ليمو
حمدلله علي السلامه وحشتينييييييييي كنتي فين يا بنتي عند اهل جوزك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
سما سحاب
زعلت اوي يا حبيبتي ان في مشاكل وانتي في الاجازه بس معلش يمكن ربنا سخرك عشان تقفي جنب مامتك وباباكي
حزنت جدااااااا علي كل الي حكتيه وافتكرت قصه كانت ام سوسو نزلتها من كتابات والدها العزيز شبه الموضوع ده برضو ابتدت بتنازلالت بسيطه وفي الاخر كانت قاسيه جداااااااااا
(( وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ))
تخيلي لما الاب والام يتعبوا طول حياتهم عشان يكبروا ويربوا ويصرفوا ويعلموا ويداوو ويشيلوا هموم الدنيا كلها عشان يوصلوا الابناء لاحسن حال وكل ده يقابل بالجحود ونكران الجميل
ما تزعليش مني ان الله لا يستحي من الحق
وكمان الجرأه في في الكلام بقت عيني عينك امام الاب بدون مراعاه للمشاعر
الحنيه مش بتطلب والرحمه والعطف والحب شئ مش بيكتسب يعني الي مافيش جواه الحاجات دي يبقي ماحدش هيعلمه انه يحس بيها
الام الي شالت من قبل ما يتخلق ويكون نطفه لحد ما كبرت ماحدش قادر يشيلها الكام سنه دول لا حول ولا قوة الا بالله
انتي اولا خليكي قويه عشان تقدري تقفي جنبهم للنهايه
بصي انا عندي رأي شقه باباكي ومامتك ما يسيبوهاش ابداااااااااااااااااا
دي شقتهم ماحدش يشاركهم فيها يرجع الوضع كما كان قبل اخوكي الصغير مايتجوز
والاخوات يشتركوا مع الاب ويبنولوا شقه داخليه في اخر دور هي مش بتأثر في الاساس خالص
وبتبقي من غير عواميد يعني الحيطه بتتبني فوق الحيطه الي تحتها بالظبط وطبعا التكلفه بتقل كتير
ويوضب بعد كده ولا لأ مش مشكله خلي مراته الي بتقفل الاوض واعتبرت ان البيت بيتها تستحمل ظروف جوزها
اقنعي باباكي ومامتك بهدوء وقوليلهم انتوا كبرتوا والنهارده حصل كده الله اعلم يحصل ايه تاني وكفايه بهدله
وخليه يقولهم ماعنديش غير حلين يااما ابيع بيتي واجيب لنفسي شقه اسكن فيها مع مراتي في اخر عمرنا ربنا يديهم الصحه
يااما الحل التاني ويقفل النقاش في الموضوع ده نهائي ويديلهم مهله اسبوع يبدأو في التنفيذ
انا بتكلم كأن المشكله بتاعتي وبقول التفاصيل ويمكن في الاخر تشوفي حل تاني يكون احسن بس انا بكتب كل الي فكرت فيه
والله المستعان وادعيلهم يمكن ربنا يهديهم

omyosef
•

mado2006
•
سما سحاااب
بصى حبيبه قلبى ويا رب متزعلى منى
الموضوع مش سهل ابدا ان واحده تعيش مع حماها او حماتها
لازم تلتمسى ليهم العذر
وكمان باباكى ومامتك مش لازم ابدا يسيبو شقتهم مين قال انهم لو عاشو عند عيالهم متفرقين كده تبقى مش بهدله؟؟؟
الواحد وهو كبيير بتبقى نفسه صغيره جداااااااااا
المختصر
اخواتك وانت تلمو من بعض وتجيبو شقه لاخوكم لو مينفعش
تبنو دور ليه
وعلى راى عروس فى اسقف بتتعمل مش شرط تكون بحديد مسلح المهم تتحدو على راى بعيد عن بابا وماما
مش عارفه فهمتنى ولا لا
سلاام باه
بصى حبيبه قلبى ويا رب متزعلى منى
الموضوع مش سهل ابدا ان واحده تعيش مع حماها او حماتها
لازم تلتمسى ليهم العذر
وكمان باباكى ومامتك مش لازم ابدا يسيبو شقتهم مين قال انهم لو عاشو عند عيالهم متفرقين كده تبقى مش بهدله؟؟؟
الواحد وهو كبيير بتبقى نفسه صغيره جداااااااااا
المختصر
اخواتك وانت تلمو من بعض وتجيبو شقه لاخوكم لو مينفعش
تبنو دور ليه
وعلى راى عروس فى اسقف بتتعمل مش شرط تكون بحديد مسلح المهم تتحدو على راى بعيد عن بابا وماما
مش عارفه فهمتنى ولا لا
سلاام باه

عطر الشموع :
هدى ام البنات الف مبروك لايه و عقبال العرييييييييييييييييس و ان شاء الله يطلع هو اقرب هدى ام عبد الله الف مليون مبروك و ربنا دايما بيعوض و يارب يكرمك بيهم و فيهمهدى ام البنات الف مبروك لايه و عقبال العرييييييييييييييييس و ان شاء الله يطلع هو اقرب هدى...
سما سهاب
حبيبتي بجد صدمتيني بكلامك ولو انها تجربه متكرره سمعت عنها كتير و شفتها اكتر
بس في ناس شفت انتقام ربنا في حياتهم لاني على ما اعتقد ان عقوق الوالدين
انتقامه بيكون في الدنيا و في الاخره
و بجد هيندموا اشد الندم على اللي بيعملوه
و بصصراحه راي عروس انكم تساهموا في بناء شقه صغيره باقل الامكانيات
و حتى لو اخواتك الصبيان رافضين ساهمي فيها انت و اخواتك البنات
ده الحل الامثل لان مينفعش بعد السن ده و التضحيات اللي قدموها يتبهدلوا كدا؟؟؟؟؟؟؟؟
بجد دي دعوه انا بدعوها يوميا (يارب اجعل ابني بار بيا و بابوه )
لان دي اقسى عقوبه ممكن اب و ام يتعاقبوا بيها في كبرهم
تعرفي في قصه واحد اعرفه من النسايب عمل كدا مع امه و طردها من البيت
و اتبهدلت بسببه
وهو كان بيعمل في الخليج و لم كميه فلووووس رهيبه و كان يرجع اجازه ميجيبلهاش
هديه بجنيه و لا حتى يروح يزورها
و هي يا عيني تعرف من اقاربها انه جه من السفر و تتصل بيه و تعيط
و تقوله بس اشوفك يقوم يعنفها و يقفل في وشها السكه
و فضل كدا لحد ما حست انها هتموت طلبت تشوفه مرضيش
وهي في المستشفى تعييييط و تقول يارب انا مسامحااااااه يارب انا راضيه
لحد ما ماتت و هو ماهتمش انه يجي يشوفها
و بسسسسسسسسسسسسسسسسس
مش قادره احكيلكم ايه اللي حصل له
كان عنده خمس ابناء
كل كم شهر بقا واحد يموت بدون سبب
لحد ما فضل له بنت واحده
قامت يوم من النوم مش بتمشي لفوا بيها على الدكاتره قالوا شلل و مالوش علاج
في عز شباابها و على كرسي متحرك
طبعااااااااااااا اخيرااااااااااا فاااااااااااق و افتكر امه و ساب الخليج
و رجع و مبيعملش حاجه غير انه بيبكي على قبرها
و يدعي ربنا يخليله بنته الاخيره و ان امه تسامحه
بجد حكايات كتير اوي اويييييييي و الناس تايهه في الدنيا و همها الفلوس
و الشقق و العربيات
ربنا يهديهم
عرووووووووووووس
حبيبتي شفتي العطس بقى مفيد ازاي؟؟
تصدقي انا منين ما اكون في حته و اعطس تلاقي النظرات كلها اتجهتلي و كله يسيب المكان هههههههههههه
اديها مشروبات سخنه و انت تبقي زي الفل و خصوصا الينسون و الجنزبيل
نيرمو
حلوه فكره الحصاله اوي بس ياريت تفهميني ايه نظام التهديد؟؟؟؟
يارب اكون فهمت غلط و انت متقصديش تهددي اللي مش عاجبه ولا حاجه
مستنيه ردك ضرووووووووووووووري
عشان مش متعوده حد يهددني
ام سوسو
حياااااااااااااتي وحشتينيييييييييييي موووووووووووووووت و بعدين معقوله انا فيا شبه من ماما زوزو
يارييييييييييييييييييييييت ابقى نقطه في بحرها
فيميل
ميرسي يا حبيبتي على سؤالك و يارب ييسرلك حالك
دمووووووووووووع
انت فيييييييييييين وحشتيني اويييييي و بجد قلقانه عليكي ليه مختفيه كل ده ؟؟
ام يوسف
حبيبتي مبروك على العمره و ان شاء الله ربنا ييسرلك الورق و مش هوصيكي عايزه دعوات اسبشيااااااااااااااال
و خصووووووووووووووصي و كل حاجه
بوتاااااااااا
عارفه انك هتضربيني بس بجد هي جت كدا معاكي النهارده هههههههههههههه
ميرو
ميرسي على سؤالك
ورده
ازيك يا قمر وحشاااني و ازي محمد؟؟
مادو
الله يسلمك يا جميل و يارب تكوني بخير
باقي البنات بجد بحبكم اوي و ميرسي على اهتمامكم سوالكم و راجعه تاني
و اكيد نسيت ناس كتييييييييييييييير بس ان شاء الله افتكر تاني احسن مخي بقى سايح جداااااااا
