتسل داخل المسجد، وأما الطيب والأكل والشرب في المسجد فيجوز للحاجة، ويستحب أن يتخذ له حجرة يعتزل فيها داخل المسجد كخباء أو بناء متميز ينام فيه ويأكل ويشرب فيه، ويتوضأ داخله إن كان فيه متوضأ خاص به والله أعلم.
س 8: إذا أراد الاعتكاف ولكنه هو ولي بيته ولا يوجد غيره فأيهما أفضل ولايته على أهل بيته أم الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان؟
نختار قيامه بواجب أهله وقضاء حوائجهم وإقامته معهم كمحرم ومؤنس يحميهم ويحفظ عليهم منزلهم وأنفسهم أو يكتسب لهم ما يقوتهم، فإن باعتكافه وتركهم بلا ولي يتعرضون للصوص والمفسدين، أو تتعطل حوائجهم أو يتكلفون في إحضار أغراضهم من الأسواق، أو يكلفون غيرهم بشراء ما هم بحاجته وفي ذلك منة عليهم قد لا يتحملونها وقد روى مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » فيدخل فيه عدم الإنفاق عليهم وإهمالهم بلا كسب مع القدرة فإن وجد من يتولى حوائجهم من أقاربه ويحفظهم ويحفظ لهم ما يتطلبونه جاز الاعتكاف بل هو مستحب لعدم ما يشغله عنه.
س 9: إذا نذر أن يعتكف يوما واحدا في المسجد الحرام أو المسجد النبوي فهل يجزئ غيرهما من المساجد أرجو بيان ذلك؟ وهل ورد فضل الاعتكاف في المسجد الحرام عن غيره؟
أفضل المساجد على الإطلاق هو المسجد الحرام الذي حول الكعبة ويختص الفضل بالمسجد المحيط بالبيت ويدخل فيه الزيادات والتوسعات التي ألحقت به، ولا تلحق به مساجد مكة الأخرى، كما أن المسجد النبوي لا يعم فضله بقية مساجد المدينة.
ومن نذر الاعتكاف في المسجد النبوي أجزأه في المسجد الحرام لأنه أفضل منه، ومن نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى أجزأ في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي لأنهما أفضل منه، وحيث ورد جواز شد الرحال إليها وفضل الصلاة فيها فإنه يدل على فضل الاعتكاف فيها وإن عين الأفضل لم يجزئه فيما دونه، فإذا عين المسجد الحرام لم يجزئه في غيره وإن عين النبوي لم يجزئه في الأقصى والله أعلم.
س 10: إذا دخل صديق عزيز وهو من مكان بعيد هل للمعتكف الجلوس معه والمحادثة ولو طالت؟
لا بأس بالحديث مع الزائر والأنس به فقد ثبت في الصحيح « أن صفية أم المؤمنين زارت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو معتكف وتحدثت معه ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله محليه وسلم معها يقلبها... » إلخ.
وفي رواية: « كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد وعنده أزواجه فرحن فقال لصفية لا تعجلي حتى أنصرف معك » كان بيتها في دار أسامة قال الحافظ في شرحه: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة للمعتكف أ. ه.
ولا شك أن هذه الزيارة للمصلحة ولا تنافي خلوة المعتكف للعبادة، وأما التوسع مع الزوار وجعل الموضع الذي خصه للخلوة متحدثا دائما مع الزوار بحيث يقطع أكثر الوقت معهم فهذا ينافي مقصد الاعتكاف الذي هو التفرغ للعبادة وقطع العلائق عن الخلائق، فالذي يفتح المجال لكل أحد وينبسط معهم في الكلام ويخوض في أمور الدنيا والشهوات وربما التطرق إلى العورات، والخوض مع العامة في القصص والحكايات من فعل ذلك فقد فعل ما ينافي عمله الذي تفرغ لأجله وهو العبادة الكاملة التي يحصل من آثارها إقبال القلب على الله تعالى ومعرفته والاشتغال بذكره وشكره وحسن عبادته.
س 11: بعض المعتكفين يكثر منهم الخروج إلى كبائن الهاتف والسؤال عن أهلهم وخاصة ممن يعتكف في المسجد الحرام فما توجيهكم في هذا؟ وما حكم إدخال تليفون الجوال في المسجد للمعتكف للاطمئنان على الأهل أو الرد على من يريده؟
لا أرى مانعا من الاتصال الهاتفي بالأهل إن كانوا بعيدين، فإن القادمين إلى مكة من داخل المملكة وخارجها قد جاءوا إلى المسجد الحرام للعبادة ومنها الاعتكاف، ومع ذلك فقد يهتم أحدهم بأهله البعيدين ويحب الاطمئنان على صحتهم وأخبارهم وما جرى بعده لديهم، وقد لا يتأتى له معرفة ذلك إلا بالمكالمات الهاتفية التي يسرها الله تعالى في هذه الأزمنة حتى قرب البعيد وتمكن الإنسان من مخاطبة من في أقصى الأرض كمن إلى جانبه، فعلى هذا لا بأس أن يخرج من معتكفه وقتا قصيرا فيتصل بأهله أو بأحبابه من الهواتف التي في الشوارع والطرق ثم الرجوع إلى معتكفه كما أن له إدخال الهاتف الجوال الذي ينقل من مكان إلى مكان ويتكلم فيه بدون أسلاك ولكن لا يكثر من استعماله ولا من التلقي به مما يشغله عن مقصد الاعتكاف ومتى أدخله في المسجد فإنه يقفله إلا عند الحاجة الشديدة والله أعلم.
