
**سيدة في السبعين **
سيدة في السبعين
تقطن بيتاً من طين
قد وهن العظم منها
واشتعل رأسها شيباً.. وهمّاً
وحفر الزمن أخاديده
على صفحة وجهها
ونفرت عروق يديها الذابلتين
قلبها الكبير فاض بالحنان انهارا
أغدقته على أبنائها
وحمل من الصبر جماراً
أتت عليه حتى جعلته رماداً
بألوان جفاء مُرة
من فلذات أكباد
أصيبوا بمرض عضال
يقطع الاوصال
مرضٌ أعراضه ..
عقوقٌ وجحودٌ ونكران ..
وهاهي ذي تقطع سنواتها العجاف
وقد ذبلت زهرة شبابها
لتتفتح براعم أبنائها على العقوق
تقطع أيامها الباقيات
رفيقها الوحدة والوحشة والاقفرار
ترتسم ابتسامة مرة على شفتيها
وهي تتذكر كم تحملت من العناء
لتبعث الرجاء في قلوب صغيرة
تعهدتها بالرعاية حتى كان حصاد السنين
رياعين فتية تملأ العيون
لها في سلم النجاح مكان مرموق
ولكنهم في ميزان السماء خاسرون
ضالون .. حادوا عن طريق البر
وسلكوا سبيل الجحود
ولم يخفضوا جناح الذل من الرحمة
لمن كان البر بها مفتاح الرضا
ومن كانت تحت قدميها الجنة
تفتح أبوابها.. للبارين الواصلين .
ورغم النكران
ففي كل فجرٍ ترتفع كفّان
مرتعشتان معروقتان
تدعو لهم بالعمر المديد
والخير العميد ..
ألا ما أروعك.. أيتها الام..!
يقول الشاعر أبوالعلاء المعري :
أحن الى الكأس التي شربت بها
وأهوى لمثواها التراب وما ضمّا
لوحة حيّة ترسم صورة دقيقة للجحود
بريشة مرهفة الحس عالية الشعور ..!
الحمد لله أن مجتمعاتنا
تكاد تندر فيها هذه الصور من العقوق
لكنها حتماً موجودة ..
مادامت هناك قلوب جافية
وأنانية ، وحب ذات ..
لحروفك رونق خاص
ولغة تلامس الوجدان
بوركت يامزهرة ..!