السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ينبعث من أعماق النفس مجدداً .. ليبدد الشكوك
صوت من يقين يصدح
\\
و يعود حلم النفس الراضية المرضية يعانق الروح المنهكة
هل فعلاً ممكن أن يصبح كتاب الله ربيع قلبي و جلاء همي و غمي ؟
هل حقاً ممكن أن تأمن لي النوافل الوقاية من كل سوء و الإستجابة لكل دعاء ؟
هل فعلاً ممكن أن يوصلني الذكر إلى الأنس بالله و الغنى عمن سواه ؟
هل حقيقة أن في العبادة .. سعادة ؟!
أشهدك ربي أني أحبك ، و معصيتك تؤرقني
إلهي ،، أخلصت النية و إليك عزمت المسير
ولكن الوساوس كثيرة ، و ذنبي كبير
تعصف بي الحيرة :
هل في الطاعة سعادة ؟
و كيف الثبات على العبادة ؟
أنت ولي التدبير
:
يا رب
من أين أبدأ .. و كيف أستمر ؟
من أين أبدأ .. و كيف أستمر ؟
نبحث عن الإجابة معاً بإذن الله
في دورة لتزكية الأنفس تقام في ظل مجلسنا "مجالس الايمان"
بمساعدة الشيخ الفاضل عبد الرحمن السحيم
الداعية المعروف بوزارة الشؤون الإسلامية
::
يرشدنا الشيخ من خلالها إلى درب السعادة
ينير لنا معالم الطريق ، يدلنا على أسباب الثبات
و يعيننا على ابتداء مشوار الحياة الطيبة من خلال مواعظ و برامج عملية
حتى نصل إلى بر الأمان إن شاء الله
::
باب التسجيل في الدورة مفتوح
ما عليكم سوى تسجيل أسمائكم في هذا الموضوع
فأين طلاب السعادة
::
رمش الغلى @rmsh_alghl
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الدرس الثاني((سعادتي في عبادتي)) - تزكية النفس في الكتاب والسنة
ودرسنا لليوم:
تزكية النفس في الكتاب والسنة
لا يُوجد أمر أقسم الله عليه كما أقسم على تزكية النفس ، فإنه تبارك وتعالى أقسم أحد عشر قَسَمًا على تزكية النفس ، فقال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)
فأقسم بالشمس وبِضُحاها (2) .
وأقسم بالقمر
وأقسم بالنهار
وأقسم بالليل
وأقسم بالسماء وبانيها (2) أو بالسماء وبُنيانها
وأقسم بالأرض ومَن سَوّاها (2) .
وأقسم بالـنَّفْس ومَن سوّاها (2) .
فهذه أحد عشر قَسَمًا أقسم بها الله على أمر عظيم
كل هذا لِتعظيم القَسَم والْمُقْسَم عليه ، وهو جواب القَسَم : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الآيات .
قال ابن كثير : وقوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) أي : خَلَقها سَويّة مستقيمة على الفطرة القويمة . اهـ .
فقد أقسم الله على فلاح من زكّى نفسه ، وعلى خيبة من دسّاها .
قال ابن القيم : فأصل الخير كله - بتوفيق الله ومشيئته - شرف النفس ونُبْلها وكبرها ، وأصل الشرّ خِسّتها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي : أفلح من كبّرها وكثّرها ونَمّاها بطاعة الله ، وخاب من صَغّرها وحَقّرها بمعاصي الله ، فالنفوس الشريفة لا ترضي من الأشياء إلاّ بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها ، كما يقع الذباب على الأقذار ! . اهـ .
والسعادة .. أن لا يَضِلّ الإنسان ولا يشقى ..
وهذا ما وَعَد الله به عباده لِمَن تمسّك بِكتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ثم أعقب ذلك بِذِكْر ضِدِّه ، فقال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) وهذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فقال : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تزكية نفوس أصحابه ، وعلى تعلّقها بِالله عزّ وَجَلّ ، فما كان يَعِدهم الدنيا ، وإن بشّرهم بِفتحها عليهم ، وإن أخبرهم بِفتوحات بلاد فارس ، وبِكنوز كسرى وقيصر ..
ومن هنا تعلّقت هِمم الصحابة رضي الله عنهم بالآخرة ، وإن عَمَروا الدنيا ، وإن فتحوا الفتوحات .. إلاّ أن أحدهم ما كان ينسى في غمرة ذلك حظّه من العمل الصالح مهما بلغ من المنازل ..