س 12: إذا كان هذا المعتكف من طلاب العلم فهل يقضي وقته في الدروس العلمية أم التفرغ للعبادة؟
معلوم أن الاعتكاف شرع للتفرغ للعبادة والبعد عما يشغل عنها كالذكر والدعاء والصلاة والقراءة والخشوع والتفرغ الذي يصفي القلب وينقي الفكر ولكن إن قرأ في بعض الكتب الوعظية جاز ذلك لأنها ترقق القلب وتؤثر في البدن بالانحسار والخضوع والإخبات والإنابة والاندفاع في العبادات والتحفظ عن الآثام وأنوع الإجرام فأما القراءة في كتب الأحكام والآداب والأدلة والخلاف فلا يقرأ فيها إلا إن احتاج إلى معرفة حكم عارض هو بحاجة إليه مما له تعلق بحالته أو بمسألة عرضت له، فأما قضاء الوقت في الدروس العلمية العادية فالأفضل تركها والتفرغ للعبادة التي اعتكف لأجلها والله أعلم.
س 13: هناك أخطاء من المعتكفين نرجو ذكر بعضها؟
على المعتكف أن يعرف الحكمة التي لأجلها شرع الاعتكاف فيسعى في تحقيقها، ثم يعرف أن ما خالف ذلك فهو من الأخطاء (مثل) كثرة الخروج لغير حاجة فإن المعتكف يلازم معتكفه فلا يخرج إلا لضرورة، و (مثل) كثرة التحدث مع الناس والانبساط معهم في الكلام العادي وفي أمور الدنيا والقيل والقال، وذكر الأشخاص والأفراد مما ينافي مقصد الاعتكاف ويشغل الوقت عن القراءة والعبادة، و (مثل) فتح المجال للزوار من الرفقاء والأصحاب الذين يطلبون السلام على المعتكف ثم يتوسعون معه وينبسطون في الضحك والقهقهة والاستطراد في الكلام مما يضيع به الوقت ويصبح المسجد متحدثا بدل ما هو منزل عبادة وموضع طاعة وقربة، و (مثل) اتخاذ المعتكف محل راحة واستجمام وطول نوم وغفلة وسهو ولهو، فترى الكثير من المعتكفين عاطلا مضيعا لوقته في ما لا عبادة فيه فينام أكثر الوقت وقد لا يقوم القيام كله مع الإمام أو منفردا وإن قام معه في التهجد فمع وسوسة وغفلة لا تفيد المصلي والله أعلم.
س14: البعض يصر على إدخال الطعام والشراب في المسجد الحرام وهو معتكف علما بأن الرئاسة العامة لشؤون الحرمين تمنع ذلك فهل يأثم وينقص من أجره؟ وما نصيحتكم في هذا الأمر؟
يستحب أن يتخذ المعتكف له زاوية أو حجرة أو صفة سواء في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد، وله حينئذ أن يجلب فيها الطعام والشراب والأكل فيها مع إغلاق بابها عند تناول الطعام أو إصلاحه للأكل، لكن في المسجد الحرام وكذا في غيره قد لا يتيسر لكل من أراد الاعتكاف وجود حجرة يحتجرها للنوم والأكل فيختار زاوية يجلس فيها فإن سمح له بفراش ينام عليه وإلا فله افتراش عمامته أو الاكتفاء بفرش المسجد لاتخاذها غطاء ووسادة، وأما الأكل فقد ذكر العلماء أنه يجوز له إدخال الطعام إلى محل معتكفه وأكل حاجته منه لكن الكثير من الناس يأنفون من الأكل أمام الناس فلذلك يخرجون إلى المطاعم والفنادق أو بيوتهم المجاورة للمسجد، وإذا سمح بإدخال الطعام في المسجد الحرام جاز الأكل مع التحفظ عن تقزيز المصلى وإبقاء شيء من الفضلات التي تلوث منظر المصلى، وحيث إنه قد سمح في المسجد الحرام بإدخال طعام الفطور كالتمر والشراب للقهوة ونحوها فإنه قد يكتفي بالتمر الذي يقدر على إدخاله وله الخروج للأكل في منزله أو في التوسعات الخارجية ولا يجوز مخالفة التعليمات من قبل الرئاسة فإن عصى ودخل بشيء مما هو ممنوع فهو آثم وعليه التوبة والاستغفار والله أعلم.
