سبب تولية الوليد بن مصعب (فرعون مصر)

الملتقى العام

سبب تولية الوليد بن مصعب - الذي هو فرعون موسى على مصر- ، كما أخرجه ابن عبد الحكم أن ملك مصر ، لما توفى تنازع الملك جماعة من أبناء الملك ، ولم يكن للملك عهد لأحد .

ولما اشتد الأمر بينهم تداعوا إلى الصلح ، فاصطلحوا على أن يحكم بينهم أول من يطلع على سفح الجبل ، فطلع فرعون على حماره فاستوقفوه ، وقالوا له : إنا جعلناك حكماً بيننا فيما تشاجرنا فيه من الملك ، وآتوه مواثيقهم على الرضا .

فلما استوثق منهم قال : أني رأيت أن أملك نفسي عليكم فهو أذهب لضغائنكم وأجمع لأموركم والأمر من بعد إليكم ، فأمروه عليهم وأقعدوه في دار الملك بمنف .

فأرسل إلى كل صاحب أمر رجلاً منهم فوعده ومناه أن يملكه على ملك صاحبه ليلة يقتل فيها كل رجل منهم صاحبه ، ففعلوا ، ودان له أولئك بالربوبية فملك نحواً من خمسمائة سنة لم يصدع له رأس ، وكان ملكه ما بين مصر إلى أفريقية من بلاد المغرب.
......................................................................

لقد وصلنا من الأخ سليم البلوي تعقيب فيه فائدة ونفع ، أحببنا وضعه بعد المقال مباشرة حتى تتم الفائدة ويحسن الفهم ، وهذا هو تعليقه :

أحب أن أعقب على مقال"سبب تولية الوليد بن مصعب" من وجهة نظر علمية تاريخية فأقول: إن المقال من أوله إلى آخره لم يراع الأمانة العلمية ، وكان مناقضًا لابسط حقائق التاريخ وعلم الاثار التي لا خلاف عليهاوهي بايجاز:

- لم يحكم مصر ابداً شخص بهذا الاسم الذي هو اسم عربي ـ في حين نعرف أن أسماء حكام مصر ولغتهم وتراثهم لم تكن بالعربية التي لم تظهر إلا في عصر متاخر نسبيا.

- لم يتم حتى الان تحديد هوية فرعون موسى بشكل قاطع ، رغم التقدم الهائل الحاصل في علم الاثار والتاريخ ، وما زالت التساؤل يدور حول رمسيس الثاني وميرنبتاح وسيتي الاول وتحتمس الثالث وامنحوتب الثاني وغيرهم من فراعنة الأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة اللتين اتفق العلماء أن الخروج حدث في عهدهما.

-إن القول : إن الفرعون المعني حكم 500 سنة لا يستحق الالتفات اليه ؛ فسجلات التاريخ في هاتين الاسرتين وفي طول تاريخ مصر القديمة تبين أن أطول فترة حكم استمرت حوالي 90 سنة وهو الفرعون بيبي الثاني من الأسرة الخامسة ، أما بالنسبة للاسرتين 18و19 فاطول من عمر في الحكم هو رمسيس الثاني واستمر حكمه 67 سنة.

- إن القصة الواردة لم يرد شبيه لها في التاريخ المصري القديم ، وواضح للمتابع خياليتها وبعدها عن المنطق التاريخي البسيط.

وأختم بالقول : إن نقل هذه القصص من كتب السابقين في مجال التاريخ والتي نجد في كثير منها أثراًً واضحًا للخيال وغيابا للأسانيد التاريخية أو الأثارية لها بل في بعض الاحيان "مثل هذه الحالة" تناقضًا مع أبسط الحقائق التي أثبتها العلم يوقعنا في أخطاء ، إن كنا نعذر مؤلفي تلك الكتب في ارتكابها لعدم معرفتهم بعلم الآثار والتنقيب عنها واعتمادهم في عصرهم على النقل والرواية مع ما يصاحبها من خيال وتحريف فإننا لا نعذر أنفسنا لأننا في عصر تطور التاريخ وعلم الاثار فيه تطوراً هائلا.
.....................................................................
ولنا على تعليق الأخ سليم ما يلي :

هل فعلاً ما ذكرته من أن حقائق التاريخ وعلم الآثار فعلاً لا خلاف عليها، أم أن هناك خلافاً كماذكرت أخي في تحديد هوية فرعون موسى ؟ وهل حقائق التاريخ القديم هي حقائق فعلاً أم تجميع للروايات فقط ، فإذا كان أوثق الكتب لدى علماء الغرب كالتوراة والإنجيل رغم الحرص الشديد لم تسلم من التحريف فكيف بغيرها من الكتب القديمة والتي لم تحظ بما حظيت به الآثار الإسلامية من السند والتوثيق ، كيف بها أن تسلم من عدم الدقة في الروايات ومنها التاريخ الفرعوني القديم .
شكراًً للأخ سليم ، وحسبنا أنا ذكرنا المرجع ، وهذا من الأمانة العلمية كما تعلم .




غرائب التاريخ وعجائبه ، لأحمد ياسين الخياري ، ص 9
0
4K

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️