سبحان الله .. كم يحدث هذا منا ؟ !!

ملتقى الإيمان






كتبت :جورية قاضي وحنان عابد

من دقائق العيوب العجيبة .. التي تثير التفكير لخفائه علينا .. مع أنه يقع كثيراً ، وربما لا يخطر على بالنا ..

و هو أن الإنسان يستخير الله تعالى في أفعاله، ثم يسخط على ما يختاره الله له ..


سبحان الله .. كم يحدث هذا منا ؟ !!

فالإنسان يقدم على صلاة الاستخارة إذا أراد أن يقبل على عمل ما ، وكان مترددا كالزواج و الوظيفة والسفر .. أو غير ذلك .. لأنه لا يعلم هل ما سيقدم عليه فيه خير أو شر ، فيلجأ إلى علّام الغيوب ، و يؤدي صلاة الاستخارة ثم الدعاء الوارد في ذلك ..

و إلى هنا فالأمر رائع .. إن دل على شيء فإنما يدل على ثقة الإنسان بربه، وإيمانه التام بعلمه الشامل للغيب ، و أن الله يملك ضره و نفعه .. ثم يقدم على ما يسره الله له ..

ثم ماذا يحدث بعد ذلك ؟

إذا حصل ما يخالف توقعاته وهواه ومراده، وقع السخط ، و الكراهية و عدم الرضا لما حدث ، فإذا بسخطه ينقض جميع معاني الاستخارة و تفويض الأمر إلى الله والاستعانة به و الثقة التامة باختياره ما فيه الخير و الصالح للعبد ..

مما يجر الإنسان إلى سوء الظن بربه، و الحزن و الحسرة، و القلق و التوتر النفسي و التشتت الذهني، و ربما الاعتراض على القضاء و القدر ..


وقد قال تعالى } إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ.. { .

لا بد أن يعلم الإنسان أن هذه الأمور إذا وقعت ، فهي محك لكشف المخابر .. وأن في الصبر على ما يكره الإنسان خيراً كثيرا ..

و أن يضع نصب عينيه أن ما اختاره الله له خير مما يراه هو لنفسه، فيطمئن قلبه، و يرضى .. و يشعر براحة نفسية ..



و ليقل لنفسه إذا خطر في باله شيء من السخط أن (( السخط لا يغير القضاء ، فالأولى الرضا)) عندها يستريح ..


و ليقل لها أيضا : ستكشف الأيام مع الصبر أين الخير الذي كتبه الله عز و جل لها في هذا الأمر ..

ثم ليطبق ما جاء في الآية السابقة "إلا المصلين" فقد أوضحت الآية بجلاء أن الصلاة تقي صاحبها من هذه المشاعر القلبية ..

وكان صلى الله عليه و سلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .


من منا يطبق هذا الأمر؟

ليسأل كل منا نفسه إذا شعر بقلق، أو أهمه أمر : هل يهرع إلى الصلاة مكبراً .. متوجها له عزوجل .. متيقناً أن لا ملجأ من الله إلا إليه؟

ثم ليبذل الأسباب المشروعة لجلب و تعديل ما لم يتوقعه ، ولا يستسلم .

و إن رضي بالمقدور بعدها فتلك علامة السعادة .

قال الربيع بن أنس : علامة الشكر : الرضا بقدر الله و التسليم لقضائه .



و أخيراً ..

أود أن أتطرق إلى العيب الذي تعتبر جميع العيوب فرعاً من جذوره ، فما مررت بعيب، و تصفحت مادوّن فيه و أسبابه، إلا وجدت أنه الأساس ، مع أنه معروف لدى الجميع، و قد أشبع الحديث عنه .. و ألفت الكتب تحذر منه، و تذكر بمخاطره و مفاسده على القلب و الأعمال، و على المجتمع، و طرحت لعلاجه الطرائق و الوسائل المتعددة ..

و بالرغم من ذلك كله مازال موجوداً بين الناس .. بل و بين الصالحين ..

ما أكثر ما تغفل عنه النفوس في زمن لا يبحث فيه الإنسان إلا عما ينقصه، و ينسى ما أنعم الله به عليه في جوانب أخرى .. أعتقد أنكم توصلتم إليه .. ألا وهو الحسد بكل صوره و اختلاف درجاته ..

و لن أتطرق له بالتفصيل ، فما دوّن فيه كاف لمن أراد أن يخلص نفسه منه، و يكفي أن أذكر الجميع بقول أبي الدرداء رضي الله عنه
( ما أكثر عبد ذكر الموت إلا قل فرحه، و قل حسده ) ..


و كل مقل أو مستكثر ، و الكريم من قاومه و أخفاه ، و اللئيم من أظهره و استجاب لهواجسه ..

و الله المستعان .




0
318

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️