بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
أما بعد أحبتي في الله
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
::::::: ســــلـــســـلـــة علَّــمَــنــي رســول الله :::::::
سلسة رقيقة رقراقة
نتناول فيها بعض الوصايا والأخلاق التي تحلّى بها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم
والتى وصّى بها أصحابه ونحن من بعدهم
نطوف مع تلك الأحاديث العطِرة لنستلهم الدروس والعبِر .
ونسعى سوياً حول مسراج النبوة وموطن الخلق ومنبع الفضيلة
وقدوتنا وأسوتنا
كما قال ربي
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "
سندور كل يومين حول خلق للنبي أو وصية للنبي صلى الله عليه وسلم .
ولن نستطيع أن نحصر خلق المصطفى في هذه المدة الضئيلة
ولكننا سنحاول أن نأخذ من هذا الكنز قدر ما تحمل أيدينا وقلوبنا .
إنـــــتــــــظــــــرووووووووووووووووووووووووونــ ــــا
وأدعوا لنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
جزاك الله خير
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين،
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين،
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
أما بعد أحبتي في الله
والله إني أحبكم في الله .
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
::::::: ســــلـــســـلـــة علَّــمَــنــي رســول الله :::::::
كما قدّمنا في هذه السلسلة أنها سلسلة تربوية عملية .
نقتبس منها من السنة و من فم النبي الطاهر ما نجمل ونحسن به خلقنا
ونحن اليوم على موعد مع خلق فريد خلق شحّ في زماننا إلي أن كاد يصل لحد الإنتهاء إلي من رحم ربي
نحن اليوم مع خلق جميل كريم
إنه
" الحـــــــــيــــــــاء "
" خُـــــــلــــــــق الإســــــلام "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إنَّ لكل دين خلقاً ، وخلق الإسلام الحياء "
" الحـــــــــــــــــيـــــــــــــــاء "
تعالى معي نطوف مع هذا الخلق
الذي نحتاجه أمس الحاجة
تعالى تعالى
سريعاً سريعاً
نقتطف الزهور من واحة القرآن والسنة
ولما لا فكلامنا سيكون
قال الله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أولاً :- تعريف الحياء
الحياء انقباض يجده الإنسان في نفسه يحمله على عدم ملابسة ما يعاب به ويستقبح منه, ونقيضه التصلف في الأمور وعدم المبالاة بما يستقبح ويعاب, وكلاهما جبلي ومكتسب, لكن الناس ينقسمون في القدر الحاصل منهما على أقسام؛ فمنهم من جبل على الكثير من الحياء, ومنهم من جبل على القليل, ومنهم من جبل على الكثير من التصلف, ومنهم من جبل على القليل, ثم إن أهل الكثير من النوعين على مراتب وأهل القليل كذلك فقد يكثر أهل النوعين حتى يصير نقيضه كالمعدوم, ثم هذا الجبلي سبب في تحصيل المكتسب, فمن أخذ نفسه بالحياء واستعمله فاز بالحظ الأوفر, ومن تركه فعل ما شاء وحرم خيري الدنيا والآخرة
وقال ابن رجب: الحياء نوعان:
أحدهما: ما كان خلقًا وجبلةً غير مكتسب، وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:" الحياء لا يأتي إلا بخير"(2) فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثّ على مكارم الأخلاق ومعاليها، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار.
والثاني: ما كان مكتسبًا من معرفة الله، ومعرفة عظمته وقربه من عباده، واطلاعه عليهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهذا من أعلى خصال الإيمان، بل هو من أعلى درجات الإحسان. وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة نعمه ورؤية التقصير في شكرها، فإذا سلب العبد الحياء المكتسب والغريزي، لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة، فصار كأنه لا إيمان له
الحياء من واحة السنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" الحياء لا يأتي إلا بخير "
" إنَّ الله حيي سِتِّير يحب الستر والحياء "
" الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان "
" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت "
" الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار "
وبعد أن أخذنا الحياء ممن علمه الله ورباه على الحياء إنه النبي وكفى .
تعالى معي قبل ان نتكلم معاً , تعالى نطوفي في صفحات الوحي , لنرى ونمر على مواضع الحياء في كتاب ربي .
بسم الله الرحمن الرحيم
" إن الله لايستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها "
" يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين إناه , ولكن إذا دعيتم فادخلوا , فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث , ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم , والله لايستحي من الحق "
" فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن ابي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا "
جولة مع خلق الإسلام
أنواع الحـــــــيــــــــــــــاء
الحياء أربعة انواع
تعالى معي نفردها ثم نتناولها واحدة تلو الأخرى
1:- الحياء من الله
2:- الحياء من الملائكة
3:- الحياء من الناس
4:- الحياء من النفس
1:- الحياء من الله .
الحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي. قال رسول الله : { استحيوا من الله حق الحياء } قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال: { ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء }.
معنى الحديث: { استحيوا من الله حق الحياء } أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ .
( قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله أن ليس المقصود هذا العموم لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون:
(1){ أن يحفظ الرأس وما وعى } أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان. قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً .
(2) { وليحفظ البطن وما حوى } أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل لا يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
(3) { وليذكر الموت والبلى } أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى. قال : { أكثروا من ذكر هادم اللذات }.
(4) { ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا } قال تعالى: " تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "
فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن. قال رسول الله :
" استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك "
. وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى مراتب الدين وهي مرتبة الأحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات. وهذا الحياء يجعله دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى وأجل. قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك ) وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
ولقد قسم العلماء الحياء من الله إلي أقسام وهي
1 ـ حيــــــــاء الجنـــــايـــــة ..!!
.. ومـعـنى حيــاء الجنــايــة ::.. هــو حيـــاء مـــن ارتكـــب مصيبــــة ..!!
.. كحيـــاء سيــدنــا أدم عليـهـ الســـلام حينمــا أكـــل مــن الشجـــرة فظـل ..
.. يجــري هــو وزوجتـــهـ فـي الجنـــة .. فقــال الله تبــارك وتعـــالى ::..
