يسير سياق السورة حول موضوعات رئيسية في أشواط أربعة : تبدأ السورة بالحمد لله الذي أنزل على عباده الكتاب للإنذار والتبشير
تبشير المؤمنين وإنذار الذين قالوا اتخد الله ولداً
وتقرير أن ما على الأرض من زينة إنما هو للابتلاء والاختبار والنهاية إلى زوال وفناء .ويتلو هذا قصة أصحاب الكهف . وهي نموذج لإيثار الإيمان على باطل الحياة وزخرفها ، والاتجاء إلى رحمة الله في الكهف ، هرباً بالعقيدة أن تمس . ويبدأ الشوط الثاني بتوجيه الرسول - – أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، وأن يغفل الغافلين عن ذكر الله . ثم تجيء قصة الجنتين تصور اعتزاز القلب المؤمن بالله ، واستصغاره لقيم الأرض . وينتهي هذا الشوط بتقرير القيم الحقيقة الباقية والشوط الثالث يتضمن عدة مشاهد متصلة من مشاهد القيامة تتوسطها قصة آدم وإبليس . وينتهي ببيان سنة الله في إهلاك الظالمين ، ورحمة الله وإمهاله للمذنبين إلى أجل معلوم . وتشغل قصة موسى مع العبد الصالح الشوط الرابع وقصة ذو القرنين الشوط الخامس . ثم تختم السورة بمثل ما بدأت : تبشير للمؤمنين وإنذار للكافرين . وإثباتاً للوحي وتنزيهاً لله عن الشريك .
يربط القصص الواردة في سورة الكهف محور واحد وهو
أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة:
فتنة الدين (قصة أهل الكهف)
وفتنة المال (صاحب الجنتين)
وفتنة العلم (موسى مع الخضر)
وفتنة السلطة (ذو القرنين).
ويرد ذكر إبليس في منتصف السورة والتحذير من عاقبة اتخاذه وليا، فتنص الآية 50: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا»، وفي ذلك دلالة على أن المحرك الرئيسي لتلك الفتن هو الشيطان الذي يزينها للناس.
القصص الورادة في السورة
- أصحاب الكهف: قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمئة سنة وازدادوا تسعا وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد.
- قصة صاحب الجنتين: وهو رجل آتاه الله مالا فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله الجنتين.
- قصة موسى مع الخضر: وكان موسى ظنّ أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط.
- قصة ذي القرنين: وكان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها عين الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا.
السورة في الأحاديث
- قال النبي : «كان رجل يقرأ سورة الكهف ، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين ، فتغشته سحابة ، فجعلت تدنو وتدنو ، وجعل فرسه ينفر ، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال : ( تلك السكينة تنزلت بالقرآن ) » (رواه البخاري في الجامع الصحيح رفم.5011) .