حبيبتي بجد صدمتيني بكلامك ولو انها تجربه متكرره سمعت عنها كتير و شفتها اكتر
بس في ناس شفت انتقام ربنا في حياتهم لاني على ما اعتقد ان عقوق الوالدين
انتقامه بيكون في الدنيا و في الاخره
و بجد هيندموا اشد الندم على اللي بيعملوه
و بصصراحه راي عروس انكم تساهموا في بناء شقه صغيره باقل الامكانيات
و حتى لو اخواتك الصبيان رافضين ساهمي فيها انت و اخواتك البنات
ده الحل الامثل لان مينفعش بعد السن ده و التضحيات اللي قدموها يتبهدلوا كدا؟؟؟؟؟؟؟؟
بجد دي دعوه انا بدعوها يوميا (يارب اجعل ابني بار بيا و بابوه )
لان دي اقسى عقوبه ممكن اب و ام يتعاقبوا بيها في كبرهم
تعرفي في قصه واحد اعرفه من النسايب عمل كدا مع امه و طردها من البيت
و اتبهدلت بسببه
وهو كان بيعمل في الخليج و لم كميه فلووووس رهيبه و كان يرجع اجازه ميجيبلهاش
هديه بجنيه و لا حتى يروح يزورها
و هي يا عيني تعرف من اقاربها انه جه من السفر و تتصل بيه و تعيط
و تقوله بس اشوفك يقوم يعنفها و يقفل في وشها السكه
و فضل كدا لحد ما حست انها هتموت طلبت تشوفه مرضيش
وهي في المستشفى تعييييط و تقول يارب انا مسامحااااااه يارب انا راضيه
لحد ما ماتت و هو ماهتمش انه يجي يشوفها
و بسسسسسسسسسسسسسسسسس
مش قادره احكيلكم ايه اللي حصل له
كان عنده خمس ابناء
كل كم شهر بقا واحد يموت بدون سبب
لحد ما فضل له بنت واحده
قامت يوم من النوم مش بتمشي لفوا بيها على الدكاتره قالوا شلل و مالوش علاج
في عز شباابها و على كرسي متحرك
طبعااااااااااااا اخيرااااااااااا فاااااااااااق و افتكر امه و ساب الخليج
و رجع و مبيعملش حاجه غير انه بيبكي على قبرها
و يدعي ربنا يخليله بنته الاخيره و ان امه تسامحه
بجد حكايات كتير اوي اويييييييي و الناس تايهه في الدنيا و همها الفلوس
و الشقق و العربيات
ربنا يهديهم
عرووووووووووووس
حبيبتي شفتي العطس بقى مفيد ازاي؟؟
تصدقي انا منين ما اكون في حته و اعطس تلاقي النظرات كلها اتجهتلي و كله يسيب المكان هههههههههههه
اديها مشروبات سخنه و انت تبقي زي الفل و خصوصا الينسون و الجنزبيل
نيرمو
حلوه فكره الحصاله اوي بس ياريت تفهميني ايه نظام التهديد؟؟؟؟
يارب اكون فهمت غلط و انت متقصديش تهددي اللي مش عاجبه ولا حاجه
مستنيه ردك ضرووووووووووووووري
عشان مش متعوده حد يهددني
ام سوسو
حياااااااااااااتي وحشتينيييييييييييي موووووووووووووووت و بعدين معقوله انا فيا شبه من ماما زوزو
يارييييييييييييييييييييييت ابقى نقطه في بحرها
فيميل
ميرسي يا حبيبتي على سؤالك و يارب ييسرلك حالك
دمووووووووووووع
انت فيييييييييييين وحشتيني اويييييي و بجد قلقانه عليكي ليه مختفيه كل ده ؟؟
ام يوسف
حبيبتي مبروك على العمره و ان شاء الله ربنا ييسرلك الورق و مش هوصيكي عايزه دعوات اسبشيااااااااااااااال
و خصووووووووووووووصي و كل حاجه
بوتاااااااااا
عارفه انك هتضربيني بس بجد هي جت كدا معاكي النهارده هههههههههههههه
ميرو
ميرسي على سؤالك
ورده
ازيك يا قمر وحشاااني و ازي محمد؟؟
مادو
الله يسلمك يا جميل و يارب تكوني بخير
باقي البنات بجد بحبكم اوي و ميرسي على اهتمامكم سوالكم و راجعه تاني
و اكيد نسيت ناس كتييييييييييييييير بس ان شاء الله افتكر تاني احسن مخي بقى سايح جداااااااا

um susu
•
سما انا حانزل القصة دي تاني يمكن تكون عبرة يارب :
إذهب الى قريتك التي أنجبتك
كان رجلا مهيبا، له مكانته في المجتمع، دمث الخلق، حلو الحديث، والإبتسامة لا تفارق شفتيه.. وكان تخصص في فرع هندسي نادر من أوربا وتقلد عدة مناصب آخرها كان منصبا فنيا كبيرا في إحدى الوزارات..كان وفيا يصل رحمه وأصحابه وخلانه ويصل عوائل من يتوفى منهم، ويتساوى عنده الغني والفقير في ذلك.
وكان يصحب معه في جولاته زوجته وولديه.. وفي كل بيت يزوره يذكر لولديه علاقته ومحبته لهذه العائلة وكأنما يريد ان يغرس في قلبيهما حب التواصل من بعده لأصحابه واقربائه.
أحيل على المعاش وكبر أولاده ولم يعد يرافقوه في جولاته وماتت زوجته الطيبة.. وبقى هو في تواصل مع محبيه كسابق عهده..
تزوج أحد أبنائه وترك بيت الأسرة وبقي الإبن الآخر معه..
ومرت ثلاثة اعوام والإبن مشغول بعمله في النهار والبيت يحتاج الى من يرعاه، ومن يطبخ الطعام، ومن يغسل الملابس متى اتسخت، وهو رجل لم يتعود على العمل المنزلي في شبابه فكيف وهو يطرق أبواب السبعين من عمره. أشار عليه بعض أهله ان يتزوج ووصفوا له إمراة متوسطة العمر من معارفهم.من عائلة معروفة.فتوكل على الله وتزوج تلك المرأة ولم يُبد الولدان اعتراضا كبيرا على زواجه، ربما فكرا أن الأسلم لأبيهما أن يتزوج فيتخلصا من الحرج إن هما لم يقما على خدمته والسهر على راحته.
وجاءت الزوجة الجديدة من بيئة شبه قروية ولكنها كانت بسيطة كبساطة البيئة التي نشأت فيها وكانت طيبة القلب ...وكانت ذا ت عقل، فعرفت أنه كان لهذا البيت سيدة عظيمة قضت الشطر الأكبر من عمرها بين جدرانه الى أن توافاها الله الى جواره، وعرفت أن لها مكانة في قلب زوجها وأولاده فعليها أن تحافظ على هذه المكانة ولا تمسها بسوء ولو بتعليق عابر.
وانهمكت في أعمال البيت وأدارت شؤونه بجدارة، وعاد الدفئ الى المطبخ والى البيت كله.
وكان أن خطب الإبن الآخر فتاة تعمل معه وعقد عليها، وأثناء فترة الخطوبة كانت العروس تزورهم مع أهلها وأسرَّت يوما شيئا في أذُن خطيبها ولما غادرت جلس الإبن الى جوار ابيه وصار يتململ في جلسته، فعرف الأب أن لديه حاجة عنده فقال له: قل ما عندك يا ولدي ولا تخجل، هل تحتاج الى مال؟ قال: بل هو طلب آخر.. تريد زوجتي الغرفة الكبيرة في الطابق السفلي فهي الوحيدة التي تتسع لأطقم الأثاث التي اتفقنا على شرائه، ولكنها غرفتك الآن كما كانت من قبل. وشرد الأب لبرهة ولكن زوجته كانت سمعت الحديث فأقبلت عليهما ضاحكة وهي تقول: ما بالك ترددت يا أبا فلان دع الغرفة للعرسان ونحن ننتقل الى غرفة في الطابق العلوي، قال الأب: ولكن هذه الغرفة فيها حمام داخلي وأنا احتاج اليها بضع مرات في الليل. ردَّت عليه زوجته: هناك مثلها في الطابق الثاني مالك تتكاسل هكذا؟ دع الشباب يجدوا راحتهم في الغرفة الكبيرة فوافق الأب عل مضض، لأنه كان يخشى أن يثقل عليه المرض احيانا وصعود السلالم ونزولها قد يرهقه.
وتزوج الإبن وذهب في رحلة شهر العسل ولما عادا فرح الأب وزوجته بهما كثيرا، وقبلهما الأب في شوق وحنان. وقبلت زوجته جبين العريس وتقدمت نحو العروس لتقبلها ولكنها نأت بنفسها عنها واكتفت بمصافحة باردة. وذهبت الى غرفتها مباشرة وأغلقت الباب خلفها.
وأظهرت زوجة الإبن ومنذ أن وطأت أقدامها المنزل، كرها خفيا للأب وكرها ظاهرا وفاضحا لزوجته وعاملت المرأة المسكينة الطيبة كما تعامل إحدى الخادمات، وكانت تحرص على أن لا تجلس معهم على مائدة الطعام ابدا وتبدي إمتعاضها الشديد من كل ما تفعله تلك المرأة. وكانت قوية متسلطة فاستطاعت أن تميل عقل زوجها ليكره زوجة ابيه هو الآخر . ثم انتقل التحريض ضدها الى شقيق الزوج وزوجته وكسبتهم بسرعة الى صفِّها.