ولذلك لَمَّا خَدَم رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال له عليه الصلاة والسلام : سَلْ . قال رَبِيعَةُ : فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ . رواه مسلم .
قال ابن القيم : وإذا أردت أن تعرف مَراتب الْهِمَم ، فانظر إلى هِمَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، وقد قال له رسول الله : سلني ، فقال : أسألك مرافقتك في الجنة . وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه أو يُواري جِلْده . وانظر إلى هِمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُرِضَت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها ، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها في طاعة ربه تعالى ، فأَبَتْ له تلك الهمة العالية أن يتعلق منها بشيء مما سوى الله ومَحَابِّه ، وعُرِض عليه أن يتصرف بالملك فأباه واختار التصرف بالعبودية الْمَحْضَة ؛ فلا إله إلا الله خالق هذه الْهِمَّة ، وخالق نفس تَحملها . اهـ .
ولَمَّا سأل ثوبانُ رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلاّ عما يُدخله الجنة ، فَقَال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً . رواه مسلم .
وقال معاذ رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ . قَال : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ... رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وتزكية النفس في القرآن على نوعين :
نوع مطلوب ، ونوع محذور
فالمطلوب هو تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى .
والمحذور تزكية النفس بِتبرئتها من المعاصي والاغترار بالله ، والإدلال على الله بالأعمال ، كما قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .
قال ابن جرير في تفسيره : يقول جل ثناؤه : فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي .
وقال ابن كثير : وقوله : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي : تمدحوها وتشكروها وتَمُنّوا بأعمالكم . اهـ .
وقال عزّ وَجَلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) .
قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) يقتضي الغضّ مِن الْمُزَكِّي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزِّاكِي الْمُزَكَّى مَن حَسُنَت أفعاله وزَكّاه الله عز وجل ، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له . اهـ .
ومن هنا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مُدِح يقول : اللهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون .
قال يحيى بن معاذ : العاقل لا يَدَعه ما سَتَر الله عليه مِن عيوبه بأن يَفْرح بما أظهره مِن مَحَاسِنه .
وقال الأصمعي : قيل لأعرابي : ما أحسن ثناء الناس عليك . قال : بلاء الله عندي أحسن من مَدْح المادِحين وإن أحسنوا ، وذنوبي أكثر مِن ذمّ الذامِّين وإن أكثروا ؛ فيا أسفي فيما فَرَّطْتُ ، ويا سؤتي فيما قَدَّمْت .
فالمسلم يعمل بِطاعة الله ، ويحذر الذنوب والمعاصي ، إذ هي سبب لكل شقاء ..
وهو مع ذلك لا يُزكِّ نفسه التزكية الْمَنْهِيّ عنها ، بل ينظر إلى ذنوبه نَظَر المؤمن إليها .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا ! رواه البخاري .
المؤمن تَسُرّه حَسَنته ويفرح بالتقرّب إلى الله .. وتسوءه سيئته ؛ لأنها تُباعِده من الله ..
روى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان ؟ قال : إذا سَرّتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن . قال : يا رسول الله فما الإثم ؟ قال : إذا حاك في نفسك شيء فَدَعْه .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح . اهـ .
هذه إشارات إلى تزكية النفس في الكتاب والسنة ..
الشيخ عبد الرحمن السحيم
ودرسنا لليوم:
تزكية النفس في الكتاب والسنة
لا يُوجد أمر أقسم الله عليه كما أقسم على تزكية النفس ، فإنه تبارك وتعالى أقسم أحد عشر قَسَمًا على تزكية النفس ، فقال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)
فأقسم بالشمس وبِضُحاها (2) .
وأقسم بالقمر
وأقسم بالنهار
وأقسم بالليل
وأقسم بالسماء وبانيها (2) أو بالسماء وبُنيانها
وأقسم بالأرض ومَن سَوّاها (2) .
وأقسم بالـنَّفْس ومَن سوّاها (2) .
فهذه أحد عشر قَسَمًا أقسم بها الله على أمر عظيم
كل هذا لِتعظيم القَسَم والْمُقْسَم عليه ، وهو جواب القَسَم : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الآيات .
قال ابن كثير : وقوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) أي : خَلَقها سَويّة مستقيمة على الفطرة القويمة . اهـ .