.. (( إلـى أيـن يـا آدم أفــراراً منـي ..؟؟!! )) ..
قـــال ::.. (( لا يـــاربـي بــل حيــاءً منـــك )) ..
2 ـ حيــــــــــاء التقصيــــــر ..!!
.. ومعنــى حيـــاء التقصيــر ::.. هــو حيـــاء مــن لـم يعبــد الله حـــق عبـادتـه ..
.. ومــن يستطيــع أن يعبــد الله حــق عبــادتـهـ ..؟!! ... لـم تجــــد ..؟!!
.. ولذلـــك فكـــلنـــا مقصـــرووون ..
.. وهـــو كحيــاء المــلائكــة ، يقـــول النبـي (( صـلى الله عليه وسلم )) ..
.. أطــت السمـــاء .. (( أي ازدحمــت وثقــلت .. )) وحــق لهــا أن تئطِ ، مــا ..
.. فيهــا مــوضـع ثـلاثـة أصــابـع إلا ومـلك ٌ ســاجــد .. أو مــلكٌ راكــع .. أو مـلكٌ ..
.. قــائــم لله عـز وجــل .. ، حتـى إذ قــامـت القيـامـة يقـولـون ::..
.. (( سبحـــانـك مــا عبــدنــاك حــق عبــادتـــك )) رواهـ الإمـام أحمـد ..
3 ـ حيــــاء إستشعـــار نعمــة الله عليــــك ..!!
.. ويأتــي هــذ اليــوم مــن استشعــارك مــن أن نعـم الله تغمــرك غمــراً ..
.. فـــلا تعـــرف كيــف تشكــــــــرهـ فتستحــــي منـــــــهـ ..
.. كحيـــاء النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلـم )) .. وهـو يـدعـو ويقـول ::..
.. (( لا أُخصـــي ثنــاءً عليـــك أنــت كمــا أثنيـــت عــلى نفســـك .. )) ..
.. رواهـ الامـام أحمــد ..
4 ـ حيــــــــــاء العبـــــوديــــة ..!!
.. وهـــو حيـــاء العبــد الـذي يسمـع ويطيــع لمــولاهـ .. ولا يــرفـض لهـ أمـراً ..
.. كيحيـــاء النبــي ((صـلى الله عليـهـ وسـلـم )) .. حينمــا كــانــت القبـلة إلـى ..
.. بيـت المقـدس ، ولـكـن النبـي يـريـد أن تكـون القبـلة إلى الكعبــة ، فهــــل ::..
.. قـــال ::.. حـــــول القبــــلة يـــارب ...؟؟!! .. لا والله إنـــهـ حيـــاء العبــد ..!!
..يقــول تعـالى (( قـد نـرى تقـلب وجـهـك فـي السمــاء )) سـورة البقـرة 144 ..
.. فكــان النبــي .. ينظـر إلى السمـاء بعينـهـ ولا يتكـلم .. حيـاءً مـن اللــــه ..
5 ـ حيــــــــاء المحبــــة ..!!
.. إن هــذا النـــوع مــن الحيـــاء لا يحتــــاج أن تقـــرأه ..
.. بــل تحتــاج أن تعيشه .. وتتذـوقهـ ..
.. فلحبــك الشـديـد لله تستحـي منـهـ ، فلـربمـا بكـت عينـاك ولـربـمـا ..
اضطـرب قلبـك ، ولـربمـا خشعـت جوارحـك ..
.. فمـن حيـاء النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ولحبـهـ الشـديد لله يقـول ::..
.. (( اللهـم ارزقنـي حبـك وحـب مـن أحبـك ، وحـب عمـل يقـربنـي إلـى حبـك ..)).. رواهـ التـرمـذي ..
6 ـ حيـــــــــــاء إجـــــــــــلاء الله ...!!
... وهـــو حيـــاء ناتــج عــــن إجـــلاء الله المــــال العظيــــــــم مـــالك المــــلك ...
... كحيــاء سيـدنـا جبـريـل عليـهـ الصلاة والسـلام .. فـي رحـلة الأسـراء والمعـراج ...
... وهـــم فـي السمــــاء الســـابعــــة ، وسيــدخـل النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ...
... إلى سـدرة المنتـهـى ، و معـهـ جبـريـل ، وفجـأة تـوقـف جبـريـل ، يقـول النبـي ...
... (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ::.. (( فألتفـت إلـى جبـريـل فإذا هـو كـالحـلس البـالي ...
(( قطعـة القمـاش الممـزقـة )) .. )) مـن خشيـة الله ، وحيـاء منـهـ ،فهـو مستشعـر إجـلاء الله ...
... سبحـان الله (( ومـا قـدروا الله حـق قـدرهـ )) الانعـام 91 ...
2:- الحياء من الملائكة
من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار.. وهناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.
وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ " " أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ "
إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة.
قال رسول الله : { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم }.
3:- الحياء من الناس
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة... والحياء من الناس قسمين:
1 ـ هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه يستحي من الناس جازم بأنه لا يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى أولاً ثم اتقاء ملامة الناس وذمهم ثانياً فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.
2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس لا يتحرج من فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة ربه وجلاله وأنه أحق أن يستحيا منه لأنه القادر المطلع الذي بيده ملكوت كل شيء الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن يأكل من رزقه ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته ولا يطيعه ويستعمل عطاياه فيما لا يرضيه.
وعلى ذلك فإن هذا العبد لا يليق به أن يستحي من الناس الذين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ثم لا يستحي من الله الرقيب عليه المتفضل عليه الذي ليس له غناء عنه.
أما الذي يجاهر بالمعاصي ولا يستحي من الله ولا من الناس فهذا من شر ما منيت به الفضيلة وانتهكت به العفة، لأن المعاصي داء سريع الانتقال لا يلبث أن يسري في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية المجاهر ويتفاقم خطبها، فشره على نفسه وعلى الناس عظيم وخطره على الفضائل كبير، ومن المؤسف أن المجاهرة بالمعاصي التي سببها عدم الحياء من الله ولا من الناس ـ قد فشت في زماننا. فلا شاب ينزجر ولا رجل تدركه الغيرة ولا امرأة يغلب عليها الحياء فتتحفظ وتتستر..