وفي جلسة حوار جمعتهم جميعا قالت لهم: كيف تقبلون على أنفسكم أن تشارككم هذه القروية الجاهلة إرث أبيكما متى مات. لم ينتفض أحدهما ليرد عليها: إنه أبونا ولا يزال حيا بيننا فلا تميتيه قبل أَجَلِه. بل اكتفيا بالصمت. فاستمرت في حديثها: إن هذا الدار دار أمكم فاسعيا أن لا يكون لهذه الغريبة نصيب فيه؟ عليكما أن تقنعا أباكما أن يكتب لكما الدار بسرعة..تحايلا عليه بالكلام الطيب اللين حتى يرضى.
وكأنما وقع حديثها في نفسيهما وقعا حسنا فقد طلبا من أبيهما بعد يوم أن يخرجا معه في نزهه: وأخذاه الى شاطئ النهر وذكّراه بالأيام الخوالي يوم كانوا يأتون جميعا الى نفس البقعة مع أمهم في أيام العطل، وأثارا شجونه وذكرياته. بعدها قال له ابنه الأكبر: لقد رأيتنا يا ابي أننا لم نعترض على زواجك رغم أن الكثير من الأبناء يفعلون، وتعلم أنني وشقيقي ما زلنا في بداية المشوار ولا يملك أحدنا ما يعينه على شراء دار، ونسأل الله لك طول العمر (إن شاء الله) ولكننا نفكر بعيدا فلا نريد أن يحدث خلاف مع زوجتك حول نصيب في البيت، وهي غريبة عنا ولا نعلم كيف تكون من بعدك. فماذا ترى لو تنازلت عن الدار لي ولأخي وتكون الدار دارك تبقى فيها معززا مكرما ولا يكون تنازلك عنه الا اجراءا احترازيا للمستقبل.
قال الأب الطيب: ليس لي غيركما يا أولادي والدار داركما وكنت اتمنى أن يكون لي دارين فأعطي كل واحد منكما واحدا، وفلانة (يقصد امرأته) امرأة طيبة القلب لا اراها تنازعكما في حقها الشرعي في الدار ، ولكن لا ضير غدا نذهب الى دائرة العقار فأسجل الدار باسمكما مناصفة.
في صباح اليوم الثاني كان الأب يقلب بين أوراقه فسألته زوجته: عم تبحث يا أبا فلان؟ قال: وعدْتُّ ولديَّ أن أسجل هذا الدار باسمهما اليوم وانا ابحث عن شهادة الملكية. وكانت المرأة عاقلة فقالت له: أرى أن تقوم بدلا من ذلك بكتابة وصية شرعية أن يكون البيت لهما وحدهما مناصفة من بعدك. وأنت تعلم أن زوجة ابنك خشنة الطبع وأخشى أن تسيئ اليك بعد ذلك، فقال لها مطمئنا: لن يكون شيئا مما تخشين فولدي طيبان.
ومضى شهر وبعض الشهر.. ورأت المرأة الماكرة أن تفرض سلطتها على البيت فكان أن دعت الى العشاء في منزلها إثنين من زميلاتها في العمل مع عائلتيهما وقالت لزوجها: إسمع يا فلان لا أريد أن أُحْرَج أمام ضيوفي مع تلك المرأة القروية فأوص والدك أن يلزم حجرته معها ويمكنك ان تاخذ اليهما الطعام بنفسك. قال الولد متحرجا: كيف أمنع أبي من التحرك في داره؟ ردت عليه يسرعة: إنه دارنا وليست داره.
وذهب الإبن المطيع (لزوجته) الى والده فرآه وقد فرغ من الصلاة لتوه وهو يقرأ اوراد الذكر من بعد الصلاة، التفت اليه الأب مبتسما واشار اليه ليجلس. ورحبت به زوجة ابيه بحرارة وسألته ماذا يشرب وهي تتجه الى براد في زاوية الغرفة لكنه اعتذر قائلا: بل أنا في عجلة من أمري وأريد ان انقل لكما رسالة ، قال الأب: خيرا يا ولدي ما الأمر؟ قال الإبن: لقد دعت زوجتي بعض الأصدقاء الى العشاء مع عوائلهم ونخشى أن يضايقكم الأطفال فحبذا لو بقيتما في الغرفة وأنا سآتيكم بالطعام في حينه. إمتعض الأب من هذا الطلب وشعر بحزن ثقيل ينزل على صدره، وكأنه استقرأ ما ستجلبه الأيام القادمة.ولكنه اكتفى بأن هز رأسه علامة القبول.
وفي المساء أمتلأ الطابق السفلي ضجيجا وحركة وكانت الضحكات المجلجلة تتردد صداها في كل أركان البيت والأطفال يجرون وراء بعضهم البعض في الفناء الخارجي وفي الطابق السفلي ثم نقلوا نشاطهم الى الطابق العلوي ايضا وصاروا يصعدون سطح المنزل وينزلون منه في هرج ومرج ويصفقون الباب الحديدي وراءهم بقوة في كل مرة فيسمع صوت ارتطامه بالجدار من البيوت المجاورة..ولم يجدوا من يسكتهم أو يطلب منهم أن لا ينقلوا عبثهم وضجيجهم الى الطابق العلوي.
وصُفَّت المائدة بانواع الطعام الموصى عليه من أحد المطاعم ، وانهمك الجميع في الأكل، هذا يناول ذاك وهذه توصي تلك ان تجرب هذا الطعام. وتذكر الأبن بعد حين انه نسي أن يأخذ بعض الطعام الى والده فتسلل الى المطبخ فوجد أن معظم الأكل قد نقل الى المائدة لكنه جمع شيئا من هنا وشيئا من هناك على عجل وصعد به الى غرفة ابيه.ووضع الإناء فوق طاولة في ركن الغرفة وأراد أن ينسحب دون أن ينطق ببنت شفة. فرمقه الأب بنظرة عتاب قاسية وقال له: إذن كنت تريد أن تجنبنا ضجيج الأطفال وشقاوتهم إذ أمرتنا بعدم النزول، أم أنها زوجتك تستنكف من أبيك فلا تريد أن نحرجها امام ضيوفها؟ واراد أن يسترسل فضغطت زوجته على يده قائلة: هون عليك يا رجل... هون عليك. وانسحب الإبن من الغرفة يجر عاره وراءه.
استيقظ الأب صباح اليوم الثاني فوجد أن زوجته قد سبقته في النزول ووجد الطابق السفلي كله غارقا في فوضى عارمة مائدة الطعام تُرِكَت كما هي، قطع اللحم وبقايا الطعام وقطع الفواكه مبثوثة في كل مكان على الأرائك، في الأرض، تحت الطاولات، والمطبخ ملئ بالصحون والقدور المتسخة، وصعق الأب لهذا المنظر وحاول جاهدا أن يمنع زوجته من التنظيف ولكنها أبت وبذلت جهدا كبيرا لعدة ساعات حتى أعادت البيت كما كان. ولكن الأب لم يشأ أن تذهب هذه الحادثة هكذا دون تذكير أو تدخل منه.
في المساء نزل الأب الى الطابق السفلي ونادى على إبنه فخرج من غرفته وأقبل على ابيه حيث يجلس فقال له الأب: هل أن ما وجدناه صباح هذا اليوم كان أمرا طبيعيا؟ سأله الإبن في عدم اكتراث: ماذا وجدت ؟ قال له الأب: سأسالك: كم مرة أقمنا الولائم والمآدب في هذا البيت، هل تركت امك يوما البيت في فوضى عارمة كما تركتماه أنت وزوجتك ليلة أمس؟ أما كانت أمك (يرحمها الله) تنظف وتعيد كل شيئ الى مكانه قبل أن تأوي الى الفراش؟ رد عليه الإبن: ولكن زوجتي مرتبطة بالعمل في الصباح؟ قال له الأب: إذن لو أردتما أن تدعوان أصحابكما الى طعام فادعوهم الى مطعم وليس الى البيت.. أو أنكما ترياننا خدما في هذا البيت؟ وهنا خرجت زوجة الإبن من حجرتها وقالت بوقاحة واستهزاء: والله إنه لأمر عجيب أن لا يجد المرء راحته في بيته!! قال الأب: أنا صاحب البيت ومتى مت فافعلي ما تشائين.. إن لهذا البيت أهلا عليك أن تحترميهم. فردت عليه بوقاحة أشد: أنا صاحبة البيت وما أنت وتلك القروية إلا ضيفان وبامكاني طردكما متى شئت. وصعق الأب من ردها والتفت الى إبنه الذي كان منكس الرأس يسأله: هل ترضى لأبيك أن يهان في بيته؟ أهكذا ربيتكم؟ رد عليه الإبن: ولكنك جعلت منها (يقصد زوجة أبيه) سيدة المنزل وفضلتها علينا وكنا نحسبها أن تكون كخادمة لك وللمنزل. رد عليه الأب بعصبية: أنسيت من تكون؟ الا تعلم عراقة عائلتها وشرف نسبهم؟ أفكل من عاش في القرى والبلدات الصغيرة لا يكون الا جاهلا بنظركم؟ إنها أشرف من هذه التي جئت بها وجعلتها تذلنا جميعا وأولهم انت، فوا أسفا على زمان كان لهذا البيت حرمته ولساكنيه العزة والحصانة. وهنا خرجت زوجة الإبن عن طورها: وصارت تصرخ وتبكي وتولول كمن مسه طائف من الجن. فصعد الأب الى غرفته وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل.