فقد أقسم الله على فلاح من زكّى نفسه ، وعلى خيبة من دسّاها .
قال ابن القيم : فأصل الخير كله - بتوفيق الله ومشيئته - شرف النفس ونُبْلها وكبرها ، وأصل الشرّ خِسّتها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي : أفلح من كبّرها وكثّرها ونَمّاها بطاعة الله ، وخاب من صَغّرها وحَقّرها بمعاصي الله ، فالنفوس الشريفة لا ترضي من الأشياء إلاّ بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها ، كما يقع الذباب على الأقذار ! . اهـ .
والسعادة .. أن لا يَضِلّ الإنسان ولا يشقى ..
وهذا ما وَعَد الله به عباده لِمَن تمسّك بِكتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ثم أعقب ذلك بِذِكْر ضِدِّه ، فقال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) وهذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فقال : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .
وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تزكية نفوس أصحابه ، وعلى تعلّقها بِالله عزّ وَجَلّ ، فما كان يَعِدهم الدنيا ، وإن بشّرهم بِفتحها عليهم ، وإن أخبرهم بِفتوحات بلاد فارس ، وبِكنوز كسرى وقيصر ..
ومن هنا تعلّقت هِمم الصحابة رضي الله عنهم بالآخرة ، وإن عَمَروا الدنيا ، وإن فتحوا الفتوحات .. إلاّ أن أحدهم ما كان ينسى في غمرة ذلك حظّه من العمل الصالح مهما بلغ من المنازل ..
ولذلك لَمَّا خَدَم رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال له عليه الصلاة والسلام : سَلْ . قال رَبِيعَةُ : فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ . رواه مسلم .
قال ابن القيم : وإذا أردت أن تعرف مَراتب الْهِمَم ، فانظر إلى هِمَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، وقد قال له رسول الله : سلني ، فقال : أسألك مرافقتك في الجنة . وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه أو يُواري جِلْده . وانظر إلى هِمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُرِضَت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها ، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها في طاعة ربه تعالى ، فأَبَتْ له تلك الهمة العالية أن يتعلق منها بشيء مما سوى الله ومَحَابِّه ، وعُرِض عليه أن يتصرف بالملك فأباه واختار التصرف بالعبودية الْمَحْضَة ؛ فلا إله إلا الله خالق هذه الْهِمَّة ، وخالق نفس تَحملها . اهـ .
ولَمَّا سأل ثوبانُ رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلاّ عما يُدخله الجنة ، فَقَال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً . رواه مسلم .
وقال معاذ رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ . قَال : لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ... رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وتزكية النفس في القرآن على نوعين :
نوع مطلوب ، ونوع محذور
فالمطلوب هو تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى .
والمحذور تزكية النفس بِتبرئتها من المعاصي والاغترار بالله ، والإدلال على الله بالأعمال ، كما قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .
قال ابن جرير في تفسيره : يقول جل ثناؤه : فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي .
وقال ابن كثير : وقوله : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي : تمدحوها وتشكروها وتَمُنّوا بأعمالكم . اهـ .
وقال عزّ وَجَلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) .
قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) يقتضي الغضّ مِن الْمُزَكِّي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزِّاكِي الْمُزَكَّى مَن حَسُنَت أفعاله وزَكّاه الله عز وجل ، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له . اهـ .
ومن هنا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مُدِح يقول : اللهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون .
قال يحيى بن معاذ : العاقل لا يَدَعه ما سَتَر الله عليه مِن عيوبه بأن يَفْرح بما أظهره مِن مَحَاسِنه .
وقال الأصمعي : قيل لأعرابي : ما أحسن ثناء الناس عليك . قال : بلاء الله عندي أحسن من مَدْح المادِحين وإن أحسنوا ، وذنوبي أكثر مِن ذمّ الذامِّين وإن أكثروا ؛ فيا أسفي فيما فَرَّطْتُ ، ويا سؤتي فيما قَدَّمْت .
فالمسلم يعمل بِطاعة الله ، ويحذر الذنوب والمعاصي ، إذ هي سبب لكل شقاء ..
وهو مع ذلك لا يُزكِّ نفسه التزكية الْمَنْهِيّ عنها ، بل ينظر إلى ذنوبه نَظَر المؤمن إليها .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا ! رواه البخاري .
المؤمن تَسُرّه حَسَنته ويفرح بالتقرّب إلى الله .. وتسوءه سيئته ؛ لأنها تُباعِده من الله ..