4:- الحياء من النّفس
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.
يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر ).
والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح. قال تعالى على لسان امرأة العزيز: " وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ ".
والنفس الثانية هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.
قال تعالى: " يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي ".
إذاً فعلينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله حتى تكون من النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض..
يقول تعالى: " وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ "
علُّمني رسول الله
... مـــر الرسـول عليـه الصـلاة والسـلام علـى رجـل مـن الأنصـار يعـظ أخـاهـ في الحيـاء ...
... يعـظـ أخـاهـ فـي الحيـاء أي يـوصيـه بأن يخفـف مـن حيـائـه قليلاً .. لأنـهـ كـان حييـاً للغـايـة...
يعني مـايعـظة في إيـدة ..
... فقـال لـه النبـي صلى الله عليـه وسـلم : (( دعـــهُ فإن الحيــاء مــن الأيمـــان )) ...رواه الامام احمد ..
" ... كــان رسـول الله ... صلى الله علية وسلـم ... أشـــد حيـــاء مـــن العــذراء فـي خــدرهــا ... "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استحيوا من الله حق الحياء)). قلنا : يا نبي الله إنا لنستحي والحمد لله . قال (ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))
أين أنت من تلك المدرسة أيها اللبيب وأيتها العاقلة الغافلة عن هذا الخلق
الحياء في بيت النبوة
" وقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها " " البخاري "
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فخذه أو سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ وَسَوَّى ثِيَابَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ )
صلى عليك يا صاحب الخلق العظيم .
فضل الحياء
إن للحياء فضل عظيم لا يعد ولا يحصوا , وفضل الحياء وقدر ثوابه على قدر هذا الخلق العظيم فأكثر وزد منه
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه *** فلا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياك فأحفظه عليك فإنما *** يدل على وجه الكريم حياؤه
ورب قبيحة ماحال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ***وتستحي مخلوقا فما شئت فأصنع
إذا كنت تأتي المرء تعظم حقه *** ويجهل منك الحق فالصرم أوسع
من كلام ومواقف سلفنا الصالح
... جـــاءت فــاطمـة بنـت عتبـة بـن ربيـعة ، إلـى الرسول ( صلى الله عليـه وسـلم ) تـريـد الإسـلام ...
... وكــان ذلـك فـي وجـود السيـدة عـائشـة رضي الله عنـهـا .. فقال الرسـول ( صلى الله عليـه وسـلم ) : ...
(( بـايعيـني يـافـطمـة عـلى ألا تشـركـي بالله شيـئـاً ولا تسـرقـي ولا تـزنـي ....... ))
... فلمـا سمعـت فـاطمـة هـذة الكـلمـة (( ولا تـزنـي )) وضعـت يـدهـا على رأسهـا ...
... وأنـزلـت وجههـا مـن شـدة الحيـاء .. فأعجـب بحيـائهـا ( صلى الله عليـه وسـلم ) ...
فقـالت السيـدة عـائشـة : يـا فـاطمـة بايعي فإن النسـاء بايعـن عـلى هـذا ، فبـايعـته ...
]]]] يـا الله .. ألهـــذه الـدرجــة ..؟!! ومن مظاهر عدم الحياء في مجتمع النساء: تحدث المرأة بما يقع بينها وبين زوجها من الأمور الخاصة. وقد وصف النبي من يفعل ذلك بشيطان أتى شيطانه في الطريق والناس ينظرون.
ومن مظاهر ضعف الحياء لدى بعض النساء: تبسطها بالتحدث مع الرجل الأجنبي مثل البائع وتليين القول له وترقيق الصوت من أجل أن يخفض لها سعر البضاعة.
ومن المظاهر تشبه النساء بالرجال في اللباس وقصات الشعر والمشية والحركة. وهذا فعل مستقبح تأباه الفطرة السليمة والذوق والحياء وحرمه الشرع ونهى عنه.
ومن المشاهد المؤسفة التي فشت في وسط النساء هذه الأيام ظاهرة النساء الكاسيات العاريات - أو النساء شبه العاريات وذلك بلبس الملابس شديدة الضيق اللاصقة أو الملابس المفتحة من الأعلى والأسفل حتى وصلت إلى حدود العورات المغلظة فلم يراعوا ديناً ولا حياء ولا مروءة. والله إن المؤمن عندما يرى أمثال هؤلاء يقشعر بدنه حياء من الله وحياء من الناس. ولكن ماذا تقول لأمثال هؤلاء النسوة؟ وماذا نملك لهن وقد نُزع الحياء من قلوبهم وقابلوا الناس بوجه وقاحاً.
فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنا الحجابا فلن تخشى حياءٌ من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا بربك هل سألت العقل يوماً *** أهذا طبع من رام الصوابا أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى الإسلام تنتسب إنتساباً ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه باباً شباب اليوم يا أختي ذئاب *** وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
كلمتي الأخيرة
.. اخـي .. اختـي .. راجعـا انفسكـم ...
هـل احسست حينمـا عصيـت الله بالحيـاء منـــهـ ..؟!!
و هـل احسست حينمـا قصـّرت فـي عبـادة الله بالحيـاء منـهـ ..؟!!
وهـل احسست بأنـك العبـد الفقيـر الضعيـف فاستحييت مـن الله ..؟!!
وهـل احسست بحبـــــــــــــــــــك لله فاستحييـت منــــــــه ..؟!!
و هـل احسست بجـــــــلال الله وجبـــروتـــهـ فاستحييــــت منـــهـ ..؟!!
و هـل احسست بأن نعـم الله تغمـرك فاستحييـــــــت منــــــه ..؟!!
... راجـع نفسـك ....
... واذ كانت إجـابتـك بنعـم وبصـدق و أمـانـه ... فيــــــابشـــــرك ...؟!!
... يقــــــــول العلمــــاء ::..(( مــــن استحـــــى مـــن الله فقـــــــد بلـــــغ مقـــــام الأوليــــــاء .. ]
الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
أما بعد أحبتي في الله
والله إني أحبكم في الله .