تبين للأب بعد ذلك أن ابنه تنازل عن حصته في البيت لزوجته، وقد نزل على قلبه هم ثقيل بسبب ذلك وصار يقول لزوجته: ليتني عملت بنصيحتك فلم أتنازل عن الدار في حياتي.. كيف سيكون حالنا على يد هذه المرأة سيئة الخلق؟؟ كيف سنصبر على أذاها وإبنناصار كالخاتم في إصبعها تديره كيفما تشاء. قالت له زوجته: هلا اتصلت بأخيه الأكبر فقد يجد حلا معها. اجاب الأب بحسرة: اي حل؟ هذه إمرأة سيئة الخلق ابتلينا بها ليس في قاموسها أي اعتبار لأي بشر. إذا كنتُ في مقام أبيها وهي تسكن داري وتعاملني هكذا فماذا تفعل مع الآخرين؟ وضل الأب يتقلب في فراشه تلك الليلة ولم يغمض له جفن حتى أذان الفجر فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وتوضأ وأيقض زوجته وصليا الفجر جماعة.
في الصباح كررت عليه زوجته أن يتصل بابنه الأكبر، ورغم علمه أن لا فائدة من ذلك إلا أنه ادار الهاتف ولما رُفعت السماعة صار يتحدث: السلام عليكم ولدي كيف أنت وزوجتك وابنتك. لقد اشتقنا لكم.الإبن: نحن بخير هل من أمر حصل معك؟ قال الأب: إن زوجة اخيك سيئة الخلق ولا استبعد أن تطردنا من البيت في أية لحظة وأخوك يوافقها على كل شيء. الإبن: أبي هل تريد الحقيقة؟ أظن أن من الأنسب لك ما دمت قد تقاعدْتَ من العمل وتزوجْتَ أن تذهب الى البلدة؟ رد عليه الأب باستغراب: هل هذا هو الحل الذي تفتق عنه ذهنك؟ أنا اسكن العاصمة منذ شبابي ولا أعرف أحدا في البلدة؟ كل اصدقائي ومعارفي هنا..لقد بنيت هذه الدار قبل ثلاثين عاما وتزوجْتُ فيه، وولدتَ انت وأخوك فيه. الإبن: في الحقيقة يا أبي نحن نريد أن نبيع الدار ونتقاسم ثمنه ووجودك في الدار يعطل هذا المشروع. ولم يشأ الأب أن يكمل الحديث وأقفل السماعة واغرورقت عيناه بالدمع وتحشرج صوته وهو يقول لزوجته: لقد باعني أولادي برخص التراب يا فلانة!! وأنهار في المقعد وعلامات الأسى والحزن العميق بادية على وجهه.
ومرت عليه ايام ثقيلة بعد أن توضحت له معالم المؤامرة، إذن ولديه الوحيدين يخططان أن يطرداه من بيته، وهو كان يمني نفسه أن يرتاح ويأنس باحفاده وهم يلعبون من حوله في المنزل، لقد أرادوا له الشقاء آخر أيام عمره فيا لهما من ابنين بارَّيْن. ونزلت على قلبه سحابة من كآبة سوداء جعلت عينيه شاخصتين يهطل منهما الدمع مدرارا.
وبعد ايام قلائل وبينما كان متمددا في أريكته في الغرفة وزوجته قائمة تصلي، وجد أن الباب يُفْتح عنوة ودخلت زوجة ابنه تقود رجلين ضخمي الجثة فصاح بهم الأب ما هذا: الا تعرفون الأصول مالذي ادخلكم هكذا؟ خجل الرجلان وقال احدهما: مرحبا يا عم أعذرنا فأنا من مكتب بيع العقارات وهذا الرجل يريد أن يشتري داركم. رد عليه الأب: أذهبوا من امامي هذه الدار ليست للبيع. فالتفت الرجلان الى المرأة كأنما يسألانها ما الأمر؟ فقالت بصوت عال: إن هذا الرجل الخرف يهذي لا تسمعوا له وخرجت من الغرفة.
وفي المساء شعر كأنه يختنق فقال لزوجته دعينا نذهب الى الحديقة وشعر بثقل في خطواته وهو يمر في الصالة فتوقف يستند على أريكة وجال بنظره في اركان البيت،، وتذكَّر كم كان هذا البيت سعيدا،، وكم اقيمت فيه ولائم لكبار المسؤولين من اصدقائه.ولأصحابه وخلانه،واليوم صارت جدرانه تضيق بوجوده وتريد أن تلفظه الى الطريق. ثم تنبه فرأى ان التحف والنفائس التي كانت تملأ اركان الصالة كلها والتي جلبها من أقطار الأرض المختلفة خلال سفراته الكثيرة رآها قد اختفت وليس لها من أثر، وفي هذه اللحظة شاهد ابنه قادما من المطبخ ويريد أن يدخل غرفته فساله الأب: يا فلان اين ذهبت النفائس والتحف: فرد عليه الإبن ببرود دون أن يلتفت اليه: لقد تقاسمناها أنا وأخي ودخل غرفته وأقفل الباب وراءه.
فشعر بانقباض شديد وقال لزوجته خذيني الى غرفتي.
ضلت زوجته تحاول أن تهون عليه الأمر.. يا هذا مالك تنهار هكذا بسرعة، لنرجع الى البلدة ونؤجر مسكنا صغيرا هناك، إن اهل البلدة اناس طيبون، وعائلتك معروفة هناك بأصالتها وكان لأبيك مواقف مشرفة كثيرة مع اهل البلدة.. سترى أن الناس يضعونك في حدقات عيونهم..هناك الهواء نقي لم يتلوث بعد والبلدة تحف بها بساتين خضراء من كل جانب.. ستعجبك الحياة هناك فأنت رجل الف ويألفك الناس، فمالك تتشبث بجدران الإسمنت هذه..
فاطمأنت نفسه وهدأ روعه ورفع بصره الى السماء مناجيا ربه: اللهم انك عفو كريم فاعف عني، اللهم إن كان هذا جزاء لذنب اقترفته في حياتي فاسالك العفو والمغفرة، اللهم أعنّي على قسوة ابنائي، اللهم الْطُف بي في آخر عمري.. ونام في تلك الليلة نومة مريحة.
في صباح اليوم الثاني أرادت زوجته الخروج من الغرفة فرأت الباب مغلقا فسالت زوجها يا فلان هل انت اغلقت الباب؟ قال: لا لم اغلق الباب وعبثا حاولا العثور على مفتاح أو وسيلة يفتحان بها الباب..كان الصباح في أوله وقد ذهب الإبن وزوجته الى العمل، وليس في الغرفة هاتف..دقا على الباب بعنف ولكن لا مجيب.. وكان للغرفة شباك واحد كبير يطل على فناء داخلي ولن يسمعهما الجيران لو استنجدا أو صاحا على احدهم..
لقد ارادت زوجة ابنه أن تنتقم منه لمِا كان من امره يوم أمس مع صاحب مكتب العقار والشخص الذي كان يريد شراء الدار فتسللت صباحا واغلقت عليهما باب الغرفة وذهبت الى عملها.
ضاق بهما الأمر فهما بحاجة الى الحمام لقضاء الحاجة والوضوء...ومرت الساعات ثقيلة قاسية ولم يعد بمقدرهما التحمل فاضطرا ان يقضيا حاجتهما في اكياس من البلاستك ووجدا حرجا كبيرا كيف يتنظفان وكيف يتوظئان..ومضت ساعات أخرى وجاء موعد عودة الإبن وزوجته من العمل فلم يسمعا صوتا في الطابق السفلي..ونفذ الماء من البراد فلم يحتسبا لهذا الحصار الظالم..وأصابهما العطش والجوع. ونتن جو الغرفة من رائحة البول والبراز في اكياس البلاستك..وضل الأب يروح ويجيء في الغرفة ويقلب يديه للهوان الذي وجد نفسه فيه..ويقول: يا الله.. أيمكن ان يصل جحود الأبناء الى هذه الدرجة.. والله لم ابخل عليهما بشيء.. لقد تربيا في هذه البيت كالأمراء، فهل يكون جزائي هو الطرد والحبس والذلة على يديهما..ولِمَ؟ لقد تنازلت لهما عن البيت، كان بأمكانهما أن يدعاني أعيش ما تبقى من عمري في هذا البيت.. أم تراهما يستعجلان موتي؟ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. حسبي الله ونعم الوكيل.
وكانت زوجته توضب الملابس في الحقائب لتكون مهيأة وجاهزة متى قررا الرحيل. فقد عرفت أن بقاءهما لم يعد محتملا وأنه لا بد من ترك هذا البيت بأسرع وقت قبل أن يصاب زوجها بالجنون أو بذبحة صدرية.
ومع آخر خيط من النهار سمعا حركة في الطابق السفلي... وبعد فترة وجيزة سمع الأب دقا ناعما على الباب وسمع صوت حفيدته الصغيرة تناديه: جدي افتح الباب.
