ورده الجوري @ordh_algory
فريق الإدارة والمحتوى
شاب بألـــــف......فهـــــد(رحمه الله)..قيـدت الإعاقة جسمه فحلـق بروحه وقلبه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشأته مع الإعاقة
في يوم 1/4/1391هـ استبشر أبو عبدالرحمن بقدوم مولوده الخامس على أمل أن يكون سليما معافى لأن اثنين من أولاده مصابان بشلل للأطفال لم يمهلهما طويلا ، بل إن المولود الأول لم تكتب له الحياة حيث توفي صغيرا ، ومع مرور الأيام والشهور تبين لوالد الطفل أن ابنه الجديد مصاب بنفس الأعراض ، فحمد الله على نعمته وحرص على علاجه مبكرا ، حيث أجرى له أربع عمليات في الظهر والعمود الفقري وراجع به عددا من المستشفيات ، ولكن حالة الطفل زادت سوءا مع الأيام ، عندها رضي الوالد المحتسب بإرادة الله ، وحرص أن يعيش ابنه كبقية الأطفال خصوصا لما رآه في ابنه من همة وثابة يفوق فيها أقرانه بل وغيرهم من الشباب الأصحاء ، فألحقه بإحدى المدارس الابتدائية في دار المعاقين بالرياض ، فتخرج منها بتفوق وامتياز ، ونظرا لبعد المسافة عن الموطن الأصلي ، وتمكن الابن من القراءة والكتابة بشكل يفوق مرحلته بسنين عديدة قام الوالد بإعادة الابن إلى حيث سكنه وعمله ..
ولكن هل يكتفي الابن بذلك ؟ ..
شغف القراءة وحب الاطلاع
لم يكتف الشاب فهد بما تالقاه من مناهج ومقررات دراسية فأخذ ينهل من الكتيبات الصغيرة التي بدأت تغزو الأسواق ولكنها لم تشف غليله ، فاتصل بأحد الإخوة المشرفين على مكتبة المسجد الخيرية ، ولم يكتف بذلك بل أرسل إليه رسالة . مع أخيه الأصغر الذي يرتاد المكتبة . يطلب فيها عددا من المراجع وأمهات الكتب ، بل قام بدعوة المشرف لزيارته في منزله .
يقول المشرف : عندما تلقيت مكالمته ووصلتني رسالته كنت أظن أنه يكبرني سنا لحسن منطقه وجودة أسلوبه ، بل كنت أظن أن إعاقته يسيرة ، فلم أكن أتصور أنه لايستطيع الجلوس ولايمكن أن يخدم نفسه في أي شيء ، بل واستغربت كيف يقرأ؟ كيف يكتب؟بل كيف يهاتف وهو مستلق على ظهره؟! إنها الهمة العالية!
يقول مدير تسجيلات : كان موقع التسجيلات في محل مرتفع ولايصعد إليه إلا بواسطة الدرج ، ومع ذلك كان يأتينا دائما بعربته ومعه عامله الخاص فيطلب من أحد الزبائن حمله مع الكرسي إلى داخل التسجيلات ليطلع بنفسه على الجديد ويشتري المفيد ونظرا لما يلاقيه من المشقة في ذلك . خصوصا أنه دائم التردد علينا . فقد طلب منا تغيير المكان أو عمل طريق خاص بالمعاقين ، وكان يظن أن غيره من المعاقين يرتاد المحل مثله . فأراد الله أن يتم انتقالنا إلى محل آخر بدون درج ففرح الشاب فهد بذلك فرحا عظيما .
تحمل مشقة طول البقاء في كرسيه المتحرك . فتراه يذهب إلى المكتبة العامة التي هجرها الأصحاء ، ولايتخلف عن الالتحاق بالمراكز الصيفية بل يشارك في أنشطتها الثقافية .
همته الدعوية
لاتكاد تخلو حقيبته التي يحملها دائما معه في كرسيه المتحرك من كتاب قيم أو شريط نافع لأجل تقديمه هدية لأحد المقصرين .