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
::::::: ســــلـــســـلـــة علَّــمَــنــي رســول الله :::::::
كما قدّمنا في هذه السلسلة أنها سلسلة تربوية عملية .
نقتبس منها من السنة و من فم النبي الطاهر ما نجمل ونحسن به خلقنا
ونحن اليوم على موعد مع خلق فريد خلق شحّ في زماننا إلي أن كاد يصل لحد الإنتهاء إلي من رحم ربي
نحن اليوم مع خلق جميل كريم
إنه
" الحـــــــــيــــــــاء "
" خُـــــــلــــــــق الإســــــلام "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إنَّ لكل دين خلقاً ، وخلق الإسلام الحياء "
" الحـــــــــــــــــيـــــــــــــــاء "
تعالى معي نطوف مع هذا الخلق
الذي نحتاجه أمس الحاجة
تعالى تعالى
سريعاً سريعاً
نقتطف الزهور من واحة القرآن والسنة
ولما لا فكلامنا سيكون
قال الله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أولاً :- تعريف الحياء
الحياء انقباض يجده الإنسان في نفسه يحمله على عدم ملابسة ما يعاب به ويستقبح منه, ونقيضه التصلف في الأمور وعدم المبالاة بما يستقبح ويعاب, وكلاهما جبلي ومكتسب, لكن الناس ينقسمون في القدر الحاصل منهما على أقسام؛ فمنهم من جبل على الكثير من الحياء, ومنهم من جبل على القليل, ومنهم من جبل على الكثير من التصلف, ومنهم من جبل على القليل, ثم إن أهل الكثير من النوعين على مراتب وأهل القليل كذلك فقد يكثر أهل النوعين حتى يصير نقيضه كالمعدوم, ثم هذا الجبلي سبب في تحصيل المكتسب, فمن أخذ نفسه بالحياء واستعمله فاز بالحظ الأوفر, ومن تركه فعل ما شاء وحرم خيري الدنيا والآخرة
وقال ابن رجب: الحياء نوعان:
أحدهما: ما كان خلقًا وجبلةً غير مكتسب، وهو من أجل الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:" الحياء لا يأتي إلا بخير"(2) فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثّ على مكارم الأخلاق ومعاليها، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار.
والثاني: ما كان مكتسبًا من معرفة الله، ومعرفة عظمته وقربه من عباده، واطلاعه عليهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهذا من أعلى خصال الإيمان، بل هو من أعلى درجات الإحسان. وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة نعمه ورؤية التقصير في شكرها، فإذا سلب العبد الحياء المكتسب والغريزي، لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة، فصار كأنه لا إيمان له
الحياء من واحة السنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" الحياء لا يأتي إلا بخير "
" إنَّ الله حيي سِتِّير يحب الستر والحياء "
" الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان "
" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت "
" الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار "
وبعد أن أخذنا الحياء ممن علمه الله ورباه على الحياء إنه النبي وكفى .
تعالى معي قبل ان نتكلم معاً , تعالى نطوفي في صفحات الوحي , لنرى ونمر على مواضع الحياء في كتاب ربي .
بسم الله الرحمن الرحيم
" إن الله لايستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها "
" يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين إناه , ولكن إذا دعيتم فادخلوا , فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث , ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم , والله لايستحي من الحق "
" فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن ابي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا "
جولة مع خلق الإسلام
أنواع الحـــــــيــــــــــــــاء
الحياء أربعة انواع
تعالى معي نفردها ثم نتناولها واحدة تلو الأخرى
1:- الحياء من الله
2:- الحياء من الملائكة
3:- الحياء من الناس
4:- الحياء من النفس
1:- الحياء من الله .
الحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي. قال رسول الله : { استحيوا من الله حق الحياء } قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال: { ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء }.
معنى الحديث: { استحيوا من الله حق الحياء } أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ .
( قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله أن ليس المقصود هذا العموم لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون:
(1){ أن يحفظ الرأس وما وعى } أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان. قال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً .
(2) { وليحفظ البطن وما حوى } أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل لا يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
(3) { وليذكر الموت والبلى } أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى. قال : { أكثروا من ذكر هادم اللذات }.
(4) { ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا } قال تعالى: " تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "
فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن. قال رسول الله :
" استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك "
. وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى مراتب الدين وهي مرتبة الأحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات. وهذا الحياء يجعله دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى وأجل. قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك ) وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
ولقد قسم العلماء الحياء من الله إلي أقسام وهي
1 ـ حيــــــــاء الجنـــــايـــــة ..!!
.. ومـعـنى حيــاء الجنــايــة ::.. هــو حيـــاء مـــن ارتكـــب مصيبــــة ..!!
.. كحيـــاء سيــدنــا أدم عليـهـ الســـلام حينمــا أكـــل مــن الشجـــرة فظـل ..
.. يجــري هــو وزوجتـــهـ فـي الجنـــة .. فقــال الله تبــارك وتعـــالى ::..
.. (( إلـى أيـن يـا آدم أفــراراً منـي ..؟؟!! )) ..
قـــال ::.. (( لا يـــاربـي بــل حيــاءً منـــك )) ..
2 ـ حيــــــــــاء التقصيــــــر ..!!
.. ومعنــى حيـــاء التقصيــر ::.. هــو حيـــاء مــن لـم يعبــد الله حـــق عبـادتـه ..
.. ومــن يستطيــع أن يعبــد الله حــق عبــادتـهـ ..؟!! ... لـم تجــــد ..؟!!
.. ولذلـــك فكـــلنـــا مقصـــرووون ..
.. وهـــو كحيــاء المــلائكــة ، يقـــول النبـي (( صـلى الله عليه وسلم )) ..
.. أطــت السمـــاء .. (( أي ازدحمــت وثقــلت .. )) وحــق لهــا أن تئطِ ، مــا ..
.. فيهــا مــوضـع ثـلاثـة أصــابـع إلا ومـلك ٌ ســاجــد .. أو مــلكٌ راكــع .. أو مـلكٌ ..
