nooran..

nooran.. @nooran_2

عضوة نشيطة

|| .. سيُمحَى أثرُكَ :"""

ملتقى الإيمان

|| .. سيُمحَى أثرُكَ :"""



ماتوا وبقِيَت آثارُهم . رَحَلُوا وما زالَ النَّاسُ يذكرونهم .
أعمالُهم تشهَدُ على جَمالِ عَطائِهم .
كثيرٌ مِن النَّاسِ يَقفونَ آثارَهم ، ويبحثونَ عن عِلمِهم ،
ويَسعَوْنَ للتَّعرُّفِ على سِيَرِهم وإنجازاتِهم .
هُم بَشَرٌ مِثلَنا ، عاشُوا بيننا وتكلَّموا بألسِنتِنا ، لكنَّهم تفوَّقُوا علينا ،
وتميَّزوا بما قدَّمُوا لأنفُسِهم مِن أعمالٍ طيِّبةٍ بَقِيَت بعد رحيلِهم ،
وانتفَعَ بها غيرُهم .

أتعرِفُ ابنَ تيمية ، ابنَ القيِّم ، ابنَ قُدامة ، ابنَ كثير ، البُخاريَّ ،
مُسلِمًا ، ابنَ رجب ، ابنَ عُثيمين ، ابنَ باز ، الألبانيَّ ؟ نعم .
هل عاصَرتَهم ؟ هل حَضَرتَ مَجالِسَهم ؟ هل صافحتَهم ؟
هل كلَّمتَهم ؟ هل تواصلتَ معهم عن قُربٍ ؟ لا .

إذًا كيف عَرفتَهم ؟ مِن خِلال آثارِهم ، كُتُبِهم ، أشرطةِ بَعضِهم ،
ثناءِ النَّاسِ عليهم ، وذِكرِهم الحَسَنِ الذي انتشَرَ بعد مَوتِهم .

هل فكَّرتَ أن تكونَ مِثلَهم ؟ أن تنحُوَ نَحْوَهم ؟ أن تقفُوا آثارَهم ؟
أن تترُكَ لَكَ أثرًا طيِّبًا وذِكرًا حَسَنًا يَذكُرُكَ بِهِ النَّاسُ بعد مَوتِكَ ؟

ليس شرطًا أن تكونَ عالِمًا مُتبحِّرًا في العِلم ،
فقد تمُوتُ ويَمُوتُ معكَ عِلْمُكَ .
وليس شرطًا أن تكونَ ذا وَجاهةٍ ومَنصبٍ ليَبقَى ذِكرُكَ .
وليس شرطًا أن تملِكَ أموالًا وكُنُوزًا ليَعرِفَكَ النَّاسُ .
ليس شرطًا أن تكونَ ذا فَصاحةٍ وبيانٍ ،
أو أن يُشارَ إليكَ بالبَنانِ ،
أو أن تكونَ مِشهورًا ومعروفًا في كُلِّ مكانٍ .

قد تقولُ : إمكانيَّاتي ضَعيفةٌ جِدًّا ، بل قد تكونُ مُنعَدِمَةً .

فأقولُ لَكَ : ليس شرطًا أن تملكَ إمكانيَّاتٍ كبيرةً .
تستطيعُ أن تصنعَ لنفسِكَ مكانًا بين النُّجومِ بأعمالٍ يسيرةٍ ،
وحَسبَ طاقتِكَ وقُدراتِكَ .
إن كُنتَ تستطيعُ الكِتابةَ فَحَسَنٌ ، اصْدَح بالحَقِّ وانشُره في كُلِّ مكانٍ .
وإن كُنتَ تستطيعُ الخَطابةَ ، فلا تتأخَّر عن صُعُودِ المنابِر بعِلمٍ يُؤهِّلُكَ لذلك .
وإن كُنتَ لا تملِكُ هذا ولا ذاك ، فبمُساعدةٍ تُقدِّمُها لِمَن يَحتاجُها ،
بكلمةٍ طيِّبةٍ تُسعِدُ بها قُلُوبَ مَن تُحدِّثُهم ، بنُصحٍ وتوجيهٍ ،
بابتسامةٍ ترتسِمُ على شَفَتَيْكَ في وجوه مَن تُقابِلُه مِن إخوانِكَ المُسلمين .
أيَصعُبُ عليكَ أن تفعلَ المَعروفَ ولو كان يسيرًا ، أو أن تَدُلَّ عليه ؟!


