سَكينَة الروح : صفاء العيش في حلو الأيام ومُرها هو من الكتب الممتعة التي تتسهم بحق في رقي فكر الانسان .
قدم الكاتب لكتابه بقوله : إن مضمون الكتاب عبارة عن انعكاس لمعارف وحكم جماعية صادرة عن أشخاص عرَف بهم ، وأقوال أخرى قرأها أو سمعها لكنه لا يتذكر أصحابها .
وقسم كتابه إلى فصول بدأها بكلمة شكر ، ومقدمة ، ثم بأحاديث وحكم واستبصارات وأقاصيص شيقة وممتعة ومفيدة عن حب الآخرين ، وحب العمل ، وحب الانتماء ، والإيمان بالمقدس ، وبالوحدة ، وبالتحول ، وبالروحانية الدنيوية ، وبالايمان بالله تعالى ، بوجوده ومحبته جل وعز .
بدأ الكتاب بسؤال طرحه المؤلف على أحد أصدقائه : هل أنت سعيد ؟ ثم استعرض من خلال الإجابة مفهوم السعادة التي ينشدها الجميع ، وأكد على أنه ليس ثمة درب سهل سريع يفضي إليها ، وإنما درب بطئ شاق ، وأن السبيل إلى نيلها يكمن في الحب والإيمان ، حب الآخرين ، والعمل ، والانتماء ، والإيمان بالله تعالى ، واستعرض المؤلف كل مكون من هذه المكونات من خلال سرد قصة أحد مرضاه الذين لجأوا إليه لتلقي العلاج النفسي بعد أن فشلوا في التصالح مع الحياة والأحياء من حولهم .
ليزا ، الممثلة بارعة الجمال التي أخبرته بأنها تشعر بتعاسة بالغة بسبب الرجال الذين كانت قد اختارتهم وأنها فشلت في زواجها ، فناقش حالتها من خلال استعراض عدد من الأفكار اللازم فهمها لنجاح علاقة الإنسان بالآخر ، منها أن السعي لتكملة الذات في الآخرين هو سعي وراء الكمال لا الحب ، وأن الحاجة الأساسية للاندماج تتعارض مع العلاقات ، وأن الحب الحقيقي هو احتفاء الحبيب بالاختلاف عن المحبوب ، وأن الحميمية العاطفية هي حماية لخصوصية الآخر ، لا لومه ، وأن الصفح والغفران عن الأخطاء يعنيان أن ينسى الإنسان ، وأن عليه أن يتوقع قدراً محدوداً من الوفاء ليتلقى الكثير منه ، وأن الزواج هو عملية تطوير الفرد لشخصيته ضمن سياق الاتحاد ، وأن من أهم متطلبات الزواج الدائم إيثار شامل وأنانية محددة .
كان غلين ، وكيل شركة تأمين في الثامنة والخمسين من عمره يعيش منفصلاً عن زوجته ويشكو من شعور دائم بالتعب ، وبالرغم من استشارة عدد من الأطباء لم يجدوا لديه أية علة جسدية ، ناقش المؤلف من خلال حالته أهمية تحويل العمل العادي إلى شأن روحي .
ثيلما ، إمرأة عازبة في التاسعة والثلاثين من العمر وتعمل محللة كمبيوتر وتشعر على الدوام بشئ من القلق والكآبة لأنها على حد قولها تفتقر إلى وجود أصدقاء حقيقيين في حياتها ، ومن خلال استعراض حالتها أكد المؤلف على بعض الأفكار المساعدة لحب الانتماء ، وساعدها على تجاوز محنتها بالحث على ممارسة الانتماء عبر استثمار مشاعر الإشفاق والحنان .
جيم ، رجل متدين في أواسط العمر ، ناجح في حياته المهنية ، لكنه كان يتأرجح بين حالتين نفسيتين بسبب خيانته لزوجته وممارسة عدد من العلاقات غير المشروعة ، زاد من مشكلاته إصابته بمرض عضال ، وانتهى به الأمر إلى تعلم درس بليغ في الحياة يتمثل في أن الإيمان الحقيقي يؤدي إلى حدوث المعجزات .
فيليب ، رجل الأعمال الأربعيني يفكر بنفسه ككينونة منفصلة تماماً عن باقي العالم ، تعلم من طبيبه أن الالتحام بالعالم هو الطريقة المثلى لحماية حدوده الشخصية .
وهكذا يقدم المؤلف أفكاره المبدعة الخلاقة من خلال استعراض قصص حياة بعض مرضاه ومناقشة أفكارهم ورؤاهم ، وفق أسلوب علمي جميل ، يزاوج بين نفحات الروح والوجدان وبروق العقل ، وإفاضات الحكمة ، ليخرج القارئ بفائدة عظيمة تتمثل في أهمية أن يعمل على إدخال بعد روحي إلى حياته ، لأن ذلك يعد الضمانة الحقيقية للوصول إلى عيش ملؤه السعادة الحقيقية ، وهذا البعد بكل تأييد موجود في الإيمان بالله تعالى وحده لا شريك له ، في التدين ، في الصلاة والعبادة والذكر والدعاء والاستقامة ، والعمل الصالح .
هذا الكتاب قال عنه عدد من قارئيه أنه جرئ يثير الإعجاب ويقدم فهماً للحياة المعاصرة ، وثري بالأفكار التي تنم عن بصيرة نفاذة ، ويمد العون لكل من يقرأه ليساعده على العيش مع محن الحياة .
وهو من تأليف الدكتور الطبيب ت . بيرم كرسو ( طبيب ومعالج نفسي أمريكي ومؤلف ومحاضر مرموق ) ، وقامت بنقله إلى اللغة العربية الأستاذة / مها حسن بحبوح .
اقرأوه فنقاشاته تحكمها البلاغة والحكمة والثقافة الرفيعة ، وكاتبه مرشد لنا في رحلة غير مألوفة ، نستكف فيها الحنين الذي يعتلج في أعماق القلب الإنساني .
مع تمنياتي لكم بحياة هانئة متصفة بصفاء العيش وسكينة الروح .
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
سأحاول البحث عنه
فقد أغراني محور تأليف
بوركتِ ياغالية