.. قــائــم لله عـز وجــل .. ، حتـى إذ قــامـت القيـامـة يقـولـون ::..
.. (( سبحـــانـك مــا عبــدنــاك حــق عبــادتـــك )) رواهـ الإمـام أحمـد ..
3 ـ حيــــاء إستشعـــار نعمــة الله عليــــك ..!!
.. ويأتــي هــذ اليــوم مــن استشعــارك مــن أن نعـم الله تغمــرك غمــراً ..
.. فـــلا تعـــرف كيــف تشكــــــــرهـ فتستحــــي منـــــــهـ ..
.. كحيـــاء النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلـم )) .. وهـو يـدعـو ويقـول ::..
.. (( لا أُخصـــي ثنــاءً عليـــك أنــت كمــا أثنيـــت عــلى نفســـك .. )) ..
.. رواهـ الامـام أحمــد ..
4 ـ حيــــــــــاء العبـــــوديــــة ..!!
.. وهـــو حيـــاء العبــد الـذي يسمـع ويطيــع لمــولاهـ .. ولا يــرفـض لهـ أمـراً ..
.. كيحيـــاء النبــي ((صـلى الله عليـهـ وسـلـم )) .. حينمــا كــانــت القبـلة إلـى ..
.. بيـت المقـدس ، ولـكـن النبـي يـريـد أن تكـون القبـلة إلى الكعبــة ، فهــــل ::..
.. قـــال ::.. حـــــول القبــــلة يـــارب ...؟؟!! .. لا والله إنـــهـ حيـــاء العبــد ..!!
..يقــول تعـالى (( قـد نـرى تقـلب وجـهـك فـي السمــاء )) سـورة البقـرة 144 ..
.. فكــان النبــي .. ينظـر إلى السمـاء بعينـهـ ولا يتكـلم .. حيـاءً مـن اللــــه ..
5 ـ حيــــــــاء المحبــــة ..!!
.. إن هــذا النـــوع مــن الحيـــاء لا يحتــــاج أن تقـــرأه ..
.. بــل تحتــاج أن تعيشه .. وتتذـوقهـ ..
.. فلحبــك الشـديـد لله تستحـي منـهـ ، فلـربمـا بكـت عينـاك ولـربـمـا ..
اضطـرب قلبـك ، ولـربمـا خشعـت جوارحـك ..
.. فمـن حيـاء النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ولحبـهـ الشـديد لله يقـول ::..
.. (( اللهـم ارزقنـي حبـك وحـب مـن أحبـك ، وحـب عمـل يقـربنـي إلـى حبـك ..)).. رواهـ التـرمـذي ..
6 ـ حيـــــــــــاء إجـــــــــــلاء الله ...!!
... وهـــو حيـــاء ناتــج عــــن إجـــلاء الله المــــال العظيــــــــم مـــالك المــــلك ...
... كحيــاء سيـدنـا جبـريـل عليـهـ الصلاة والسـلام .. فـي رحـلة الأسـراء والمعـراج ...
... وهـــم فـي السمــــاء الســـابعــــة ، وسيــدخـل النبـي (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ...
... إلى سـدرة المنتـهـى ، و معـهـ جبـريـل ، وفجـأة تـوقـف جبـريـل ، يقـول النبـي ...
... (( صـلى الله عليـهـ وسـلم )) ::.. (( فألتفـت إلـى جبـريـل فإذا هـو كـالحـلس البـالي ...
(( قطعـة القمـاش الممـزقـة )) .. )) مـن خشيـة الله ، وحيـاء منـهـ ،فهـو مستشعـر إجـلاء الله ...
... سبحـان الله (( ومـا قـدروا الله حـق قـدرهـ )) الانعـام 91 ...
2:- الحياء من الملائكة
من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار.. وهناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.
وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ " " أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ "
إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة.
قال رسول الله : { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم }.
3:- الحياء من الناس
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة... والحياء من الناس قسمين:
1 ـ هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه يستحي من الناس جازم بأنه لا يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى أولاً ثم اتقاء ملامة الناس وذمهم ثانياً فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.
2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس لا يتحرج من فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة ربه وجلاله وأنه أحق أن يستحيا منه لأنه القادر المطلع الذي بيده ملكوت كل شيء الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن يأكل من رزقه ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته ولا يطيعه ويستعمل عطاياه فيما لا يرضيه.
وعلى ذلك فإن هذا العبد لا يليق به أن يستحي من الناس الذين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ثم لا يستحي من الله الرقيب عليه المتفضل عليه الذي ليس له غناء عنه.
أما الذي يجاهر بالمعاصي ولا يستحي من الله ولا من الناس فهذا من شر ما منيت به الفضيلة وانتهكت به العفة، لأن المعاصي داء سريع الانتقال لا يلبث أن يسري في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية المجاهر ويتفاقم خطبها، فشره على نفسه وعلى الناس عظيم وخطره على الفضائل كبير، ومن المؤسف أن المجاهرة بالمعاصي التي سببها عدم الحياء من الله ولا من الناس ـ قد فشت في زماننا. فلا شاب ينزجر ولا رجل تدركه الغيرة ولا امرأة يغلب عليها الحياء فتتحفظ وتتستر..
4:- الحياء من النّفس
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.
يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر ).
والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح. قال تعالى على لسان امرأة العزيز: " وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ ".
والنفس الثانية هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.
قال تعالى: " يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي ".
إذاً فعلينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله حتى تكون من النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض..
يقول تعالى: " وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ "
علُّمني رسول الله
... مـــر الرسـول عليـه الصـلاة والسـلام علـى رجـل مـن الأنصـار يعـظ أخـاهـ في الحيـاء ...
... يعـظـ أخـاهـ فـي الحيـاء أي يـوصيـه بأن يخفـف مـن حيـائـه قليلاً .. لأنـهـ كـان حييـاً للغـايـة...
يعني مـايعـظة في إيـدة ..
... فقـال لـه النبـي صلى الله عليـه وسـلم : (( دعـــهُ فإن الحيــاء مــن الأيمـــان )) ...رواه الامام احمد ..