ولما سمع صوتها البريء لم يتمالك نفسه فأجهش بالبكاء من وراء الباب ثم قال لها وحشرجة البكاء تحبس بعض كلماته: حبيبة قلب جدك،، لقد حبسوني في الغرفة.انهم سيطردونني بعيدا عنك. وصارت الطفلة تبكي من الجانب الآخر وتقول: جدي أخرج من الغرفة .. جدي ...جدي.
ويبدو أنها كانت اغفلت امها وصعدت الى غرفة جدها تريد أن تقبله وتضمه بيديها الصغيرتين، وأنّا لقلبها الصغير البريء أن يدرك أن قلوبا قاسية قُدَّتْ من الصخر تحيك مؤامرة لجدها الشيخ الوقور.. لتطرده من بيته شر طردة.
وسمعت الأم بكاء طفلتها في الطابق العلوي فهرولت اليها، فوجدتها خلف الباب تبكي لبكاء جدها في الجانب الآخر.. وشعرت بارتباك وحملت الطفلة الى الإسفل وهي تمانع وترفس بقدميها وتقول وهي ترتجف من شدة البكاء: أريد جدي،، اريد جدي..
أخذ الإبن الأكبر المفتاح من زوجة أخيه ومشى الى غرفة ابيه وفتح الباب إلا أنه شعر بالحرج فرجع على عقبيه الى الأسفل. وتوجه الأب المسكين الى الحمام لينظف نفسه وأخذت له زوجته ملابس نظيفة فاستحم وتوظأ وفعلت زوجته مثل ذلك وصليا المغرب جماعة.
وجلس بعد الصلاة يقلب الأمر في رأسه ورأى أن يترك البيت فجر الغد. ثم نزل الى الطابق السفلي هو وزوجته وكان ابنه الأكبر قد أخذ عائلته وذهب، دون أن يرى أباه أو يعتذر مما فعلته زوجة اخيه ودون أن يدع حفيدته تأتيه ليقبلها ويضمها الى صدره ويمطر وجهها البريء بزخات مطر من دمعه.
ذهب هو الى الصالة وتوجهت زوجته الى المطبخ لتهيء لهما طعاما فلم يدخل جوفهما شيئا من الطعام من يوم أمس. اتصل هو بمكتب لنقل المسافرين وطلب منهم أن يرسلوا عربة اجرة بعد صلاة الفجر مباشرة وحدد لهم عنوان المسكن. وربما كانت زوجة ابنه تسترق السمع من غرفتها، ففركت يديها فرحا وبشرت زوجها إذ سمعته وهو يطلب عربة أجرة فجر اليوم التالي.
مضى الشطر الأول من الليل كما شاء أن يمضي فسيدفن الرجل الطيب في الفجر الآتي ذكريات ثلاثة عقود ونيف قضاها بين جدران هذا البيت، قبل أن يرحل عنه الى الأبد..وقد تكون قسوة الأشهر الماضية قد شوهت تلك الذكريات وطغت عليها أصلا، وجعلت من الهروب العلاج الأصوب والأقرب الى الحقيقة قبل أن تموت الذكريات مع صاحبها في زاوية من زوايا الدار تحت الضغط النفسي الذي يتعرض له آناء الليل وأطراف النهار.
كانت الحقائب جاهزة وقد صفت قرب الباب منذ المساء...
وقام في الثلث الأخير من الليل وايقظ زوجته، ثم قرأ ما تيسر له من القرآن الكريم وصليا الفجر وقرأى اواردهما من الذكر.. وانتظرا قدوم عربة الأجرة. فقالت له زوجته: ابق أنت بينما اقوم بأخذ الحقائب الى الطابق السفلي قال: بل اساعدك في ذلك. واخذا ينزلان الحقائب الثقيلة من السلالم درجة بعد درجة وخرجت زوجة الإبن ووقفت في زاوية من زوايا الصالة تراقبهم في صمت وربما أرادت أن يكون وجودها في هذه الساعة آخر جرعة من الإذلال يأخذانها على يديها قبل ان يرحلا. واكملا تنزيل الحقائب بشق الأنفس.. وكان الإبن التافه في غرفته يغط في النوم غير آبه ولا مكترث لرحيل ابيه عن المنزل بهذه الصورة المشينة. أوربما كان متواريا خلف الباب وقد منعته سيدته من الخروج لئلا يضعف أمام ابيه في لحظات رحيله فيبكي أو يستسمحه لما كان من أمره معه فيترك ذلك انطباعا جميلا عند ابيه تدفعه الى العودة يوما ما؟
وسمعا صوت منبه العربة ثم طرقا على الباب الخارجي فنادت المرأة على السائق ليساعدها في حمل الحقائب.. وكان السائق رجلا طيبا فطلب منهما الجلوس ليقوم هو بحمل الحقائب وتوضيبها في العربة ثم يناديهما بعد أن ينجز كل شيء. ولكنهما آثرا الخروج الى الحديقة وكان الرجل الطيب شارد الذهن لا يتكلم..وربما أعادته ذكرياته الى عقود مضت يوم بدأ ببناء الدار وتناها الى مسامعه أصوات العمال ينادي بعضهم على بعض وصوت ماكنة خلط الخرسانة وضجيجها وأهازيج العمال... ثم رأى الحديقة قد امتلأت عن آخرها باصدقائه وأقربائه وهم يرقصون ويغنون في يوم عرسه...ثم راها امتلأت مرة أخرى باحبائه وبعض من اهله وسمع صوت زغاريد النسوة من الداخل وهم قد جاؤوا مهنئين ومباركين ولادة ولده الأول...وكانت ابتسامة شاردة قد ارتسمت على شفتيه.. ثم أيقضه صوت السائق الأجش وهو يناديه: تعال يا عم فقد أكملت كل شيء. فأطلق تنهيدة طويلة وخرج من باب الحديقة الحديدي وساعده السائق في الركوب.. وجاءت زوجة ابنه مسرعة وصفقت الباب الحديدي بقوة وهي تقول بصوت مسموع: إذهب الى قريتك التي أنجبتك ..ذهابا بلا عودة ان شاء الله.
وخرج الرجل العزيز الطيب من بيته... خرج ذليلا تحت جنح الظلام فلم يشأ ان يراه أحد جيرانه وهو يذل ويهان ويخرج من داره مطرودا، بعد أن عهدوه عزيزا قويا مرفوع الرأس.
وتوارت عربة الأجرة في آخر الزقاق وتركت خلفها بيتا يسكنه العار وينبعث منه الشر.
g¯h
من كتابات والدي العزيز
إذهب الى قريتك التي أنجبتك
كان رجلا مهيبا، له مكانته في المجتمع، دمث الخلق، حلو الحديث، والإبتسامة لا تفارق شفتيه.. وكان تخصص في فرع هندسي نادر من أوربا وتقلد عدة مناصب آخرها كان منصبا فنيا كبيرا في إحدى الوزارات..كان وفيا يصل رحمه وأصحابه وخلانه ويصل عوائل من يتوفى منهم، ويتساوى عنده الغني والفقير في ذلك.
وكان يصحب معه في جولاته زوجته وولديه.. وفي كل بيت يزوره يذكر لولديه علاقته ومحبته لهذه العائلة وكأنما يريد ان يغرس في قلبيهما حب التواصل من بعده لأصحابه واقربائه.
أحيل على المعاش وكبر أولاده ولم يعد يرافقوه في جولاته وماتت زوجته الطيبة.. وبقى هو في تواصل مع محبيه كسابق عهده..
تزوج أحد أبنائه وترك بيت الأسرة وبقي الإبن الآخر معه..
ومرت ثلاثة اعوام والإبن مشغول بعمله في النهار والبيت يحتاج الى من يرعاه، ومن يطبخ الطعام، ومن يغسل الملابس متى اتسخت، وهو رجل لم يتعود على العمل المنزلي في شبابه فكيف وهو يطرق أبواب السبعين من عمره. أشار عليه بعض أهله ان يتزوج ووصفوا له إمراة متوسطة العمر من معارفهم.من عائلة معروفة.فتوكل على الله وتزوج تلك المرأة ولم يُبد الولدان اعتراضا كبيرا على زواجه، ربما فكرا أن الأسلم لأبيهما أن يتزوج فيتخلصا من الحرج إن هما لم يقما على خدمته والسهر على راحته.
وجاءت الزوجة الجديدة من بيئة شبه قروية ولكنها كانت بسيطة كبساطة البيئة التي نشأت فيها وكانت طيبة القلب ...وكانت ذا ت عقل، فعرفت أنه كان لهذا البيت سيدة عظيمة قضت الشطر الأكبر من عمرها بين جدرانه الى أن توافاها الله الى جواره، وعرفت أن لها مكانة في قلب زوجها وأولاده فعليها أن تحافظ على هذه المكانة ولا تمسها بسوء ولو بتعليق عابر.
وانهمكت في أعمال البيت وأدارت شؤونه بجدارة، وعاد الدفئ الى المطبخ والى البيت كله.