س 15: إذا اعتكف أحد من الناس في المسجد الحرام أو غيره هل يبين ذلك للناس ؟ لو سئل هل يقول نعم؟ أم يخفي هذا الفعل حتى لا يكون فيه رياء أو سمعة ؟
الاعتكاف عمل مبرور وقربة إلى الله تعالى والأفضل أن تكون بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله فإن أمكن ذلك فهو أفضل وأقرب إلى الإخلاص وأبعد عن ما يبطل العمل أو ينقص ثوابه من الرياء والعجب والتمدح بالعمل وتزكية النفس فيدخل المعتكف المسجد الحرام أو غيره من المساجد ويشغل وقته بالعبادة ويقبل على ربه ولا يتعرض لأحد ولا يختلط بالعامة وفي هذه الحال لا يتفطن له أحد بل يكون خامل الذكر غامضا في الناس فلا يسأله أحد ولا يعرف الناس أنه معتكف، وإنما يعرف ذلك أهله وخواصه لكن إن احتاج إلى إخبار الناس بذلك، كما لو حاول بعضهم طرده أو منعه من النوم في المسجد أو الأكل فيه للحاجة فله الإخبار بقدر الحاجة، وكذا لو طلب من خادم المسجد تحجر زاوية أو غرفة موجودة فارغة واحتاج إلى الإخبار بعمله فيها دون أن يتمدح بعمله جاز ذلك.
س 16: هل يشترط مكان خاص للاعتكاف في المساجد؟ ولو اعتكف في غرفة خارجة عن المسجد فهل يصح اعتكافه؟
يشترط أن يعتكف في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة ويدخل فيه ملحقاته كالغرف الداخلة تبعا له وتكون أبوابها في داخل المسجد ولو فتح لها بابا إلى خارجه لم يضر، ويجوز أن يخصص له زاوية من المسجد يجعل فيها فراشه ونومه ومحل إقامته، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتجر جهة من المسجد، وكانت زوجته تبني لها قبة في أحد جوانبه تنفرد فيها وتتفرغ للعبادة وإن لم يتخذ حاجزا أو غرفة بل بقي في المسجد يتنقل في جهاته كيف شاء جاز ذلك.
س 17: إذا كانت هناك عمارة وفيها مصلى فهل يعتكف فيه وهل أجر الصلاة فيه مثل الصلاة في المساجد المعروفة ؟
مساجد البيوت والعمارات التي تختص بأهل ذلك المنزل وتغلق دونها الأبواب، ولا يتمكن كل أحد من الوصول إليها والاعتكاف فيها فأرى أنه لا يسمى معتكفا من جلس فيها لأنه جلس في جانب من منزله بحيث يمر به كل وقت أولاده وزوجاته وأهل بيته، لكن قد يوجد مساجد كاملة البناء متميزة بمثل تميز المساجد العامة وتكون في داخل سور كبير يضم مساكن متعددة تقام فيها الصلوات كلها فيكون له حكم المسجد فيصح فيه الاعتكاف لانفراده وانفصاله عن المسكن كسائر المساجد.
س 18: هل ينافي الاعتكاف أن يعتكف في المسجد لطلب العلم ؟
الأصل أن الاعتكاف يقصد منه التفرغ للعبادة من الصلاة والذكر والفكر والدعاء والقراءة مع الانقطاع من الشواغل والملهيات والشهوات والتكسب وسائر ما تعلق بالدنيا، وقد يدخل في عمل المعتكف تعلمه العلم النافع بحيث يقرأ في كتب العلم التي تفيده زهدا وورعا ورغبة في الآخرة وتقللا من تناول المأكولات والمشروبات، وتفيده أيضا نظرا واعتبارا بقراءة أخبار الزهاد وأهل العبادة والورع وأهل المنافسة في الخيرات والإقبال على الأعمال الصالحة ولا بأس أيضا أن يستصحب كتبا يستفيد منها في الأحكام والحلال والحرام والعقائد وأمور التوحيد وما ينافيه والتحذير من البدع والمخالفات ليكون على حذر من الوقوع فيها سواء في هذه العبادة أو غيرها، ويجوز له أن يحضر الحلقات العلمية التي تقام في ذلك المسجد والمواعظ والمحاضرات المفيدة فإن ذلك من العبادة ولو كان فيها شيء من تعليم أمور الدنيا كالمعاملات والمكاسب المباحة التي تؤخذ أدلتها من الكتاب والسنة فهي لا تنافي مقاصد الاعتكاف.
س 19: إذا جامع زوجته وهو معتكف فما الحكم؟ وما حكم لو اشترط ذلك؟
يبطل اعتكافه بالجماع الذي يوجب الغسل لقوله تعالى: ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )وعبر بالمباشرة عن الوطء لأنه يطلق عليه مباشرة، ولا يبطل باللمس لغير شهوة لقول عائشة : «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصغي إلى رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض » رواه البخاري ولا يصح اشتراط الجماع في الاعتكاف لأنه محرم بالنص والإجماع فاشتراطه ينافي الاعتكاف المسنون فمتى حصل منه الوطء بطل اعتكافه وعليه استئنافه إن كان منذورا.
