الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
مكة المكرمة أحب البلاد إلى الله ، مقر بيت الله ، ومقر المشاعر ، ومهوى الأفئدة ،،،
البلد الذي أمر الله تعالى أن يحج إليه في أزمنة مخصوصة بأفعال مخصوصة ، وأمر بقصده للعمرة في كل وقت خصوصاً في شهر رمضان .
هذا البلد الحرام وذاك البيت العتيق ، الذي لا تشد الرحال إلا إليه وإلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة والمسجد الأقصى فك الله أسره ؛ كما ثبت في الصحيحين .
هذا البيت الحرام له آداب وأحكام تتعلق به ينبغي معرفتها وملاحظتها ، والذي حداني لكتابة هذا الموضوع :
1- فضل بيت الله تعالى على سائر البقاع والأماكن ؛ كما سيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى .
2- التذاكر فيما يتعلق بهذا البيت الكريم من آداب وأحكام .
3- جهل كثير من الناس بما يتعلق ببيت الله العتيق ، وما يجب له من توقير واحترام .
4- استشعار عظمة البيت الذي عظمه الله واختاره واصطفاه على بقاع الأرض .
5- ما نراه من أمر يثلج الصدر ويسر الخاطر من توافد كثير من المسلمين من داخل بلادنا ومن خارجها على حرم الله تعالى خصوصاً في أيام الإجازات الصيفية ؛ لأداء العمرة ومجاورة بيت الله الحرام .
واللهَ العظيمَ أسأل أن يوفقني وإياكم لخيري الدنيا والآخرة ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ،،
ولنشرع الآن في بيان ما يتعلق ببلد الله الحرام من أحكام وآداب وخصائص :
أولاً- الكعبة هي قبلة المسلمين في صلواتهم ، وهي وجهة ووجوههم في أشرف عبادة فرضها الله عليهم ، الفريضة التي تكرر في اليوم والليلة خمس مرات ، هذا بخلاف النوافل .
ومعلوم أن من شروط الصلاة استقبال القبلة ، وكانت القبلة في بادئ الأمر نحو بيت المقدس ثم بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بستة عشر شهراً أمر أن يتحول إلى بيت الله الحرام في صلاته كما في الحديث المتفق عليه . قال تعالى { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ،
وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته قوله صلى الله عليه وسلم : (( ثم استقبل القبلة )) ،
وقد أجمعت الأمة على وجوب استقبال القبلة في الصلاة . وفي استقبال القبلة وما يتعلق به من آداب وأحكام عدة مباحث :
المبحث الأول- من قرب من القبلة بحيث يراها وهو في المسجد الحرام وجب عليه أن يصيب عين الكعبة ، أي يجب عليه أن يتوجه بكليته إلى الكعبة لا إلى جهتها ... ونرى كثيرين من المسلمين - هداهم الله - يصلون في صحن المسجد الحرام خصوصاً في صلاة النافلة ولا يتوجهون إلى الكعبة وهو يرونها ، وهم في ذلك مخطئون وصلاتهم على رأي العلماء باطلة لكونهم لم يستقبلوا القبلة .
أما من لم ير عين الكعبة ؛ كمن كان فيما يسمى بـ ( الرواق) داخل الحرم ، وبينه وبين الكعبة صفوف أو عمود رخام ، ولم يستطع الدنو ليرى الكعبة ، أو كان في سطح بيت الله الحرام ولم يستطع أن يرى عين الكعبة ؛ كما يحصل وقت الزحام الشديد أيام رمضان وأيام الحج ، أو كان خارج مكة في أي منطقة في العالم كما هي حالنا نحن الآن فإن الواجب المتعين في ذلك إصابة جهة الكعبة .
وهنا أود أن أشير إلى أن الرخام الذي بأرضية صحن الحرم هيئ ليكون باتجاه الكعبة مباشرة . وأما الرواق والدور الثاني والسطح فقد وضعت علامات بخطين أزرقين متوازيين يشيران إلى عين الكعبة ، بحيث لو قام المصلي عليهما لتوجه لعين بيت الله . فجزى الله ولاة أمرنا خير الجزاء على ما يبذلونه في حرم الله تعالى ، ونسأل الله لهم التوفيق للخير وأن يجنبهم الشر وأهله .
المبحث الثاني- إذا كان الإنسان في سفر أو في مكان لا يعرف فيه اتجاه القبلة فعليه أن يتحرى اتجاهها وأن يبذل وسعه في ذلك ، سواء بالبوصلة أو عن طريق النجوم أو بسؤال ثقة مؤتمن عارف بالاتجاه .
وهنا مسألة ، لو أنه لم يعرف اتجاه القبلة واجتهد في تحري جهتها وبذل وسعه ، فلما صلى ، جاءه شخص فأخبره أنه صلى إلى غير اتجاه القبلة ، فهل يعيد الصلاة ؟ رجح بعض أهل العلم أن من صلى باجتهاده ثم تبين له بعد الصلاة أنه صلى إلى غير القبلة فإن صلاته صحيحة ، ولا إعادة عليه ؛ لأنه بذل وسعه وطاقته ، والله تعالى يقول : {فاتقوا الله ما استطعتم} .