كما كان يتصل على المقصرين من الجيران لتقديم النصائح لهم خصوصا حضور الجماعة في مسجد الحي ، وكان بعضهم هداهم الله يغلق الهاتف في وجهه فلم ينقص ذلك من عزمه أو يثبط من همته ، لابل لم يكتف بالمقصرين فكتب إلى العاملين يشحذ هممهم ، يقول مدير الشؤون التعليمية بجمعية تحفيظ القرآن الكريم : وصلتني رسالة مطولة من خمس صفحات أخذت أقرؤها فإذا بالمقترحات التطويرية والأفكار الجديدة فتوقعت أنها من أحد المشائخ أو من ذوي التجربة والاختصاص . ولم أكن أتوقع أنها من صاحبنا إلا عندما رأيت اسمه في اخر رسالته .
وهذا مايؤكده مدير المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات حيث يقول : تلقيت منذ أشهر قريبة رسالة عجيبة كل العجب من حيث الأسلوب والهمة ، ولكي أكون واقعيا أكثر فإليكم مقتطفات من هذه الرسالة التي يقول فيها : (( إنني آمل ألا تكون سببا في زيادة إعاقتي الجسدية إعاقة نفسية ، فأنا لاأرضى أن أعيش مهمشا على جانب الحياة ، فما زلت أستطيع أن أقدم الكثير والكثير خدمة لهذا الدين ، فلا أقل من أن يعهد إلى بعمل الاشتراكات )) .
بل إنه وبعد انتهاء حلقة التحفيظ بعد صلاة المغرب يتجه لحضور الدروس العلمية واستماع المحاضرات العامة وبما أنه لايستطيع البقاء في الكرسي أكثر من ذلك تجده يتجه إلى مصلى النساء - ويستمع إليها - عن طريق مكبر الصوت ، أما إن كان المصلى مشغولا بالنساء تحامل على نفسه . ويبقى في كرسيه رغم العناء الذي يلاقيه وذلك في سبيل حضور مجالس العلم واغتنام الأجر .
حفظ القرآن
لقد ثابر على حضور حلقة تحفيظ القرآن الكريم وبشكل يومي لتلقي القراءة السليمة وحفظ كتاب الله على يد المقرىء الشيخ محمد أحمد سلمان فحفظ القرآن الكريم في مدة قياسية وتم تكريمه مع بقية الحفاظ في حفل التخريج المقام بهذه المناسبة على شرف معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السابق الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي . الذي تقدم بنفسه لإعطائه الشهادة والجائزة والمكافأة، فكان موقفا مؤثرا ، فهل انتهى به المطاف
إلى هذا الحد؟لا وألف لا ...
بل أخذ على عاتقه تدريس القرآن الكريم وتحفيظه ، تزكية لهذا العلم وتأدية لهذه الرسالة وتخرج على يديه عدد من الحفظة ، ومن حماسه للحلقة وتشجيعه للطلاب ترغيبا لهم ، مايقوله صاحب إحدى المحلات الرياضية : إنه في بداية هذا العام الدراسي تفاجأت بأخينا يشتري أحد الكؤوس فتعجبت .. كأس ومعاق كيف الوفاق؟! وبعد فضول مني علمت أن شراءه للكأس لأجل حلقة التحفيظ التي يدرس بها بحيث يعطي الكأس في نهاية الأسبوع للطالب المتفوق فإذا فاز به أحد الطلاب ثلاث مرات قام وأعطاه جائزة لتفوقه ، فما كان مني إلا أن خفضت 75% من قيمة الكأس تقديرا لنشاطه وتشجيعا لحفظ كتاب الله ، كما يتحفنا مأمور صرف الجمعية بقوله : إنه كثيرا مايستدعيني ويعطيني بعض الأموال التي اقتطعها من مرتبه القليل حتى أقوم بصرفها لطلاب حلقته وذلك لأجل أن يظن الطلاب أن هذه الأموال من الجمعية فيكون تأثيرها أكبر بالنسبة لهم .