س 20: هل يجوز للمعتكف أن يعتكف اليوم الأول من العشر الأواخر من رمضان ثم مرة ثانية في الوسط منها ثم مرة ثالثة في آخرها؟
السنة والأفضل اعتكاف العشر الأواخر من رمضان لقول عائشة رضى الله عنها: « كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى » وذلك لأنها مظنة ليلة القدر ففي التفرغ والحرص على قيامها والصلاة والقراءة فيها كلها يرجى قيامه لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ولأن العشر هي أفضل ليالي الشهر وأيامه فالتفرغ فيها أحرى لمضاعفة الأجر، ومع ذلك يجوز أن يعتكف بعضها فمن اعتكف السبع الأواخر فله أجرها، ومن اعتكف الخمس الأواخر أو الثلاث الأواخر حصل على أجر ذلك، ومن اعتكف ليلة إحدى وعشرين فله أجرها فقد ذهب الشافعي إلى أنها أرجى الليالي لإدراك ليلة القدر لحديث أبي سعيد الذي فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : « رأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين ثم ذكر أبو سعيد أنه سجد في صبح ليلة إحدى وعشرين في ماء وطين » وإن فرق اعتكافه في ليالي الأوتار وهى ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين جاز ذلك لأنه ورد طلبها في الوتر من العشر الأواخر، وقد قيل إن الوتر هو بالنسبة لما بقي لحديث : « اطلبوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى » الحديث. ومن عجز عن اعتكاف الأوتار واعتكف ثلاث ليال متفرقة في العشر أي في أولها ثم في وسطها ثم في آخرها فله أجر ذلك فإن أقل مدة الاعتكاف يوم وليلة والله أعلم.
وبالنسبة للأكل أهلنا كانوا مجموعة .. يطلع واحد منهم يجيب لهم وجبتهم وبعدين يطلعون للساحة الخارجية في المسجد ويتعشون ويرجعون للمسجد ..
وهذا للفائدة:
الاعتكاف من العبادات العظيمة الجليلة والتي قد يجهلها بعض المسلمين للأسف، ورمضان أفضل أوقاتها وخاصة العشر الأواخر منه، ولذلك تجد بعض المساجد تمتلئ بالمعتكفين وخاصة المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويسرنا تناول بعض أحكام الاعتكاف من خلال هذا الحوار مع الشيخ الكريم والعالم الجليل:
عبد اللَّه بن عبد الرَّحمن بن جِبرينٍ
س 1: ما معنى الاعتكاف ؟ وما الأصل فيه؟ وهل يشترط الصيام مع الاعتكاف ؟
الاعتكاف مشتق من العكوف وهو لزوم الشيء والإقامة حوله وطول المكث عنده، الأصل في شرعيته الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى: ( أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) وقالت عائشة رضي الله عنها: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ثم اعتكف أزواجه من بعده » متفق عليه .
والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء، وذهب بعض العلماء إلى اشتراط الصوم مع الاعتكاف لتجتمع العبادتان في وقت واحد ومكان واحد، والقول الصحيح جواز الاعتكاف بدون صوم كما ذكر في حديث عمر من اعتكاف ليلة واحدة فإن الليل ليس محلا للصوم.
س 2: ما أكثر الاعتكاف وما أقله؟
لا حد لأكثره إلا أنه يكره إطالته إذا حصل إضاعة العبد لأهله وانشغاله عنهم، فقد ورد في الحديث: « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول » فمن أطاله كثيرا فإنه يلزم منه ترك طلب المعاش وتكليف غيره بالإنفاق عليه وحصول المشقة بإحضار طعامه وشرابه إليه في المسجد ونحو ذلك من الأغراض؛ ولذلك لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- زاد في اعتكافه على عشرة أيام متتالية، إلا ما روى أنس رضى الله عنه قال: « كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عاما فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين » رواه أحمد والترمذي وصححه .
وأما أقله فالصحيح لا يكون أقل من يوم أو ليلة لحديث عمر -رضي الله عنه- أنه قال : « يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة » وفي رواية: « يوما في المسجد الحرام قال أوف بنذرك » كما سبق وذلك أنه مشتق من الإقامة الطويلة وأقل ذلك يوم أو ليلة فما دونه لا يسمى اعتكافا لقصر مدته، ومع ذلك فقد أجاز كثير من العلماء الاعتكاف بعض يوم، واشترط بعضهم كونه من صائم وقالوا في أغلب كتب الفقه: وينبغي لمن قصده (أي المسجد) أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه ا. ه.
س 3: ما الحكمة من الاعتكاف ؟ وما هي أركانه وشروطه ؟
شرع الاعتكاف للتفرغ للعبادة، والانقطاع عن العوائق والشواغل والحرف والأعمال الدنيوية والشهوات والملهيات، والنظر إلى زهرة الدنيا وزينتها والإقبال بالكلية على الله تعالى بحيث ينشغل بالقربات وقد فرغ قلبه من هموم الدنيا وغمومها وأحزانها، واهتم بالطاعات والانكباب على فعل الحسنات والبعد عن السيئات وعن مخالطة عامة الناس مما يصد بالقلب والقالب عن عبادة الرب سبحانه، فالمعتكف من عكف قلبه على عبادة ربه وانقطع عن الدنيا وأهلها، فهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، ولا يكون إلا في المساجد ليحافظ على الجمعات والجماعة، فإن كل خلوة تقطع عن صلاة الجماعة معصية وذنب كبير ولو كان منشغلا بالقربات.
وأركان الاعتكاف هي: ما يتكون منه وهي المعتكف وهو المكلف أي المسلم البالغ العاقل ولو عبدا أو امرأة متزوجة على تفصيل فيهما، والمعتكف فيه وهو المسجد الذي يجمع فيه، والنية وهي قصد العبادة والتفرغ للطاعة.