" ... كــان رسـول الله ... صلى الله علية وسلـم ... أشـــد حيـــاء مـــن العــذراء فـي خــدرهــا ... "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (استحيوا من الله حق الحياء)). قلنا : يا نبي الله إنا لنستحي والحمد لله . قال (ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))
أين أنت من تلك المدرسة أيها اللبيب وأيتها العاقلة الغافلة عن هذا الخلق
الحياء في بيت النبوة
" وقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها " " البخاري "
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فخذه أو سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ وَسَوَّى ثِيَابَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ )
صلى عليك يا صاحب الخلق العظيم .
فضل الحياء
إن للحياء فضل عظيم لا يعد ولا يحصوا , وفضل الحياء وقدر ثوابه على قدر هذا الخلق العظيم فأكثر وزد منه
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه *** فلا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياك فأحفظه عليك فإنما *** يدل على وجه الكريم حياؤه
ورب قبيحة ماحال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ***وتستحي مخلوقا فما شئت فأصنع
إذا كنت تأتي المرء تعظم حقه *** ويجهل منك الحق فالصرم أوسع
من كلام ومواقف سلفنا الصالح
... جـــاءت فــاطمـة بنـت عتبـة بـن ربيـعة ، إلـى الرسول ( صلى الله عليـه وسـلم ) تـريـد الإسـلام ...
... وكــان ذلـك فـي وجـود السيـدة عـائشـة رضي الله عنـهـا .. فقال الرسـول ( صلى الله عليـه وسـلم ) : ...
(( بـايعيـني يـافـطمـة عـلى ألا تشـركـي بالله شيـئـاً ولا تسـرقـي ولا تـزنـي ....... ))
... فلمـا سمعـت فـاطمـة هـذة الكـلمـة (( ولا تـزنـي )) وضعـت يـدهـا على رأسهـا ...
... وأنـزلـت وجههـا مـن شـدة الحيـاء .. فأعجـب بحيـائهـا ( صلى الله عليـه وسـلم ) ...
فقـالت السيـدة عـائشـة : يـا فـاطمـة بايعي فإن النسـاء بايعـن عـلى هـذا ، فبـايعـته ...
]]]] يـا الله .. ألهـــذه الـدرجــة ..؟!! ومن مظاهر عدم الحياء في مجتمع النساء: تحدث المرأة بما يقع بينها وبين زوجها من الأمور الخاصة. وقد وصف النبي من يفعل ذلك بشيطان أتى شيطانه في الطريق والناس ينظرون.
ومن مظاهر ضعف الحياء لدى بعض النساء: تبسطها بالتحدث مع الرجل الأجنبي مثل البائع وتليين القول له وترقيق الصوت من أجل أن يخفض لها سعر البضاعة.
ومن المظاهر تشبه النساء بالرجال في اللباس وقصات الشعر والمشية والحركة. وهذا فعل مستقبح تأباه الفطرة السليمة والذوق والحياء وحرمه الشرع ونهى عنه.
ومن المشاهد المؤسفة التي فشت في وسط النساء هذه الأيام ظاهرة النساء الكاسيات العاريات - أو النساء شبه العاريات وذلك بلبس الملابس شديدة الضيق اللاصقة أو الملابس المفتحة من الأعلى والأسفل حتى وصلت إلى حدود العورات المغلظة فلم يراعوا ديناً ولا حياء ولا مروءة. والله إن المؤمن عندما يرى أمثال هؤلاء يقشعر بدنه حياء من الله وحياء من الناس. ولكن ماذا تقول لأمثال هؤلاء النسوة؟ وماذا نملك لهن وقد نُزع الحياء من قلوبهم وقابلوا الناس بوجه وقاحاً.
فتاة اليوم ضيعت الصوابا *** وألقت عن مفاتنا الحجابا فلن تخشى حياءٌ من رقيب *** ولم تخشى من الله الحسابا إذا سارت بدا ساق وردف *** ولو جلست ترى العجب العجابا بربك هل سألت العقل يوماً *** أهذا طبع من رام الصوابا أهذا طبع طالبة لعلم *** إلى الإسلام تنتسب إنتساباً ما كان التقدم صبغ وجه *** وما كان السفور إليه باباً شباب اليوم يا أختي ذئاب *** وطبع الحمل أن يخشى الذئاب
كلمتي الأخيرة
.. اخـي .. اختـي .. راجعـا انفسكـم ...
هـل احسست حينمـا عصيـت الله بالحيـاء منـــهـ ..؟!!
و هـل احسست حينمـا قصـّرت فـي عبـادة الله بالحيـاء منـهـ ..؟!!
وهـل احسست بأنـك العبـد الفقيـر الضعيـف فاستحييت مـن الله ..؟!!
وهـل احسست بحبـــــــــــــــــــك لله فاستحييـت منــــــــه ..؟!!
و هـل احسست بجـــــــلال الله وجبـــروتـــهـ فاستحييــــت منـــهـ ..؟!!
و هـل احسست بأن نعـم الله تغمـرك فاستحييـــــــت منــــــه ..؟!!
... راجـع نفسـك ....
... واذ كانت إجـابتـك بنعـم وبصـدق و أمـانـه ... فيــــــابشـــــرك ...؟!!
... يقــــــــول العلمــــاء ::..(( مــــن استحـــــى مـــن الله فقـــــــد بلـــــغ مقـــــام الأوليــــــاء .. ]
الصفحة الأخيرة
الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات . فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
أما بعد أحبتي في الله
والله إني أحبكم في الله .
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
::::::: ســــلـــســـلـــة علَّــمَــنــي رســول الله :::::::
كما قدّمنا في هذه السلسلة أنها سلسلة تربوية عملية .
نقتبس منها من السنة و من فم النبي الطاهر ما نجمل ونحسن به خلقنا
ولقد تحيّرت في إختيار أول خلق نتكلم عنه
وإنه خلق " الصبر "
ولتكن الحلقة بعنوان
" وبشِّر الصابرين "
إننا اليوم مع خلق عظيم , فقده كثير من الناس في هذا الزمان إلا من رحم ربي .
