د. بسام صالح محمد بن عباس
يعتبر مرض السكري من اكثر المشكلات الصحية انتشاراً في النساء الحوامل وتدل إحدى الدراسات الطبية أن حوالي 40% من النساء الحوامل في الولايات المتحدة الأمريكية يعانين من ارتفاع سكر الدم. وقد يكون هذا الارتفاع في سكر الدم مؤقتاً ويقتصر على فترة الحمل ويسمى هذا السكر بسكر الحمل وقد يكون ارتفاع سكر الدم دائماً ومعتمد في علاجه على الأنسولين ويسمِى هذا بسكر النوع الأول أو سكري الاطفال و معتمد في علاجه على حبوب خفض السكر ويسمى السكري النوع الثاني أو سكري الكبار. وتدل الإحصائيات المحلية أن حوالي ربع سكان المملكة العربية السعودية إما مصاب بداء السكري أو لديه القابلية للإصابة به ويعتبر الحمل هو أحد الأسباب المظهرة والدافعة لوقوع المرض خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد الجسدي أو الوراثي لذلك.

* ويهتم أطباء النساء والولادة وأطباء السكري والغدد الصماء بعلاج سكر الحمل اهتماماً كبيراً وذلك لأن تأثيره ليس قاصراً على المريض نفسه أي المرأة الحامل ولكن يتعداه إلى الجنين أيضاً ونستعرض هنا بعض مضاعفات سكر الحمل على الأم والطفل.
* تأثير سكر الحمل على الأم الحامل :
1- ارتفاع ضغط الدم : تزداد نسبة ارتفاع ضغط الدم في المرأة الحامل التي تعاني من السكري وقد يكون ارتفاع ضغط الدم مصاحباً بتجمع الماء في الجسم وقصور في عمل الكلى وزيادة في كمية البروتين في البول وإذا استمر ارتفاع ضغط الدم لمدة الحمل كاملة وكانت نسبة ارتفاعه عالية فقد يؤدي إلى الصداع المستمر والتشنج وفي المرحل المتأخرة يؤدي إلى تصلب الشرايين وانفصال شبكية العين ونزيفها.
2- زيادة تجمع السائل الأمنيوني : وقد يكون بسبب زيادة نسبة سكر الدم في الأم والجنين وزيادة تبول الجنين أثناء الحمل وخلل في تصريف واتزان كمية السائل الأمنيوني وقد يؤدي هذا التجمع للسائل الأمنيوني إلى إعاقة حركة الأم وجهد الحمل أو إلى الولادة المبكرة في بعض الأحيان.
3- اضطرابات الولادة : تعاني الأم الحامل المصابة بالسكري من إضطرابات عدة منها الولادة المبكرة أو انفصال المشيمة المبكر أو خروج ماء السائل الأمنيوني مبكراً وزيادة ساعات الولادة ومدتها لصعوبة خروج المولود لكبر حجمه. لذا نجد أن نسبة حدوث العمليات القيصرية أكثر عند الحوامل المصابات بالسكري.
* تأثير سكر الحمل على الجنين :
1- زيادة حجم الجنين : وذلك نتيجة زيادة إفراز الأنسولين من بنكرياس الجنين ويعتبر الأنسولين هرمون نمو يساعد على زيادة حجم المولود وبالتالي يزيد ذلك من صعوبة الولادة. وغالباً ما يؤدي ذلك إلى خدمة إنزلاق مفصل الكتف أو كسر في الترقوة أو نزيف في الدماغ أو نقص في الأكسجين أو شلل في العصب الوجهي أو غير ذلك من المشكلات الصحية المصاحبة بزيادة وزن الجنين وصعوبة الولادة.
2- التشوهات الخلقية : لقد أثبتت الدراسات أن نسبة حدوث التشوهات الخلقية تزيد في الأجنة اللاتي تعاني أمهاتهم من سكر الحمل ومن هذه التشوهات الخلقية التي تصيب القلب والجهاز العصبي والعمود الفقري والجهاز الهضمي والعظم.