المبحث الثالث- لو دخل إنسان بيت شخص ، - ويحدث هذا كثيراً للنساء - وحان وقت الصلاة ولم يدر أين اتجاه القبلة فسأل صاحب البيت فأخبره باتجاه معين فلما صلى تبين أن الاتجاه غير صحيح فهل يعيد الصلاة ؟ رجح بعض أهل العلم في أن لا إعادة عليه وصلاته صحيحة .
المبحث الرابع- الصلاة على الراحلة .
من السنن المهجورة التي تركها كثير من الناس وجهلها أكثرهم صلاة النافلة على الدابة أو الراحلة أو السيارة في وقتنا الحاضر في السفر خاصة ،
فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر وجابر وأنس وعامر بن ربيعة رضي الله عنهم ، واللفظ الذي أسوقه هنا لفظ حديث ابن عمر عند البخاري : ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح-أي يصلي- على الراحلة ِقبَل أي وجهة توجَّه ، ويوتر عليها ، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة ) .
كما جاءت زيادة في حديث أنس عند أحمد وأبي داود وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى .
وعليه فمن كان في سفر وأراد أن يتنفل فله أن يصلي على راحلته أو سيارته ، بحيث يومئ بالركوع والسجود ،
ولكن قد يتوجه مثلاً في سفره من الرياض إلى الدمام ( الرياض في وسط المملكة والدمام في شرقها ومكة في الغرب ) ، فهل يجب عليه إن أراد صلاة النافلة أن يتوجه أولاً بتكبيرة الإحرام إلى القبلة - جهة الغرب ، ثم يصلي حيث اتجه ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب ذلك ، وإن كان ظاهر المذهب عند الحنابلة الوجوب . وقالوا بأنه يستحب له إذا أراد صلاة النافلة في السفر على راحلته أن يتوجه أولاً بتكبيرة الإحرام إلى القبلة ، ثم يمضي حيث شاء ، واستدلوا على ذلك بما أخرجه أحمد بسند حسن لأن فيه ربعي بن عبدالله بن الجارود وجده الجارود بن أبي سبرة وهما حسنا الحديث من حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلي على راحلته تطوعاً استقبل القبلة فكبر للصلاة ، ثم خلى عن راحلته فصلى حيثما توجهت به ) .
وهذا الحديث مع كونه حسن الإسناد لكنه عارض الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح الصلاة على راحلته دون أن يستقبل القبلة إن كانت وجهته إلى غير القبلة ، ولذا فقد ضعفه بعض العلماء من جهة مخالفة متنه للأحاديث التي رواها الصحابة في ذلك ، بما فيهم أنس رضي الله عنه . ومما يبين كون هذا الحديث خطأ أنه قد تفرد به ربعي بن عبدالله بن الجارود عن عمرو بن الحجاج عن الجارود بن أبي سبرة ، وقد خالف سائر الثقات الذين رووا الحديث عن أنس بدون ذكر استقبال القبلة ، وحديث الثقات الآخرين ورواية الشيخين البخاري ومسلم لتلك الطرق أولى من هذا الحديث . ولذا قال ابن القيم رحمه الله ( وفي هذا الحديث نظر –أي حديث أنس- وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم على راحلته أطلقوا أنه كان يصلي عليها قبل أي جهة توجهت به ، ولم يستثنوا من ذلك تكبيرة الإحرام ولا غيرها كعامر بن ربيعة وجابر بن عبدالله ، وأحاديثهم أصح من حديث أنس هذا والله أعلم ) أ.هـ ،
قال همام : والحاصل أن الأفضل له أن يستقبل القبلة ثم يكبر تكبيرة الإحرام ثم يتوجه حيث أراد ، وخلاصة البحث هنا ما يلي :
1- جواز صلاة النافلة في السفر على الراحلة أو السيارة ، وتلك من السنن التي اندثرت عند كثير من الناس .
2- إذا صلى النافلة على الراحلة أو السيارة فإنه يومئ بالركوع وبالسجود واختار الفقهاء أن يكون إيماءه بالسجود أشد من إمائه بالركوع .
3- الأفضل له أن يستقبل القبلة ثم يكبر للصلاة ثم يتوجه براحلته حيث أراد ، وإن لم يفعل فلا بأس بذلك .
وعلى كل حال فأوصي السائق أن ينتبه إلى الطريق ، وأن لا ينشغل بالصلاة وخشوعها عن الطريق فيهلك من معه !!
يتبع ،،،

حارث @harth_1
عضو مميز
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

حارث
•
أختي المباركة ضوء المكان ،،،
أشكركم على الإضافة والمرور ، بارك الله فيك ،،
وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه السلسلة ،،
أشكركم على الإضافة والمرور ، بارك الله فيك ،،
وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذه السلسلة ،،
الصفحة الأخيرة
سلسله قيمه .. ومهمه في مثل هذه الاوقات ..
تابع ونحن معك .. اخي الكريم ..