خلق نرى نتاج تركه جليّاً أمام أعيننا .
إنه الصبر
ولكن قبل أن نسوق الأحاديث عن الصبر تعالى نعرف سوياً ما هو الصبر
تعريف الصبر
الصبر لغة هو الحبس والمنع , واصطلاحاً الصبر هو حبس النفس عن الجزع، واللسان عن الشكوى، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما. وهو خُلق فاضل من أخلاق النفس، يُمتنع به من فعل ما لا يُحسن ولا يَجْمُل. وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها. وقيل: ( هو المقام على البلاء بحسن الصحة كالمقام مع العافية ). ومعنى هذا أن لله على العبد عبودية في عافيته وفي بلائه، فعليه أن يحسن صحبة العافية بالشكر، وصحبة بلاء بالصبر.
وسئل عنه الجنيد فقال: ( هو تجرع المرارة من غير تعبس ). وقال ذو النون: ( هو التباعد عن المخلفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة ).
الصبر من واحة السنة
قال رسول الله
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .
قال رسول الله
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: " من يرد اللَّه به خيرا يصب مِنْه "
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: {.. ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر } .
الصبر من كتاب الله
" وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ "
" وَالصّابِرِينَ فِي البأسآء وَالضّرآء وَحِينَ البأسِ أُولَئِكَ الّّذَينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَقُونَ "
" يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ "
" وَاصبِر وَمَا صَبُركَ إلا بِاللّهِ "
جولة في رحاب الصبر
أنواع الصبر
إنها أنواع ثلاث كما اتفق أهل العلم عليها وهم
1:- صبر على الطاعة
فهو صبر على الشدائد؛ لأن النفس بطبعها تنفر عن كثير من العبادات، فهي تكره الصلاة بسبب الكسل وإيثار الراحة، وتكره الزكاة بسبب الشح والبخل، وتكره الحج والجهاد للأمرين معاً، وتكره الصوم بسبب محبة الفطر وعدم الجوع، وعلى هذا فقس. فالصبر على الطاعات صبر على الشدائد.
والعبد يحتاج إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:
الأولى: قبل الشروع في الطاعة بتصحيح النية والإخلاص وعقد العزم على الوفاء بالمأمور به نحوها، وتجنب دواعي الرياء والسمعة، ولهذا قدم الله تعالى الصبر على العمل فقال: إلا الّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصا لِحاتِ .
الثانيه: الصبر حال العمل كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله، ولا يتكاسل عن تحقيق آدابه وسننه وأركانه، فيلازم الصبر عند دواعي التقصير فيه والتفريط، وعلى استصحاب ذكر النية وحضور القلب بين يدي المعبود.
الثالثة: الصبر بعد الفراغ من العمل، إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للرياء والسمعة، والصبر عن النظر إلى العمل يعين العجب، والصبر عن الإتيان بما يبطل عمله ويحيط أثره كما قال تعالى:
" لاَ تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِ وَالأذَى "
فمن لا يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمله.
2:- صبر عن المعصية
ويكون بحبس النفس عن متابعة الشهوات، وعن الوقوع فيما حرم الله. وأعظم ما يعين عليه ترك المألوف، ومفارقة كل ما يساعد على المعاصي، وقطع العادات، فإن العادة طبيعة خاصة، فإذا إنضمت العادة إلى الشهوة تظاهر جندان من جند الشيطان على جند الله، فلا يقوى باعث الدين على قهرهما. ولهذا قال النبي صلى الله عليه، وسلم:
{.. وحفت النار بالشهوات } وذلك لأن النفوس تشتهيها وتريد أن تقتحم فيها، فإذا حبس الإنسان نفسه عنها وصبر على ذلك كان ذلك خيراً له.
3:- صبر على البلاء
قال الله تعالى: وَلَنَبلُوَنّكُم بِشَىءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثّمَراتِ وَبَشِرِ الصّابِرينَ . ويكون هذا الصبر بحبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله تعالى، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوها.
فالصبر من العبد عند وقوع البلاء به هو اعتراف منه لله بما أصاب منه واحتسابه عنده ورجاء ثوابه، فعن أم سلمة قالت: قال رسول الله : { إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، وأبدل لي بها خيراً منها } .
فلما احتضر أبو سلمة قال: ( اللهم اخلفني في أهلي خيراً مني ). فلما قبض قالت أم سلمة: ( إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب مصيبتي ). فانظر عاقبة الصبر والاسترجاع ومتابعة الرسول والرضا عن الله إلى ما آلت إليه. ونالت أم سلمه نكاح أكرم الخلق على الله محمد
.
مراتب الصبر
وهي ثلاثة كما ذكر ابن القيم رحمه الله:
الأولى: الصبر بالله،
ومعناها الاستعانة به، ورؤيته أنه هو المُصيّر، وأن صبر العبد بربه لا بنفسه، كما قال تعالى:
وَاصبِر وَمَا صَبرُكَ إلا بِاللّهِ
يعني: إن لم يُصبرك الله لم تصبر.
الثانية: الصبر لله،
وهو أن يكون الباعث له على الصبر محبة الله تعالى، وإرادة وجهه والتقرب إليه، لا لإظهار قوة نفسه أو طلب الحمد من الخلق، أو غير ذلك من الأغراض.
الثالثة: الصبر مع الله،
وهو دوران العبد مع مراد الله منه ومع أحكامه، صابراً نفسه معها، سائراً بسيرها، مقيماً بإقامتها، يتوجه معها أينما توجهت، وينزل معها أينما نزلت، جعل نفسه وقفاً على أوامر الله ومحابه، وهذا أشد أنواع الصبر وأصعبها، وهو صبر الصديقين.
قال الجنيد: ( المسير من الدنيا إلى الآخرة سهل هين على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الله شديد، والمسير من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد ).
علُّمني رسول الله
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: (اتقي الله واصبرري) قالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
فهل أنت ممن يصبر عند الصدمة الأولى
وعَنْ أبي سعيد وأبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "ما يصيب المسلم مِنْ نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللَّه بها مِنْ خطاياه"
ما هذا الثواب العظيم الشوكة الشوكة الشوكة تشاكها فتصبر فتثاب عليها .