روى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان ؟ قال : إذا سَرّتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن . قال : يا رسول الله فما الإثم ؟ قال : إذا حاك في نفسك شيء فَدَعْه .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح . اهـ .
هذه إشارات إلى تزكية النفس في الكتاب والسنة ..
الشيخ عبد الرحمن السحيم
الدرس الثالث(سعادتي في عبادتي)..:السعادة مَطْلَب
- السعادة مَطْلَب
اخْتَلفت أنظار الناس إلى ماهية السعادة ؛ فمنهم من جَعلها في المال ، ومنهم من ظنّها في الجاه والسُّلْطان ، ومنهم من يحسبها في الولد .. إلى غير ذلك .
وكل هذه الأشياء لا تُحقق السعادة ولا تجلبها ، بل قد تكون سببا للشقاء ، فهناك من شَقِي بِولده ، وهناك من أشقاه الملك والْجَاه حتى كان سببًا لِقَتْلِه ! وكذلك ما يتعلق بالمال .. فإن كثيرا من الناس يشقى بِجمعه ثم يشقى بِكَنْزِه !
إذا .. أين تكمن السعادة ؟
إنها في طاعة الله ، وفي عبادته ، وفي تسخير ذلك كله في مرضاته سبحانه وتعالى .
فالمال لا يكون سببا للسعادة إلاّ إذا تم استعماله فيما أباح الله ..
وكذلك سائر وسائل السعادة ..
بل حتى هذه النفس وهذا الجسد لا يسعد إلاّ إذا استُعمل في طاعة الله ؛ لأن هذا الإنسان إنما وُجِد لِعبادة الله وطاعته ، فإذا استُعمل في غيرها من المعاصي والغفلة والبُعْد عن الله ؛ كان ذلك سببا للشقاوة .
قال أبو سليمان الداراني : إن قوما طلبوا الغِنى ، فحسبوا أنه في جمع المال ، ألا وإنما الغنى في القناعة ، وطلبوا الراحة في الكثرة ، وإنما الراحة في القِلّة ، وطلبوا الكرامة مِن الخلق ، ألا وهي في التقوى ، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق والليِّن وفي طعام طَيِّب ، والنعمة في الإسلام والستر والعافية .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : من أراد السعادة الأبدية فليلزم عَتَبَة العبودية .
وما هذه الدنيا إلاّ ساعة فاْجعليها – أُخيَّـه – طاعة .. لتُدركي سعادة الدنيا والآخرة .
قال ابن القيم : وبَين العبد وبين السعادة والفلاح صَبْر ساعة لله ، وتحمل مَلامة في سبيل الله .
وما هي إلاَّ ساعة ثم تنقضي = ويذهب هذا كُله ويَزول
قال بعضهم : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب شيء فيها . قيل : وما هو ؟ قال : معرفة الله عز وجل .
قال ابن رجب : فمن عاش في الدنيا لا يعرف ربه ولا ينعم بخدمته فعيشه عيش البهائم !
ولَمَّا أكَل إبراهيم بن أدهم كسيرات يابسات ثم شَرِب من ماء النهر ، ثم قال :
لو عَلِم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لَجَالَدُونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه مِن لذيذ العيش وقِلّة التعب !
والسعادة في التقوى .. كما قيل :
ولست أرى السعادة جَمْع مالٍ = ولكن التقي هو السعيد
فالكلّ ينشد السعادة ، ويبحث عن الراحة ، فالسعادة مَطْلَب للجميع ، الذكر والأنثى ، المسلم والكافر ، الصغير والكبير ..
الشيخ:عبد الرحمن السحيم
- السعادة مَطْلَب
اخْتَلفت أنظار الناس إلى ماهية السعادة ؛ فمنهم من جَعلها في المال ، ومنهم من ظنّها في الجاه والسُّلْطان ، ومنهم من يحسبها في الولد .. إلى غير ذلك .
وكل هذه الأشياء لا تُحقق السعادة ولا تجلبها ، بل قد تكون سببا للشقاء ، فهناك من شَقِي بِولده ، وهناك من أشقاه الملك والْجَاه حتى كان سببًا لِقَتْلِه ! وكذلك ما يتعلق بالمال .. فإن كثيرا من الناس يشقى بِجمعه ثم يشقى بِكَنْزِه !