أما شروطه فهي: ما يلزم له قبل البدء فيه، وهي أن يكون متطهرا من الحدث الأكبر، ومن الحيض والنفاس، وأن يقصد العبادة وأنواع الطاعة وأن يلازم معتكفه فلا يخرج منه إلا لحاجة ضرورية.
س 4: ما الحكم لو نوى رجل الاعتكاف ثم غير نيته بدون سبب وهل يتلفظ بالنية أم لا؟
الاعتكاف عبادة مستحبة ولا تجب إلا بالنذر، ولا تجب بمجرد النية فمن نوى أن يعتكف وعزم على ذلك ثم تركه فلا حرج عليه؛ لأنه تطوع غير لازم للذمة حتى لو دخل معتكفه وبقي فيه مدته ثم قطع اعتكافه فلا شيء عليه؛ لأنه لم يترك واجبا، ومع ذلك فإنه يكره قطعه بعد التلبس به وبعد العزم عليه حتى لا يترك عملا صالحا قد نواه بلا عذر فيفوت عليه عمل صالح، وأما النية فمحلها القلب والتلفظ بها بدعة إلا في نسك الحج والعمرة وذلك لأن النية هي قصد الشيء بالقلب والعزم عليه، وهو ملازم للإنسان في كل حال ولا يمكن أن يعمل عملا بلا نية بل العمل بلا نية من تكليف ما لا يطاق وإنما الكلام في صلاح النية وفسادها والله أعلم.
س5: إذا دخل رجل المسجد للاعتكاف ثم مرض هل يخرج للمستوصف أو المستشفى؟ وهل يكمل الاعتكاف؟ ولو أن هذا الرجل لا يستطيع إكمال الاعتكاف فما الحكم؟
لا يلزم إكمال الاعتكاف إذا لم يكن واجبا بالنذر بل له تركه وإن كان الترك والإلغاء مكروها بلا عذر، والمرض عذر في قطعه فمن لم يستطع إكماله سقط عنه إن كان تطوعا ولزمه قضاؤه بعد زوال العذر إن كان منذورا، ويستحب في التطوع إكماله بعد زوال المرض، فلو اعتكف العشر الأواخر من رمضان ثم مرض في اليوم الرابع منها فخرج وبقي في المستشفى يومين ثم عوفي وزال مرضه فإنه يرجع ويكمل بقية العشر ولا يلزمه قضاء اليومين الذين مرض فيهما والله أعلم.
س 6: لو دعي المعتكف لأمر ضروري في المنزل هل يخرج ؟ أم ماذا يفعل؟ ولو خرج هل يعيد من جديد أم يكمل فقط؟
إذا كان الاعتكاف تطوعا فله قطعه متى شاء مع الكراهة، وإن كان واجبا بالنذر وجب الوفاء به ولا ينقطع التطوع بالخروج إلى المنزل لحاجة الإنسان أو لطهارة أو إحضار أكل أو شرب إن لم يجد من يحضره، وكذا لو دعي لأمر ضروري في المنزل فله الخروج لذلك ثم يعود بعده إلى معتكفه ويكمل ما بقي ولا يلزمه استئناف المدة من أولها إلا إن كان الاعتكاف واجبا بالنذر فإنه يقضي ما تركه لأمر ضروري ونحوه.
س 7: ما هي كيفية الاشتراط في الاعتكاف ؟ وما حكم لو أن المعتكف احتلم أو تطيب أو أكل أو شرب في المسجد ؟
الاشتراط أن يشترط عند العزم على الاعتكاف تمكنه من الخروج متى أراد، وهذا الشرط ينافي أصل الاعتكاف فلا يجوز، واختلفوا فيما إذا شرط أن يعود المريض ويتبع الجنازة.
وإذا احتلم المعتكف خرج للاغتسال في أقرب مكان ولا يغتسل داخل المسجد، وأما الطيب والأكل والشرب في المسجد فيجوز للحاجة، ويستحب أن يتخذ له حجرة يعتزل فيها داخل المسجد كخباء أو بناء متميز ينام فيه ويأكل ويشرب فيه، ويتوضأ داخله إن كان فيه متوضأ خاص به والله أعلم.
س 8: إذا أراد الاعتكاف ولكنه هو ولي بيته ولا يوجد غيره فأيهما أفضل ولايته على أهل بيته أم الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان؟
نختار قيامه بواجب أهله وقضاء حوائجهم وإقامته معهم كمحرم ومؤنس يحميهم ويحفظ عليهم منزلهم وأنفسهم أو يكتسب لهم ما يقوتهم، فإن باعتكافه وتركهم بلا ولي يتعرضون للصوص والمفسدين، أو تتعطل حوائجهم أو يتكلفون في إحضار أغراضهم من الأسواق، أو يكلفون غيرهم بشراء ما هم بحاجته وفي ذلك منة عليهم قد لا يتحملونها وقد روى مسلم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت » فيدخل فيه عدم الإنفاق عليهم وإهمالهم بلا كسب مع القدرة فإن وجد من يتولى حوائجهم من أقاربه ويحفظهم ويحفظ لهم ما يتطلبونه جاز الاعتكاف بل هو مستحب لعدم ما يشغله عنه.
