
ما أروعها من لحظات .. وما أجملها من أيام .. خرجنا للحياة سويا .. استقبلنا الزمان بأحضانه
أنا وسلمى ابنة جارنا اشتالنا بأعيننا .. أدفأنا بقلبه .. ترعرعنا ..بدأت ورودنا تتفتح .. وعبيرنا
يفوح .. تحدينا الزمان بصعابه .. يجمعنا فصل واحد وحب واحد .. تشاطرنا في كل شيء ..
تقاسمنا الحلو و المر .. تتلمذنا على يد الحياة .. نلقي بأسرارنا في بحر الحب وعلى شاطئ
المودة .. وفي نظري (( سلمى كل الناس وليس الناس كلهم كما سلمى )) عبارة لطيفة ..
ساربناالزورق حتى توقفنا على أبواب المرحلة الثانوية ولكن بكل أسى أشفقت على سلمى .. انقبض
قلبي ..اهتزت جوارحي بعد أن أصيب والدها بمرض أطرحه الفراش فهو الباقي لها بعد الله ..
ابتلعت همها في داخلي .. تفجرت أعماقي ما كادت تتحمل .. لم تتصور لاقدر الله أن تفقد أباها
أغرقتني دموعها .. حشرجت نفسي آهاتها .. وقع الطبيب على ضرورة رحيله إلى الخارج لعلاجه
فمرضه خطير ولكن رغم ذلك حصلنا على الامتياز .. ما أسعد تلك اللحظات ولكنها بالطبع
وبالنسبة لسلمى نقطة سوداء في بحر أبيض .. وفي الصباح الباكر اجتمعنا سويا في بيتها ولكن
فوجئت .. لطمت على وجهي .. سوف تغادر سلمى مع أبيها لتلقي العلاج ..رمقتها بنظرة .صمدت
تجمدت أعضائي .. التصقت شفتاي .. لم يعد هناك ما أقوله ..عدت إلى البيت .. أغرقت الوسادة
بدموعي ولكن ماذا أقول هل أمنعها من الذهاب مع أبيها إنه أكبر عيب .. أحرقني قلبي .. أصابني
الأرق ليلا .. وبعد مرور أسبوع حان الوداع وحان الألم ..اختارنا الفراق بل اختار سلمى .
ودعتها من صالة المطار ..عدت إلى منزلي .. وقدماي لاتحملني .يكاد عقلي يطير أنفاسي تتقطع
أحزاني بدأت تتوسع ..لم أعد أنتبه إلى المحاضرات الجامعية ..لقد سافرت إلى عالم ثان على هاجس
الأوهام .لم تنقطع الرسائل بيننا .. تسابقت مخابرتنا الهاتفية أسبوعيا .. ينقصني رؤيتها ..تصلني
أخبار والدها أولا بأول ..بدأت همومي تهدأ وبعد مرور ثلاث سنين متوالية وكأنها عشرون سنة
فجأة انقطعت الرسائل ..توقفت المكالمات ..انقطعت الأخبار ..عمياء بلا حس وبلا خبر ..احترت
جزعت بل خفت هل من المعقول أن أبى سلمى …؟ لا ..لا أعوذ بالله إنها وساوس الشيطان . تمهلت
بعض الأيام .. صبرت .. رن الهاتف .. أسرعت .. سرعة جنونية .. أكاد اقتلع السماعة
أمسكت بها ..أخبرتني أنها صديقة سلمى أسودت الدنيا في وجهي ..اغبرت الحياة أمامي وأتت
الرياح بمالاتشتهي السفن ..لا .لا أكاد أجن لاأصدق إنها لحظة تحدي الزمن اللحظة الحاسمة لكنني
ضعفت .. وحل الليل ..الليل الدائم .. لقد ماتت سلمى تحطمت تحت ضخامة إحدى السيارات التي
اختطفتها وألقت بها بعيدا ليتني كنت هنــــاك ..لأقدمها بنفسي بين أحضان التراب .. بكيتها
بكتها الأيام ..بكتها الليالي . صعدت على القمة لأصرخ ويعلو الصدى .. سلمى لم تمت مازالت
حية ينبض اسمها في قلبي ..لم أنساها .. بقيت صورتها تطاردني في كل مكان .
عاد والدها لأرض الوطن لنعيش الأسى سويا .. عـــاد وبيده الشفاء وبروحه الصحة ..
أهداني هدايا سلمى التي قد اشترتها لي قبل رحيلهـــا .. قال وما هديتك لها ..قلت :
(( سلمى كل الناس وليس الناس كلهم كما سلمى )) . …
هذه القصة قديمة أي كتبتها قديما حينما كنت أدرس وأثارت بكاء المعلمة..
عزيزتي ام الفزعات
قصة رائعة تحمل الكثير من المعاني والصور الجميلة
وقد اطربتني كثيرا عندما قرأتها
وفقتي عزيزتي في كتابة هذه القصة وهذا دليل على ذوقك الرفيع
ودمتي سالمة
اختك / شمس الاصيل