بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) .
جاء في الأثر عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم– : (( للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله, والنار مثل ذلك )) دل هذا الحديث على اقتراب الخير والشر من الإنسان.
ولما كان الأمر كذلك, فقد حثه الله تعالى وأمره بالمسابقة و المبادرة إلى فعل الخيرات والطاعات, وترك المحرمات, والتي بفعله إياها تكفر عنه الذنوب والزلات وتحصل له الثواب والدرجات وبالتالي دخول الجنة.
فوجهه إلى السعي لتحصيل أسباب المغفرة من: التوبة النصوح, والاستغفار النافع, والبعد عن الذنوب, ومظانها, والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح والحرص على ما يرضي الله على الدوام من الإحسان في عبادة الخالق, والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع, ولهذا ذكر الله الأعمال الموجبة لذلك فقال تعالى ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) والمراد جنس السماء والأرض. وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنك دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض, فأين النار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( سبحان الله ! فأين الليل إذا جاء النهار )).
ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتاهما على الفور لا التراخي, كقوله ( فاستبقوا الخيرات ) ويدخل فيه الاستباق إلى الامتثال.
وصيغة الأمر في قوله ( سابقوا ) تدل على الوجوب؛ لأن الصحيح المقرر في الأصول أن صيغة أفعل إذا تجردت عن القرائن اقتضت الوجوب وإليه أشار في المراقي بقوله: وأفعل لدى الأكثر للوجوب
وذلك لأن الله تعالى يقول ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) وقال جل وعلا ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) فصرح جل وعلا بأن أمره قاطع للاختيار موجب للامتثال, وقد سمى نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مخالفة الأمر معصية وذلك في قوله ( أفعصيت أمري ) يعني قوله له ( أخلفني في قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ).
وقوله: ( أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ) أي هيئت وأحضرت, فهي معدة مهيأة؛ للذين اتصفوا بالإيمان بالله ورسله, والإيمان هنا يدخل فيه أصول الدين وفروعه.
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) أي هذا الذي بيناه لكم من المغفرة والطرق الموصلة إلى الجنة, والطرق الموصلة إلى النار, وأن ثواب الله بالأجر الجزيل والثواب الجميل, من أعظم منته على عباده وفضله, وأنه يتفضل به على من يشاء من عباده.
ونظيره ما جاء في الأثر " أن فقراء المهاجرين قالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور بالدرجات العلى والنعيم المقيم ؟ قال: وما ذاك ؟ قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم, ويتصدقون ولا نتصدق, ويعتقون ولا نعتق. قال: أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم, ولا يكون أحد أفضل منكم, إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ تسبحون, وتكبرون, وتحمدون, دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين. قال: فرجعوا, فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا ففعلوا مثله !! فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء "
( والله ذو الفضل العظيم ) الذي لا يحصي ثناء عليه, بل هو كما أثنى على نفسه, وفوق ما يثني عليه عباده.
cach girl @cach_girl
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️