سجدة في محراب العظمة تورث العز و المجد للعبد

ملتقى الإيمان

[سجدة في محراب العظمة تورث العز و المجد للعبد

السجود لله أعظم هيئات العبودية ، و أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد ، لأن السجود إذعان بالعبودية ،
واعتراف بالألوهية ، وخضوع تام للمهيمن ، و منابذة للشيطان ، وتحرر من الهوى ، وانطلاق من قيود الدنيا وعتق من عبودية الطاغوت.

و السجود لله هيئة خاشعة تثير في النفس حديثا ً لا ينتهي من المحبة للجليل ،
و التمسكن للأحد الصمد ،
والاستسلام للملك السلام ، " فاسجدوا لله و اعبدوا "

السجود لله جل في علاه موقف مبك لأن فيه إخاء و صفاء و وفاء و استعلاء .

أما الإخاء: فالجميع يسجدون لرب العالمين ، الملك و المملوك ، الغني و الفقير ، الأبيض و الأسود ،
السيد و المولى " و لله يسجد من في السماوات و الأرض "

أما الصفاء :فهو تجرد النفس من أوسمة العظمة ، و رتب الفخامة ، و ألقاب الزعامة " إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا "

و أما الوفاء : فهو رد الجميل من العبد إلى المعبود تبارك و تعالى ، والاعتراف بأياديه الجليلة ، و أنعمه الجزيلة ، و هباته الجميلة .

فبالسجود يحصل ثناء العبد على سيده و مولاه تبارك وتعالى ، وحمده له على ما أعطى و أولى و أسدى و أغنى .

و أما الاستعلاء في السجود فهو انتصار العبد على نفسه الأمارة وقهر العبد لإبليس اللعين ،
وغلبة المسلم لدواعي الشر .

فإذا سجد قرب من ربه ، وبعد من شيطانه ، وخلص من هواه ، و طهر من خطاياه ، وعصم من عدوه ، ونجا من الشرك ، وفاز بالأجر.

الله ......... ما أجمل السجود بتمريغ الأنوف لله وحده .

و إلصاق الجباه بالتراب للملك الحق" كلا لا تطعه و اسجد و اقترب "

و طرح الجماجم على الأرض لله الواحد القهار.

مباشرة الوجوه للطين إجلالا ً لرب العالمين ، وضع الرؤوس موضع الأقدام توقيرا ً للملك العلام .

الله .........ما أجمل السجود رسالة حية مباشرة لكل ملوك الأرض معناها :

أن الملك حقيقة هو الذي في السماء ، وإشارة مفهومة لكل طواغيت الدنيا مفادها :

آمنا بالله و كفرنا بالطاغوت .

وموقف حازم جازم فحواه : الكل يفنى إلا الله ، الجميع ينتهي إلا الله ، الناس فقراء إلى الله ، الخليقة فانية إلا الله .

الله ........ ما أحسن السجود ضربة قاتلة في رأس صنم ، وطعنة نجلاء في قلب الوثنية ،
وكلمة قاضية في وجه الأدعياء ، ثورة مقدسة على الباطل "فاعلم أنه لا إله إلا الله "

الله ........ما أرفع السجود عيد أكبر للإيمان ، و مولد مبارك للتوحيد ، ومهرجان عامر للرسالة الخالدة ، ومناسبة عظيمة للمؤمنين بربهم ، المحبين لرسولهم المناضلين لمبدئهم ،
الذابين عن شرعهم .

انظر إلى الساجد إذا سجد هل رأيت صورة أجمل من هذه الصورة ؟هل مر بك منظر أحسن من هذا المنظر ؟ هل طاف بك مشهد أجل من هذا المشهد ؟! صورة الإنسان الحي المتحرك فجأة يخر على وجهه و أنفه و يديه و ركبتيه و رجليه ساكنا ً صامتا ً خاشعا ً مخبتا ً ذليلا ً باكيا ً "
و يخرون للأذقان يبكون و يزيدهم خشوعا ً "

منظر العبد الذي كان يأمر و ينهى ، و يأخذ و يعطي ، ويقول و يفعل ، فجأة و إذا هو قد وسّد جبهته ، ومرغ أنفه و عفر وجهه ، و أخضع كبرياءه ، وأذل عنفوانه لله رب العالمين .

مشهد هذا الكائن الحي بصورته الجميلة ، و قامته السامقة ، و هيكله المتناسب ، و جسمه المتناسق ، فجأة يقع جثة هامدة لا حراك فيها على التراب ، و فجأة يسقط كتلة هامدة على الطين ، وفجأة يهوي ذليلا ً خائفا ً وجلا ً نادما ً متحسرا ً ذاكرا ً لله رب العالمين .

يا أيها الإنسان إنك لن ترتفع عند الله إلأ إذا انخفضت له ساجدا ً ، ولن تجد العزة إلا إذا ذللت له ساجدا ً ، و لن تحصل على الغنى إلا إذا افتقرت له ساجدا ً، فالسجود إذا ً رفعة وعزة و غنى و قوة .

يا أيها الإنسان لن تقترب من الله حتى يقترب أنفك الشامخ من التراب ساجدا ً .

و لن يكرمك الله حتى تضمخ جبهتك الشماء بالطين ساجدا ً .

و لن تحرر من عبادة الطاغوت حتى تضع رأسك على الثرى ساجدا ً .

للسجود أسرار يعرفها الأولياء.

قربك من التراب يقول لك هذا أصلك أيها الإنسان فلماذا تتكبر ؟!

دنوك من الأرض يقول لك "منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى "

اتصالك بالطين يقول لك هذا نسبك أيها الإنسان فلا تفتخر .في السجود الرأس و القدم سواء ، و الأنف و الرجل سواء ، والوجه و الركبة سواء ، والسيد والمسود سواء ، والغني و الفقير سواء .

الطريق إلى السماء يبدأ من الأرض ، ومفتاح الرفعة عند الله الذلة له ، و باب القرب منه السجود له ، انخفض لترتفع ، وتذلل حتى تكرم ، وافتقر له ليغنيك .

من كان في نفسه كبر فليضعه إذا سجد ، لأنه يسجد لكبير متعال ، من كان في جمجمته عزة جاهلية فليلقها إذا سجد لأنه يسجد لرب العزة و الجلال ، من حمل في عطفيه خيلاء فليبرأ منه إذا سجد ،لأنه يسجد لرب الأرض و السماء ،
من سكن في قلبه فخر فليضعه إذا سجد لأنه يسجد للملك الجبار القوي القهار .

منقـــــــــــول

اللهم أغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات...

أختكم
0
377

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️