سورة الضحى
و الضحى (1) و الليل إذا سجى (2) ما ودعك ربك و ما قلى (3) و للآخرة خير لك من الأولى (4) و لسوف يعطيك ربك فترضى (5) ألم يجدك يتيما فآوى (6) و وجدك ضالا فهدى (7) و وجدك عائلا فأغنى (8) فأما اليتيم فلا تقهر (9) و أما السائل فلا تنهر (10) و أما بنعمة ربك فحدث (11)
أسباب نزول بعض الآيات:
(ما ودعك ربك و ما قلى)
قد ذكر بعض السلف منهم ابن إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حين ظهر له في صورته التى خلقه الله عليها، فيما ورد عنه صلى الله عليه و سلم [انه رأى جبريل على صورته الملائكية و قد سد عليه السماء من كبر حجمه و قوته، و كان له ستمائة جناح كما ورد في صحيح مسلم.
و عن ابن عباس: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقال المشركون ودعه ربه و قلاه (أي أبغضه) فأنزل الله "ما ودعك ربك و ما قلى"
تفسير بعض الكلمات الصعبة:
الضحى: وقت ارتفاع الشمس
سجى: سكن و اشتد ظلامه
قلى: أبغض
عائلا: فقيرا
تقهر: تذله و تحقره
تفسير بعض الآيات من صفوة التفاسير و ابن كثير:
(و الضحى * و الليل إذا سجى) أقسم الله بوقت الضحى عندما ترتفع الشمس في السماء، و أقسم سبحانه و تعالى بالليل عندما يشتد ظلامه و يغطي كل شيء. و يقسم الله بآياته في الخلق التي تدل على قدرته سبحانه و تعالى
(ما ودعك ربك و ما قلى) أي لم يتركك الله و لم يودعك و لم يكرهك أو يبغضك
ثم أكرم الله سبحانه و تعالى نبيه ببيان قدره صلى الله عليه و سلم عند الله، ردا على المشركين الذين قالوا أن الله قد تخلى عن نبيه و أبغضه
(و للآخرة خير لك من الأولى) أي أن ما أعده الله لك في الآخرة خير من الدنيا و ما فيها.
و لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا ولما خير" عليه الصلاة و السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة و بين الانتقال الى جنب الله إلى الله عز و جل اختار ما عند الله
و عن عبدالله بن مسعود قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه و سلم على حصير فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه و قلت يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على
الحصير شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "ما لي و للدنيا إنما مثلي و مثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح و تركها"
(و لسوف يعطيك ربك فترضى) أي في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته و فيما أعده له من الكرامة و من جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف و طينه مسك أذفر كما سيأتي.
و قيل سيعطيه الله الشفاعة في أمته حتى يرضى صلى الله عليه و سلم. قال صلى الله عليه و سلم: لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، و اني أجلت دعوتي، شفاعتي لأمتي يوم القيامة.
و قيل الأبدى العموم في تفسير الآية، بأن الله أعطاه صلى الله عليه و سلم خيري الدنيا و الآخرة، فأعطاه في الدنيا النصر و الظفر على الأعداء و كثرة الاتباع و الفتوح و علو الدين و جعل أمته خير أمة. و في الآخرة الشفاعة و المقام المحمود و الكوثر و غيرها.
(ألم يجدك يتيما فآوى) وذلك أن أباه توفي و هو حمل في بطن أمه ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب و له من العمر ست سنين ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي و له من العمر ثمان سنين كفله عمه أبو طالب ثم لم يزل يحوطه و ينصره و يرفع من قدره و يوقره و يكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره هذا و أبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان و كل ذلك بقدر الله و حسن تدبيره إلى أن توفي أبو طالب قبل
الهجرة بقليل فأقدم عليه سفهاء قريش و جهالهم فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى المدينة المنورة بلد الأنصار فلما وصل إليهم آووه و نصروه و حاطوه و قاتلوا بين يديه رضي الله عنهم أجمعين و كل هذا من حفظ الله له و كلاءته و عنايته به.
(و وجدك ضالا فهدى) أي كنت ضالا عن الدين و الشريعة فهداك اليها، و ذلك كقوله "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرك ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا" .. الآية
(و وجدك عائلا فأغنى) أي كنت من قبل فقيرا محتاجا فأغناك عن الخلق.
و عنه صلى الله عليه و سلم أن الغنى ليس غنى المال و لكن غنى النفس و القناعة بما آتاه الله.
(فأما اليتيم فلا تقهر) بعد أن بين الله للنبي نعمته عليه، أوصاه أن يكون أبا رحيما باليتيم، يحسن اليه و يتلطف به و لا يهنه و لا يقهره
(و أما السائل فلا تنهر) أي لا تنهر السائل في العلم المسترشد ، و لا تكن جبارا و لا
متكبرا و لا فحاشا و لا فظا على الضعفاء من عباد الله و السائلين المساكين.
(و أما بنعمة ربك فحدث) أي و حدث الناس بفضل الله و انعامه عليك، فان التحدث بالنعمة شكر لها. و ارشد العباد الى طريق الرشاد كما هداك ربك.:30::30::30:
سحر البسمة @shr_albsm
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
~*دلوعة السعودية*~
•
الصفحة الأخيرة