وكان أن خطب الإبن الآخر فتاة تعمل معه وعقد عليها، وأثناء فترة الخطوبة كانت العروس تزورهم مع أهلها وأسرَّت يوما شيئا في أذُن خطيبها ولما غادرت جلس الإبن الى جوار ابيه وصار يتململ في جلسته، فعرف الأب أن لديه حاجة عنده فقال له: قل ما عندك يا ولدي ولا تخجل، هل تحتاج الى مال؟ قال: بل هو طلب آخر.. تريد زوجتي الغرفة الكبيرة في الطابق السفلي فهي الوحيدة التي تتسع لأطقم الأثاث التي اتفقنا على شرائه، ولكنها غرفتك الآن كما كانت من قبل. وشرد الأب لبرهة ولكن زوجته كانت سمعت الحديث فأقبلت عليهما ضاحكة وهي تقول: ما بالك ترددت يا أبا فلان دع الغرفة للعرسان ونحن ننتقل الى غرفة في الطابق العلوي، قال الأب: ولكن هذه الغرفة فيها حمام داخلي وأنا احتاج اليها بضع مرات في الليل. ردَّت عليه زوجته: هناك مثلها في الطابق الثاني مالك تتكاسل هكذا؟ دع الشباب يجدوا راحتهم في الغرفة الكبيرة فوافق الأب عل مضض، لأنه كان يخشى أن يثقل عليه المرض احيانا وصعود السلالم ونزولها قد يرهقه.
وتزوج الإبن وذهب في رحلة شهر العسل ولما عادا فرح الأب وزوجته بهما كثيرا، وقبلهما الأب في شوق وحنان. وقبلت زوجته جبين العريس وتقدمت نحو العروس لتقبلها ولكنها نأت بنفسها عنها واكتفت بمصافحة باردة. وذهبت الى غرفتها مباشرة وأغلقت الباب خلفها.
وأظهرت زوجة الإبن ومنذ أن وطأت أقدامها المنزل، كرها خفيا للأب وكرها ظاهرا وفاضحا لزوجته وعاملت المرأة المسكينة الطيبة كما تعامل إحدى الخادمات، وكانت تحرص على أن لا تجلس معهم على مائدة الطعام ابدا وتبدي إمتعاضها الشديد من كل ما تفعله تلك المرأة. وكانت قوية متسلطة فاستطاعت أن تميل عقل زوجها ليكره زوجة ابيه هو الآخر . ثم انتقل التحريض ضدها الى شقيق الزوج وزوجته وكسبتهم بسرعة الى صفِّها.
وفي جلسة حوار جمعتهم جميعا قالت لهم: كيف تقبلون على أنفسكم أن تشارككم هذه القروية الجاهلة إرث أبيكما متى مات. لم ينتفض أحدهما ليرد عليها: إنه أبونا ولا يزال حيا بيننا فلا تميتيه قبل أَجَلِه. بل اكتفيا بالصمت. فاستمرت في حديثها: إن هذا الدار دار أمكم فاسعيا أن لا يكون لهذه الغريبة نصيب فيه؟ عليكما أن تقنعا أباكما أن يكتب لكما الدار بسرعة..تحايلا عليه بالكلام الطيب اللين حتى يرضى.
وكأنما وقع حديثها في نفسيهما وقعا حسنا فقد طلبا من أبيهما بعد يوم أن يخرجا معه في نزهه: وأخذاه الى شاطئ النهر وذكّراه بالأيام الخوالي يوم كانوا يأتون جميعا الى نفس البقعة مع أمهم في أيام العطل، وأثارا شجونه وذكرياته. بعدها قال له ابنه الأكبر: لقد رأيتنا يا ابي أننا لم نعترض على زواجك رغم أن الكثير من الأبناء يفعلون، وتعلم أنني وشقيقي ما زلنا في بداية المشوار ولا يملك أحدنا ما يعينه على شراء دار، ونسأل الله لك طول العمر (إن شاء الله) ولكننا نفكر بعيدا فلا نريد أن يحدث خلاف مع زوجتك حول نصيب في البيت، وهي غريبة عنا ولا نعلم كيف تكون من بعدك. فماذا ترى لو تنازلت عن الدار لي ولأخي وتكون الدار دارك تبقى فيها معززا مكرما ولا يكون تنازلك عنه الا اجراءا احترازيا للمستقبل.
قال الأب الطيب: ليس لي غيركما يا أولادي والدار داركما وكنت اتمنى أن يكون لي دارين فأعطي كل واحد منكما واحدا، وفلانة (يقصد امرأته) امرأة طيبة القلب لا اراها تنازعكما في حقها الشرعي في الدار ، ولكن لا ضير غدا نذهب الى دائرة العقار فأسجل الدار باسمكما مناصفة.
في صباح اليوم الثاني كان الأب يقلب بين أوراقه فسألته زوجته: عم تبحث يا أبا فلان؟ قال: وعدْتُّ ولديَّ أن أسجل هذا الدار باسمهما اليوم وانا ابحث عن شهادة الملكية. وكانت المرأة عاقلة فقالت له: أرى أن تقوم بدلا من ذلك بكتابة وصية شرعية أن يكون البيت لهما وحدهما مناصفة من بعدك. وأنت تعلم أن زوجة ابنك خشنة الطبع وأخشى أن تسيئ اليك بعد ذلك، فقال لها مطمئنا: لن يكون شيئا مما تخشين فولدي طيبان.
ومضى شهر وبعض الشهر.. ورأت المرأة الماكرة أن تفرض سلطتها على البيت فكان أن دعت الى العشاء في منزلها إثنين من زميلاتها في العمل مع عائلتيهما وقالت لزوجها: إسمع يا فلان لا أريد أن أُحْرَج أمام ضيوفي مع تلك المرأة القروية فأوص والدك أن يلزم حجرته معها ويمكنك ان تاخذ اليهما الطعام بنفسك. قال الولد متحرجا: كيف أمنع أبي من التحرك في داره؟ ردت عليه يسرعة: إنه دارنا وليست داره.
وذهب الإبن المطيع (لزوجته) الى والده فرآه وقد فرغ من الصلاة لتوه وهو يقرأ اوراد الذكر من بعد الصلاة، التفت اليه الأب مبتسما واشار اليه ليجلس. ورحبت به زوجة ابيه بحرارة وسألته ماذا يشرب وهي تتجه الى براد في زاوية الغرفة لكنه اعتذر قائلا: بل أنا في عجلة من أمري وأريد ان انقل لكما رسالة ، قال الأب: خيرا يا ولدي ما الأمر؟ قال الإبن: لقد دعت زوجتي بعض الأصدقاء الى العشاء مع عوائلهم ونخشى أن يضايقكم الأطفال فحبذا لو بقيتما في الغرفة وأنا سآتيكم بالطعام في حينه. إمتعض الأب من هذا الطلب وشعر بحزن ثقيل ينزل على صدره، وكأنه استقرأ ما ستجلبه الأيام القادمة.ولكنه اكتفى بأن هز رأسه علامة القبول.
وفي المساء أمتلأ الطابق السفلي ضجيجا وحركة وكانت الضحكات المجلجلة تتردد صداها في كل أركان البيت والأطفال يجرون وراء بعضهم البعض في الفناء الخارجي وفي الطابق السفلي ثم نقلوا نشاطهم الى الطابق العلوي ايضا وصاروا يصعدون سطح المنزل وينزلون منه في هرج ومرج ويصفقون الباب الحديدي وراءهم بقوة في كل مرة فيسمع صوت ارتطامه بالجدار من البيوت المجاورة..ولم يجدوا من يسكتهم أو يطلب منهم أن لا ينقلوا عبثهم وضجيجهم الى الطابق العلوي.
وصُفَّت المائدة بانواع الطعام الموصى عليه من أحد المطاعم ، وانهمك الجميع في الأكل، هذا يناول ذاك وهذه توصي تلك ان تجرب هذا الطعام. وتذكر الأبن بعد حين انه نسي أن يأخذ بعض الطعام الى والده فتسلل الى المطبخ فوجد أن معظم الأكل قد نقل الى المائدة لكنه جمع شيئا من هنا وشيئا من هناك على عجل وصعد به الى غرفة ابيه.ووضع الإناء فوق طاولة في ركن الغرفة وأراد أن ينسحب دون أن ينطق ببنت شفة. فرمقه الأب بنظرة عتاب قاسية وقال له: إذن كنت تريد أن تجنبنا ضجيج الأطفال وشقاوتهم إذ أمرتنا بعدم النزول، أم أنها زوجتك تستنكف من أبيك فلا تريد أن نحرجها امام ضيوفها؟ واراد أن يسترسل فضغطت زوجته على يده قائلة: هون عليك يا رجل... هون عليك. وانسحب الإبن من الغرفة يجر عاره وراءه.
استيقظ الأب صباح اليوم الثاني فوجد أن زوجته قد سبقته في النزول ووجد الطابق السفلي كله غارقا في فوضى عارمة مائدة الطعام تُرِكَت كما هي، قطع اللحم وبقايا الطعام وقطع الفواكه مبثوثة في كل مكان على الأرائك، في الأرض، تحت الطاولات، والمطبخ ملئ بالصحون والقدور المتسخة، وصعق الأب لهذا المنظر وحاول جاهدا أن يمنع زوجته من التنظيف ولكنها أبت وبذلت جهدا كبيرا لعدة ساعات حتى أعادت البيت كما كان. ولكن الأب لم يشأ أن تذهب هذه الحادثة هكذا دون تذكير أو تدخل منه.
