هاكم هذه القصة من واقع المعاناة في فلسطين
لتحكموا أنتم على قساوتها
الأسيرة المحررة مرفت طه :
قساوة المكان وسادية السجان جعلت حياة الأسر جحيما لا يستوعبه الخيال
القدس/خاص
للشهر ثلاثون يوماً ... تمر بسرعة البرق بالنسبة لمن هم في أوطانهم دون إحتلال ويعيشون بحرية وأمان… لكن الأمر كان مختلفا تماما لي ... فاليوم بساعاته الأربع والعشرين كان يمر ببطئ شديد... كان ثقيلا ومليئا بالأحداث...أيام الأسر هي أيام ممتزجة بالدماء... هذا ما قالته الاسيرة المحررة ميرفت طه(21 سنة) عندما قمنا بزيارتها في منزل والدها لاجراء حديث حول تجربتها المريرة في السجون الصهيونية.
لحظات الاعتقال الاولى
في الثانية عشرة بعد منتصف ليلة 29 أيار العام 2002 اقتحم الجنود منزل المحررة ميرفت طه في منطقة 'العيسوية' بالقدس، وحاصروا بلدة العيساوية بالكامل.
وتقول ميرفت: اقتادوني إلى مركز اعتقال 'المسكوبية'، وبقيت فيه ثلاث ساعات في تحقيق أولي، ومنه إلى زنازين سجن الجملة حيث أمضيت 12 يوما متواصلة في زنازين التحقيق'.
فترة التحقيق ... فترة قاسية
أما عن أيام التحقيق تقول أم وائل: ' ثمانية أيام المدة الاولية للتحقيق وتم تمديد مدة التحقيق مع الاسيرة ميرفت الى 12 يوما، وتقول تلقيت خلال فترة التحقيق أبشع أنواع التعذيب؛ فقد هددوني بالقتل والاعتداء الجنسي، بالإضافة إلى الضرب المبرح والشتائم، وكذلك اتبعوا الأساليب النفسية معي وحرموني من الالتقاء بالمحامي وباعتقال أشقائي وشقيقاتي ووالدي وبأنني لن اخرج من هذه الزنازين حتى أموت.
وتضيف الاسيرة ميرفت بانفعال شديد كل هذا كان يحدث ويداي مقيدة للخلف وقدماي مربوطتين بكرسي مثبت بالأرض'.
وتقول خلال فترة التحقيق طلبت من ادارة السجون اجراء فحص طبي لمعرفة اذا كنت حاملا، ولكنهم رفضوا وزادوا في تعذيبي وضربي.
وأضافت طه أنه بعد انتهاء فترة التحقيق تم اجراء الفحص الطبي وعلمت انها تحمل في أحشائها جنينا.
وبعد عام من المعاناة والسجن والتنقل بين سجون الاحتلال تم الحكم على ميرفت طه بالسجن لمدة أربعة سنوات.
تحررت من قيدي دقائق معدودة لألد طفلي
ميرفت طه تصف يوم ولادتها داخل السجون الصهيونية والدموع تملأ عيونها وتقول: بدأت أوجاع الولاده الساعة 12 ليلا ولكنني لم أخبر أدارة السجون بذلك
خوفا ان يصرخوا علي لأن الوقت متأخر.
وتضيف8/2/ 2002 تاريخ لن أنساه، فقد نقلوني نحو الساعة السادسة صباحا إلى مستشفى الرملة حتى ألد، وقاموا بوضع القيود بيدي وقدمي، ولم يفكوها إلا الساعة السابعة مساءا قبل الولادة بدقائق، ولم يكد وائل يخرج للحياة حتى أعادوا تربيطي من جديد، ولم تسمح لي إدارة السجن البقاء في المستشفى للمراقبة الا ليوم واحد فقط.
لم يسلم أطفال فلسطين من عقاب ادارة السجن
تقول طه: بعد عودتي من المستشفى الى سجن الرملة ساعدتني بعض السجينات بالاعتناء بي وبطفلي وائل؛ فلم تكن لدي الخبرة الكافية بالتعامل مع وائل لأنه طفلي الاول أما ادارة السجون لم تكترث بذلك، بل زادت في ضربي وانزال العقوبات علي وعلى طفلي.