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:
" ليس الشديد بالصُرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه
عند الغضب"
الصبر في بيت النبوة
ومن يصبر مثلك صبرك يا رسول الله , أنظر معي حينما مات ابنه صلى الله عليه وسلم
ماذا قال
" إن العين لتدمع وإن القلب لحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون , ولا نقول غلا ما يرضي ربنا ,إنا لله وإنا إليه راجعون .
يموت ابنه ويصبر ولا يفعل كما نفعل .
بل وخذ هذا الحديث في مصيبة الموت .
قال ربي للملائكة
" أقبضتم فلذة كبد عبدي قالوا نعم قال الله فماذا قال عبدي ؟ قالوا حمدك وشكرك فقال ابنو لعبدي بيتا في الجنة وسموه ((( بيت الحمد ))) "
ما هذا الصبر أين انت من هذا الخلق أيها اللبيب الحبيب
ولقد أبتلى الله نبيه حينما طعنوا المناقين في عفة الصديقة بنت الصديق الحصان الرزان المبرئة من فوق السماء
فماذ فعل " صبر ورب الكعبة " صبر شهراً لم ينزل الله وحيه شهراً على النبي .
فضل الصبر
للصبر فضائل كثيرة منها: أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: " إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ " . وأن الصابرين في معية الله،
فهو معهم بهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: " إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ ". قال أبو على الدقاق: ( فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معية ).
وأخبر سبحانه عن محبته لأهله فقال: " وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ " وفي هذا أعظم ترغيب للراغبين.
وأخبر أن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين فقال سبحانه: " وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَابِريِنَ ".
وجمع الله للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم،
قال تعالى: " وَبَشّرِ الصّابِرينَ (155) الّذِينَ إذَآ أصَا بَتتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ (156) أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ " .
من كلا م السلف في الصبر
1 - قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( وجدنا خير عيشنا بالصبر ) وقال أيضاً: ( أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً ).
2 - وقال علي رضي الله عنه: ( ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس بار الجسد ). ثم رفع صوته فقال: ( ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له ) وقال أيضاً: ( والصبر مطية لا تكبو ).
3 - وقال الحسن: ( الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده ).
4 - وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعوضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه ).
5
- وقال سليمان بن القاسم رحمه الله: ( كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر ).
6 - وقال ميمون بن مهران رحمه الله: ( الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصبر عن المعصية)
وقال أيضاً: ( ما نال أحد شيئاً من جسم الخير فما دونه إلا بالصبر ).
وقال بعض السلف وقد عُزِي على مصيبة وقعت به: ( مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها ).
ومنها أيضاً أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال: يآأيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.
موقف وعبرة
أحد السلف كان أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين واليدين، وكان يقول :
"الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له : مِمَّ عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول . فَمِمَّ عافاك ؟
فقال : ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وبَدَناً على البلاء صابراً !
سبحان الله أما إنه أُعطي أوسع عطاء
قال عليه الصلاة والسلام : من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر . رواه البخاري ومسلم .
أمور تقدح في الصبر وتنافيه
لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله، والقلب عن التسخط والجزع، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب وخمش الوجوه، ونحو ذلك، كان ما يقع من العبد عكس ما ذكرته قادحاً في الصبر، منافياً له، ومن هذه الأمور:
1 - الشكوى إلى المخلوق، فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله فقد شكا من يرحمه ويلطف به ويعافيه وبيده ضره ونفعه إلى من لا يرحمه وليس بيده نفعه ولا ضره. وهذا من عدم المعرفة وضعف الإيمان. وقد رأى بعض السلف رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة فقال: ( يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ).
ثم أنشد:
وإذا عرتك بلية فاصبر لها *** صبر الكريم فإنه بك أعلمُ وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما *** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
ولا ينافي الصبر الشكوى إلى الله، فقد شكا يعقوب عليه السلام إلى ربه مع أنه وعد بالصبر فقال: " إِنَّما أشكُوا بَثِي وَحُزنِي إلى اللّهِ ".
ولا ينافي الصبر أيضاً إخبار المخلوق بحاله؛ كإخبار المريض الطبيب بحاله، وإخبار المظلوم لمن ينتصر به، إذا كان ذلك للإستعانة بإرشاده أو معاونته على زوال الضر.
2 - ومما ينافي الصبر ما يفعله أكثر الناس في زماننا عند نزول المصيبة من شق الثياب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه، ونتف الشعر، والضرب بإحدى اليدين على الأخرى، والدعاء بالويل، ورفع الصوت عند المصيبة، ولهذا برىء النبي صلى الله علية وسلم ممن فعل ذلك.
ولا ينافي الصبر البكاء والحزن من غير صوت ولا كلام محرم، قال تعالى عن يعقوب: " وَابيَّضَت عَينَاهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظِيم ". قال قتادة: ( كظيم على الحزن، فلم يقل إلا خيراً ).
3- ومما يقدح في الصبر إظهار المصيبة والتحدث بها. وقد قيل: ( من البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة ). وقيل أيضاً: ( كتمان المصائب رأس الصبر ).
4- ومما ينافي الصبر الهلع، وهو الجزع عند ورود المصيبة والمنع عند ورود النعمة، قال تعالى: " إِنْ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إذا مَسَهُ الشَرُ جَزُوْعاً (20) وَإذا مَسَهُ الخَيَرُ مَنُوْعاً ".
قال عبيد بن عمير: ( ليس الجزع أن تدمع العين ويحزن القلب، ولكن الجزع القول السيىء والظن السيىء ). وقال بعضهم: مات ابن لي نفيس، فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه عند الله، واصبري. فقالت: مصيبتي به أعظم من أن أفسدها بالجزع.
اللهم أرزقنا الصبر عند البلاء وبعد البلاء وعند النعماء إنك مجيب الدعاء
وأخيراً أسأل الله تعالى أن يرزقنا الصبر، وأن يجعلنا من الصابرين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.