س 9: إذا نذر أن يعتكف يوما واحدا في المسجد الحرام أو المسجد النبوي فهل يجزئ غيرهما من المساجد أرجو بيان ذلك؟ وهل ورد فضل الاعتكاف في المسجد الحرام عن غيره؟
أفضل المساجد على الإطلاق هو المسجد الحرام الذي حول الكعبة ويختص الفضل بالمسجد المحيط بالبيت ويدخل فيه الزيادات والتوسعات التي ألحقت به، ولا تلحق به مساجد مكة الأخرى، كما أن المسجد النبوي لا يعم فضله بقية مساجد المدينة.
ومن نذر الاعتكاف في المسجد النبوي أجزأه في المسجد الحرام لأنه أفضل منه، ومن نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى أجزأ في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي لأنهما أفضل منه، وحيث ورد جواز شد الرحال إليها وفضل الصلاة فيها فإنه يدل على فضل الاعتكاف فيها وإن عين الأفضل لم يجزئه فيما دونه، فإذا عين المسجد الحرام لم يجزئه في غيره وإن عين النبوي لم يجزئه في الأقصى والله أعلم.
س 10: إذا دخل صديق عزيز وهو من مكان بعيد هل للمعتكف الجلوس معه والمحادثة ولو طالت؟
لا بأس بالحديث مع الزائر والأنس به فقد ثبت في الصحيح « أن صفية أم المؤمنين زارت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو معتكف وتحدثت معه ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي صلى الله محليه وسلم معها يقلبها... » إلخ.
وفي رواية: « كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد وعنده أزواجه فرحن فقال لصفية لا تعجلي حتى أنصرف معك » كان بيتها في دار أسامة قال الحافظ في شرحه: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة للمعتكف أ. ه.
ولا شك أن هذه الزيارة للمصلحة ولا تنافي خلوة المعتكف للعبادة، وأما التوسع مع الزوار وجعل الموضع الذي خصه للخلوة متحدثا دائما مع الزوار بحيث يقطع أكثر الوقت معهم فهذا ينافي مقصد الاعتكاف الذي هو التفرغ للعبادة وقطع العلائق عن الخلائق، فالذي يفتح المجال لكل أحد وينبسط معهم في الكلام ويخوض في أمور الدنيا والشهوات وربما التطرق إلى العورات، والخوض مع العامة في القصص والحكايات من فعل ذلك فقد فعل ما ينافي عمله الذي تفرغ لأجله وهو العبادة الكاملة التي يحصل من آثارها إقبال القلب على الله تعالى ومعرفته والاشتغال بذكره وشكره وحسن عبادته.
س 11: بعض المعتكفين يكثر منهم الخروج إلى كبائن الهاتف والسؤال عن أهلهم وخاصة ممن يعتكف في المسجد الحرام فما توجيهكم في هذا؟ وما حكم إدخال تليفون الجوال في المسجد للمعتكف للاطمئنان على الأهل أو الرد على من يريده؟
لا أرى مانعا من الاتصال الهاتفي بالأهل إن كانوا بعيدين، فإن القادمين إلى مكة من داخل المملكة وخارجها قد جاءوا إلى المسجد الحرام للعبادة ومنها الاعتكاف، ومع ذلك فقد يهتم أحدهم بأهله البعيدين ويحب الاطمئنان على صحتهم وأخبارهم وما جرى بعده لديهم، وقد لا يتأتى له معرفة ذلك إلا بالمكالمات الهاتفية التي يسرها الله تعالى في هذه الأزمنة حتى قرب البعيد وتمكن الإنسان من مخاطبة من في أقصى الأرض كمن إلى جانبه، فعلى هذا لا بأس أن يخرج من معتكفه وقتا قصيرا فيتصل بأهله أو بأحبابه من الهواتف التي في الشوارع والطرق ثم الرجوع إلى معتكفه كما أن له إدخال الهاتف الجوال الذي ينقل من مكان إلى مكان ويتكلم فيه بدون أسلاك ولكن لا يكثر من استعماله ولا من التلقي به مما يشغله عن مقصد الاعتكاف ومتى أدخله في المسجد فإنه يقفله إلا عند الحاجة الشديدة والله أعلم.
س 12: إذا كان هذا المعتكف من طلاب العلم فهل يقضي وقته في الدروس العلمية أم التفرغ للعبادة؟
معلوم أن الاعتكاف شرع للتفرغ للعبادة والبعد عما يشغل عنها كالذكر والدعاء والصلاة والقراءة والخشوع والتفرغ الذي يصفي القلب وينقي الفكر ولكن إن قرأ في بعض الكتب الوعظية جاز ذلك لأنها ترقق القلب وتؤثر في البدن بالانحسار والخضوع والإخبات والإنابة والاندفاع في العبادات والتحفظ عن الآثام وأنوع الإجرام فأما القراءة في كتب الأحكام والآداب والأدلة والخلاف فلا يقرأ فيها إلا إن احتاج إلى معرفة حكم عارض هو بحاجة إليه مما له تعلق بحالته أو بمسألة عرضت له، فأما قضاء الوقت في الدروس العلمية العادية فالأفضل تركها والتفرغ للعبادة التي اعتكف لأجلها والله أعلم.
