
بعضنا نظرته لا تتعدى القشور،
والإنشقاق في الرأي
فقط من باب: ( خالف تُعرف )
وبعضنا الآخر
يغرس وتد التأمل في ملكوت الله
ويغوص في مرئيات ما خلف القشور..
فالنظرة السطحية للواقع الذي نعيشه
لن تكشف لنّا أيّ شيء
ستبقى الأشياء بلا معنى
بلا جدوى
وحينها ستحاصرنا
العبثية المُرهقة للعقل
ستجذبنا وتدمرنا
ولا شك بأنها ستجعل منّا أشخاصاً مفقودين
بلا هدف
بلا تطلعات..
أختي الحبيبة:
هل جربتِ أن تُصغي إلى صوت عقارب الساعة
وصوت الشهيق والزفير في آن واحد؟
هل راقبتِ تلك الغيمة التي تسبح في السماء الزرقاء وحدها
كطفلٍ يحاور الكون بخطى هادئة؟
هل تأملتِ صحوة الربيع
كيف جاء مطمئناً وعانق الأرض بعد غياب طويل؟
أعلم لا جواب لديكِ
فلقد تورطتِ مثلي..
نفتش عن أشياء تفتش عنّا
ننتظر أشياء تنتظرنا
نبكي أشياء تبكينا
نتمنى أشياء تتمنانا
وهكذا نموت
وتبقى السطحية لوناً باهتاً في حيز تفكيرنا..
فالسطحية هي: التعامل مع ظواهر الأمور
دون التعمق والنفاذ إلى دواخلها ودلالاتها ومكوناتها وأبعادها، ومرئيات حقيقتها..
فعندما نتشبث بفكرةٍ مغلوطة
ونجادل في رأيٍ عقيم،
وعندما نشارك في نقاشٍ مبتور
ونعاكس نظرية التأمل،
وعندما نقلب الطاولة لصالح إثبات معتقداتنا الخاطئة
ونُناقض مفهوم النضج في إتخاذ قرارتنا،
وعندما نؤمن بديمومة نفوذنا الزائف
وتتفاقم صيغة الأنا في حوارتنا،
وعندما نمنح اهتمامنا لسفاسف الأمور
ونفرح بازدياد عدد المطبلين
هنا تكمن السطحية والمحدودية بالفكر..
عزيزتي:
حوارتكِ تعكس مدى عمق فكركِ
وتصنف شخصكِ من ضمن ( راقيين الفكر )
فجعليها تذكرة عبور في مجتمعٍ طغت فيه السطحية،
وقل فيه التركيز على الجوهر والمضمون..
اشعلي حواس التفكير الإيجابي
وتغللي في محاور تصنع لنظرتكِ أبعاد أعمق
ولا تهمشي دور النقاشات
التي تخلق من الشيء الصغير فكرة ذو هدفٍ وقيمة،
وانتبهي أن تُبروزي أفاق فكركِ
داخل إطار المحدودية المدمرة للقدرات
بل انطلقي.. تثقفي.. تطوري.. عانقي سحب الطموح
ولا تكن اهتماماتكِ محصورة على مظهرٍ وأحلامٍ وردية وتقليد أعمى،
فقليلاً من الضوء يكفي لنفاذ العتمة
وقليلاً من التحديق يكفي لإصابة الهدف
وكثيراً من التأمل يُلغي كل الحماقات
فلا تقفي في منطقة الظل لمجرد شعوركِ بالسلام
فهذا الشعور بحد ذاته سلبية وسطحية
وانزواء مقصود مُثقل بالخيبات.!
غاليتي:
هناك عقولاً يصعب قراءتها
أُشبهها بقراءة الموج
متلاطمة بأفكارها
تمارس ظاهرتي ( المدّ، والجزْر ) في آن واحد
ويصعب علينا كـ متلقي أن نفك شفرات هدفها
فكوني دائماً سلسة بإيصال فكرتكِ
عميقة في تحديد أهدافها
واجعليها قيد التنفيذ
لا تحت قيد التأجيل
فبأفكارنا نصنع مجتمعاً واعياً
وتكون النظرة لنّا كأفراده نظرة تحدد مستقبل أجياله
وتقيس معيار ثقافته وحضارته وتقدمه
فلنجعل مجتمعنا يتباهي بسجل عطاءاتنا وانجازاتنا
ولا تكن نقطة البداية هي ذاتها نقطة النهاية
فنعيق مسار أمالنا المنزوية عند محطات الانتظار.!
وأخيراً:
حرري تفكيركِ من قيود السطحية
فكثيراً من عناوين الكتب تبدو جذابة
ولكن يبقى محتواها هزيل بلا هدف
وغير مُحفز للقراءة
فلا تجعلي تفكيركِ يسبق تأملات عقلكِ
ويسبح في فضاءات السطحية
بل اجعلي من أمامكِ يتصف
بـ حُسن الاستماع،
ولذة الاستمتاع في آن واحد.!
تسلم إيدك