أمَا سَمِعتَ مِن النَّاسِ مَن يقولُ :

= فُلانٌ - رَحِمَه اللهُ - قَدَّمَ لي خِدمةً مُنذُ سنواتٍ ،
لن أنساها له طِيلةَ حياتي ؟

= ما رأيتُ فُلانًا في مكانٍ إلَّا والابتسامةُ تملأُ وَجهَهُ ؟

= ما طُلِبَ منه شيءٌ إلَّا وبادَرَ بتنفيذِهِ إن كان في مَقدورِهِ ؟

= لم أسمعه مرَّةً يقولُ شَرًّا ، فلِسانُه لا يَنطِقُ إلَّا بخَيْرٍ ؟


قد يَغيبونَ عَنَّا ، ويَرحلُونَ عن عالَمِنا ، تُبعِدُهم المَسافاتُ ،
أو الانشغالُ ، أو المَوتُ ، وتبقَى ذِكراهم بيننا ، وتبقَى آثارُهم
تُذكِّرُنا بِهم .

سيِّئُ ذاكَ الإنسانُ الذي إذا ذُكِرَ خافَه النَّاسُ .
يَخشَونَ الاقترابَ منه ، إمَّا لسُوءِ خُلُقِهِ ،
أو لبَذاءةِ كلماتِهِ ، أو لتَسلُّطِهِ وطُغيانِهِ .

سيِّئُ ذاكَ الإنسانُ الذي إن حَضَرَ استاءَ النَّاسُ وابتعَدُوا عنه ،
وإذا غابَ فَرِحُوا وسَعِدُوا .
توقَّف قليلًا ، وسَل نفسَكَ : هل ستُنسَينَ ويُمحَى أثرُكِ إن غِبتِ أو مُتِّ ،
أم سيبقَى ذِكرُكِ بين النَّاسِ شاهِدًا لَكِ على حُسنِ خُلُقِكِ ، وجَمالِ حُضُورِكِ ،
ورَوعةِ عَطائِكِ ؟


قد تقولُ : وما الفائِدةُ مِن ذلك ؟ وماذا سأجني مِن بقاءِ أثري بعد مَوتي ؟

سأُخبِرُكَ : ماذا لو عَرفتَ فُلانًا مِن النَّاسِ ، وكُلَّما رآكَ وَجَدَكَ مُبتسِمًا ،
ثُمَّ بدأ يُقلِّدُكَ ويبتسِمُ في وجوه مَن يَراهم ؟

ماذا لو كتبتَ كلمةً ونشرتَها بأحدِ المَواقِعِ أو المُنتدياتِ ،
أو حتَّى كتبتَها بدَفترِكَ ،
فاستفادَ مِنها كُلُّ مَن قرأها ، ورُبَّما طبَّقُوها وعَمِلُوا بها ؟
ماذا لو دَلَلتَ غيرَكَ على خَيرٍ فعَمِلَ بِهِ ، ودَلَّ غيرَه عليه ؟
ماذا لو أهدَيْتَ شخصًا كِتابًا ، فقرأه وانتفَعَ بِهِ ؟
ألَا يكونُ لَكَ أجرُ ذلك كُلِّهِ بإذن الله ؟

فهذا مُعلِّمٌ للغةِ الانجليزيَّةِ ، كان يَستهزِئُ بإحدى التَّلميذاتِ
كُلَّما سألها عن معنى كلمةٍ ، وبدأ يَضحكُ عليها ؛ لأنَّها لَثْغَاء
في حَرفِ السِّين . فكَرهت التلميذةُ هذه المادة ، وما زالت تذكُرُ
هذا المَوقِفَ لهذا المُعلِّم بعد مُرور أكثر من ثمانية عشر عامًا .
فترك له ذِكرى سيِّئةً عندها ، ورُبَّما عند غيرها .