في المساء نزل الأب الى الطابق السفلي ونادى على إبنه فخرج من غرفته وأقبل على ابيه حيث يجلس فقال له الأب: هل أن ما وجدناه صباح هذا اليوم كان أمرا طبيعيا؟ سأله الإبن في عدم اكتراث: ماذا وجدت ؟ قال له الأب: سأسالك: كم مرة أقمنا الولائم والمآدب في هذا البيت، هل تركت امك يوما البيت في فوضى عارمة كما تركتماه أنت وزوجتك ليلة أمس؟ أما كانت أمك (يرحمها الله) تنظف وتعيد كل شيئ الى مكانه قبل أن تأوي الى الفراش؟ رد عليه الإبن: ولكن زوجتي مرتبطة بالعمل في الصباح؟ قال له الأب: إذن لو أردتما أن تدعوان أصحابكما الى طعام فادعوهم الى مطعم وليس الى البيت.. أو أنكما ترياننا خدما في هذا البيت؟ وهنا خرجت زوجة الإبن من حجرتها وقالت بوقاحة واستهزاء: والله إنه لأمر عجيب أن لا يجد المرء راحته في بيته!! قال الأب: أنا صاحب البيت ومتى مت فافعلي ما تشائين.. إن لهذا البيت أهلا عليك أن تحترميهم. فردت عليه بوقاحة أشد: أنا صاحبة البيت وما أنت وتلك القروية إلا ضيفان وبامكاني طردكما متى شئت. وصعق الأب من ردها والتفت الى إبنه الذي كان منكس الرأس يسأله: هل ترضى لأبيك أن يهان في بيته؟ أهكذا ربيتكم؟ رد عليه الإبن: ولكنك جعلت منها (يقصد زوجة أبيه) سيدة المنزل وفضلتها علينا وكنا نحسبها أن تكون كخادمة لك وللمنزل. رد عليه الأب بعصبية: أنسيت من تكون؟ الا تعلم عراقة عائلتها وشرف نسبهم؟ أفكل من عاش في القرى والبلدات الصغيرة لا يكون الا جاهلا بنظركم؟ إنها أشرف من هذه التي جئت بها وجعلتها تذلنا جميعا وأولهم انت، فوا أسفا على زمان كان لهذا البيت حرمته ولساكنيه العزة والحصانة. وهنا خرجت زوجة الإبن عن طورها: وصارت تصرخ وتبكي وتولول كمن مسه طائف من الجن. فصعد الأب الى غرفته وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل.
تبين للأب بعد ذلك أن ابنه تنازل عن حصته في البيت لزوجته، وقد نزل على قلبه هم ثقيل بسبب ذلك وصار يقول لزوجته: ليتني عملت بنصيحتك فلم أتنازل عن الدار في حياتي.. كيف سيكون حالنا على يد هذه المرأة سيئة الخلق؟؟ كيف سنصبر على أذاها وإبنناصار كالخاتم في إصبعها تديره كيفما تشاء. قالت له زوجته: هلا اتصلت بأخيه الأكبر فقد يجد حلا معها. اجاب الأب بحسرة: اي حل؟ هذه إمرأة سيئة الخلق ابتلينا بها ليس في قاموسها أي اعتبار لأي بشر. إذا كنتُ في مقام أبيها وهي تسكن داري وتعاملني هكذا فماذا تفعل مع الآخرين؟ وضل الأب يتقلب في فراشه تلك الليلة ولم يغمض له جفن حتى أذان الفجر فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وتوضأ وأيقض زوجته وصليا الفجر جماعة.
في الصباح كررت عليه زوجته أن يتصل بابنه الأكبر، ورغم علمه أن لا فائدة من ذلك إلا أنه ادار الهاتف ولما رُفعت السماعة صار يتحدث: السلام عليكم ولدي كيف أنت وزوجتك وابنتك. لقد اشتقنا لكم.الإبن: نحن بخير هل من أمر حصل معك؟ قال الأب: إن زوجة اخيك سيئة الخلق ولا استبعد أن تطردنا من البيت في أية لحظة وأخوك يوافقها على كل شيء. الإبن: أبي هل تريد الحقيقة؟ أظن أن من الأنسب لك ما دمت قد تقاعدْتَ من العمل وتزوجْتَ أن تذهب الى البلدة؟ رد عليه الأب باستغراب: هل هذا هو الحل الذي تفتق عنه ذهنك؟ أنا اسكن العاصمة منذ شبابي ولا أعرف أحدا في البلدة؟ كل اصدقائي ومعارفي هنا..لقد بنيت هذه الدار قبل ثلاثين عاما وتزوجْتُ فيه، وولدتَ انت وأخوك فيه. الإبن: في الحقيقة يا أبي نحن نريد أن نبيع الدار ونتقاسم ثمنه ووجودك في الدار يعطل هذا المشروع. ولم يشأ الأب أن يكمل الحديث وأقفل السماعة واغرورقت عيناه بالدمع وتحشرج صوته وهو يقول لزوجته: لقد باعني أولادي برخص التراب يا فلانة!! وأنهار في المقعد وعلامات الأسى والحزن العميق بادية على وجهه.
ومرت عليه ايام ثقيلة بعد أن توضحت له معالم المؤامرة، إذن ولديه الوحيدين يخططان أن يطرداه من بيته، وهو كان يمني نفسه أن يرتاح ويأنس باحفاده وهم يلعبون من حوله في المنزل، لقد أرادوا له الشقاء آخر أيام عمره فيا لهما من ابنين بارَّيْن. ونزلت على قلبه سحابة من كآبة سوداء جعلت عينيه شاخصتين يهطل منهما الدمع مدرارا.
وبعد ايام قلائل وبينما كان متمددا في أريكته في الغرفة وزوجته قائمة تصلي، وجد أن الباب يُفْتح عنوة ودخلت زوجة ابنه تقود رجلين ضخمي الجثة فصاح بهم الأب ما هذا: الا تعرفون الأصول مالذي ادخلكم هكذا؟ خجل الرجلان وقال احدهما: مرحبا يا عم أعذرنا فأنا من مكتب بيع العقارات وهذا الرجل يريد أن يشتري داركم. رد عليه الأب: أذهبوا من امامي هذه الدار ليست للبيع. فالتفت الرجلان الى المرأة كأنما يسألانها ما الأمر؟ فقالت بصوت عال: إن هذا الرجل الخرف يهذي لا تسمعوا له وخرجت من الغرفة.
وفي المساء شعر كأنه يختنق فقال لزوجته دعينا نذهب الى الحديقة وشعر بثقل في خطواته وهو يمر في الصالة فتوقف يستند على أريكة وجال بنظره في اركان البيت،، وتذكَّر كم كان هذا البيت سعيدا،، وكم اقيمت فيه ولائم لكبار المسؤولين من اصدقائه.ولأصحابه وخلانه،واليوم صارت جدرانه تضيق بوجوده وتريد أن تلفظه الى الطريق. ثم تنبه فرأى ان التحف والنفائس التي كانت تملأ اركان الصالة كلها والتي جلبها من أقطار الأرض المختلفة خلال سفراته الكثيرة رآها قد اختفت وليس لها من أثر، وفي هذه اللحظة شاهد ابنه قادما من المطبخ ويريد أن يدخل غرفته فساله الأب: يا فلان اين ذهبت النفائس والتحف: فرد عليه الإبن ببرود دون أن يلتفت اليه: لقد تقاسمناها أنا وأخي ودخل غرفته وأقفل الباب وراءه.
فشعر بانقباض شديد وقال لزوجته خذيني الى غرفتي.
ضلت زوجته تحاول أن تهون عليه الأمر.. يا هذا مالك تنهار هكذا بسرعة، لنرجع الى البلدة ونؤجر مسكنا صغيرا هناك، إن اهل البلدة اناس طيبون، وعائلتك معروفة هناك بأصالتها وكان لأبيك مواقف مشرفة كثيرة مع اهل البلدة.. سترى أن الناس يضعونك في حدقات عيونهم..هناك الهواء نقي لم يتلوث بعد والبلدة تحف بها بساتين خضراء من كل جانب.. ستعجبك الحياة هناك فأنت رجل الف ويألفك الناس، فمالك تتشبث بجدران الإسمنت هذه..
فاطمأنت نفسه وهدأ روعه ورفع بصره الى السماء مناجيا ربه: اللهم انك عفو كريم فاعف عني، اللهم إن كان هذا جزاء لذنب اقترفته في حياتي فاسالك العفو والمغفرة، اللهم أعنّي على قسوة ابنائي، اللهم الْطُف بي في آخر عمري.. ونام في تلك الليلة نومة مريحة.
في صباح اليوم الثاني أرادت زوجته الخروج من الغرفة فرأت الباب مغلقا فسالت زوجها يا فلان هل انت اغلقت الباب؟ قال: لا لم اغلق الباب وعبثا حاولا العثور على مفتاح أو وسيلة يفتحان بها الباب..كان الصباح في أوله وقد ذهب الإبن وزوجته الى العمل، وليس في الغرفة هاتف..دقا على الباب بعنف ولكن لا مجيب.. وكان للغرفة شباك واحد كبير يطل على فناء داخلي ولن يسمعهما الجيران لو استنجدا أو صاحا على احدهم..
لقد ارادت زوجة ابنه أن تنتقم منه لمِا كان من امره يوم أمس مع صاحب مكتب العقار والشخص الذي كان يريد شراء الدار فتسللت صباحا واغلقت عليهما باب الغرفة وذهبت الى عملها.
