أخرجتُ رأسي من تحت السرير .. بعد أن أحسنتُ مواراة الجثــــة تحت حطام ألعابي المتكسرة ..
وشيءٍ من أوراق دفترٍ قديم .. وأقلام ٍ ملونة ٍ بلا رؤوس ..!
هممتُ بالخروج من غرفتي .. لولا أني لمحتُ صورتي في المرآة .. ضحكتُ كثيراً من ضفيرتي المنسدلة بذبول
على كتفي .. وخصلاتٍ متطايرة من هنا وهناك ..حاولت تهذيبها قدر المستطاع حتى لا تراها أمي ... فتغضب..!!
لا شيء يهمها أكثر من الترتيب والمظهر الحسن ..
نزلتُ مسرعة أريد الحديقة .. لكن أمي استوقفتني :
لدي مفاجأة ٌ لكِ .. اليوم سنستبدل أثاث غرفتكِ بآخر جديد يليق بفتاة مثلك .. شارفت على الثماني سنوات ...
تعجّبتُ ..!!!
لأول مرة تتحدث فيها معي بهذه الرقة .. ربما لأن الموضوع يتعلق بالأثاث .. وجمال الغرفة ..
عادة ً علاقتي بها.. تبدأ بالصراخ .. وتنتهي بالضرب !!
تأملتُ شكلها وهي تصف الأثاث الجديد .. ومظهر الغرفة .. وكيف ستصبح ..
جميلة ٌ هي أمي بكل ما في القصائد من غزل ..شعرها الأسود الحريري كقطعةٍ من ليلةٍ ليلاء .. عيناها الداكنتان
طلسم ٌٌ من سحر هاروت وماروت ..أناقتها ..رقتها .. ولمعة ُ طلاء ِ أظافرها التي تبرق كلما حركت يدها ..
لا ادري إن كانت تحبني أم لا .. غير أني أحبها بكل ما في القصائد من حب ..
لم تَـدُُم تأملاتي طويلاً .. فقد تذكرت .. أثاث ٌ جديد !! .... غرفتي !! .... السرير !! .... الجثة!!!!!!!
هرعت مسرعة ... دفنتُ راسي مرة أخرى تحت السرير .. يداي الصغيرتان تنبشان القبر ..
آآآآآآخ كم هي حادة أطراف هذه الجثة ...!
حملتها .. و أنا أفكر أين يمكن أن أخبئها .. صعدت للأعلى .. نزلت للأسفل .. ابحث بقلق عن مكان ٍ لأواري
هذه الجثة البائسة .. أتلفتُ يمنة ً ويسرة خشية أن يراني احد ..
صوت أمي تناديني .. زاد قلقي .. ماذا ستفعل بي لو علمت بما حصل ..؟؟
عيناي تتفحصان الأمكنة .. أنفاسي اللاهثة .. وجبيني المتفصد عرقا .. يرويان حكاية اضطرابي ..
و أمي تنادي ... وتنادي ..
عدتُ لغرفتي .. وجلست خلف طاولتي الصغيرة .. عبثا ً حاولتُ الهدوء ..
نظرتُ للجثة .. أحسستُ وكأن صفحات التاريخ تتقلب سراعاً ..
وعدتُ إلى الأزمنة السحيقة .. احمل جثة هابيل .. انتظر غراباً ليريني كيف أواري سوءة أخي ....!!
و طال الانتظار ..
فجأة فـُـتِح بابُ الغرفة .. أيقنتُ أن مسلسل التخفي عن الأنظار قد انتهى ..
ها نحن جميعا هنا .. أمي... أنا .... والجثة ..
ما إن رأتها حتى أقبلت مسرعة .. طقطقاتُ حذائها العالي تزيدني هلعاً .. هزّني صوتها الهادر :
لماذا لم تخبريني بأنك كسرتِ زجاجة العطر ؟؟
أغمضتُ عيني .. وأخذتُ نفساً عميقا .. حاولتُ تذكر الكلمات .. نسيتُ حتى حروف اللغة !!
ما أبشع الخوف حين يتملكني .. يشلّ تفكيري .. يرسل تياراً من الرعشة لأوصالي ..
تمنيتُ لو انه يترك أرضنا ويرحل لعوالم أخرى .. لأمكنةٍ بعيدة ..
ويترك لنا الأمن والسعادة ..
أفقتُ من هلوساتي .. وهي تعيد عليّ نفس السؤال .. جاء صوتها هذه المرة من أقصى زوايا الغضب
ليستنطق صمتي الذي طال .. أجبتها :
خشيتُ من عقابك الصارم .. أمي سامحينــ.....
وتطايرت أشلاء كلماتي إثر صفعة قوية !!
. . . . .
تساؤل بلا إجابة :
في كل ليلة نضع رؤوسنا على الوسادة .. ونتذكر أخطاءنا الكثيرة ..
نحاول جاهدين البحث لها عن ألف حجةٍ وحجة ..
مع أن أخطاءنا اكبر بكثير من مجرد زجاجة عطر ..
فلمَ كل هذه القسوة مع صغارنا ؟؟!!
أجمل تحية :26:
{ سمو } @smo_4
محررة ذهبية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
**مرفأ**
•
بصراحة
رائعة
لم انتبه لنفسي الا بعد نهاية القصة
انه نوع من الكتابة
ينقلك من عالم تعرف حدوده
الى عالم بلا حدود
سلمتي ياغالية:26:
وسلم لنا قلمك
**********************
رائعة
لم انتبه لنفسي الا بعد نهاية القصة
انه نوع من الكتابة
ينقلك من عالم تعرف حدوده
الى عالم بلا حدود
سلمتي ياغالية:26:
وسلم لنا قلمك
**********************
بحور 217
•
مع أن أخطاءنا اكبر بكثير من مجرد زجاجة عطر !!!
لاوجه للمقارنة ... قمة القسوة مغلف بالحب ...
ليتنا نتوقف عن الحب إذن ...
لاحاجة لهم إلى حبنا !!!
سمو الهمة ... لاتطيلي انتظارنا لروائع حروفك :26:
لاوجه للمقارنة ... قمة القسوة مغلف بالحب ...
ليتنا نتوقف عن الحب إذن ...
لاحاجة لهم إلى حبنا !!!
سمو الهمة ... لاتطيلي انتظارنا لروائع حروفك :26:
{ سمو }
•
انت الحياه ....
سعدت بمرورك وردك الجميل ..
وتأرّجت صفحتي بعبير كلماتك ..
كل الشكر والتقدير :26:
سعدت بمرورك وردك الجميل ..
وتأرّجت صفحتي بعبير كلماتك ..
كل الشكر والتقدير :26:
الصفحة الأخيرة
من أروع ما قرأت
من أجمل ما قرأت
إسلوبك جميل ورائع في كتابة القصه القصيره
اتمنى القراءه لك أكثر
أشكرك