إذا .. أين تكمن السعادة ؟
إنها في طاعة الله ، وفي عبادته ، وفي تسخير ذلك كله في مرضاته سبحانه وتعالى .
فالمال لا يكون سببا للسعادة إلاّ إذا تم استعماله فيما أباح الله ..
وكذلك سائر وسائل السعادة ..
بل حتى هذه النفس وهذا الجسد لا يسعد إلاّ إذا استُعمل في طاعة الله ؛ لأن هذا الإنسان إنما وُجِد لِعبادة الله وطاعته ، فإذا استُعمل في غيرها من المعاصي والغفلة والبُعْد عن الله ؛ كان ذلك سببا للشقاوة .
قال أبو سليمان الداراني : إن قوما طلبوا الغِنى ، فحسبوا أنه في جمع المال ، ألا وإنما الغنى في القناعة ، وطلبوا الراحة في الكثرة ، وإنما الراحة في القِلّة ، وطلبوا الكرامة مِن الخلق ، ألا وهي في التقوى ، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق والليِّن وفي طعام طَيِّب ، والنعمة في الإسلام والستر والعافية .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : من أراد السعادة الأبدية فليلزم عَتَبَة العبودية .
وما هذه الدنيا إلاّ ساعة فاْجعليها – أُخيَّـه – طاعة .. لتُدركي سعادة الدنيا والآخرة .
قال ابن القيم : وبَين العبد وبين السعادة والفلاح صَبْر ساعة لله ، وتحمل مَلامة في سبيل الله .
وما هي إلاَّ ساعة ثم تنقضي = ويذهب هذا كُله ويَزول
قال بعضهم : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب شيء فيها . قيل : وما هو ؟ قال : معرفة الله عز وجل .
قال ابن رجب : فمن عاش في الدنيا لا يعرف ربه ولا ينعم بخدمته فعيشه عيش البهائم !
ولَمَّا أكَل إبراهيم بن أدهم كسيرات يابسات ثم شَرِب من ماء النهر ، ثم قال :
لو عَلِم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور لَجَالَدُونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه مِن لذيذ العيش وقِلّة التعب !
والسعادة في التقوى .. كما قيل :
ولست أرى السعادة جَمْع مالٍ = ولكن التقي هو السعيد
فالكلّ ينشد السعادة ، ويبحث عن الراحة ، فالسعادة مَطْلَب للجميع ، الذكر والأنثى ، المسلم والكافر ، الصغير والكبير ..
الشيخ:عبد الرحمن السحيم
الصفحة الأخيرة
هذا درسنا الاول
بقلم الشيخ عبد الرحمن السحيم حماهـ الله
الحمد لله الذي بِنعمته تتمّ الصالحات
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أولئك القوم الذين ضَربوا في كل غَنِيمة بِسَهم ..
وأخذوا زِمام الدنيا حتى قادتهم إلى الآخرة ..
فكانوا هم السعداء حقا ..
قال ابن القيم : فإن السعادة بأجمعها في طاعة الرسل والإيمان بما جاءوا به . اهـ .
- تعريف السعادة
قال الراغب الأصفاني : السعادة في الأصل ضَرْبَان : سعادة أخروية ، وسعادة دنيوية .
ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضْرُب : سعادة نفسية،وبدنية، وخارجية .
وقال المناوي : السعادة : مُعَاونة الأمور الإلهية للإنسان على نَيْل الخير . اهـ .
وليست السعادة أن لا يُصيب الإنسان ما يَكره ، مِن هَمّ أو حُزن أوغير ذلك ..
وليست السعادة أن لا يمرّ بك نَكَد ..
لأن هذه من لوازم هذه الحياة الدنيوية ..
وقد سُئل حكيم : ما العافية ؟ قال : أن يَمُرّ بِك يَوم بِلا ذَنْب !
السعادة أن يمتلئ قلبك بالإيمان ، فتهون عندك الدنيا ، ولا ترينها إلاّ وسيلة عُبور إلى الدار الآخرة ..
السعادة أن تجدي اللذة في فِعل الخيرات ، وفي تَرْك المنكرات ..
السعادة .. تُوجد حيث يُوجَد ذِكْر الله ، من تلاوة كِتابه .. وحَمْده وتسبيحه وتهليله وتكبيره .. وإقامة فرائضه على الوجه الأكمل – ما استطعت إلى ذلك سبيلا-..
هذا درس بسيط
وان شاء الله الدروس القادمة اجمل:26: