بسم الله الرحمن الرحيم
تعقيب:
وبَكَت الأمّ واقْبَلت وليَمينِ الابْنَة تمسّكت
بُنيّتي عُودي فإنّي للخُروجِ لَكِ مَانِعَة ... والله منْ فَوقِ سبْعٍ
لنَا مَاهِلُ ... وَتَريّثي فإنّا بالحِوَارِ نَعرفُ أينَ الصّوابُ والخَطَاُ ...
فنهرتهَا ودَفَعتها وعَنهَا الوَجهُ اوْشَحتهُ قَائِلَة : إنّني يَا مَنْ أمّاهُ
عَنْكِ لستُ سَائِلَة ..!
إلى مدرستها ذاهبة.. وربما إلى عملها متوجهة
المهم أنها من بيتها مغادرة..!
تتبعها الوالدة بحنان أم ورأفة مربية.. لتلقي عليها قبل الخروج نصيحة أخيرة..
بنيتي..
انك عن الستر الذي أمرت به بعيدة.. بل اقرب لئن تكوني سافرة
فأين هي مني لك التربية.. وأين الساعات التي ظللت فيها أحدثك عن الفتاة المحتشمة؟
وعن أدبك مع الكبير والوالدة في المخاطبة والمعاملة
وعن قبول الإرشاد والنصيحة
وعن إسلامك.. فأنت فيه على ثغرة .. فالزمي تعاليمه وأدبه
قالتها الأم بألم وحسرة.. علّها تجد من بنيتها آذان صاغية.. وأفئدة مفكرة
لكنها ويا للأسف أدركت أن ابنتها لم تعد بنية.. وأنها عن دينها مبتعدة..
توسلت الى الإله ان يهديها وان يجعلها الى رشدها عائدة ..!!
صرخة أمهات .. هنا وهناك .. وكلها متوسلة ولربها داعية بان لايخيب رجاءها في أبناءها وبناتها
كم هو مؤلم أن ندرك أن هذا جزء من واقع مسلم.. قد نظمت حياته وسيرته تعاليم الإسلام
مسلم ارتضى أن يسلك درب محمدِ صلى الله عليه وسلم وان يتبع نهجه ويقتفي أثره
اخياتي الغاليات ..
أمي .. حقها عليّ عظيم .. وبرها من اوجب الواجبات
مهما كان علمي قد بلغ من آفاق.. ومهما بلغت معرفتي الدنيوية من أبعاد
فاني أمام أمي طفلة ذليلة الجناح.. احتاج لمسة حنانها وصدق نصيحتها ودفء مشاعرها ولهفة شوقها
أمي .. مهما كان فيها من عيوب – في نظري- فهي روح قد خلقها الله لتحتويني بكل ما املكه من أخطاء وعيوب
ونواقص
أأجازي شخصا وهبه الله كل هذا بكلمة قاسية أو أسلوب مرزي أو نظرة حادة أو لهجة تظهر منها السخرية؟
أي قانون عادل وعقل عاقل يسمح بها ويجوزه؟
أمي إن نصحتني فهي إنما تحرص عليّ وحلمها أن أكون الأفضل في كل شيء
تريد لي حياة كريمة في ظل إسلامي عفيفة طاهرة .. وبديني وحجابي وحيائي متمسكة
فهل بعد معرفتي لهذا أقول عنها أنها مازالت تفكر بعقل حجري .. وان يومنا غير أمسها؟
ما الفرق بين يومي وأمس أمي؟ لاشيء سوى أني أريد أن ابرر عقوقي لأمي ومجادلتي لها بالباطل
لم اعلم أن جرحي يؤلمها مهما كان بسيطا .. بينما أنا أوجه إليها طعنات قاتلة بعذر سخيف هو أن أمي لا تتفهمني
نسيت أن أمي أكثر خبرة وتجربة مني .. وكل ما أهمني هو أن تمشي كلمتي وتنفذ رغبتي
يا الله ..!
ألهذا الحد تبلغ قسوتك يا قلبي؟
ألهذا الحد أتنكر لأمي كل ما فعلته وتفعله لأجلي ..
ألهذا الحد أنا عــــــــــــاقّــة لأمي دون أن ادري...!
لابدّ لي أن أعيد حساباتي
وان اعرض أفعالي وآرائي على كتاب ربي وسنة نبيي صلى الله عليه وسلم
لأدرك أي المسالك أنا سالكة
وأي الطرق أنا مختارة
فالله قد أوصاني بها في غير ما موضع من كتابه .. أمرني بالإحسان إليها وخفض الجناح والدعوة لها بالرحمة
والمغفرة والجنة
والرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على برها وطلب رضاها والحرص على طاعتها في مواضع كثيرة ..
وفضلها على كل شخص في حياة الإنسان مهما كان .. فهي مفضلة على الجميع ثلاث مرات ليتسلسل
من بعدها في الأفضلية
وأما السلف الصالح فلا يخفى علينا كيف كان تعاملهم مع أمهاتهم وكيف كان حرصهم على رضاهن وبرهن
وأنا.. أين أنا من كل هذا ؟
أمي
نصيحتك لي سأكتبها بماء الذهب وأحفظها عن ظهر قلب
بسمتك لي لن أقابلها بوجه عبوس .. ولن أكون فتاة يلعب بها الشيطان كيفما شاء
سأكون الفتاة المسلمة التي حرصتِ وتحرصين على أن أكون أنا هي
وسأكون لك مطيعة ولنصيحتك متقبلة ولجهدك مقدرة
فسامحيني أمي على أخطائي الماضية واعدك أنها ستكون آخر الأخطاء في حياتي
لن تري مني إلا ما يسرك من ستر وحشمة وحسن خلق والتزام
ولن تسمعي مني إلا كل كلمة طيبة ودرر الكلام
ولن يبلغك عني إلا خير في كل مقام
احبكِ يا أمي
اخياتي
الكتابة عن الأم بحد ذاته إجحاف في حقها .. فنحن لن نستطيع أن نوفيها ولو جزء بسيط من حقها علينا
بمجرد كلمات نكتبها
لذلك غالياتي علينا أن تعامل معها بما يرضي الله عنا
ويرضيها عنا
لكل منا طريقة في إرضاء والدتها بما يتناسب مع طبيعة الأم وطبيعة ما تحتاجه وتريده وتحلم به ..
فلتكن رغبات أمهاتنا مقدمة على رغبات أنفسنا طالما أنها في المباح ..
ولنعلم اخياتي أن طلب رضا الوالدة وهي بين أيدينا خير من الندم بعد فقدانها
فالإنسان منّا يتألم عندما يجد أصنافا من الفتيات يتعاملن مع صديقاتهن ومعارفهنّ بذوق
راقي وأدب ملموس
ولكنها تكون قمة في الوضاعة عندما تتعامل مع والدتها والتي لا تجد من تشكو إليه همها سوى بارئها
اسأل الله أن يوفقنا جميعا لبر أمهاتنا وان يرزقنا رضاهن عنا
وان يجمعنا بهنّ في الفردوس الأعلى وان يرحمهن ويغفر لهن ويرفع درجتهن ويجزيهن عنا خيراً

الملكه /البريئه @almlkh_albryyh
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.



الصفحة الأخيرة
وجزاك الله خير،،،