س 13: هناك أخطاء من المعتكفين نرجو ذكر بعضها؟
على المعتكف أن يعرف الحكمة التي لأجلها شرع الاعتكاف فيسعى في تحقيقها، ثم يعرف أن ما خالف ذلك فهو من الأخطاء (مثل) كثرة الخروج لغير حاجة فإن المعتكف يلازم معتكفه فلا يخرج إلا لضرورة، و (مثل) كثرة التحدث مع الناس والانبساط معهم في الكلام العادي وفي أمور الدنيا والقيل والقال، وذكر الأشخاص والأفراد مما ينافي مقصد الاعتكاف ويشغل الوقت عن القراءة والعبادة، و (مثل) فتح المجال للزوار من الرفقاء والأصحاب الذين يطلبون السلام على المعتكف ثم يتوسعون معه وينبسطون في الضحك والقهقهة والاستطراد في الكلام مما يضيع به الوقت ويصبح المسجد متحدثا بدل ما هو منزل عبادة وموضع طاعة وقربة، و (مثل) اتخاذ المعتكف محل راحة واستجمام وطول نوم وغفلة وسهو ولهو، فترى الكثير من المعتكفين عاطلا مضيعا لوقته في ما لا عبادة فيه فينام أكثر الوقت وقد لا يقوم القيام كله مع الإمام أو منفردا وإن قام معه في التهجد فمع وسوسة وغفلة لا تفيد المصلي والله أعلم.
س14: البعض يصر على إدخال الطعام والشراب في المسجد الحرام وهو معتكف علما بأن الرئاسة العامة لشؤون الحرمين تمنع ذلك فهل يأثم وينقص من أجره؟ وما نصيحتكم في هذا الأمر؟
يستحب أن يتخذ المعتكف له زاوية أو حجرة أو صفة سواء في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد، وله حينئذ أن يجلب فيها الطعام والشراب والأكل فيها مع إغلاق بابها عند تناول الطعام أو إصلاحه للأكل، لكن في المسجد الحرام وكذا في غيره قد لا يتيسر لكل من أراد الاعتكاف وجود حجرة يحتجرها للنوم والأكل فيختار زاوية يجلس فيها فإن سمح له بفراش ينام عليه وإلا فله افتراش عمامته أو الاكتفاء بفرش المسجد لاتخاذها غطاء ووسادة، وأما الأكل فقد ذكر العلماء أنه يجوز له إدخال الطعام إلى محل معتكفه وأكل حاجته منه لكن الكثير من الناس يأنفون من الأكل أمام الناس فلذلك يخرجون إلى المطاعم والفنادق أو بيوتهم المجاورة للمسجد، وإذا سمح بإدخال الطعام في المسجد الحرام جاز الأكل مع التحفظ عن تقزيز المصلى وإبقاء شيء من الفضلات التي تلوث منظر المصلى، وحيث إنه قد سمح في المسجد الحرام بإدخال طعام الفطور كالتمر والشراب للقهوة ونحوها فإنه قد يكتفي بالتمر الذي يقدر على إدخاله وله الخروج للأكل في منزله أو في التوسعات الخارجية ولا يجوز مخالفة التعليمات من قبل الرئاسة فإن عصى ودخل بشيء مما هو ممنوع فهو آثم وعليه التوبة والاستغفار والله أعلم.
س 15: إذا اعتكف أحد من الناس في المسجد الحرام أو غيره هل يبين ذلك للناس ؟ لو سئل هل يقول نعم؟ أم يخفي هذا الفعل حتى لا يكون فيه رياء أو سمعة ؟
الاعتكاف عمل مبرور وقربة إلى الله تعالى والأفضل أن تكون بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله فإن أمكن ذلك فهو أفضل وأقرب إلى الإخلاص وأبعد عن ما يبطل العمل أو ينقص ثوابه من الرياء والعجب والتمدح بالعمل وتزكية النفس فيدخل المعتكف المسجد الحرام أو غيره من المساجد ويشغل وقته بالعبادة ويقبل على ربه ولا يتعرض لأحد ولا يختلط بالعامة وفي هذه الحال لا يتفطن له أحد بل يكون خامل الذكر غامضا في الناس فلا يسأله أحد ولا يعرف الناس أنه معتكف، وإنما يعرف ذلك أهله وخواصه لكن إن احتاج إلى إخبار الناس بذلك، كما لو حاول بعضهم طرده أو منعه من النوم في المسجد أو الأكل فيه للحاجة فله الإخبار بقدر الحاجة، وكذا لو طلب من خادم المسجد تحجر زاوية أو غرفة موجودة فارغة واحتاج إلى الإخبار بعمله فيها دون أن يتمدح بعمله جاز ذلك.
