"""""""""""""""
قال الله تعالى : ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾
أيا من تدعون حب الجهاد.... أين زادكم ؟ أين عدتكم ؟ هل أعددتم شيئا ؟
الجواب بصوت خافت : الحقيقة لا
وكيف تقولون ذلك ؟! يبدو أن في الامر شيء – هل أنت فلان الذي يحب المجاهدين ويتابع أخبارهم ويتكلم عنهم صباح مساء – لا أنا لا أصدق ذلك ؟!!!
ويتابع السائل في دهشة : ما الذي شغلكم عن الأعداد طيلة هذه السنوات ؟!
الجواب بصوت خافت خافض الرأس : الحقيقة أنني كنت أكتب المقالات .
وقال آخر : وأنا كنت أشترك في المناظرات .
وقال آخر : وانا كنت أشاهد الأفلام وأسمع خطباً عن الجهاد .
وقال آخر: وانا أُخرج حديثا من الكتب الآمهات .
السائل في دهشة : أهذا كل شيء !
سنوات في كتابة مقالات وأنت خاوٍ بغير زاد !
سنوات تشترك في مناظرات وأنت خاوٍ بغير زاد !
سنوات في مشاهدة أفلام وخطب عن الجهاد وأنت خاوٍ بغير زاد !
إذن اسمع مني يا دعي الجهاد بعض هذه الكلمات لعلنا نفيق من الغفلة وحب الدنيا طول والرقاد
أتعلم كيف مرت عليك كل هذه السنوات وأنت خاوٍ بغير زاد ؟ هذا هو السؤال الذي لم تسأله لنفسك ؟
والاجابـــة : إنها النفس وحظوظها يا دعي الجهاد
أنت لم تنظر لنفسك مرة واحدة فتحاسبها وتزكيها , وانما انشغلت بتنسيق المقالة وجمال العبارة وقوة الحجة ...الخ , والأعجب من ذلك كله أنك تكتب بيديك بأن الاعداد والجهاد فرض عين عليك .
آه أقولها بصوت حزين , أهكذا مرت السنين , خاوٍ بلا زاد يعين .
فتجيبني نفسي :
أيا مسكين :
انشغلت عني بحب المدح والثناء , وغفلت عن يوم الحساب والجزاء , فلم تخلص العمل لرب الأرض والسماء , ونسيت أمره تعالى ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء .. ﴾ , ولم تعي قوله تعالى ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء ...﴾ فيا أدعي الأدعياء اسمعها مني بقوة :
الله أغنى الأغنياء عن الشركاء , أتزكي نفسك يا قرين الرياء ، ولم تتبع هدي خير الأنبياء كما كان حال الصحابة الأتقياء , فتأمل فهم صفي من هؤلاء الأصفياء , للنور الذي نزل من السماء ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه :
( إن الرجل ليغدو بدينه ثم يرجع وما معه شيء وقد أسخط الله ثم قرأ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء ...﴾
أتقول أنك تحب تخريج الحديث , ولاتعمل به يا تعيس , وتسعى الى المدح سعي حثيث ، وقد علمت أن بالنفس داءٌ خبيث , فلم تنتبه لقوله ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ..﴾
أيا مسكين :
مالي أراك ترفع هامتك لكل مادح و في الخفاء تبارز الله بفعلك الفاضح , أما علمت أنك الى ربك كادح , فَتُنزه النفسَ عن الذنوب والقبائح , وتعود الي ربك تائباً عابداً سائح .
عجبا ! وصدق يحي بن معاذ رحمه الله حيث قال : عمل كالسراب , وقلب من التقوي خراب , وذنوب بعدد حبات الرمل والتراب , ثم تطمع في الكواعب الأتراب , هيهات هيهات أنت سكران بغير شراب .
أيا مسكين :
أما زالت النفس تملاؤها الاعجاب , تسرح وتمرح في الغي تنسي الحساب , آه من غدٍ تقول فيه ياليتني كنت تراب ، كيف غفل قلبي عن قول العزيز الوهاب : ﴿ وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ ﴾ , بل كيف مدحت نفسي بما لم أفعل ونسيت قوله تعالى : ﴿ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ...﴾
أيا مسكين :
أتحسب أنك والمجاهدين في الأجر سواء , وأنت تنعم في الراحة والدعة وإخوانك يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، يخفون حسناتهم وأنت تظهر العمل رياء ، ألم تسمع بقول سيد الأنبياء :
( من طلب العلم ليباهي به العلماء ، ويماري به السفهاء ، أو ليصرف وجوه الناس اليه فهو في النار )
نسأل الله العافية
أيا مسكين :
أتحسب أن دخول الجنة بلا إبتلاء , بلا عناء بلا بأساء بلا ضراء ....لاورب الأرض والسماء , وإلا فإسمع يا صاحب المقالات الجوفاء قوله تعالى : ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ... ﴾ ثم زلزل نفسك ومثل بين عينيك الزلزلة وأنت تصغي لبقية الآية : ﴿ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾
أيا مسكين :
أين أنت من هؤلاء الذين زلزلوا في الدنيا قبل يوم الزلزلة ؟!
أتبكي الآن - لا لا – لاتبكي بل استمر يا دعي الجهاد في المهزلة , وابتغي عند الناس علو المنزلة , وأترك الأيام تمر كما مضت السنين بلا زاد للراحلة ، دون أن يمسك قرحٌ أو تصاب بشوكةٍ كما مس من جاهد فتجرع الجوع في ليالٍ قاحلة . ألم تقرأ قول رب العالمين : ﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء ...﴾
أيا مسكين :
دع الأيام تمر كما مرت سنين ، فالله يختار الشهيد من المؤمنين ، الذي بذل الجهد في كل وقت وحين , وودع الراحة والكسل اللعين , وتَدَبرَ قول الحق المبين : ﴿ وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ فيا مسكين أفق لاتستكين , وإقتفي أثر الرسول الأمين , ألم تسمع قول رب العالمين : ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ , حقا إننا ألِفنا الخضوع , ألِفنا الخنوع , ألِفنا الحياة , ألفنا الترف , ظننا أننا مؤمنين ، فصدق قول الله فينا : ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت *** ولم تخف سوء ما يأتي به القدرُ
وسـالمتك الليـالي فاغتررت بها *** وعند صفو الليالي يحدث الكدرُ
فحاسب نفسك يا أخي ماذا تنتظر , العمر يمضي وكل مالم تغتنمه مَر , تذكر صراطك فمن لا زاد له لا يَمُر , ويهوي في نارِ جهنم في ضلال وسُعُر , فإنجو بنفسك أما لك في ما ترى معتبر .
""""""""""""""""""

بنت الشريف العلوي @bnt_alshryf_alaaloy
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


شكرا على التعقيب........... وجزاك الله خيرا أختي الحبيبة / أسرار البحر
"""""""""
"""""""""
الصفحة الأخيرة
http://193.138.222.217/showthread.php?t=370395&page=3&pp=10