قال تعالي (وقال ربكم ادعوني استجب لكم)
فصل : سرّ إجابة الدعاء
تأملتُ حالةً عجيبة وهي : أنّ المؤمنَ تنزل به النازلةُ فيدعو ويبالغ فلا يرى أثراً للإجابة ،
فإذا قارب اليأس نُظِر حينئذٍ إلى قلبه ، فإن كان راضياً بالأقدار غيرَ قنوطٍ من فضل الله عزّ وجلّ فالغالب تعجيل الإجابة حينئذٍ ،
لأنّ هناك يصلح الإيمان ويُهزم الشيطان ، وهناك تبين مقادير الرجال ، وقد أشير إلى هذا في قوله تعالى : { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله } ،
وكذلك جرى ليعقوب عليه السلام ، فإنه لما فقد ولداً وطال الأمر عليه لم ييأس من الفرج ،
فأُخِذ ولده الآخر ولم ينقطع أمله من فضل ربه { أن يأتيني بهم جميعا } ، وكذلك قال زكريا عليه السلام { و لم أكن بدعائك رب شقيا } .
فإياك أنْ تستطيلَ مدّة الإجابة ، وكنْ ناظرا إلى أنه المالك ، وإلى أنه الحكيم في التدبير والعالم بالمصالح ،
وإلى أنه يريد اختبارك ليبلو أسرارك ، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك ، وإلى أنه يريد أنْ يأجرك بصبرك إلى غير ذلك ،
وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتجارب وسوسة إبليس ، وكلّ واحدة من هذه الأشياء تقوّي الظنّ في فضله ،
وتوجب الشكر له ، إذ أهّلك بالبلاء للالتفاف إلى سؤاله ، وفقرُ المضطر إلى اللّجأ إليه غنىً كلّه .
( صيد الخاطر ، ص 125 )

راقية الفكر @raky_alfkr_1
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

((رندا))
•
ما قنطنا ولا يسنا من رحمته سبحانه




الصفحة الأخيرة