3- اضطراب أملاح الدم والسكر : يعاني المولود المصابة والدته بسكر الحمل من نقص السكر وذلك نتيجة زيادة إفراز الأنسولين بسبب زيادة سكر الحمل وأيضاً من نقص الكالسيوم والمغنزيوم
4- ضمور الرئة وصعوبة التنفس وقلة الأكسجين وضعف عضلة القلب.
5- الصفار وزيادة هيموجلوين الدم.
6- زيادة احتمال إصابة الطفل بمرض السكري، وذلك لأن مرض السكري هو مرض شبه وراثي.
علاج سكر الحمل :
يبدأ علاج سكر الحمل من قبل بداية الحمل وخاصة لدى النساء اللاتي يعانين من النوع الأول أو الثاني من السكري، ويهدف العلاج إلى المحافظة على مستوى سكر الدم في مدى معتدل وخاصة في أشهر الحمل الأولى لما لزيادة السكر من تأثير سلبي على تكون الجنين.
لقد أوضحت معظم الدراسات أن الاستخدام التقليدي للأنسولين وهو من طريق الحقن مرتين في اليوم بأنه غير كاف للحصول على معدل سكر مقبول لذا لجأ أطباء السكر إلى إعطاء حقن الأنسولين عدة مرات في اليوم الواحد مع عمل تحليلات متكررة لمتابعة السكر ومستواه وعلاج الارتفاعات والانخفاضات وهذا ما يسمى بالعلاج المكثف بالأنسولين ولكن تكمن صعوبة هذه الطريقة في عدد الحقن التي قد تتجاوز 3حقن في اليوم الواحد لذا لجأ بعض الأطباء إلى إعطاء الأنسولين عن طريق مضخة الأنسولين والتي تعطى الأنسولين بصفة مستمرة وعلى مدار الساعة ويلزم من المريض عمل تحليل سكر متكرر لإعطاء الأنسولين عبر المضخة إذا كان هناك إرتفاع في السكر أو جريمة إضافية إذا أراد الأكل.
* مضخة الأنسولين: هي عبارة عن جهاز بحجم البيجر يخزن الأنسولين لمدة 3أيام أو أكثر ويضخ الأنسولين عبر قطرة صغيرة الحجم توضع تحت الجلد. وتكون المضخة خارج الجسم لكي يتم التحكم بجرعات الأنسولين. ويمكن التحكم بالمضخة عن بعد وذلك عن طريق جهاز ريموت كنترول خاص بالمضخة. ويتم تغيير القنطرة الصغيرة ومخزن الأنسولين كل 3أيام وأيضاً تعبئة المخزن بالأنسولين. ويجري البحث والدراسة الآن على إنتاج مضخة أنسولين تزرع تحت الجلد بالكامل بحيث يتم تغييرها كل 6- 12شهراً تحوي نوعية خاصة من الأنسولين المركز والذي يمكن أن يخزن لمدة طويلة في الجسم.
* جهاز تحليل السكر : ويسمى ب CGMS وهي عبارة عن جهاز صغير أيضاً بحجم البيجر يقوم بتحليل السكر كل 10دقائق ويتصل الجهاز بالجسم عن طريق سلك صغير يوضع تحت الجلد ويتم تبديله كل 3أيام أيضاً.
* نتائج دراسات استخدام المضخة في الحوامل :
لقد أوضحت الدراسات قدرة هذه التقنية الحديثة على خفض معدل السكر والتحكم بمستوى سكر الدم وتذبذبه وخاصة الانخفاضات المتكررة وأيضاً التحكم بمضاعفات سكر الحمل وتأثيرها على الحامل والجنين. كما قام مستشفى الملك فيصل التخصصي بتجربتها على الأطفال مادون سن العاشرة والبالغين أيضاً وكانت النتائج باهرة ومشجعة وذات عائد نفسي إيجابي بما توفره هذه الوسيلة الحديثة من مرونة في تناول الطعام حيث يمكن للمريض أكل أي كمية من الطعام وفي أي وقت مادام على حساب كمية الأكل ومحتواها من الكربوهيدرات وبالتالي تغطية هذه الكمية من الأكل بالأنسولين.
@ إستشاري الغدد الصماء والسكري
مستشفى الملك فيصل التخصصي