ضاق بهما الأمر فهما بحاجة الى الحمام لقضاء الحاجة والوضوء...ومرت الساعات ثقيلة قاسية ولم يعد بمقدرهما التحمل فاضطرا ان يقضيا حاجتهما في اكياس من البلاستك ووجدا حرجا كبيرا كيف يتنظفان وكيف يتوظئان..ومضت ساعات أخرى وجاء موعد عودة الإبن وزوجته من العمل فلم يسمعا صوتا في الطابق السفلي..ونفذ الماء من البراد فلم يحتسبا لهذا الحصار الظالم..وأصابهما العطش والجوع. ونتن جو الغرفة من رائحة البول والبراز في اكياس البلاستك..وضل الأب يروح ويجيء في الغرفة ويقلب يديه للهوان الذي وجد نفسه فيه..ويقول: يا الله.. أيمكن ان يصل جحود الأبناء الى هذه الدرجة.. والله لم ابخل عليهما بشيء.. لقد تربيا في هذه البيت كالأمراء، فهل يكون جزائي هو الطرد والحبس والذلة على يديهما..ولِمَ؟ لقد تنازلت لهما عن البيت، كان بأمكانهما أن يدعاني أعيش ما تبقى من عمري في هذا البيت.. أم تراهما يستعجلان موتي؟ لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. حسبي الله ونعم الوكيل.
وكانت زوجته توضب الملابس في الحقائب لتكون مهيأة وجاهزة متى قررا الرحيل. فقد عرفت أن بقاءهما لم يعد محتملا وأنه لا بد من ترك هذا البيت بأسرع وقت قبل أن يصاب زوجها بالجنون أو بذبحة صدرية.
ومع آخر خيط من النهار سمعا حركة في الطابق السفلي... وبعد فترة وجيزة سمع الأب دقا ناعما على الباب وسمع صوت حفيدته الصغيرة تناديه: جدي افتح الباب.
ولما سمع صوتها البريء لم يتمالك نفسه فأجهش بالبكاء من وراء الباب ثم قال لها وحشرجة البكاء تحبس بعض كلماته: حبيبة قلب جدك،، لقد حبسوني في الغرفة.انهم سيطردونني بعيدا عنك. وصارت الطفلة تبكي من الجانب الآخر وتقول: جدي أخرج من الغرفة .. جدي ...جدي.
ويبدو أنها كانت اغفلت امها وصعدت الى غرفة جدها تريد أن تقبله وتضمه بيديها الصغيرتين، وأنّا لقلبها الصغير البريء أن يدرك أن قلوبا قاسية قُدَّتْ من الصخر تحيك مؤامرة لجدها الشيخ الوقور.. لتطرده من بيته شر طردة.
وسمعت الأم بكاء طفلتها في الطابق العلوي فهرولت اليها، فوجدتها خلف الباب تبكي لبكاء جدها في الجانب الآخر.. وشعرت بارتباك وحملت الطفلة الى الإسفل وهي تمانع وترفس بقدميها وتقول وهي ترتجف من شدة البكاء: أريد جدي،، اريد جدي..
أخذ الإبن الأكبر المفتاح من زوجة أخيه ومشى الى غرفة ابيه وفتح الباب إلا أنه شعر بالحرج فرجع على عقبيه الى الأسفل. وتوجه الأب المسكين الى الحمام لينظف نفسه وأخذت له زوجته ملابس نظيفة فاستحم وتوظأ وفعلت زوجته مثل ذلك وصليا المغرب جماعة.
وجلس بعد الصلاة يقلب الأمر في رأسه ورأى أن يترك البيت فجر الغد. ثم نزل الى الطابق السفلي هو وزوجته وكان ابنه الأكبر قد أخذ عائلته وذهب، دون أن يرى أباه أو يعتذر مما فعلته زوجة اخيه ودون أن يدع حفيدته تأتيه ليقبلها ويضمها الى صدره ويمطر وجهها البريء بزخات مطر من دمعه.
ذهب هو الى الصالة وتوجهت زوجته الى المطبخ لتهيء لهما طعاما فلم يدخل جوفهما شيئا من الطعام من يوم أمس. اتصل هو بمكتب لنقل المسافرين وطلب منهم أن يرسلوا عربة اجرة بعد صلاة الفجر مباشرة وحدد لهم عنوان المسكن. وربما كانت زوجة ابنه تسترق السمع من غرفتها، ففركت يديها فرحا وبشرت زوجها إذ سمعته وهو يطلب عربة أجرة فجر اليوم التالي.
مضى الشطر الأول من الليل كما شاء أن يمضي فسيدفن الرجل الطيب في الفجر الآتي ذكريات ثلاثة عقود ونيف قضاها بين جدران هذا البيت، قبل أن يرحل عنه الى الأبد..وقد تكون قسوة الأشهر الماضية قد شوهت تلك الذكريات وطغت عليها أصلا، وجعلت من الهروب العلاج الأصوب والأقرب الى الحقيقة قبل أن تموت الذكريات مع صاحبها في زاوية من زوايا الدار تحت الضغط النفسي الذي يتعرض له آناء الليل وأطراف النهار.
كانت الحقائب جاهزة وقد صفت قرب الباب منذ المساء...
وقام في الثلث الأخير من الليل وايقظ زوجته، ثم قرأ ما تيسر له من القرآن الكريم وصليا الفجر وقرأى اواردهما من الذكر.. وانتظرا قدوم عربة الأجرة. فقالت له زوجته: ابق أنت بينما اقوم بأخذ الحقائب الى الطابق السفلي قال: بل اساعدك في ذلك. واخذا ينزلان الحقائب الثقيلة من السلالم درجة بعد درجة وخرجت زوجة الإبن ووقفت في زاوية من زوايا الصالة تراقبهم في صمت وربما أرادت أن يكون وجودها في هذه الساعة آخر جرعة من الإذلال يأخذانها على يديها قبل ان يرحلا. واكملا تنزيل الحقائب بشق الأنفس.. وكان الإبن التافه في غرفته يغط في النوم غير آبه ولا مكترث لرحيل ابيه عن المنزل بهذه الصورة المشينة. أوربما كان متواريا خلف الباب وقد منعته سيدته من الخروج لئلا يضعف أمام ابيه في لحظات رحيله فيبكي أو يستسمحه لما كان من أمره معه فيترك ذلك انطباعا جميلا عند ابيه تدفعه الى العودة يوما ما؟
وسمعا صوت منبه العربة ثم طرقا على الباب الخارجي فنادت المرأة على السائق ليساعدها في حمل الحقائب.. وكان السائق رجلا طيبا فطلب منهما الجلوس ليقوم هو بحمل الحقائب وتوضيبها في العربة ثم يناديهما بعد أن ينجز كل شيء. ولكنهما آثرا الخروج الى الحديقة وكان الرجل الطيب شارد الذهن لا يتكلم..وربما أعادته ذكرياته الى عقود مضت يوم بدأ ببناء الدار وتناها الى مسامعه أصوات العمال ينادي بعضهم على بعض وصوت ماكنة خلط الخرسانة وضجيجها وأهازيج العمال... ثم رأى الحديقة قد امتلأت عن آخرها باصدقائه وأقربائه وهم يرقصون ويغنون في يوم عرسه...ثم راها امتلأت مرة أخرى باحبائه وبعض من اهله وسمع صوت زغاريد النسوة من الداخل وهم قد جاؤوا مهنئين ومباركين ولادة ولده الأول...وكانت ابتسامة شاردة قد ارتسمت على شفتيه.. ثم أيقضه صوت السائق الأجش وهو يناديه: تعال يا عم فقد أكملت كل شيء. فأطلق تنهيدة طويلة وخرج من باب الحديقة الحديدي وساعده السائق في الركوب.. وجاءت زوجة ابنه مسرعة وصفقت الباب الحديدي بقوة وهي تقول بصوت مسموع: إذهب الى قريتك التي أنجبتك ..ذهابا بلا عودة ان شاء الله.
وخرج الرجل العزيز الطيب من بيته... خرج ذليلا تحت جنح الظلام فلم يشأ ان يراه أحد جيرانه وهو يذل ويهان ويخرج من داره مطرودا، بعد أن عهدوه عزيزا قويا مرفوع الرأس.
وتوارت عربة الأجرة في آخر الزقاق وتركت خلفها بيتا يسكنه العار وينبعث منه الشر.
g¯h
من كتابات والدي العزيز
الصفحة الأخيرة
اخيرا خلصت قرائه
انجى حمد لله على السلامه يا جميل وسلامه حماكى
بجد وحشانى قوى
هدهد مليون مبروووك لايه ربنا يفرحك بيهم دايما
مرمر
الف مبروك يا جميل وعقبالى يا رب انا وكل الحوامل
نفسى اغمض عينى وافتحها الاقينى خلصت من اليوم ده
الروابط والمواضيع بجد كلها تحفه بس على راى انجى براحه شويه عشان نستوعب كله
وجزاكم الله خير جميعا
ماما زوزو
حبوبتى شكرا للسؤال انا كنت بدئت ازعل مهو حضررتك لازم تعدلى فى حبك لينا هههه
وكل يوم تكلمى واحده مننا ربنا يعينك علينا باه
منى الرمال
وحشتينى يا قمر
رحاب
ايه الغيبه الطويله ربنا يعينك على الحمل ويقومك بالسلامه
سلامى للكل باه الريس ونوابه والمجلس كله