لا يرضى الله الظلم لعباده وقد حرمه على نفسه سبحانه وتعالى وجعله بينهم محرماً .... وليس لدعوة المظلوم حجاب يحجزها عن السماء ولا يشترط أن يكون المظلوم صاحب دين أو رسالة ... يكفيه أن إنسان ظلمه آخر لقدرته عليه .... فيسمع الله شكواه ويقسم بعزته وجلاله لينتقمن له ولو بعد حين ..... ولا بد أن يأتي الحين بحق وعد صاحب الوعد الحق
سرحت بعيداً عن المحاضر والمحاضرة والحاضرين ... تذكرت موقفاً عايشت بعضه وسمعت عن بعضه .. كان لنا جار يعمل بالتجارة متزوج وله أربع أبناء ... ولكنه لم يكن يقسم - مع حرمة القسم بغير الله - إلا قائلاً:
- وغلاوة ابني الدكتور مصطفى
مصطفى هذا لم أره ولا مرة رغم أن الباب في الباب وبين العائلتين نوع من الود اللطيف ...تصورت أنه قد تُوفى وبالتالي فهو أقرب إلى قلبه من الباقين ... ثم لاحظت أنه لا يقول ورحمة ابني .... كما يقول العامة ... ففكرت أنه ربما يكون مسافراً ... ووجدته تبريراً أقرب للمنطق .. حتى كان يوم شعرت بحركة غير عادية في بيت جارنا .. كنت عائدة من كليتي كعادتي في نحو الثالثة .... فلمحت بابهم مفتوحاً وبابنا أيضا .... وبعض أدوات الصيني والفضة تخرج من بيتنا ... وبعض الكراسي الكبيرة تدخل إلينا .....
دلفت برفق إلى حجرتي ودرت في المنزل أبحث عن أمي فلم أجدها .... فتوجهت إلى شقة الجيران بخفة واستأذنت للدخول بجرس واحد ... فناداني رب البيت
- اتفضلي يا باش مهندسة أهلاً وسهلاً
- آسفة ياعمي بس بستفسر هي والدتي موجودة
- أيوه يابنتي بتساعد الحاجة أم أحمد في المطبخ ... أصل ابني الدكتور مصطفى رجع وجاي يتغدى عندنا النهارده هو والست بتاعته
كانت أول مرة يلفت نظري إن جارتنا كانت تحمل كُنية أم أحمد وليس أم مصطفى ... ابتسمت وتحركت خارجة عائدة إلى حجرتي .. ومررت على باب الشقة الثالث على البسطة .... وكان أيضا مفتوحاً .... ولمحت الجد العجوز في الصالة وحده فمددت رأسي بخفة لأحيه
- شفت الدنيا يابنتي ... سبحان المعز المذل ... النهارده الدنيا كلها واقفة على رجل للدكتور مصطفى
- طبيعي ياجدو حسن ... بيقولوا راجع من السفر
- طب يا بنتي ماكان من الأول بدل بهدلته ...مادام ابنه ومن صلبه
وطفق الرجل يقص قصصاً متواليه ... وعيناي يزداد اتساعهما دهشة ... وتعجباً .... لم استوقفه فما كان بحاجة لذلك كان يستطرد بنفسه ليشرح ما خفي عني أو ما لمح أنه يحتاج استفاضة ... ولم أشعر بالوقت الذي مر بيننا ولكن أفقت على صوت هرج على السلم .... كان الدكتور مصطفى صاعداً إلى شقة أبيه ... وقد خرج ليستقبله
- اتأخرتم قوي ... الأكل برد وسخناه كذا مرة
- أنا قلت لحضرتك ياحاج مفيش داعي للتعب والتكلفة .... لإننا مش حنقدر نتغدى
- لا وغلاوتك عندي ... ده الحاجة طبخت وتعبت و عملت لك كل اللي بتحبه .....
تراجع الصوت تدريجياً حين أغلقوا الباب ودخلوا شقتهم .. ونظرت في ساعتي واستأذنت من جدو حسن لألحق بصلاة العصر فقد أوشك المغرب أن يؤذن .....
فليسامحني ربي فلم أركز في أي خطوة لا في وضوئي ولا في صلاتي والقصة تطيح برأسي وتنساب فصولها أمام عيني بملامح أصحابها كما تخيلها عقلي ...الفتاة الصغيرة اليتيمة التي أوهمها بالحب وتزوجها سراً ... دموعها وهي تحمل طفلها إليها بعد أن تزوج من بنت الأكابر ... وطرده لها ودعائها عليه ووعيدها أنه في يوم سيقبل الأرض تحت قدميه ذليلاً .....ثم قضية إثبات النسب والزواج التي رفعها شخص فاضل من جيران جدتها العجوز ... وقد أخذ على عاتقه أن يعيد الحق للطفل وأمه ..
ثم الطفل الذي حباه الله بذكاء فطري .. ومنح أمه طاقة الحب والحنان التي كفته وأعانته ... فتعلم وتفوق .... وبرز جامعياً لدرجة أن تستدعيه جامعة هارفارد الأميريكية في منحة دراسية كاملة حتى الدكتوراه ....
قصة فيلم قديم أبيض وأسود... ولكنه حدث وبحساب سنوات عمر هذا العلامة ... فقد حدث هذا في الستينات من القرن العشرين ...
- كنت فين ياليلى ... ؟؟ مالقتكيش في البيت لما جيت من عند تهاني ....
- كنت قاعدة عند جدو حسن ..هي أميرة ما قالتلكيش ؟؟
- قالت لي ... كل ده ؟؟ ساعتين ؟؟ بتعملي ايه معاه ؟؟
- كان بيحكي لي عن الدكتور مصطفى
- إن الله حليم ستار ......
- إن الله هو المعز المذل يا أمي ... سبحان الله .... كان راميه ومش عاوزه .... وشايفه دلوقتي ...
- د. مصطفى مستشار قانوني في الأمم المتحدة ... ومحكم دولي في نزاعات العقود والملكية ....
- هو عايش في مصر
- أيوه ... إنت كنت لسه بيبي لما ظهر أول مرة في حياتهم .... كان عضو في لجنة تحكيم طابا ممثلاً عن الأمم المتحدة .... وكل ما ييجي اسمه في الأخبار يخبط علينا عمك علي ويقول لباباك شوف ..مصطفى ابني حيظهر على الشاشة اهه .....
- بتضحكي يا ماما ؟؟؟ أنا نفسي أعيط .... سبحانك يا رب ..... يعز من يشاء ويذل من يشاء .....
يبدو أني كررتها كثيراً ولم أنتبه لصوتي الذى علا حتى سمعه الحاضرون ......
- لوعندك خاطرة أو مشاركة اتفضلي نحب أن نعايشها معك
انتبهت على صوت المحاضر .... وإني مازلت هنا ..... فقمت واقفة واستعددت لأقص قصة شاب أعزه الله سبحانه وتعالى ورفع مكانته .... بعزته وجلاله وقدرته على عباده وإجابته لصوت المظلوم ..
منقوووووووول
بايعتهالربي @bayaathalrby
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
reme
•
:39:
غريبة جداً هذه القصة .... عاملة زي الأفلام الأبيض والأسود ... يس جميلة ... جزاك الله خيراً على النقل
الصفحة الأخيرة