

عندما تُلقى الحُرية على ماَئِدة الحِوار
وتتسربل بدائرةِ الاِشتعال
تكُن الأقلام لها لسان حالٍ
والفكرُ مِداَد الأحرُفِ والكلِماَتِ
تتلاشى ملامح الاحتجاج
فهنا الإصغاء للرأي والرأي الأخر
دستور حُكمٍ
لأن الدعوى جُلها الحُرية ..
ناشـدتُ أهل الفــكرِ و النزعاتِ
...عن فهم أفاق تـبدت مـن يدي
أمست كأحـلام السراب بمقلتي
...حين أنتشت عبـقً بغير الأوحدِ
حرية الفـــكِرِ الأبــــية غايــــــتي
...حرية تأبى السقوط مــع الردي
ناوشت أطراف السماء بفـكرتي
...حين القيود ترجلت عن ساعدي
هِبَةٌ من الرحمن كــانت حريتي
...حرائر الحرف اعتلت عرش نديِ

على ذاك الجبل الشاهق ومن غار حِراء
كانت إنبثاقة الفجر المجيد
و خطوط البداية قد ارتسمت جليةً للعيان
حيث بدأت الرسالة المحمدية بدعوةٍ جُلها الحُرية
والحُرية هي العمود الفقري لأي حضارة فكرية
تستند في مقوماتها على الارتقاء نحو القمم
والإلمام بكل ما هو من شأنه تقدمها في جميع المجالات
حيث تندرج تحتها حريات عدة مثل :
حرية القلم الصحفي الواعد
وحرية الإعلام بصفة عامه المرئي منه والمسموع والمقروء
وخلافها من وسائل التعبير عن الرأي
وفي ذات الإطار تلتحف حرية التعليم و حرية نشر الكتب
وما عداها من الوسائل المتاحة للتعبير ..

ولِدَ الضوء وكل ماحولهُ سواد من أعلى البشر إلى أدناهم
يكسوهم اسوداد الغسق عقيدة وفكرا
أتاهم محمد صلوات ربي وسلامه عليه بدعوة التوحيد
ولم يكن فضا غليظ القلب بل كفل لهم الحرية المطلقة
لحرية الرأي في الحق
حُرية الرأي أي حُرية ابداء الرأي والجهر بالحق
و إسداء النصح في كل ما يمس المصالح العامة والأخلاق
وكل ما تعده العقيدة الإسلامية
فكرا ..
وقد كفل دين محمداً هذه الحرية منذ إنبثاقات فجر دعوتهِ الندية ,
كانت من واجبات المسلم في ممارسة حقه
في إبداء الرأي والوثوب بصلابة وحزم
إلى جانب ثوابت الدين الأولى من مساواة وعدالة
عن الحق لاتحيد
قال أجل من قائل في محكم التنزيل:
( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
سورة آل عمران آية 104]
دعوة لـ الحرية قد تجلت لنا من آيات الله الكريمات
كما كانت على ذات النهج خطى الحبيب صلوات الله وسلامهُ عليه
بأبي وأمي أنت يا رسول الله حيث قال:
(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه
فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)
رواه الترمذي ورواه مسلم في باب الإيمان
وقال صلوات ربي وسلامه عليه
(أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)

ولم يكتفي بهذه الدعوة العامة بل أصلها بمن حوله
حيث كان يأخذ بهم إلى هذا الأفق ليمارس الصحابة رضوان الله عليهم
حريةالرأي حيث كان يستطلع أرائهم في مجمل الشئون
ويأخذ بأرائهم وان خالفت رأيه أحياناً
يتردد كثيرا على مسامعنا وفي مقاماتٍ مختلفة
عبارة أنا حر ، هذا ليس من شأنكم
ويعتقد الكثير من الأشخاص أن لهم مطلق الحرية في فرض الآراء
وإتخاذ السلوكيات
التي يرونها ، وقد تنبني على ذلك تصرفات لا مسؤولة
وقرارات عشوائية بدعوى الحرية
والإنسان في هذا الكون لا يعيش وحده بل هو ضمن
منظومة متكاملة
يضر الجماعة ما يقوم به الفرد من تصرف خاطئ
ولا يصح لنا أن نتخذ معظم قراراتنا وآرائنا بمعزلٍ عن الآخرين
وحتى لو كان الرأي جماعي فيجب أن يكون متوافقاً مع العُرف والدين
إذاً هُناك حدود وضوابط للحرية يجب الإلتزام بها
وبالتالي فإن تلك الحرية المحصلة عن هذا الطريق
لا تطغى على حرية الآخرين
أو تحاول تهميشها في سبيل الاندفاع الا مسؤول
لتحقيق الحرية الشخصية