وتضيف طه ايام الاضراب عن الطعام' معركة الامعاء الخاوية' التي خاضها السجناء في اب الماضي تم معاقبة طفلها وائل حيث أقدمت إدارة سجن الرملة على معاقبة وائل وصادرت كافة الهدايا والألعاب التى كان الصليب الأحمر قد أدخلها له وذلك عقاباً لأمه وزميلاتها.
وأضاف بت أخاف إخراجه للفورة مع بداية فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وغياب المظلات التي تقيه من ضربات الشمس، وتقول إن طفلي في خطر، وبات أكثر عصبية وعدوانية وكثير البكاء.
وتابعت تقول: 'لم أقم بإرضاع وائل بالشكل المطلوب، فقد كنت أعاني من سوء التغذية والاهمال الطبي وكذلك وجود جروح في صدري من التعذيب، وكذلك هناك قلة في الطعام والعناية والنظافة، وأذكر أن الحافضات التي كنت أطلبها لابني كانت في حالة تعفن كاملة.
أوضحت الأسيرة المحررة أن إدارة المعتقل تمنع ممثل الاسيرات من الالتقاء بممثل الأسرى، و أن الاسيرات يعشن في عالم معزول، ومضت تقول ' لم تسمح إدارة السجون بإدخال اللحوم للأسيرات في المناسبات والأعياد، كما أنها لم تسمح لهن بإدخال مواد التطريز الفلسطينية في إطار الضغوط النفسية على الاسيرات.
سجن التلموند... مقبرة على سطح الارض
تصف المحررة ميرفت سجن التلموند بأنها مقبرة جماعية على سطح الارض، فلا تتوفر فيه شروط الحياة الانسانية حيث أنه شديد البرودة والرطوبة ولا تتوفر فيه شروط الصحة العامة، وأشارت ميرفت الى انتشار الحشرات والصراصير والفئران بشكل كبير في سجن التلموند.
المحررة ميرفت طه... تقول تمنيت الموت قبل اخراج ابني من السجن بدوني
أصدرت المحكمة الصهيونية بسجن ميرفت لمدة أربع سنوات وقضت في الاسر مدة عامين وتسعة أشهر، ولم تمنحها محكمة 'الشليش' تخفيض ثلث المدة من المحكومية فقدم المحامي استئنافا للقرار، ثم قدمت طلبا للمحكمة من أجل النظر في تخفيف حكمها خاصة مع اقتراب موعد اخراج ابنها وائل الذي كان مقررا في الثامن من الشهر الجاري وتمت الموافقة على ذلك.
ميرفت قالت: لقد مررت بمرحلة صعبة جدا مع اقتراب موعد اخراج وائل من السجن، فلم اتخيل ذلك، وتمنيت الموت قبل أن يأتي هذا اليوم، ولكن الحمد لله لم يبتعد عني بل كان المنقذ لي من قضائي باقي المدة.
يوم الافراج عني من السجون الصهيونية... يوم ولادة من جديد
تقول ام وائل انتقلت من جو مشحون بالبكاء والحزن لحظة فراقي لزميلاتي في سجن التلموند، الى شمس الحرية التي اكتست بالعناق الحار لها ولطفلها من عائلتها وزوجها.
وأضافت :عند وصولي لمدينة القدس حملني أخوتي على أكتافهم كالعروس يوم زفافها وسط الزغاريد وهتافات النصر والتأيد.
زوج الاسيرة...ساعات الانتظار خارج السجن كأنها سنوات
ويقول زوج المحررة'ايمن ابو الدول': مرت ساعات انتظار زوجتي وطفلي امام بوابة السجن كأنها سنوات، فرحتي لا توصف بالافراج عنهما.
وقال يوم الافراج عن ميرفت ووائل الذي رأيته للمرة الاولى انها بداية مرحلة جديدة في حياتنا.
وتمنت عائلة المحررة ميرفت الافراج عن باقي الاسيرات وخاصة الامهات الذين يقبعون خلف القيد الصهيوني.
اسال الله بعزته وقدرته وجلله ان يرينا فيهم يوما اسود وان يعجل بنصره لاخواننا المسلمين ..
فاالصدر ضاق ذرعا بما نسمع ..