وهذه مُعلِّمةٌ كانت تُدرِّسُ للأطفال في سِنّ ثلاث سنواتٍ ، فكانت تُعلِّمُهم
بعضَ الآدابِ والسُّلوكيَّاتِ الإسلاميَّةِ ، فأَحَبَّ الأطفالُ هذه المُعلِّمةَ .
وبعد فترةٍ مِن تركِها للعَمل ، قابَلَ بعضُ الأُمَّهاتِ هذه المُعلِّمةَ ،
فأخبرنها أنَّ الأطفال ما زالوا يذكرونَ ما تعلَّمُوه مِنها ،
ويُطبِّقونه في حياتِهم ، ويُعلِّمُونه لِمَن حولَهم .

وفي إحدى دَوراتِ تحفيظِ القُرآن الكريم ، تحدَّثَت إحدى المُحَفِّظاتِ
عن آدابِ المَسجِد ، وحَثَّت على الحِرص على صلاةِ رَكعتَيْ تحيَّةِ
المَسجِد ، وكان أكثرُ المَوجوداتِ لا َيلتزِمنَ بها ، فاستجاب كثيرٌ مِنهُنَّ
بعد هذه الكلمةِ ، وبدأن يُصلِّينَ تحيَّةَ المَسجِد مِن اليوم التالي .

وهذا رَجُلٌ كان يَخدمُ الجَميعَ ، ويُقدِّمُ المُساعدةَ لِمَن يطلُبُها منه ،
ولا يتأخَّرُ عمَّن يَقصِدُه في خيرٍ . وما زال النَّاسُ يذكرونه بخَيرٍ
ولا يَنسونَ له ما قَدَّمَ لهم مِن مَعروفٍ رغم تركه للعَمل مُنذُ أكثر
من سَبع سنواتٍ ، وما ذُكِرَ في مَجلسٍ إلَّا وأثْنَوْا عليه ، وما رأوا
أحدًا مِن أبنائِهِ إلَّا وذَكروا له مَوقفًا حَسَنًا حَدَثَ لهم معه .


فهل سيبقَى أثرُكَ بين النَّاسِ بعد رَحيلِكَ عنهم ،
وبعد مُغادرتِكَ لهذه الحياة ؟
أم سيُمحَى أثرُكَ بمُجرَّدِ غِيابِكَ عَمَّن حولَكَ ؟

وإن تركتَ أثرًا ، هل سيكونُ أثرًا حَسَنًا يَجعلُ النَّاسَ يُثنونَ عليكَ ؟
أم سيكونُ أثرًا سيِّئًا يَجعلُهم يَدعُونَ عليكَ ، أو لا يُحِبُّونَ ذِكرَ
اسمِكَ في مَجالِسِهم ؟

فاسعَ لأن يبقَى أثرُكَ لا أن يُمحَى ويندرِس بمُجرَّدِ مَوتِكَ .
ولا عليكَ مِن المُثبِّطينَ ، ولا تهتمّ بالمُحبِطينَ ، واستِعن
باللهِ سُبحانه في كُلِّ حِينٍ ، فمِنه سُبحانه العَونُ والتَّوفيقُ ،
واسأله الإخلاصَ والقبولَ .


أسألُ اللهَ لي ولَكَ حُسنَ الخاتِمةِ ، والفَوزَ برضاه سُبحانه وجنَّتِهِ .



.

ماذا قدمت في حياتك 🍃

جميييلل
👇





والسَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .




538556
8
764

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

nooran..
nooran..
'':)
روح الفرح.
روح الفرح.
اللهم ارزقنا حسنة الخاتمة
ربي يجعله في ميزان حسناتك
جزاك الله خير
ربي يعطيك العافية
nooran..
nooran..
اللهم امين يارب
سنابل2020
سنابل2020
جزاكِ الله خيراً يا أختي ورزقنا واياكِ حسن الخاتمة
nooran..
nooran..
اللهم امين