س 16: هل يشترط مكان خاص للاعتكاف في المساجد؟ ولو اعتكف في غرفة خارجة عن المسجد فهل يصح اعتكافه؟
يشترط أن يعتكف في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة ويدخل فيه ملحقاته كالغرف الداخلة تبعا له وتكون أبوابها في داخل المسجد ولو فتح لها بابا إلى خارجه لم يضر، ويجوز أن يخصص له زاوية من المسجد يجعل فيها فراشه ونومه ومحل إقامته، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتجر جهة من المسجد، وكانت زوجته تبني لها قبة في أحد جوانبه تنفرد فيها وتتفرغ للعبادة وإن لم يتخذ حاجزا أو غرفة بل بقي في المسجد يتنقل في جهاته كيف شاء جاز ذلك.
س 17: إذا كانت هناك عمارة وفيها مصلى فهل يعتكف فيه وهل أجر الصلاة فيه مثل الصلاة في المساجد المعروفة ؟
مساجد البيوت والعمارات التي تختص بأهل ذلك المنزل وتغلق دونها الأبواب، ولا يتمكن كل أحد من الوصول إليها والاعتكاف فيها فأرى أنه لا يسمى معتكفا من جلس فيها لأنه جلس في جانب من منزله بحيث يمر به كل وقت أولاده وزوجاته وأهل بيته، لكن قد يوجد مساجد كاملة البناء متميزة بمثل تميز المساجد العامة وتكون في داخل سور كبير يضم مساكن متعددة تقام فيها الصلوات كلها فيكون له حكم المسجد فيصح فيه الاعتكاف لانفراده وانفصاله عن المسكن كسائر المساجد.
س 18: هل ينافي الاعتكاف أن يعتكف في المسجد لطلب العلم ؟
الأصل أن الاعتكاف يقصد منه التفرغ للعبادة من الصلاة والذكر والفكر والدعاء والقراءة مع الانقطاع من الشواغل والملهيات والشهوات والتكسب وسائر ما تعلق بالدنيا، وقد يدخل في عمل المعتكف تعلمه العلم النافع بحيث يقرأ في كتب العلم التي تفيده زهدا وورعا ورغبة في الآخرة وتقللا من تناول المأكولات والمشروبات، وتفيده أيضا نظرا واعتبارا بقراءة أخبار الزهاد وأهل العبادة والورع وأهل المنافسة في الخيرات والإقبال على الأعمال الصالحة ولا بأس أيضا أن يستصحب كتبا يستفيد منها في الأحكام والحلال والحرام والعقائد وأمور التوحيد وما ينافيه والتحذير من البدع والمخالفات ليكون على حذر من الوقوع فيها سواء في هذه العبادة أو غيرها، ويجوز له أن يحضر الحلقات العلمية التي تقام في ذلك المسجد والمواعظ والمحاضرات المفيدة فإن ذلك من العبادة ولو كان فيها شيء من تعليم أمور الدنيا كالمعاملات والمكاسب المباحة التي تؤخذ أدلتها من الكتاب والسنة فهي لا تنافي مقاصد الاعتكاف.
س 19: إذا جامع زوجته وهو معتكف فما الحكم؟ وما حكم لو اشترط ذلك؟
يبطل اعتكافه بالجماع الذي يوجب الغسل لقوله تعالى: ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )وعبر بالمباشرة عن الوطء لأنه يطلق عليه مباشرة، ولا يبطل باللمس لغير شهوة لقول عائشة : «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصغي إلى رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض » رواه البخاري ولا يصح اشتراط الجماع في الاعتكاف لأنه محرم بالنص والإجماع فاشتراطه ينافي الاعتكاف المسنون فمتى حصل منه الوطء بطل اعتكافه وعليه استئنافه إن كان منذورا.
س 20: هل يجوز للمعتكف أن يعتكف اليوم الأول من العشر الأواخر من رمضان ثم مرة ثانية في الوسط منها ثم مرة ثالثة في آخرها؟
السنة والأفضل اعتكاف العشر الأواخر من رمضان لقول عائشة رضى الله عنها: « كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى » وذلك لأنها مظنة ليلة القدر ففي التفرغ والحرص على قيامها والصلاة والقراءة فيها كلها يرجى قيامه لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ولأن العشر هي أفضل ليالي الشهر وأيامه فالتفرغ فيها أحرى لمضاعفة الأجر، ومع ذلك يجوز أن يعتكف بعضها فمن اعتكف السبع الأواخر فله أجرها، ومن اعتكف الخمس الأواخر أو الثلاث الأواخر حصل على أجر ذلك، ومن اعتكف ليلة إحدى وعشرين فله أجرها فقد ذهب الشافعي إلى أنها أرجى الليالي لإدراك ليلة القدر لحديث أبي سعيد الذي فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : « رأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين ثم ذكر أبو سعيد أنه سجد في صبح ليلة إحدى وعشرين في ماء وطين » وإن فرق اعتكافه في ليالي الأوتار وهى ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين جاز ذلك لأنه ورد طلبها في الوتر من العشر الأواخر، وقد قيل إن الوتر هو بالنسبة لما بقي لحديث : « اطلبوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى » الحديث. ومن عجز عن اعتكاف الأوتار واعتكف ثلاث ليال متفرقة في العشر أي في أولها ثم في وسطها ثم في آخرها فله أجر ذلك فإن أقل مدة الاعتكاف يوم وليلة والله أعلم.
الصفحة الأخيرة