تعلم الحاسب الآلي وتعليمه
أبدع الشاب فهد في التعامل مع الحاسوب تعلما وتعليما خدمة لهذا الدين فكان يعد المطويات والإعلانات للمراكز الصيفية والمكاتب الدعوية والجمعيات الخيرية ، بل أخذ يشجع طلاب الحلقة ويجعل من الحوافز للانضمام إليها تعلم الحاسب الآلي ، فكان منزله مهوى لأفئدة الطلاب ، بل إن بعضهم أشار عليه بأخذ مبالغ مقابل الأعمال الشخصية للاستفادة منها في دعوته ، فقام بتطبيق هذه الفكرة مما مكنه من تقديم بعض الهدايا لطلاب الحلقة وللمدعوين من المقصرين ترغيبا لهم وتأليفا لقلوبهم.
مضيافا كريما ..
لايمر يوم من الأيام إلا ويدعو ضيفا إلى مائدته حتى أصبح منزله مفتوحا بعد صلاة العشاء للزائرين ولأجل تهيئة الوضع للإبن قام الوالد بتخصيص ملحق مع مطبخه ودورة مياه لهذا الغرض ، ولكن تقاعس البعض عن المجيء خشية الحرج من العائلة، مما جعل الوالد يستأجر مبنى مستقل مجاورا حتى لايقع الابن أو ضيوفه في الحرج ، فتدفق عليه المحبون وكان منزله ملتقى للإخوة ومضافة للأحبة ، فقد كان يشتري المواد الغذائية حتى يكون جاهزا في كل وقت لتقديم أي وجبة خفيفة أو مستعجلة ، بل كان يدعو الفقراء والمساكين ، حتى كان يستدين لأجل ذلك ، فأي كرم يشع من هذا المعاق؟!
مرضه ومعاناته
رغم معاناته من الشلل الكلي وآلام العمليات المتعددة التي أجريت له في ظهره صغيرا فإنه يعاني من آلام أخرى كتقرح بعض الأجزاء في جسمه كأسفل رأسه وظهره من جراء الجلوس الطويل إما على الكرسي أو على الأرض والسرير بل إن من عجيب أمره أن لايخرج الفضلات إلا بعد عدة شهور تتراوح من 3/6 شهور ولايمكنه ذلك إلا عن طريق المستشفى وبالتنويم عدة أيام وقد كان يغبط الأصحاء على نعمة سرعة الإخراج .
وفي يوم الخميس الموافق 13/6/1420هــ أدخل المستشفى لأجل ذلك السبب فأصيب بجلطة في الرئة وهو داخل المستشفى فقضى نحبه في صباح يوم السبت الموافق 15/6/1420هــ فرحمه الله رحمة واسعة .
وداعا للبطل المعاق
فوجىء الجميع برحيله فرغم كثرة دخوله إلى المستشفى لم يتوقع أحد أنه لن يخرج هذه المرة إلا إلى المغسلة ثم إلى المقبرة ، فكان المصاب جللا ، والتأثر واضحا على محيا الجميع صغيرهم وكبيرهم ، فغص المسجد بالمصلين وضاقت بهم المقبرة مما لم نشهد له مثيلا خصوصا كثرة الجنسيات المشيعة بل إن بعض محبيه من الذين يدرسون أو يعملون في المناطق المجاورة قد أتوا لصلاة عليه عصر السبت مع أنهم لم يسافروا إلا فجر أو صباح السبت ، وكان ذا علاقة طيبة مع الجميع وذا ود وتواصل مع العالم والمتعلم والعامل .
وكان جثمانه -رحمه الله- صغير الحجم بسبب الإعاقة ولكن يوم جنازته كان كبيرا ومهولا من كثرة المشيعين فقد كان الموقف مؤثرا بحق .
اسأل الله سبحانه وتعالى ان يرحمه ويغفر له ويرزقه الدرجات العلى من الجنة اللهم آمين.
منقول.
4
394
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
حقا ان الاعاقه ليست في الجسد
ولكن المعاق هو معاق الروح
من من الاصحاء من يملك هذه الهمه؟؟؟؟؟